20 اغسطس 2008 هو تاريخ اتعلمت فيه درس كبير ومهم وخطير، هحكيه باختصار، ساعتها كنت بشتغل في المعهد البريطاني، وكان ممكن وفقا لسياسة المعهد إننا نطلع ندي الدرس "out door"عند العميل، المهم اتعرفت على سيدة فاضلة جدا ( ألمانية من أصل مصري)، في منتهى الذوق والشياكة والاحترام، كانت شايلالي جميلة أني بروح لها لغاية عندها في مدينة نصر رغم إن شغلي في أرض الجولف ( قريب يعني مش بعيد) رغم إن ده الاتفاق اللي مع المعهد واللي هي بالمناسبة بتدفع قدامه مبلغ محترم عشان الدرس بقى عندها في البيت، لما وصلت هناك عرفت السبب، كانت حابه تاخد الدرس ( تتعلم عربي عامية وتقرا وتكتب بالعربي، لغة حبيب عمرها وجوزها، المهم كان عندها ابن زي الورد شاب 18 سنة، يقول للقمر قوم وأنا اقعد مكانك، لكن لأن الحلو مش بيكمل، حبيبي كان قعيد، حصلت له حادثة جامدة وهو عشر سنين، وقع من على الحصان على ظهره، عمل بدل العملية تلاته ومفيش فايدة، وفي ألمانيا ( بلد الطب والجراحة) الدكاترة قالولهم: مش هيمشي تاني ابدا... المهم الام رضيت وسلمت بقضاء ربنا وبقيت تنقل العالم كله وتحطه عند رجلين ابنها، اتعلم الموسيقى وبقى بيعزف كمان مفيش احسن من كده، اتعلم الكمبيوتر وبقى مبرمج سوبر عشرة على عشرة، جابت له شيخ يعلمه قرآن في البيت ( ديانة والده).. هي جت مع جوزها مصر قبل ما يتوفى بشهر في اجازة لان بلده وحشاه، كان زي الفل وصحته زي الحصان، جه وملحقش يرجع ألمانيا تاني، مات قبل رجوعهم بيومين،، هي كمان مرجعتش وفضلت مع ابنها هنا عشان يعرف بلده وأهله ودينه، (إياد) كان ذكي جدا ولماح وسريع البديهة، المهم إنه كمان كان مرح والقعدة معاه ما يتشبعش منها، روحه حلوة ومش كئيب رغم حالته اللي تصعب على الكافر .. شاب في سنة عاجز عن الحركة حبيس كرسي بعجل، استمرينا سوا واقدر يتعلم عربي كلام وقراءة وكتابة في اقل من سنة بقى بربنط!
وبدأنا نقرأ سوا كتب وروايات ونترجمها ألماني، اشتغلنا بين القصرين وقصر الشوق واستعدينا ل السكرية .. بس إياد طلب نرتاح شويا واخد إجازة اسبوعين..
الاسبوعين بقوا تلاته، قلقت عليه، اتصلت بمدام " ميلدا" قالت لي إنه تعبان شوية، وعكة صحية طارئة...
يومين وعرفت إن " إيـاد" دخل المستشفى، روحت له ومعايا نوع الشوكلاته اللي بيحبها ( كان بيعشق بيمبــو)، فرحته اللي رقصت في عينيه ببهديتي البسيطة محفورة في ذاكرتي، مش ممكن أنساها... قعدنا واتكلمنا وضحكنا وسلمت عليه ومشيت على أني هاجي بكره اوصلهم البيت لانه بقى عال العال واتكتب له خروج، روحت الصبح واخدة معايا ورد وبيمبــو تاني لكن إيــاد كان خرج ...
خرج من الدنيا كلها مش من المستشفى بس 😢😢
ده كان يوم 20 اغسطس 2008.
مدام ميلدا، استقبلت الخبر بمنتهى الهدوء، التسليم والرضا بقضاء الله، أنا انهرت وهي لأ..
جيرانها كانوا خايفين عليها لأنها ماعيطتش، مانزلتش دمعة !!
وبدل ما أواسيها أنا وأصحاب إيـاد ( جيرانه) هي اللي كانت بتوسينا، اتدفن الشاب اللي زي الورد في مقابر العائلة جنب والده، وهي فضلت في مصر ورفضت ترجع بلدها، كانت راضية جدا، مؤمنة جدا بقضاء ربنا، رضا أنا استعجبته واستغربته!
وافتكرت إنه كبت وكمد هيظهر عليها وعلى صحتها بعد كده، لكن العجيب إن الألم الكبير ده عدا على خير ...
كان رضا حقيقي باين على وشها وفي كل تصرف من تصرفاتها...
باعت شقتهم الكبيرة الفخمة وعزلت من مدينة نصر، سكنت اوضة في بنسيون صغير في وسط البلد جنب شارع شواربي، فتحت محل ورد وعاشت في مصر، ده قرارها اتخذته بإرادتها رغم إن اختها وأخوها حاولوا معاها كتير عشان ترجع ألمانيا ، كانت تقولي : دي بلد جوزي وابني، ازاي امشي، ارجع برلين واسيبهم مدفونين هنا؟ ارجع من غير حبايبي!
طيب لما يوحشوني هزورهم ازاي، هعيش ازاي وهما بيوحشوني كل يوم ؟!
النهاردة 21 اغسطس 2023 مدام " ميلدا" راحت عند حبايبها وهتدفن جنبهم... عاشت وماتت في سلام، في رقي، بمنتهى الرضا رغم إنها اتحرمت من حبايبها واتكوت بنار الفراق من بدري..
عاشت قلب هين لين شيك جميل جدا جدا ولا يمكن يتنسي..
الساعة 8 الصبح قداس على روح مدام "ميلدا" أم قلب زي الدهب هروح أودعها ومعايا كل الذكريات اللي جمعتنا سوا 😢😢
كل اللطف، المحبة، الإنسانية 🌷
الله يرحمها ويغفر لها ويرزقنا الرضا بقضاء الله في كل أمورنا..
بالمناسبة دي زهورها المفضلة اللي كانت بتحبها اوي اوي .
زهور الاكاسيا 💛💛