الفصل الخامس عشر
كان أحمد قد قام ببناء الفيلا الّتي صممها لسمر، على ضّفاف النّيل في بلدتهم السّاحرة الّتي تطّل على النّيل والبحر معًا في موقع متوسط ساحر وخلاب، لتكون عش الزوجية الجميل، ويقوم بتجهيزها الأن بأجمل الديكورات، بينما التحقت سمر بالمدرسة مع معلمتها هيام، كتدريب لها وكانت معها صديقاتها هالة وسلوى، كانت تجربة جديدة لهن، كلهن حماس وشوق للعمل، فالمدرسة نفسها الّتي درسن بها تعدن لها ولكن للعمل، مع اختلاف تخصصهن، هالة وسلوى درستا علم الاجتماع وسيكون دورهما أخصائي اجتماعي، بينما سمر درست فلسفة وستدرس للطالبات مادة الفلسفة .كانت سلوى أكثرهن جرأة وضحك وهزار لا ينتهي، بينما سمر وهالة أكثر عقلًا وهدوء، كانت سمر سعيدة جدًا بالعمل، تعلقت بها الطالبات وأحببنها لرقتِها وذوقِها معهن وأصبحن يتوددن لها، بل بعضهن اتخذت منها أختًا وصديقة، وكن يحيكن لها عن بعض مشاكلهن وتستمع لهن جيّدًا وتساعدهن، خاصّة أميرة تلك الطالبة المنطوية والّتي قلما تحدثت، وذات يوم فوجئت بها سمر أمامها في الفناء تطلب أن تتحدثَ معها، جلست سمر معها وبدأت أميرة بالبكاءِ احتضنتْها سمر وظّلت تهدئ من روعها، حتّى هدأت وبدأت الحديث بحزن وأسى:- أشعر بضيق واختناق، لا أدري من أين أبدأ كلامي؟ لكني متعبة وأريدُ أن يسمعنِي أحد. ربتت سمر على كتفها بحب مرددة:- لا عليكِ، تكلمي حبيبتي، وأنا أسمعكِ جيدا.
هزت أميرة رأسها وشرعت تحكي بحزن:- تبدأ الحكاية منذ سنوات، حتّى قبل ولادتي والدي كان دائمًا يسافر من إيطاليا إلى تركيا وأخيرًا فرنسا، أنا تقريبًا لم أره أبدًا سوى في الصّور لكنّه يتّصل بنا ويبعث لنا ما نحتاج من أموال وهدايا أنا وأخوتي، لدي بنتين وثلاث أولاد، والدي كان يثق بصديقه، ثقةً عمياءَ يبعث باسمه كلّ الأموال، كان معنا دائما، في كلّ خطوةٍ، لدرجة كنا نناديه أبي، لقد اهتمَ بنا وأعطانا الحنانَ والحبَ والأمانَ، الّذي حُرمنا منه بسبب سفر والدي وغيابه فجأة قرّر والدي العودة والاستقرار، مشاعري كانت عادية، لم أحزن ولم أفرح، لكن والدتي كانت حزينة وقلقة عندما سمعت الخبر من صديق والدي؛ وقرّروا أن يبيعوا الأرض والبيت ويتركوا البلدَ سريعًا، أنا وإخوتي تعجبنا، لكن والدتي وعمي شرحوا لنا الواقع، بأنّ والدتي طُلقت غيابيًا من والدي، لأنّه هجرها من سنين وهرب من رعايتنا وترك لها حمل ثقيل وأنّهما تزوجا منذ عامين. لا أعلم لماذا تقبلنا الوضع هل لأنّه أمر واقع؟!أم لموت مشاعرنا ناحية والدنا؟! كل هذا من جفاء البعد لغياب أبي سنوات طوال، واعتبار صديقه هو والدنا لأنّه تحمل تربيتنا ومشاكلنا وتعليمنا، كان معنا في كل موقف ومناسبة، شاطرنا أفراحنا وأحزاننا، احتضننا حين احتجنا الأمان والحب، بينما والدي الحقيقّي كان مجرد بنك للتمويلِ، وعندمَا عاد والدي قامت القيامة وحتّى الآن لم تهدأ، مشاكل و اتهامات لأمّي بالخّيانة والغدر والظلم،لقد تعبنا وسئمنا من الكلام، وأنا تعبت كثيرا أصبحتُ لا أعلم أين الحقيقة، أصبحتُ لا أدري أيهما ظالم وأيهمَا مظلوم حقا، اختلطت عليَّ الأمور، أصبحت تائهة وحزينة أصابني القلق والأرق، وبانتقالنا إلى هنا أشعر بغربة .
