آخر الموثقات

  • المتحدثون عن الله ورسوله
  • قصة قصيرة/.المنتظر
  • قصتان قصيرتان جدا 
  • سأغير العالم
  • كيف تعلم أنك وقعت في الحب؟
  • التأجيل والتسويف
  • فأنا لا انسى
  • احترام التخصص
  • 2- البداية المتأخرة لرعاية الفنون والآداب
  • يعني إيه "الاحتواء"؟
  • يا عابرة..
  • رسائل خلف السحاب
  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  • إيران من الداخل بعد الحرب.. 
  • معضلة فهم الحرب على إيران
  • نصر سياسي ايراني
  • قصة قصيرة/ وصاية الظل
  • ق ق ج/ سرُّ الشجرة والقوس
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة ياسمين رحمي
  5. جزيرة غانم ..

في يوم من أيام نوفمبر سنة 2019 فتحت عيني نص فتحة عشان الدم كان مغطيها وكانت منتفخة، جسمي كان ممدد، دراعي مكسور، كنت لوحدي، لوحدي تمامًا على جزيرة منعزلة في المحيط الأطلسي...

 

هي مسألة وقت عبال ما يلاقيني، الجزيرة كلها مكشوفة، الأرض كلها مكشوفة ليه، مفيش مخبأ منه، مش محتاج أعمل أي مجهود، الأحسن ليا إني استمتع بالوقت المتبقي لي، احمد ربنا على السلام والهدوء المؤقت، كفاية إني لسه مؤمن، أنا لسه مؤمن، لسه مؤمن...

الموضوع ابتدى باكتشاف، مش اكتشافي أنا، الاكتشاف بتاع "غانم" اللي كلنا كنا بنثق فيه وبعتبره قدوتنا، وإزاي منثقش فيه، "غانم" عنده خيرة أكتر من 30 سنة في مجال الآثار، مش بس الآثار الفرعونية والمصرية ، آثار في أماكن كتيرة في العالم، ومش بس الأثار المادية، مش التماثيل والمعابد وبقايا المباني والفخار والأواني والأجسام اللي بتدل على وجود حضارات، لأ، ده الموضوع أكبر من كده، كان بيجري ورا أي اكتشاف بيحكي عن جماعة بشرية عاشوا ف أي وقت في التاريخ، كهف مثلًا محفور على جدرانه رسومات أو رموز، جثة محفوظة لعوامل البرودة الجامدة في جبلٍ ما، ألواح عليها كتابات غريبة، توابيت، مقابر، مجسمات أو أدوات منحوتة، أي حاجة، ومش ف بلد واحدة، كان ممكن يروح لبلد ميعرفش حاجة عنها، لا عنده علم بلغتها ولا بخريطتها ولا بقوانينها عشان سمع بطريقة ما عن اكتشاف لوجود بشري من وقت كبير، وهناك بقى يتعامل، إن شا الله بس يلقي نظرة على الاكتشاف ده ويدون ملاحظات بسيطة. كان عنده قناعة كبيرة إن النقط اللي تبان متفرقة وملهاش نمط، لو اتوصلت ببعض هتعمل شكل معين، شكل ليه معنى، بالبلدي كده إن الحضارات والثقافات متصلة ببعض، البشر دايمًا كان ما بينهم اتصال، مش شرط يبقى مادي، في اتصال تاني أعمق اسمه اتصال معنوي، بتجمعنا كلنا شبكة من الخطوط الغير مرئية ومش معروف الوسط اللي بتتنقل من خلاله ولا كينونة الشبكة، هل شبكة عقلية مثلًا؟ عقولنا بتكلم بعض من غير ما ندرى زي الشجر اللي بيتواصل مع بعضه وبينقل رسايل؟ يجوز... المهم إنه كان مؤمن إننا لو ركزنا هنلاقي إجابات عن أسئلة لحضارة ما ف حضارة تانية خالص، جزء ناقص ف قصة يتكمل من قصة تانية تمامًا، لوحة قطع منها مفقودة بنلاقي القطع ف أماكن بعيدة، ناخدها ونحطها على اللوحة في الفراغات واللوحة تكمل وتبقى واضحة، المهم نركز كويس أوي وعقلنا هيدلنا عالإجابات، بس نبقى مستعدين نسمع للرسايل ونشوف المخفي عن عيون الباقي.

 

يمكن فعلًا ده دورنا، المفروض أي اثري أو متخصص في التاريخ يبقى عنده المخيلة والشغف ده، مسؤول يلاقي الإجابات اللي مخفية عن الكل، لكن لازم نعترف إن قدرات "غانم" كانت استثنائية، مش أي حد عنده المستوى ده من العبقرية، دماغه كانت عاملة زي جهاز كمبيوتر بخوارزميات مش موجودة في دماغ الباقي مننا، بيلاقي رابط ما بين الأحداث والاكتشافات بطريقة محدش بيعرف يعملها، ده غير إن عنده ذاكرة فوتوغرافية، وعيه بيسجل أي حاجة بيشوفها أو بيقراها، من كتب لبرامج وثائقية لجولات واقعية ، ونزود على ده بقى شغفه تجاه التاريخ واللي كان زي الوقود اللي بيحركه وبيصقل حواسه، من الآخر صعب أي حد ينافسه. مش محتاج أقول إن مكنش في وقت ولا دماغ لجواز وخلفة، "غانم" ملقاش مساحة لأي حاجة غير أبحاثه واستكشافاته المستمرة، ومكنش عمره هيكون متواجد ف حياة مراته وولاده، فبكل تصالح نفسي فضل أعزب وعدى بيه العمر ووصل لل60 ومحسش بندم أو إن أي حاجة فايتاه غير مزيد من الاكتشافات التاريخية والأثرية.

