❤️{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}❤️
????(ذكريات في قريتي : قصه قصيره جدا)????
مع اول ضوء .. ربما قبل ٱذان الفجر بدقائق استيقظت من النوم .. من سريري فى بيتنا القابع فى رحم "حارة الحماديه" ، فى نفس الغرفه التي كان ينام فيها جدي ، وهي ذاتها التي ولد فيها المرحوم والدي ، بل هي أيضا التي ولدت أنا فيها من رحم المرحومة امي .
شور سريع ولبست ، وخرجت ، وقفت على بوابة منزلنا فى الحارة الطويله ، أمام منزلنا منزل عمي ، وبجوار منزلنا منزل ابن عمي ، يمينا ويسارا ، فى الحاره الطويله ، أتوقف لحظه أمام كل بيت ، هذا بيت خالي ، هذا بيت عمي ، وهذا بيت خالتي ، وذلك بيت عمتي ، وهكذا .
فأنا خالي عمي وعمي خالي ، فأنا حمادي الأصل من الناحيتين ، فالمرحوم والدي ابن عم المرحومه والدتي "لزم".
وطبقا "لنظرية Epigenetic" التي تشرح سلوك الچينات في البيئة الحاضنة فى الهندسة الحيويه فربما لهذه السبب "الچيني الحمادي المشترك" بين والدي ووالدتي ، أكاد أجزم أنه لا يضاهيني أحد فى دقة وبراعه "التزقيل بالطوب"‼️????????
وخرجت إلى شاطئ النهر ، واقتربت من الماء بجانب الكوبري ، ووقفت تداعب شفتاي بسمه ، وعيوني دمعه ، وقفت فى نفس المكان ، الان إختفت "المصليه" والشجره ، ولكن ذكرياتي لم تختفي ، وهنا تجسدت الذكريات .
❤️ "أنا والمصليه .. وذكريات" ❤️
"الزمان عام 1968 ، كان الطقس حارا .. لم يكن هناك ايامها كهرباء .. والتكييف الوحيد كان شاطئ النهر .. وجلس الشاب الذى يقترب عمره من السابعة عشر .. يلبس بيجامة بيضاء كما كان معهودا فى تلك الايام ..
كانت القرية في حينها .. ملاذا هادئا للمذاكره بعيدا عن صخب القاهره التي يقيم بها الشاب مع أسرته منذ طفولته حيث تعيش أسرته ، ولكنه تعود زيارة القريه لينعم بدفئ حب أهله وأقرانه .. ذلك الحب الفطري التلقائي الذي تشعر فيه بانك "إبن القرية" كلها.
جلس الشاب الصغير يستظل تحت شجرة تنحني فروعها ملامسة سطح الماء إجلالا للنهر .. شجرة قديمة بقدم تلك القرية الصغيرة الأصيله .. التى يحتضنها شاطئ فريع من أحد فرعي النيل الخالد فى رحم دلتا نيل مصر العظيمة .. حيث عاش ومات ودفن أجداده وتعيش عائلته الكبيرة ..
جلس الشاب يذاكر بجدية يلفح وجهه النسيم بالقرب من "مصلية" صغيره مفروشة "بقش الأرز" على شاطئ النهر فى بقعة معروفة بأسم " الفتحة" .. مازالت رائحة قش أرز المصليه عالقة بروحه.
ويمر من أمامه من وقت لاخر أهل قريته الطيبين بالفطرة .. قادمون أو عائدون من وإلى حقولهم .. حاملين فؤوسهم على اكتافهم .. وينادونه بتلك العبارة التى مازالت تتردد فى اعماقه : "السلام عليكم .. ازيك يا أستاذ" ...
جلس الشاب يذاكر وفى الخلفية أصوات تشجع الجاموس والبقر على النزول او الخروج من النهر بالأوامر الأبدية : "حانزل .. او حاطلع" !! من مكان على النهر إسمه "المطلع" ..
هذا مع سيمفونية ضحكات "الستات" وهن يغسلن "المواعين" فى ماء النهر الجاريه النظيفة حينها أو يملئن ماء الشرب من "المرشح" .
هذه الكلمات والأصوات وهذا المنظر مازالت كلها محفورة بقلبه ..
الغريب فى هذه الدنيا .. وفى قصة هذا الشاب ... انه حينها .. لم يكن يعرف أو يتصور او يتخيل او يحلم بأنه ... اليوم .. (وبعد مرور اكثر من 54 عاما على تلك الجلسة فى المصليه تحت الشجرة فى قريته) .. أنه سيكتب هذه السطور من " بيته " فى عمق حارة الحماديه زائرا لقريته ووطنه حيث يعمل ويعيش فى شمال بريطانيا منذ 46 سنه .
ولكن تعيش معه الذكريات مخطوطة فى قلبه بحروف من ذهب ، قد يعلوها أحيانا غبار الحياه ، ولكن ابدا لا يعلوها الصدأ.
❤️ وفعلا وحقا :(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ).
صدق الله العظيم❣????????