حُرمت من مدرستي وأهلي وصديقاتي وذكرياتي في بلدتنا بجانب نظرات النّاس لنا، كل من يعرف قصتنا يتّهم والدتي وعمّي بالخيانة، أمّا إخوتي فيقفون معهما، ويرفضون تمامًا مقابلة والدي، بحجة قسوتِه وتركهم وجفاه لهم، تطور الأمر وزاد سوءً ووصل لإنكارهم لوالدي. ظّلت أميرة تبكي و ترددُ:- أنا خائفة، حتّى مشاعري تائهة مثلي، لا أكره والدي ولكن لا أحبّه، وكيف أحبّه وأنا لم أره أبدًا، لم يحتضنني يوما، لم يُقبلني، لم يذهب معي للمدرسة، لم يعانقني فرحة بنجاحي، ولم يكن أبي! لا أريد من ينصحني، أريدُ فقط من يسمعني، فأنا متعبة يا أستاذتي، متعبة جدا. صُدِمَت سمر ممّا سمعتْ منهَا، لم ترد بأي كلمة بل احتضنتها وبكت معهَا، ووعدتها أن تسمعها عندما تحتاج لها، فمن اليوم ستكون صديقتها وأختها.
ارتاحت أميرة بعد كلامها مع سمر، وشكرتها على استماعها وتعاطفِها معها. رجعت سمر للبيت حزينة، شغلَ تفكيرَها كلام أميرة، انتبه أحمد لها واستفسرَ عن حالها، فسردت له حكايةَ أميرة، وحيرتها مثلها فلا تدري أيّهما المخطئ، جلس أحمد بهدوء وأمسك يد سمر وبدأ يحكي لها بعض القصّص، مغزاها أنّ الوفاء والخّيانة أشياء نسبية فقد نرى شخصًا خائنًا بينما هو عنوان للوفاءِ، ولا يعلم النّفوس والنّوايا إلّا الله، فلندع الخلق للخالق ولندعو بصلاح قلوبنَا وأحوالنا وأحوالهم، ونصيحة يا حبيبتي:- لا تتأثري كثيرًا بكلّ ما تسمعين، لا أقول لا تساعدي من يحتاجُ وتدعميهم، ولكن لا تجعلي أيّ شيء يغيرُ نفسيتك ويؤثر سلبًا عليكِ، ولا داعي للحيرة حبيبيتي المعلمة الجميلة، فنحن نتعلم ونكتسب خبرات بما نقابله من صعاب ومن تجارب الآخرين.