 

وطبعًا التطور الطبيعي للشغف بتاعه إنه يتحول لكاريير، كاريير مش هو اللي سعى ليه، ده جه عند رجليه، "غانم" بقى عنده سيط لدرجة إن في قناة وثائقية تواصلت معاه وطلبت إنه يشتغل معاها، قناة عالمية ليها كذه نسخة حوالين العالم، من ضمنهم نسخة عربية، كل اللي كان مطلوب منه إنه يعمل بالظبط اللي كان بيعمله ف العادي، الإضافة الوحيدة إنه هيبقى قدام كاميرا ومغامراته هتتذاع ، شرطه الوحيد كان إني أنضم ليه ومعايا تلاتة من الزُملا ف نفس المجال، كلنا كنا ف سن أولاده أو اخواته الصغيرين، اقرب حد لسنه كانت "ماهيتاب" ، بينها وبينه 10 سنين. طبعًا كتر خيره، بسببه وبعد فضل ربنا اتنقلنا نقلة مكناش نحلم بيها ولا كنا مخططنلها.

 

مكناش متوقعين رد فعل الناس. الموسم الأول كسر الدنيا وتعاقدنا على 3 مواسم كمان وكلنا كنا عارفين إن العقد هيتجدد كمان لمواسم تانية بعد ال3 دول. لو الأمور فضلت زي ما هي كنا ممكن نكمل لنهاية عمر آخر واحد متبقي فينا، لكن للأسف في حدث قطع رحلتنا والمستقبل اللي كنا متوقعينه..

تقريبًا احنا الخامسة كنا بنظهر في أغلب الحلقات، بنروح الأماكن اللي بيتصرح لينا بيها ف أي حته ف العالم، الكاميرا كانت بتتابعنا في المواقع اللي بندخلها، جوه كهف بقى، جوه مقبرة، جوه حفرة، جوه خندق، حتى الأهرامات اللي ف بقع مختلفة والمباني المشابهة ليها. والجمهور كان بيبقى معانا لحظة بلحظة، بيعيش معانا تحمسنا وفرحتنا واحباطنا وحيرتنا واختلافنا في الرأي ومجادلاتنا، وبرغم إن الحلقات كانت بتبقى مسجلة لكن مكنش بيتحذف ويتعدل فيها كتير، وده كان بيدي إحساس بمعايشة التجربة الحقيقية، من غير تزييف أو تجميل لكلامنا، وف مراحل تانية من الحلقة كل واحد فينا كان بيقعد ف استوديو أو مكان تاني وبيوجه كلامه للكاميرا وبيحلل الرحلة والاكتشاف، كل واحد عنده مساحته ف إنه يتكلم عن موضوع الحلقة من وجهة نظره.

عيب غانم الوحيد أو عشان مبقاش بأفورها، عيب أساسي من عيوبه المعدودبن على حد علمي، هو نفس ميزته، الحركة الدايمة! "غانم" ف ديل كل اكتشاف كان بيفرك عشان الاكتشاف اللي بعده، ومن ضمن المواضيع اللي كانت مستفزاه هي الآثار أو الأماكن اللي محدش عنده علم ممكن تكون فين أو إيه مصيرها بالظبط، يعني مثلًا مقبرة الإسكندر، مدينة إرم، موقع قوم سيدنا لوط، جثة دراكولا، السد بتاع يأجوج ومأجوج، الأوضة السرية في الهرم الأكبر وغيرهم وغيرهم، ده بقى بجانب الأساطير! القصص اللي مفيش أي دليل موثق موثوق منه يقول إنها واقع لا جدال فيه، زي "أطلانتس"، اللي بداية ذكرها كان في كتابات أفلاطون، هو ده كان المرجع الأول الواضح ويمكن الوحيد في التاريخ القديم. وصفها أفلاطون إنها أحسن مكان غذى خيالات المهندسين والمعماريين وخلاهم يبدعوا، زي النحات اللي يمسك حتة طينة ويشكلها ويعمل منها تحف فنية، وقال كمان إن أطلانتس كان فيها مجموعة من المواني والمعابد والأرصفة والقصور وإنها اتبنت على تلة الميه محاوطاها على شكل حلقات مترابطة عن طريق أنفاق. نرجع بقى للمهندسين، اللي ساعدهم على الإبداع في البناء هو وجود تكنولوجيا جبارة ملهاش مثيل ف أي مكان في العالم، أما نهايتها فمش واضحة من كتابات "أفلاطون"..

 

في نظريات كتير عن أسباب اختفاء كيان مهيب زي أطلانتس (ده على اعتبار إنها اصلًا حقيقية)، في اللي قال إنها كانت قارة وغرقت، في تقييمي ده ممكن مثلًا يكون بسبب ظواهر طبيعية زي زلزال وتسونامي، أو يمكن بركان انفجر، أو نيزك نزل عليها أو غيره من الأسباب اللي البشر ملهمش دخل فيها.

وفي نظرية تانية أصحابها بيقولوا إن السر ورا اختفائها هو نفسه السر ورا اختفاء سفن وطيارات كتير عدت من نفس المنطقة اللي كانت فيها أطلانتس وهو "مثلث برمودا" وأيًا كان اللي صاب السفن والطيارات هو اللي صاب القارة، سواء كانت أسباب طبيعية لكن مميتة ومرعبة أو أسباب خارقة للطبيعة اللي البعض بيظن إنها المتسببة في حوادث الاختفاء، من وجود اشباح لوجود عرش الشيطان لوجود كائنات فضائية والذي منه.

 

ونظرية غيرهم أصحابها رأيهم أن أطلانتس مش مخفية زي ما احنا متخيلين، ببساطة هي اتحركت! من ضمنهم كاتب ذكر ف كتاباته إن القشرة الأرضية اتحولت، والنتيجة إن الأماكن اتغيرت واتنقلت ومنهم قارة أنتاركتيكا اللي دلوقتي بقت جليدية وفيها كائنات قليلة وصعب بشر يعيشوا فيها، وإن أطلانتس هي مدفونة تحتها، تحت الجليد، يعني لو معانا معدات متقدمة جدًا وكسرنا بيها طبقات الجليد الكثيفة وحفرنا هنلاقي القارة المفقودة.

