لمحه من الماضي.
الزمن:قبل منتصف اربيعينات القرن الماضي.
مقدمه بسيطه:
لا أعلم شيئا او سببا عن تعرضي كل فتره على زخات من ذكريات الماضي الذي عشت بداخله والمواقف التي تعرضت لها... ولا أعلم شيئا عن هل سبب ذلك هو انني مازلت اعيش بداخل هذه المواقف واشم عبق روائحها والتي مازالت تملأ كياني.... وما سأكتبه هو صفحه من هذه الذكريات كنت فيها اللاعب الأساسي.......... انتهت المقدمه
كان التعليم على ايامي مكون من اربعه مراحل كل مرحله ٤ سنوات الابتدائي ٤ سنوات الإعدادي ٤ سنوات والثانوي ٤ سنوات ثم مرحله الجامعه ٤ سنوات والدخول للمدرسه من سن ٤ سنوات.... وكان هذا النظام يقع تحت مظله وزاره المعارف العموميه(التربيه والتعليم) للمملكه المصريه والذي كانت تديره بمنتهى الجديه والصرامه وبداخل مدارسها على مختلف المستويات بنفس الجديه والصرامه وان كانت أشد..
وكنت تحت هذا النظام في مدرسه قصر الدوباره الابتدائيه المشتركه بشارع القصر العيني القريبه من منزلنا (موجوده حتى الآن ولكن طالها مسخ التطوير)
وكانت تدير هذه المدرسه السيده الهتلريه دريه الشعشاعي ابنه الشيخ الشعشاعي قارئ القرأن الشهير... أما عن وصفها بنظرات طفل صغير فهي سيده قصيره وبدينه جدا على نظام سيدات زمان اللذين كانوا يعتبرون البدانه عز... كما كانت يديها قصيره وارجلها أيضا سمينه وقصيره وترتدي بصفه دائمه فساتين جميله وغاليه ووجهها كان جميلا وطفوليا وتضع على شفتيها الصغيرتان روج احمر غامق كما أن لديها عينان واسعتان سوادهما جميل ثم على رأسها شعر اسود فاحم ناعم جدا ينسدل حتى كتفيها...
وكانت دائما تمسك في يدها اليمني خرزانه قصيره تلسع بها أي مخطئ تراه في طريقها وكان خروجها من مكتبها يثير حاله من الرعب الفزع لكل العاملين في المدرسه من مدرسات او إداريين (لم يكن بالمدرسه مدرسين رجال) وكانت المدرسات ينقلن من خلاله حاله الرعب الفزع لنا ونحن صغار من خلال تصرفاتهم عند رؤيه حضره النظره عندما تمر في المدرسه أو تدخل الفصول وكانت ذات هيبه كبيره مفزعه في نفوس الجميع الا انا فلم تستطيع اي مدرسه نقل هذا الاحساس لي لاني كنت أرى حضره الناظره هذه سيده ذات انضباط شديد ومحبه ومخلصه لوظيفتها فلم أكن اخاف منها او افزع كمايفزع او يخاف منها باقي التلاميذ بل العكس عندما كانت تمر في المدرسه تلوح على شفتاي شبهه ابتسامه إعجاب..
اما عن مبنى المدرسه فهو عباره عن فيلا انيقه جدا وهبها احد باشاوات زمان الي وزاره المعارف العموميه كصدقه جاريه على روح ابنته التي توفيت وهي في سن الشباب والتي بناها لها لتكون عش الزوجيه لها. ولكنها توفت قبل زواجها ولم تدخلها قط
وكانت هذه الفيلا مكونه بدروم كبير جدا على مساحه الفيلا كان يستخدم كمطعم لتناول التلاميذ لوجبه طازجه اجباريه تقدم لنا بعد انتهاء اليوم الدراسي نساق إليها كما تساق الماشيه الي المدبح...!!!!
وكان الطعام الذي يقدم عباره عن خضار طازه ومعه أرز او مكرونه علاوه على قطعه لحم كبيره او ربع فرخه علاوه على أنه يوم الخميس من كل أسبوع يوزع علينا علبه جبنه كرافت وعلبه لبن مكثف والعلبتان مصنوعتان من الصاج مثل علب التونه.... وأما عن نفسي فلم أكن اتناول هذه الوجبه اليوميه بالرغم من نظافتها الشديده رائحتها الشهيه فلقد كان طعام والدتي احسن واطعم من اي اكل في الدنيا ولا استسيغ اي طعام بعده اما عن علب الجبنه واللبن فكنت اهديهم الي داده فصلي السيده نفيسه حافظ....
ملحوظه:
كانت مدرسات المدرسه ومعهم حضره الناظره لهم مائده خاصه بهن ويتناولن الطعام معنا في هذا المطعم
ويعلو هذا البدروم دورين ونصف الأول به مكتب الناظره ومكتبان لمدرسات المدرسه ثم اربعه فصول دراسيه للمتفوقين من التلاميذ وكل فصل به ١٥ تلميذ فقط مثل باقي فصول المدرسه ثم الدور الثاني به ٨ فصول دراسيه على جانبي ممر طويل وكل فصل له أبواب من الخشب والزجاج ثم نصف الدور العلوي به ٣ فصول صغيره للهوايات مثل التمثيل والموسيقى والرسم وكان فصل الموسيقى والذي كانت تشرف عليه ابله بياتريس فهو مكدس باالات الموسيقيه وأهمها بيانو اسود كبير نتعلم عليه....
اما عن حوش المدرسه فهو واسع وكبير ومزود على جوانبه بدكك خشبيه قصيره الارجل لتناسب اطوال التلاميذ في المرحله الابتدائيه....
وكان القبول بالمدرسه يتم بعد اجراء تحريات عن المتقدمين لها بواسطه فراشي المدرسه فكل واحد منهم يأخذ مجموعه من عناوين المتقدمين ويسأل عنهم في محيط سكنهم يستبعد كل متقدم أسرته لها مشاكل مع جيرانهم او سيئ السمعه او ان أولادهم من النوع المشاكس....
وبحسبه بسيطه نجد ان عدد تلاميذ المدرسه بجميع فصولها او سنوات تعليمها حوالي ١٨٠ تلميذ فقط ايام ماكان التعليم عزيزا ولا يقبل عليه الكثير من الناس.....
لقد كنت احب ومازلت احب هذه المدرسه كما كنت اعشق مدرسه فصلي السيده زهيره حسن عارف وداده نفيسه حافظ......(رحمهما الله)
انتظروني بشوق شديد
ملحوظه:
الصوره المرفقه تم تصويرها في اليوم السابق لدخولي المدرسه للسنه الأولى الابتدائيه
وكان والدي رحمه الله أصر على قيامي بفسحه معه حتى يزيل مني رهبه الدخول للمدرسه وهذه الفسحه مازلت اتذكر تفاصيلها وربما سأكتب عنها فيما بعد