مرّت شهور تعّلقت فيها سلوى -صديقة سمر- بأحد المدرسين وأحبّته حبًّا شديدًا، أصبحت تخرج معه، لم تهتم أن يتحدث النّاس عنها، كانت منبهرة به بوسامته وشخصيته المرحة، ظنّت أنّه عوض الله لها عن سنين الألم والحرمان مع زوجة أبيها، عاشت أحلام جميلة، كانت تتصرف كأنّه خطيبها وارتباطهما موثق، ولكنّها صدمتْ عندمَا جاء إلى المدرسةِ ذات يوم يرتدي بذلة أنيقة وخاتم الخطوبةِ في يدِه والأساتذة يهنئونَه بخطوبتِه، ممّا أصابَ سلوى بصدمةٍ كبيرةٍ .حاولت سلوى أن تتماسك أمام الجميع، لكن شعرت سمر وهالة بألمها، وخافت سمر من انهيارها؛ فأمسكت يديها لدعمها ومنحها القوة، عادت سلوى للمنزل لتسمع كلمات زوجة أبيها واسطوانة الإهانات والأوامر الّتي لا تنتهي، كانت تنتظرها لتعد الطّعام وتغسل الملابس، وتقوم بأعمال المنزل وكانت سلوى تصمت وتنفذَ أوامرَها وتتجنب الاحتكاك معها، كان يملأها الأمل بأنّ غدًا أجمل كان الحب يغمرها وينسيها التّعب والمشقة، كان وجود الحب يعطيها القوة والصّبر لتتحمل ولكن اليوم بعد أن انهارت أحلامها، لم تسمع أي كلمات منها، دخلت غرفتها صامتة ومغيبة وأغلقت باب غرفتها وانهارت في البكاء والعويل، أخذت تصرخ وتكتم صرخاتها بالوسادة رافعه صوت الأغاني عاليًا، ليخفي صوت انفجارِها، مرّت أيّام وسلوى تحبس نفسها بغرفتِها بلا طعام ولا شراب ولا نوم. حاولت سمر وهالة الاتّصال بها لكنها لا تجيب، كانت تتّصل بهشام تسمع صوته وتغلق الهاتف، وتبكي وتتساءل: كيف فعل هذا؟! كتبت له ألاف الرسائل ولم ترسلها، لم تستطع إرسال شيء، هل تسأله لماذا غدرت وخُنْت؟! لماذا لم تكن رجلًا ولم توفي بعهودك لي؟ لم تقو على مواجهته، حتّى فاض بركان ألمها وغضبها واتّصلت به، وسألته كلّ تلك الأسئلة، وهي تصرخ به وتبكي. لكنه رد بكل برود: أي وعود تقصدين؟! لم أعدكِ بالزواج، لم أستطع الثّقة بكِ، كيف أثق بمن تحدثني ليل نهار، وتخرج معي بلا رقابة ولا خوف من أبٍ أو أخٍ، بل كيف أثقُ بمن حدثتني عن كلّ ما حدث لها من تحرّش من قريبٍ أو غريبٍ، ما الّذي يضمن لي أنّك ما زلتِ عذراء؟
تصرخ سلوى وترد منهارة: - ما الّذي تقوله؟ أيكون ذنبي أن صارحتك ووثقت بك؟.كنت صريحة حد الغباء اعتبرتك أخي وأبي ووطني قبل أن أعتبرك حبيبي، ظننتك ملجئي بعد الله، تخيّلتك طوق النّجاة الّذي سيعيدُ النور لحياتي.
تتعالى ضحكات هشام مرددا:- لا تتقمصي دور الضّحية، أنتِ لستُ بريئة لهذا الحد، أعتقد أنّكِ تشجعيهم على التّحرّش بكِ بطريقة لبسك، وإظهار مفاتنكِ، ودلعك وجرأتك وضحكك مع الجميع .أنتِ فتنة يا حبيبتي وتدعين البراءة، لا أنكر أنّني اشتهيتك وتمنيت أن تكوني لي ولكن الزواج مستحيل. سكت برهة ثم استطرد: - تعلمين لدي فكرة، دعيني أتأكد بنفسي من عذريتك، وعندها أعدكِ سأتزوجك دون شك. تثور سلوى وتغضب، كادت تسب وتلعن معرفتها به وحبها له. لكنه يقاطعها قائلا: - لا تغضبي، اسمعي الكلام لأخره، سنتزوج عرفي وعندما أتأكد من براءتكِ سأتزوجكِ، لا تفهمي خطأ، ما رأيكِ بالعرض؟.