وأكيد في نظريات تانية، بس النظرية الأهم بتقول إن أطلانتس مدينة أو قارة اسطورية عمرها ما كانت موجودة، هي من نتاج خيال أفلاطون، خصوصًا إنه ذكر في كتاباته بوسايدن، الإله الوهمي ف اساطير الإغريق، وممكن يكون اتأثر بقصة الفيضان اللي حصل في البحر الإسود وكان حواليه عدد من الحضارات اللي اتدمرت بسبب الفيضان. 

أنا بقى كنت من أنصار النظرية الأخيرة، أطلانتس بالنسبة لي حدوتة قبل النوم، ممكن نحط في الحدوته سندباد البحري مثلًا لما لقى مكان أبوابه مرمر ودهب وفضة وعاش هناك مغامرة من مغامراته، مكنتش قادر أشوفها غير كده، لكن لو هنلعب لعبة اسمها الافتراضات، فعلى فرض إنها كانت موجودة فعلًا وبناء على الوصف بتاعها والتقدم التكنولوجي اللي كانت فيه يبقى ليه لأ يكون اتخسف بيها الأرض بسبب قنبلة نووية أو طاقة اتصنعت من غازات مشابهة للي موجودة في الشمس أو فيروس متركب ف معمل ضخم عشان الأبحاث أو دوا عملوه عشان يعالج كل الأمراض بسبب الرغبة الجامحة في العيشة لسنين طويلة أو الخلود أو تحويل المواطن في أطلانتس لإنسان لا يُقهر؟ زيها زي دول العالم الأول في عصرنا الحالي، ويمكن كانت وصلت لتكنولوجيا أكبر كمان وجنت على نفسها...

 

كل السيناريوهات دي مكنتش هتيجي على بالي ولا هفتكرها لولا إن "غانم" لقيته بيكلمني ف عز نومي وبيصحيني، الساعة كانت 2 بعد نص الليل. اللي جه ف بالي إن في حد حصل له حاجة. ردت عليه وأنا مفزوع ومراتي قلقت وبدأت تفوق هي كمان. طلب مني أقابله، مش تاني يوم ، لأ، وقتها!

أصريت اعرف السبب وهو أصر ميقوليش . نزلت وأنا متكدر وقلقان وحاسس إن قلبي اتخلع من مكانه.. 

قابلته على قهوة قريبة من بيتي. تجاهل وشي المضلم والقلق اللي باين عليه وانطلق في الكلام:

-استعد، إحنا هنعمل حلقة عمرنا!

=شغل؟ بتتكلم جد يا "غانم"؟! جاررني هنا الساعة دي عشان نتكلم ف شغل؟؟

-أنت مسمعتنيش؟ ده مش شغل، بقولك حلقة عمرنا.

=لأ بقى إنت بتهرج!

قمت قبل ما أضربه، اديته ضهري ومشيت بعصبية، اللي وقفني هو اللي قاله بعد كده...

-إيه رأيك لو قلت لك إني لقيت القارة المفقودة؟

لفيت ليه تاني. لسه معنديش كلام أقوله. حواجبي اتعقدت وعيني كانت كلها أسئلة.

-أنا لقيت أطلانتس يا "مجاهد"!

=بتتكلم عن إيه؟

-إيه يا استاذ الآثار، متعرفش أطلانتس؟

=أعرف الأسطورة.

-وانا أعرف الحقيقة، أعرف إنها موجودة، ودلوقتي لقيتها. هاه، لسه شايف إنه مجرد شغل؟

=شايف إنها مجرد تخاريف، والمكان اللي أنت متخيل إنه أطلانتس، هيبقى شوية حطام جواه آثار عن حضارة تانية تمامًا، مش بعيد تكون حضارة بدائية أو مش نفس مستوى حضارات كتير تانية.

-وهو معقول، هكون لقيت قارة كاملة؟! اعقل الكلمة يا "مجاهد"، أنا لقيت جزء متبقي منها، شفت إنك مش مركز.

المشكلة إني كنت بجادل وأنا من جوايا عارف إنه لقى اكتشاف عظيم فعلًا. "غانم" مش ف كل الأحوال كان بيبقى صح، يعني في أماكن روحناها طلعت مختلفة عن اللي تنبأ بيه، بس كنا لازم بنلاقي حاجة، حاجة توحي بإن كان عنده أساس يبني عليه التوقع بتاعه، و ف معظم الحالات كان بيبقى تقييمه صح. حتى لو روحنا المكان اللي اكتشفه ومطلعش من بقايا أطلانتس فهو مكان يستحق إنه يتراح، يستحق يتعمل عليه حلقة.

 

=والمكان الإسطوري ده فين؟

-جزيرة في المحيط الأطلسي، هيكون فين يعني، مش ده الموقع اللي أغلب المؤرخين المؤمنين بوجودها قالوا إنها كانت فيه، أومال إسمها أطلانتس ليه؟ يووه مالك يا "مجاهد"، أنت مش نايم ولا إيه؟

=اه، في واحد كده معندوش إحساس ولا تمييز صحاني من عز نومي وخلاني أفقد كل المعلومات المتخزنة ف عقلي ومعاهم المنطق وهدوء الأعصاب.

-وكان الأمر يستحق؟

 

مقدرتش امسك نفسي، شفايفي انبسطت وكانت هتوصل لودني، الابتسامة نورت وشي وعيني لمعت. بان عليا التحمس الرهيب وقلت بانكسار المهزوم:

=يستحق.

.................

