قالتْ لي وهِيَ تَتسلّلُ إلى ظلّ المقعد:
“كلّما ناديتُكَ في الحلمِ،
نامَتِ الحياةُ قربَ قدميَّ،
واستيقظَ النسيانُ بين عينيكَ.”
قلتُ:
وهل في النومِ نجاةٌ منكِ؟
قالتْ:
“في الغيابِ متّسعٌ للصدقِ،
وفي القُربِ حيرةُ مَن يعرفُ أكثر ممّا يريد.”
مدَّتْ ذيلَها كأنّه فاصلةٌ بين قلبين،
ثمّ التفتتْ وقالتْ:
“هل يصلحُ الأملُ ما خرّبتهُ المرايا؟
وهل يُرمَّمُ القلبُ إذا انكسرَ في الوقتِ الخطأ؟”
قلتُ لها:
والشعرُ؟
قالتْ:
“قصيدةٌ تُغنّيها الروحُ عندما تنسى صوتَها.”
وفي آخرِ الليلِ،
حين انكمشَ الضوءُ في صدرِ النافذة،
قالتْ:
“خذني إلى ذاكرتكْ،
فالبيتُ مجازٌ،
والحقيقةُ بيتٌ بلا بابٍ ولا موقد.”
قلتُ:
وماذا عنّا؟
قالتْ:
“أنتَ الغريبُ في جسدِكَ،
وأنا الغريبةُ في حضنِك،
لكنَّنا نُشبهُ الليلَ حين يحتضنُ المدنَ
ولا يُسلّمُها للصباح.”
قلتُ:
وهل سَنتذكّرُ كلّ هذا؟
قالتْ:
“ستجلسُ الأرواحُ قربَنا،
تُربّتُ على فراغِنا،
وتقول:
هؤلاءِ لم يموتوا، لكنّهم
لم يعودوا يُجيدون الحياة.