انهارت سلوى مرددة بانفعال شديد: -أنت حقير، ليتني ما عرفتك، قد أخطأت لثقتي بك، أين وضعت نفسي؟! كلّكم حيوانات لا تعرفون المشاعر ولا الحب. ظلّت سلوى تبكي بعد أن أغلقتْ الهاتفَ وأمسكتْ السكينَ محاولةً الانتحار لكنّها تراجعت، صمتت طويلا ودموعها تسيل وأخذت علبة الحبوب، وابتلعتها مرّةً واحدةً، ظلّ والدها يدقُ باب الغرفة طويلًا، حتّى أخبرته زوجته بأن يكسره، فوجدهَا ملقاة على سريرها، وبجوارها تلك العلبة؛ حملها سريعًا للمستشفى وتمّ إسعافها وإنقاذها من موت حتمي لولا عناية الله بها، عندما علمت سمر ذهبت مع هالة لزيارتها، وعيونهم مليئة بالحزن عليها و بالعتاب لها، فلا أحد يستحقُ أن تخسرَ دينها ودنيتها من أجله. ما زالت سلوى تتحلى بالقليل من الأمل، أن يأتي هشام لزيارتها معتذرًا تنتظره كلّ يوم وتنظر لهاتفها لعلّه يرن وتسمع صوته، تنظر لصورته وتبكي، وتقرأ رسائله الّتي يحفظها قلبها، حتى غلبَها اليأس وتوقفت عن انتظاره، لكن دموعها لا تتوقف حتّى جفتْ عيونُها وذبلَت . مرّ شهران وهي ما زالت بائسة، بينما هشام أتّم حفل زفافه، يومها ماتت سلوى قهرًا ودفنت نفسها وقلبها للأبد، وأعلنت ولادة سلوى جديدة قوية وقاسية و زادت رغبتها في الانتقام من المجتمع بأسره. رغبة أعمتها وأفقدتها صوابَها وعقلَها؛ فسلمت نفسها للهوى واتبعت خطوات الشّيطان، أنشأت صفحة على الفيس بوك باسم مستعار وبدأت الطّريق إلى جهنم، تحدث الشّباب وتسامر هذا وتعلقُ ذاك كانت تتسلَى دون مقابل، حتّى تعرفت على صديقات السوء وعرفت الطّريق، واعتادت أن تمارس الجنس الافتراضي مع الرجال بمقابل مالي يحول لحسابها أو شحن رصيد هاتفها، بدأت كلعبة ثّم أدمنت الموضوعَ؛ غرتها الأموال والمتعةُ الزائفة وأصبحت تشتري ما يحلو لها ملابس و مكياج وذهب، كانت تتزيّنُ وتسيرُ بلا أدب تغري الشّباب بجسدها الفاتن . وتتعمدُ أن تسيرَ من أمام المقهى الّذي يجلس هشام فيه؛ لتحرّك شهوته وتثير غريزته وندمه عليها، كانت تعلمُ أنّه كالكلب سيلهثُ خلفهَا، لرغبته وطمعِه بمفاتنها وليس حبًا، فمثله لا يعرف الحب، وهي فقدت إيمانها وعقيدتها بالحب ذابت مثلمَا ذابت قيمها ومبادئها، أصبحت لا ترى الرّجال سوى ذئاب تنهشُ النّساء دون رحمة، كانت تعرفه جيّدًا ما أن تُلقي له الطُعم فيركض ويلهث خلفها. في المساء رنّ هاتف سلوى وعندما رأت رقمه تعالت ضحكاتها الساخرة؛ فرحًا بنجاحهَا في إيقاعه وابتلاعه الطُعم، منحته ما يريدُ بتلذذَ بصوتها وتدللها حتّى أدمن كلامها كلّ ليلةٍ، وعندما تعلق بها أحست بلذة الانتقام منه فغيرت رقمها. بعدها تعرفت على رجل عمره 45عامًا، ساذج وطيب القلب، مقيم خارج مصر مثلت عليه البراءة حتّى أوقعته في شباكها، وفتنته بجمالها وسحرها، فعاد ليتقدم للزواج منها، أمّا هي فلم تحبّه بل تزوّجته طمعًا في ثروته .