"غانم" أقنعنا إن المغامرة دي بالذات متنفعش بالطيارة الخاصة المعتادة بتاعة القناة وإننا لازم نروح بسفينة عشان نعيش الأجواء. كلنا عصرناه أسئلة عن الاكتشاف ده، زي إزاي اصلًا وصل للاكتشاف. قال إن ليه واحد صاحبه غني جدًا، غني لدرجة إن عنده طيارة خاصة وإنه ف رحلة قريبة من رحلاته نزل على جزيرة في المحيط الأطلسي وشاف جبال منحوت جواها فتحات بنمط معين، فتحات على مسافات من بعض، كإنها مداخل أو بوابات ضخمة، وصف الفتحات كإنها منحوتة مش من عوامل التعرية الطبيعية، لإن البوابات كانت شبه بعض جدًا، تقريبًا بمقاييس متطابقة، زي ما يكون مهندس أو مجموعة مهندسين هم اللي نحتوها تحت قيادة وتخطيط واحد. الغريبة إن على كلامه الجبال كانت على ارتفاع كبير من الأرض ومش ممكن حد يوصل للارتفاع ده غير برافعات أو معدات متطورة ترفعه، وقال كمان إن كان في جناين رهيبة مشفش زيها ف أي مكان، جوه الجناين أشجار ضخمة برضه مختلفة عن أي أشجار تانية، في منهم اللي فروعها مليانة فاكهة، أنواعها مش مألوفة، ومنهم اللي فيها ورق بس، وأشكالها كإنها من كوكب غير الأرض، والخضرة! اللون بتاعها بيلمع، كإنها كل يوم بتتغسل بمية مطرة، وفي قنوات ميه أو جداول متفرعة من مصدر للمياه العزبة، يجوز نهر أو شلال، موصلش للمصدر عشان يتأكد. وبما إن الجزيرة مكنتش مأهولة قرر ميبتش فيها ولا ليلة واحدة، أصل مش أي حد يعرف يتعايش مع فكرة التخييم أو الإقامة ف مكان من غير خدمات ووسائل للترفيه، بعكسنا إحنا، إحنا ملوك التخييم ومن غير خيم كمان! الخلاء والأماكن المكشوفة هي الموطن بتاعنا، تخصص المجهول والتصرف على قدر المتاح، كل اللي يهمنا هو الهدف اللي بنروح علشانه وف سبيله بنتسحمل أي ظروف، أمال ليه إحنا رقم واحد ف مجالنا؟

وبناء على كلام "غانم" حضرنا شنطنا واتكلنا على الله....

مش قادر أنسى الليلة اللي قبل الانطلاق وده عشان اللي شفته فيها....

 

نمت بعمق بعكس المتوقع. المفروض كنت ابقى متوتر أو متحمس أو الاتنين مع بعض، وده كان إحساسي فعلًا، كنت متوتر جدًا ومتحمس ف نفس الوقت، إحنا بنتكلم عن أطلانتس، اكتشاف بمجموع الاكتشافات ف حياتي كلها، السابقة والجايه أو على الأقل احتمالية كبيرة عن وجود آثار حقيقية، الأولى من نوعها، محدش هيكون سبقنا ليها، ومع ذلك نمت زي الطفل. مبقتش حاسس بحاجة حواليا، لو حد كان جاب غطيان حلل وخبطهم ف بعض مكنتش هسمع....

كنت عالسطح والأرانب بتجري حواليا كإنها مش حاسه بوجودي أو مش فارق معاها، مش مخونة ولا خايفة، وجت نسمة هوا منعشة من ورايا، وبعدها حسيت بوجود جنبي...

جدتي "هدى". من كتر النور ف وشها ملامحها مكنتش واضحة أوي. أما أنا فكفوفي اللي عيني جت عليهم كانوا ف حجم مسطرة صغيرة، كنت طفل، سني 5 سنين بالكتير...

-أنا عارفة إنك اتشاقيت النهارده، زعلت أمك وضايقت إخواتك ومسمعتش كلام أبوك!

 

بصيت للأرض من الكسوف، راسي دلدلت كإنها هتنفصل عن جسمي وتقع! قربت مني وبصباعها رفعت راسي. كانت مبتسمة، عايزه تطمني بابتسامتها، الغريبة إنها مكنتش زعلانة، كل العتاب ده من غير زعل حقيقي.

-مش مهم!

مش مهم إزاي؟ بقى كل الكوارث اللي عملتها دي ومش مهم؟! استنيت تفهمني قصدها ومعلقتش.

-مش مهم كل اللي عملته واللي لسه هتعمله. أنت لسه قدامك عمر طويل، سجل حافل بالغلط والذنوب، مظنش إن في يوم هيعدي من غير ما تعمل خطايا، حاجات هتندم عليها..

يعني، هو أنا مش واثق إن الكلام ده إيجابي أو أنه المفروض يتقال لي وأنا في السن ده، وكل اللي كنت عايزه هو إني أهرب من السطوح ومن جدتي، مش عايزها تكمل النقاش التقيل المرعب ده..

تجاهلت الرعب اللي على وشي وكملت:

-كل ده مش مهم، أنت حتى ممكن تقصر في الأساسيات، الفروض اللي ربنا فرضها علينا..

=بس ده مهم!

-طبعًا مهم، مهم إنك تسمع كلام ربنا ومتقصرش في الفروض.. لكن إسمعني يا "مجاهد" وحاول تفهمني كويس.. أنت ممكن تبقى إنسان سيء جدًا ف عيونك، كل يوم تلعن نفسك وتأنبها على عمايلك، لكن إوعى، إوعى تفقد يقينك بالله سبحانه وتعاليّ.

=أفقد يقيني؟!

-أيوه، إياك تنسى أو تشكك ف وجوده وف حكمته وف رحمته. خليه دايمًا نقطة الارتكاز، لأنه فعلًا الواجد، مفيش حاجة قبليه ومفيش حاجة بعديه، ومفيش أي علم فوق علمه ولا قوة تتعدى قوته.

أهو بقى الكلام ده خلاني تايه أكتر ومش فاهم حاجة. هي ليه قالتلي كده، إيه المغزى من النقاش المريب ده...

