مجموعة قصصية: كشفنا عنك غطاءك
الكاتب: طارق حنفي
الناشر: دار ديوان العرب للنشر والتوزيع
العنوان: جميل جدا ومناسب للقصص وجب انتباه القاريء
الإهداء: شكر وامتنان الكاتب لأحبابه
السرد: باللغة العربية الفصحى المتقنة جدا من الكاتب، لغة قوية جداً وتشبيهات رائعة وصور بلاغية جذابة وماتعة جدا
كشفنا عنك غطاءك مجموعة قصص وحكايات تروى من وراء الحجب
ماذا لو استطعنا إظهار بعض صور رحمة الله واوضحت لنا التفاصيل
ثم أقنعنا بعض تلك الصور أن يرووا لنا من قصصهم، وبألسنتهم ما الذي سنراه ونسمعه حينئذ؟
اقتباس من المجموعة
يجلسُ بلا مُبالاةٍ فوق سطحِ قطار يجري به في ثبات وهدوء، لا يهتم كثيرًا بالضباب المحيط به، ويجعل رؤيته مشوشة ومحدودة، لا يُلقي بالًا إلى الصمت الذي يغلفُ كلَّ شيءٍ، جلّ ما يشغله هو ما يملِكه من أشياء، يشعر بنشوة تسري في نفسه في كل مرة يُلملمها معًا، يصنفها ويرتبها أمامه، ثمّ يحصيها، تتولد على شفتيه ابتسامة تنفجر على إثرها من فمه ضحكةٌ مبتورةٌ، لا تلبثُ أن تموتَ، فيُسرع يُلملمها مرةً أخرى، ثمّ يصنفها ويرتبها ويحصيها، ويستعيد شعورَ النشوة.. يفعل ذلك في همة لا تفتر واستمرارية لا تنتهي.
رُبَّما لا يعرفُ مِنَ الْأَشياء غيرَ أشيائِه، ولا يرى خارجَ حدودها، أو رُبَّما هو مجردُ طفلٍ لا يعي الأمور من حوله، الغريب في الأمر أن طريقة تصنيفه وإحصائه لها تتغير في كل مرة عن التي تسبقها.
"لماذا تفعل ذلك؟"، هي المرة الأولى التي يخترقُ صوتٌ ما جدارَ الصمت الخارجي، ويسمع صوتًا غيرَ صوتِ ضحكته المبتورة، كما أنها المرة الأولى التي ينتفض فيها جسده، حرك شفتيه وتكلم:
- ماذا تعني؟!
- لماذا تصنفها وترتبها هكذا؟
- هي أشيائي التي أحبها وأهواها.
- لماذا لا تكتفي بترتيبها مرة واحدة وتنصرف عنها إلى غيرها؟
- وهل يوجد غيرُها؟
- بالطبع، العالمُ مليءٌ بالكثير.
- مثل ماذا؟
- وإن أخبرتك بالأسماء فهل ستعرف دلالاتها؟
ساد الصمت بعدها ممَّا جعله يسأل الصوت:
- ولكن من أنت؟
- سأجيبُك نفس الإجابة السابقة؛ فدعنا نستعضْ عن الاسم بالمهمة التي وكلت بها معك.