جلستُ أحتسي فنجان قهوتي المعهود ،أنعم بلحظات صمت يكسوها بعض الهدوء ، وإذ بي أشتم رائحة خبز .... ،
أخذتني بعيدا حيث الأحبة ... جدتي ورغيف الخبز ...
هلمي سهر ، اسْرعي و انْهي العجن ؛ لنرتاح قليلاً قُبيل نطقة الفجر ولكِ أول رغيف خبز .....
وفي كل عجنة طحين تُعيد نصائحها تِترا وكأنها أنشودة تلقني إياها طوال العمر ؛
( النبي فات عليا وقالي أشهدِ عالكثير و عالشوية ،أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، يا بخت الشريكين الميخنوش بعضهم) ... تعيدها مرات ومرات حتى ينتهي العجن ....
وهكذا رسَّختْ في قلبي جدتي الرضا والقناعة
وحفظ العهد .
الرضا ليس بالشيء الهيِّن ولا اللحظيّ حتى إنه ليس من عابري السبيل ،بل ركيزة القلب وتَمحور الروح . نبت الله فينا ، كسب وربح من أقرض الله فيه وجعلها باقية في نسله ،سلسال يُورث فتعم البركة والخير .
أما عن العهد علمتني أن أصون الود وأُجاهد فيه مناهل الصبر ولا أفلت يدا تمسكت بي وأُبقى الود.
علمتني أن الرضا وحفظ العهد نفائس لا تليق بالبعض ، اصْبري بعد الصبر صبرا ، إلا أن تخسري نفسك هنا الإعتزال والإنعزال أولى بالوصل.