-بص يا "مجاهد" كل إنسان بتعدي عليه اختبارات مُرة، مواقف ممكن تخليه يتهز، يشكك في حكمة ربنا في الابتلاء أو الاختبار اللي هو فيه، وساعات المقاومة بتبقى صعبة جدًا، مقاومة النفس اللي بتبقى على وشك إنها تفقد إيمانها بالله، زي إن حد يفقد شخص عزيز عليه أو يتظلم والناس كلها تصدق إنه جاني وهو مجني عليه أو تشكك ف ذمته، أو يلاقي نفسه محبوس من غير ذنب أو بيدفع تمن حاجة مرتكبهاش، أو يصطدم بنموذج مؤثر جدًا، تأثيره طاغي على كل اللي حواليه وهو الوحيد اللي يبقى مش متطمن للنموذج ده وشايف ضله الإسود الخبيث، ومقاومته تبقى صعبة زي مقاومة تيار جامد ف محيط كبير عميق ملوش آخر. افتكر...

بعديها مدت إيديها ومسكت دراعاتي جامد، كإنها هتعصرهم، وبصت ف عيني بصة جامدة من غير ما تطرف وقالت بنبرة مرعبة:

 

-إفتكر وقتها الكيان الأكبر، افتكر وجود ربنا ورحمته وحكمته، ممكن وقتها، لأ، خلي عندك يقين إنك هتلاقي الخلاص. وباليقين أو بأي محاولة تقربك من الله هو هيشدك ناحيته وياخد بإيدك للي بيحبه ويرضاه، افتكر يا "مجاهد"!....

فتحت عيني بعدها علطول، صحيت أول ما الحلم خلص.. المشكلة إنه مكنش مجرد حلم، دي ذكرى، ذكرى كنت ناسيها تمامًا، دافنها في أعماق وعيي، أظن عن قصد... كل السنين دي مفتكرتش المشهد والحوار اللي دار ما بيني وبين جدتي على السطح ف يوم من الأيام، وده لإني أولًا مفهمتش كلامها، وثانيًا لإني خفت منها جدًا يومها، خفت من شكلها ومن نبرتها ومن الكلام اللي مش مفهوم. 

ليه ينط المشهد ده على سطح الوعي بتاعي الليلة دي بالذات؟ وليه لسه مش فاهم كلام جدتي الله يرحمها برغم إني فاهم كل كلمة لوحدها، يعني مش فاهم إيه بالظبط اللي كانت تقصده، إيه هدفها؟ أنهي امتحان ده اللي لازم أفتكر خلاله وجود الله، وأنهي نموذج اللي هيبقى ليه تأثير طاغي على كل الناس؟

 

للحظة جسمي كله اترعش. قعدت مكان ما كنت ممدد على السرير، خيوط النور كانت بتتسلل من الفجوات المكشوفة من الستاير. لسه الشمس مكنتش ف كامل قوتها، الشروق لسه قدامه وقت، ومنبه الموبايل لسه مرنش. فضلت متنح في الفراغ قدامي، براجع كلام جدتي زي تسجيل على أسطوانة مشروخة...

وبعد ما فقت أكتر نسيت كل ده! كل اللي افتكرته هو الرحلة والاكتشاف العظيم اللي رايحين ليه...

كل حاجة كانت جاهزة، الشنط والمعدات. مكنتش هجازف إني أجل أي حاجة ليومها. كفاية إني أشرب قهوتي والبس هدومي اللي هروح بيها واهيأ نفسي للخطوة الملحمية اللي كنت على وشك إني أخدها...

كنت متخيل إني أول واحد هوصل السفينة لكني اتفاجأت إن كلهم وصلوا ومستنيني!

 

كانوا واقفين، ساندين إيديهم على سور السفينة وبيراقبوني وأنا بتحرك وبدخل... معرفش ليه المشهد بالنسبة لي كان مهيب، أشكالهم مكنتش مريحة، ابتسامتهم وهمساتهم، كل حركة عملوها كانت مريبة. قلت ف نفسي أكيد دي كانت رهبة الموقف نفسه. إحنا رايحين أطلانتس، أو جزء صغير منها، أو مكان بيدل على وجودها، لازم طبعًا كل خلية ف جسمي تبقى مش على بعضها، لازم أبقى على أعصابي.

-أنتوا مدركين إحنا رايحين على فين؟

دي كانت "ماهيتاب" بعد ما انطلقنا بالسفينة بكذه ساعة. وقتها الشمس كانت بدأت تتكسر والأجواء بقت أهدى والنور خفيف في السما. 

=رايحين ميت غمر.

مش فاهم قصدها كان إيه وملقتش غير الرد ده أرد عليها بيه. ناقصة غموض أصلها...

-يا "مجاهد"، ميبقاش مخك تخين، أنا مدركة إننا رايحين على جزيرة المفروض، على حد أقوال "غانم" من بقايا أسطورة أطلانتس، لكن تعرفوا برضه الجزيرة دي والمحيط اللي حواليها فين موقعهم بالظبط؟

"إبراهيم" رد عليها:

-فين؟

-مثلث برمودا.

-اه صحيح، إزاي مجاش ف بالي، كلنا طبعًا عارفين كده.

فعلًا كلنا كان عندنا المعلومة دي، لكني قبل اللحظة دي، قبل ما "ماهيتاب" تفكرنا مكنتش مركز في الموضوع، مجاش ف بالي إننا رايحين على مثلث برمودا.

إحنا التلاتة بلمنا، أنا و "إبراهيم" و"ناصر". "ماهيتاب" كانت راسمة إبتسامة خبيثة على وشها و"غانم" كان بيحرك عينه ما بيننا كلنا..

"غانم" أخيرًا اتكلم بعد لحظات من الصمت المريب..

-متقولوش إنكم متوغوشين من موضوع مثلث برمودا ده، إنتوا عُلما وتعليمكم عالي والناس كلها بتطلع ليكوا وواخدينكم قدوة، ده على حد علمي يعني، معقول إتهزيتم من أسطورة برمودا؟ أنتوا مدركين إنها اسطورة مش كده؟

=ده نفس الراجل اللي محرك موكب وفريق عمل بحاله ورا أسطورة القارة المفقودة!

