وسيلة استخدمها النبي سليمان عليه السلام للتفاهم مع الطيور
والحشرات، فهل كان ذلك بمعجزة إلهية لا دخل لسليمان بها بعلم أو بفهم؟ أم هو علم تعلمه، ومعرفة تدرب عليها؟
هذا المنطق - فيما يبدو لي - لم يكن من المعجزات، وإنما علم تعلمه سليمان، ويمكن أن يتعلمه غيره، إذا كانت لديه الملكة والرغبة في
معرفة هذا العلم فقد قال الله تعالى على لسان سليمان: (علمنا منطق الطير)، والعلوم ليست داخلة في باب المعجزة، ويشهد لهذا أن علماء الأحياء قد فهموا عدد كبير من لغات الكائنات، وفكوا شفراتها، وحددوا دلالاتها، مثل الحيتان والضباع والكلاب البرية.
ولا يعني هذا أنه علم متاح للجميع، وأن بإمكان الجميع أن يكون مثل سليمان عليه السلام، كما لا يعني أيضاً أن علم سليمان عليه السلام لمنطق الطير يخلو من دلائل النبوة، أو أنه علم ذاتي لسليمان منفصل عن كونه نبي مرسل. إن الأمر بالنسبة لي يشبه تماماً رحلة الإسراء، فقد كانت في زمانها معجزة بالمعنى الكامل للكلمة، أما الآن فالذهاب إلى القدس من مكة والعودة في الليلة نفسها حدث عادي وروتيني، وحصول تلك الأمور الآن هو في الوقت نفسه من أعظم دلائل النبوة.