هل تأملت نفسك يومًا؟ هل أمعنت النظر في هذا الجسد الذي تحمله منذ ولادتك؟ هل فكرت في القلب الذي ينبض بلا توقف، في الرئتين اللتين تملآن صدرك بالحياة، في العقل الذي يدير أمورك دون أن تشعر؟
تأمل عظمة التكوين
إن تأمل الإنسان لنفسه هو أول أبواب المعرفة، فحين يقف أمام المرآة، لا يرى مجرد ملامح، بل يشاهد آية من آيات الخلق. كل خلية، كل عصب، كل نبضة تحمل أسرارًا لا يدركها إلا من أعمل عقله وتدبر. يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "وفي أنفسكم أفلا تبصرون" (الذاريات: 21)، وهي دعوة للتأمل في هذا الكيان العجيب.
القلب: المضخة العجيبة
قلبك لا يتوقف لحظة عن العمل، ينبض أكثر من مئة ألف مرة يوميًا، يضخ الدم في شرايينك ليصل إلى كل خلية في جسدك. ولكن هل فكرت يومًا كيف يعمل بهذا الانضباط؟ كيف ينقبض وينبسط دون أن تأمره؟ بل حتى عندما تنام، يظل يعمل دون أن تطلب منه ذلك.
العقل: مركز القيادة
عقلك هو أعقد ما خلق الله فيك، شبكة متصلة من الخلايا العصبية، مليارات من الإشارات الكهربائية التي تتحكم في أفكارك، مشاعرك، قراراتك، وحتى أبسط حركاتك. مجرد أن ترفع يدك أو ترمش بعينك هو معجزة بحد ذاتها، لا تحتاج إلى أوامر واعية منك، بل تحدث بانسيابية مذهلة.
الروح: سر الحياة
ولكن، ماذا عن الروح؟ تلك الطاقة التي تجعل من الجسد كيانًا حيًا، فإذا غابت، أصبح الجسد مجرد مادة هامدة؟ لا أحد يستطيع أن يحدد ماهية الروح، ولا كيف ترتبط بالجسد، وهذا وحده كافٍ لندرك أن هناك قوة أكبر تدير هذا الكون، وأن الإنسان ليس إلا مخلوقًا ضعيفًا مهما ظن نفسه قويًا.
رسالة التأمل في النفس
حينما نتأمل أنفسنا، ندرك كم نحن في حاجة إلى الامتنان، إلى الشكر على النعم التي بين أيدينا. نرى أننا لسنا مجرد أجساد، بل أرواح تحمل رسائل، وأفكار تحمل تأثيرًا، ومشاعر تنبض بالحياة. فكل منا وُجد لهدف، وكل منا يحمل بداخله رسالة، ولكن هل تبصر نفسك حقًا؟ هل تدرك حجم النعم التي منحك الله إياها؟
فلنتوقف قليلًا، لننظر إلى أنفسنا، ليس في المرآة، ولكن في أعماق الروح، عندها فقط، سنرى الحقيقة بوضوح.
دمتم بخير..