بصلي بغيظ، عشان عرفت أرد على كلامه وقدرت أسكته وأحرجه...

 

-هتندم يا "مجاهد"، ومنظرك هيبقى وحش أوي، عشان اللي هنشوفه هيبقى بره توقعاتك وأكبر من أي اكتشاف ف حياتك.

=اه، صح، قصدك المدينة الساحرية اللي ترابها دهب وتماثيلها ألماظ وفيها نافورة الشباب الدائم مش كده؟

اللي يبان إننا بنكيد بعض، وإن الجو مشحون، لكن بما إننا كلنا بنقضي وقت مع بعض أكتر ما بنقضيه مع أسرنا فكنا عارفين بعض كويس أوي، وهم فاهمين اللي فيها. دي طريقتي أنا و"غانم" في الهزار مع بعض. المجادلة والكلام الدبش وتسديد الضربات ف مرمى بعض جزء أساسي من علاقتنا.

في الحقيقة إحنا الاتنين كنا بنقدر بعض جدًا ومتأثرين بآراء بعض وكل واحد فينا واثق من تقييم التاني ونظرته للأمور، وده طبعًا تواضع كبير من "غانم" كونه أعلم مني بكتير ودماغه أتقل وعبقري بمعنى الكلمة.

الليل خيم وكل واحد راح لأوضته ونام....

قلقت. قمت من عز نومي. لقيت نفسي بطلع على السلالم، لحد سطح السفينة، الساعة كانت حوالي 3 بعد نص الليل. قربت من السور. فجأة الأرضية من تحتي اتهزت جامد واكتشفت بعد شوية إن مش الأرضية بس هي اللي بتتهز، دي الصورة كلها، السفينة والسما والبحر. عيني وقعت تاني على الأرض. شكلها اتغير، بقت أشبه بسطوح جدتي "هدى"...

الأرانب اللي مربياها بترمح ف كل حته..

 

-أنا عارفة إنك اتشاقيت النهارده!

بصيت على إيدي، المرة دي كفوفي مش صغيرين، مكنتش طفل، كنت بهيأتي وقتها..

=احنا قلنا نفس الكلام ده قبل كده، كل حاجة متكررة.

بصتلي بصة سريعة وتجاهلت اللي قلته وبعدين بصت قدامها... سور السطوح كان بيطل عالمحيط. فضلت متأملة في المحيط وبعدين قالت:

- إوعى تفقد يقينك بالله.... إياك تنسى أو تشكك ف وجوده... إفتكر الكيان الأكبر... افتكر يا "مجاهد"!....

قمت أول ما الحلم خلص. وشي وشعري كانوا عرقانين لدرجة إن المخدة تحتي مبلولة مع إن التكييف كان شغال وأصلًا الجو كان في نسمات باردة لإننا كنا ف شهر نوفمبر. ليه عرقت بالشكل ده؟ ده كان بسبب خوف أو توتر، ليه؟ ليه تأثير الحلم أو الذكرى دي عليا بالشكل ده؟ وبرضه ليه الحلم بيتكرر اليومين دول بالذات مع سفري لأطلانتس؟؟

مكنتش متطمن، مش متطمن! 

لقيت نفسي بروح للحمام وبعمل حاجة بقالي كتير معملتهاش، بتوضى عشان أصلي!

أنا كنت منقطع عن الصلاة بقالي سنين كتير، مش عارف أعدهم أصلًا، يمكن 6 أو 7 سنين أو أكتر، ولا كان بييجي ف بالي أصلي لا وأنا بسمع الادان ولا غيره ، يمكن حتى مكنتش بسمعه، مش مدركه أصلًا! لكن في حاجة كانت بتحفزني أقوم أتوضى وأصلي، رغبة ملحة معرفش مصدرها..

 

الأغرب إني وأنا بسجد، قلبي دقاته بقت سريعة جدًا.. المفروض الصلاة تهديني لكن كان في حاحة تانية... كإني أدركت وجود كيان، أو حدث مستنيني ، من غير ما أعرف ملامح الحدث وتفاصيله، حدث مهيب، مش زي أي حدث تاني....

الوضع استمر على ما هو عليه الكام يوم اللي بعد كده. كل ليلة كنت بحلم نفس الحلم مع شوية تغييرات بسيطة، لكن الجوهر كان واحد، نفس التحذيرات من جدتي، نفس التنبيهات.. النتيجة الوحيدة للأحلام هي إني بقيت منتظم في الصلاة وده خلى كل اللي حواليا ف حالة ذهول، لإنهم عارفينني كويس وعارفين إني مكنتش مهتم بالفروض على الإطلاق وأنا كمان كنت زيهم، كنت ف حالة ذهول، وسلام، وراحة، وهلع! كله ممزوج ف بعضه...

-أنت هتموت ولا إيه؟

"غانم" سألني بنبرة ساخرة... لكن ولأول مرة لا هاجمته ولا ضحكت على اللي قاله، وده قلقه بجد عليا.. ساعتها حكتله على اللي كنت بشوفه الأيام اللي فاتت وقبل ما الرحلة تنطلق بيوم. الغريبة بجد إنه بلم، سرح بعيد عني ومقدرتش أقراه، معرفش كان بيفكر ف إيه وقتها وليه كان متأثر بالشكل ده والأغرب إنه معلقش! مقلش كلمة واحدة... فضل ساكت حبه وبنفس الوضعية وبعدين قام وسابني...

وأخيرًا وصلنا......

الجزيرة دي شكلها من بعيد مكنش مبهج! المفروض تكون مبهجة، المفروض أكون متحمس، لكن إحساسي بيها مكنش مريح على الإطلاق...