أغلقتْ هاتفها القّديم ووضعته على إحدى رفوف خزانتها الجديدة؛ عازمةً أن تنسى ما مضى وتعيش حياة جديدة، ظنّت أنّ أموال زوجها ستمنحها السّعادة والحب، ولكن هيهات أن ترضى وقد اعتادت المغامرة سافر زوجٌها بعد شهرين من زواجهما، وتركها للملل ينهشُها، شعرتْ بالوحدةِ، تتّصل بزوجها دائمًا مشغولَا بالعمل، لا يفهمها ولا يجاريها بالحديث، لا د لع ولا هزار ولا كلام حب، كان يكبرها سنًا ويختلف عنها كليا، هو يريدُ الهدوء والاستقرار، ولا يفكرُ إلا بالعمل و الأموال، وهي تريدُ الانطلاقَ والمرحَ والجنونَ والحبَ والمغامرات .صارت تفتقدُ لذة الحياة وتشعر بالملل، تفتح الدولاب لتجدَ هاتفها القّديم؛ تتبع خطوات الشّياطين وتفتحُ باب الفتنِ مرّةً أخرى وتعود بقوة للشات ولعلاقتها المحرمة، وممارسةِ الرذيلة تجرأت وفتحت الكاميرا، ثم تمادت وانجرفت لتمارس الرذيلة في بيوت الدعارة، الّتي تعرفتْ على أصحابِها من النت، لم يكن ينقصها أموال ولا ثروة، فزوجها ترك لها ما يكفي ويفيض، لكنّها اتبعت خطوات الشّيطان وسلمت نفسها للهوي لتصبح عاهرة، بل أصبحت من الجرأةِ بل الوقاحة تُحضر الرّجال لشقتها في الإسكندرية، كان زوجُها قد اشترى لها تلك الشّقة هدية لها العام الماضي، كانت تخون زوجها وهو في غفلةٍ من أمره، حتّى بعد أن أصبحت أم لطفلين توأم منه لم تغيّرها عاطفة الأمومة ولم يُصْلَحْ حالُها أبدا .
عادت سلوى من سفرها تحمل طفلين كالبدر، لكنّها لا تهتم بهما، أحضرت مربّية لهما لتتفرغَ لما تفعلُه، في ذلك الوقت لم يكن الأمر شاعَ بمدينتها، اتّصلت بها سمر تدعوها إلى حفل زفافها ،الذي تّم تأجيله عامًا من قبل بسببِ مرضِ حسن و إجرائه عملية جراحية بالقلب. استعدت سلوى للزفاف لتظهرَ في أبهى صورة، كانت تعلمُ بحضور هشام لذلك أرادتْ أن تبهرَه لتعيدَه لأحضانِها فقد اشتاقت إليه .في المساء كانَ حفلًا ملوكيًا في قاعة كبيرة في مدينة الإسكندرية، أشبه بحفلٍ الأميرات الثّلاث شعرتْ سلوى بغيرة شّديدة فكم تمنتْ أن تتزوجَ من تحب وتعيشُ بأمانٍ واحترام، وتذكرت غدر هشام بها وحالها القذر الّذي وصلتْ له بسببه، بعد انتهاءِ الحفلةِ كانَ العرسان يجهزون مفاجأةَ للعرائس، لم يذهبوا لعشّ الزّوجية بل ذهب كل منهم بسيارته ومعه عروسه لمكان أشبه بالجنّة، لقد حجزَ كل عريسِ شاليها بالغردقة، وقد جهز أحمد المكان بالأضواء الخافتة والورود من باب الشاليه حتّى غرفة النوم، أما السرير كان مزّينَا بالياسمين والورود والعطور الفواحة. اقترب أحمد من سمر وطلب منها أن تغلق عيناها، فتح أحمد الباب الخلفي للشاليه، وخرجا معا لتجد سمر على الشاطئ قد جهّز أحمد طاولة عليها الشموع والورود، جلسا يتناولان العشاء ثّم أستأذن دقائق من سمر، بعدها عاد إليها يمتطِي حصانًا أبيضًا طارت من فرحتِها عندما رأتْ فارسها يأتي بحصانه ويحملها بين يديه؛ ليطير بهما الحصان في عالم من السّحر والخيّال، عالم مليء بالحب والرومانسيّة الجميلة كما رأت من قبل في أحلامها.
بعد أسبوعين بالغردقة، كانت المفاجأة الثّانية، بعد أن جهزت العرائس الحقائب للعودة للمنزل، اتجه العرسان إلى المطار، ثّم إلى ألمانيا لإكمال شهر العسل هناك، كان كلّ يوم مفاجأة كأنّه حلم جميل وقصة خرافيّة من الحبِ والسّعادة الّتي لا تنتهي، حتى ورد اتّصال لأحمد في وقت متأخر من والده، استيقظت سمر مفزوعة وسألت أحمد:- هل الجميع في مصر بخير؟.