بعكسي، الستة التانيين بما فيهم المخرج والمصور كانوا بيتنططوا من الفرحة والتحمس. "ناصر" زعق وقال:

-مصابتناش لعنة برمودا، عدت بسلام يا ولاد!

الباقي ضحك على تعليقه وأنا فضلت بنفس التبليمة والملامح الجادة...

مكنش في أي حاجة من اللي "غانم" وصفها! من الكلام اللي قاله صاحبه اللي نزل على الجزيرة بالغلط....

بعترف إني كنت متسرع، طبيعي مكنتش أشوف أي حاجة، إحنا كنا لسه يدوبك على الشط، إزاي يعني أشوف الجبال المنحوتة والشلال ولا النهر ولا قنوات الميه ولا الجناين الكبيرة الخضرة. أكيد كل ده هيبان لما نتوغل أكتر في الجزيرة.

بس أكيد البحث والتوغل مكنش هيبقى يومها. مرهقين دي كلمة قليلة للي كنا فيه، إحنا كنا حرفيًا منهكين، مش شايفين بعض ولا شايفين حاجة حوالينا. الكام ساعة اللي متبقية في النور قضيناها قاعدين في دايرة متنحين في الفضا، بنفكر في الولا شيء.

نصبنا الخيم مع غروب الشمس. أكلنا في هدوء وبعدين كل واحد دخل خيمته....

...........

حركة، في حركة بره الخيمة بتاعتي، صاحب الحركة بيقرب عليها ، كف بيتطبع على قماش الخيمة! وده شفته لإني فتحت فلاش الموبايل..ز

لأ أنا مكنتش بحلم، مش زي الليالي اللي فاتت، ده كان بيحصل بجد. في حد أو حاجة كانت بتسطو على خيمتي، حاجة بتستهدفتي!

جريت نفسي بره الخيمة من ناحية تانية، محاولة بائسة مني، يمكن الزاير الغامض مياخدش باله.. وطبعًا أول ما خرجت لقيت نفسي ف مواجهته، لكنه مطلعش زاير غريب، ده كان "ناصر"!

انفجرت فيه، قعدت أشتمه، هزار سخيف كان ممكن يسببلي ذبحة صدرية. المشكلة إني بعد ما هديت شوية من ثورتي لقيته مش بيضحك، مكنش بيهزر!

أمال إيه اللي كان بيعمله ده، إيه تبريره غير الهزار؟!

وشه كان أحمر، عينه مبرقة، كان شايط، عمري ما شفته في الحالة دي قبل كده. لقيت نفسي بعد ما كنت غضبان منه، كاشش وخايف منه وعليه...

 

=في إيه؟

-قلقت من حوالي ساعتين. خرجت من خيمتي. حركتي كانت هادية جدًا لدرجة إنه مخدش باله مني.

=مين ده؟

-إبراهيم! كان بيتكلم في الموبايل..كده كده مكنتش هعمل حركة جامدة عشان مزعجوش، لكن بعد ما سمعت اللي بيكلمها بقيت حريص على إنه ميحسش بيا..

=كان بيكلم مبن؟

-مكالمة رومانسية، بيتفق مع اللي بيكلمها على مستقبلهم وإزاي هيخلصوا من الهفأ اللي اسمه جوزها.

=مين اللي كان بيكلمها يا "ناصر"؟

-مراتي!

اللي بيحصل كان فوق احتمالي. مكنتش عارف إيه الرد المناسب للي بسمعه. اكتفيت بنظرة الذهول اللي على وشي.

هو كمل وقال:

-من ساعة ما قفل معاها ورجع خيمته وأنا عامل زي الفراخ اللي بتتقلب على سيخ وتحتيها نار، مش قادر أهدى أو استقر ف مكان. فضلت ألف حوالين نفسي لحد ما غصب عني لقتني بتوجه لخيمتك. أنا مكنش قصدي أرعبك، بس معرفتش الجأ لمين غيرك، كان لازم أقول لحد.

قلتله ميعملش أي حاجة لحد ما نفهم الموضوع ولحد ما يواجه مراته ويسمع منها، على الأقل يعرف منها ليه عملت كده، ده لو الموضوع فعلًا صح، وإننا بكل حال من الأحوال لازم نحافظ على أعصابنا طول ما احنا على الجزيرة المهجورة دي، عشان كنا عاملين زي ناس نزلت على كوكب غريب وكلنا محتاجين لبعض، بغض النظر عن اللي بينا واللي جوانا لبعض.

لسه مخلصتش كلامي، لسه كنت هكمل. لقيت حاجة ضخمة واقفة قدامنا. مش حد مننا، مش بني آدم أساسًا، كان حاجة زي قرد ضخم أو غوريلا لكن مختلف شوية، الشعر كان مغطي كل حته ف جسمه، حتى وشه، محدش يقدر يشوف ملامحه، مفيش حاجة باينة منه.

خرج منه صوت عالي، صيحة! كإنه إشارة ما، صوت غطى الجزيرة كلها وكان كافي يصحي كل النايمين.

الكل خرج من خيمه ف ذعر. اللي لابس بيجامته واللي مش لابس عدل، ومحدش كان فاضي يركز مع التاني.

ولا واحد فينا فكر يهرب، نهرب نروح فين؟ دي خطوة واحدة من الكائن ده كافية تجيب أي حد مننا كان جري لمسافات! لولا إن الكائن حرك راسه في اتجاهاتنا كلنا مكناش هنعرف إنه بيبصلنا، مفيش عين واضحة من كثافة الشعر.

 

-منين؟

أيوه. اتكلم، أو بمعنى أصح اتكلمت! خرج صوت أنثوي من الكيان وقالت بالحرف الكلمة دي.

-أنتي؟....

"غانم" كان ناوي يسألها عن حاجة معينة بس مكملش. رفعت صوباعها على بوقها ، كانت بتشاورله عشان يسكت. في وسط كل ده لاحظت إن "غانم" كان بيبصلها بطريقة مختلفة عننا، كان برضه خايف بس منبهر ف نفس الوقت، كإنه دخل جوه معبد أو كهف ضمن اكتشافاته!

-حد منكم ييجي معايا!

أكيد، أكيد كلهم ركبهم سابت ومحدش كان مستحمل أكتر من كده، ولا حد كان هيسمع كلامها ويمشي معاها، باستثناء "غانم" المجنون، وعشان ميعملش كده اتقدمت خطوتين بسرعة...

اديتني ضهرها المشعر البشع ومشيت... مشيت وراها. "إبراهيم" مشي ناحيتي بسرعة وحاول يشدني لكني زقيت إيده...

مشيت مع الكائنة مسافات لحد ما بقينا وحدنا. لفت وقالتلي:

-أنتوا منين؟

=هتفرق؟

-هو مشتاق يشوفكم، مشتاق يشوف بشر.

=إنتي إيه؟ وإزاي بتتكلمي عربي؟

-أنا بتكلم أي حاجة اللي قدامي بيتكلمها، أنا مراية لأي حد بييجي على الجزيرة، أي حد سيء الحظ بيترمي هنا. ومش هتستفيد حاجة لما تعرف أنا إيه. قلتلك إنه مشتاق يشوفكم.

=هو مين؟

-بشرهم إنه هييجي ليكم بعد شروق الشمس علطول وإنه هييجي بالنعيم والخلاص.

اديتني ضهرها وبدأت تدخل في الأدغال قدامي بس زي ما تكون افتكرت حاجة، لفت للمرة الأخيرة وقالت:

-وقول لهم مفيش مهرب، اللي هيحاول يخرج من الجزيرة ، الجزيرة هتكون مقبرته!

لحد اللحظة دي كنت مستني أصحى، أنا كل حواسي كانت حاضرة، عيني شايفة ووداني سامعة وقلبي ييدق، إيدي ورجلي بيتحركوا، ومع ذلك مكنتش مصدق إن كل ده بيحصل بجد...

رجعت ف نفس المسار اللي جيت منه ووصلت لمكان الخيم ومكانهم. "ماهيتاب" كانت مغمى عليها والباقي متجمعين حواليها وبيفوقوها. "غانم" أول واحد لف وهو قاعد لما حس بيا .. سألني عن اللي حصل...

قلتلهم نفس اللي الكائنة قالته.

المصور اتنفض من مكانه. قال إنه هيهرب، هيمشي لحد السفينة ويطلع عليها ويخلي القبطان والعمال اللي لسه فيها يحركوا السفينة ويرجعوا بيه وإننا المفروض نعمل زيه.

حاولت أمنعه، أفهمه إنه بجد هيتأذي لو عمل كده، لكنه مسمعنيش، مكانش سامع أو مدرك لأي حاجة حواليه غير رغبته في إنه يهرب.. مشي لحد الشط، دخل جوه الميه، المفروض أن الأرض تحتيه ضحلة، لسه عالشط لكنه فقد التوازن بتاعه، راسه اترمت على الميه وبدأ يغرق! حرفيًا كان بيغرق ف شبر ميه... وحصلت حاجة تانية بعديها....

 

أطراف الميه على طول الشط خرجت منها نار، خط كامل على مدى النظر، والنار فضلت تعلى وتعلى لحد ما المصور والسفينة اتحجبوا عننا، مبقناش شايفنهم بس سمعنا صرخات اللي عالسفينة وسمعنا اللهيب اللي بياكلها!

رسميًا بقينا لوحدنا من غير وسيلة للرجوع، ووقع مننا أول دفعة من الضحايا...

كل واحد فينا قعد على مسافة من التاني، إيدينا حاطينها على راسنا المدلدلة في حجورنا ، مفيش غير "غانم" اللي كان رافع راسه، عنيه مفيهاش نفس الانكسار والرعب اللي ف عيوننا...

وبرغم كل الغرابة اللي بتحصل لقيت نفسي بقوم وبتوجه لإبراهيم وبشاورله نروح حته ونتكلم مع بعض لوحدنا...

قلتله بعتاب:

=أنت إزاي تعمل كده ف ناصر؟؟

-اعمل إيه بالظبط؟

=إزاي تخونه؟

"إبراهيم" كان ف حالة ذهول، بيبصلي كإني مجنون وبهذي..

-أنا عارف يا "مجاهد" إن اللي بيحصل كتير علينا، إحنا على جزيرة عجيبة فيها مخلوق بشعر كتير بيتكلم، وصاحبنا مات غرقان عالشط والنار ولعت من اللا شيء وسفينتنا اتحرقت وف واحد غريب الأطوار هيهل علينا كمان شوية وغالبًا هنموت النهارده، فمش هعاتبك على اي حاجة تقولها ولا أي وهم عندك.

=أنت مكلمتش مرات "ناصر" إمبارح بليل بره خيمتك في الموبايل وكانت مكالمة غرامية؟

-"مجاهد" أنا مخرجتش من خيمتي طول الليل لحد ما جت الدابة العجيبة، ده غير إن مفيش إشارة ف أي موبايل في الجزيرة دي ومن قبل ما نوصل بأيام، هو أنت مدرك أنت بتقول إيه؟

 

كإن حد خبطني بشكوش على راسي. فعلًا أنا نسيت إن مستحيل حد يقدر يعمل مكالمة لإن مفيش إشارة، يعني "ناصر" مشفش "إبراهيم"، شاف حاجة تانية. كله، كله متصل بالشخص المريب اللي الدابة قالتلي عليه، بيلعب علينا العاب ذهنية، وده حتى قبل ما يظهر لنا!

رفعت راسي فوق ، ناحية "إبراهيم" وقلت:

=وصل....

كنا لسه على مسافة من مكان الباقي ومكنتش لفيت، لكن حسيت بوجود. الشخص الغريب اللي جي يقابلنا... كان وصل لهم...

مشينا لحد هناك، ولقينا الأربعة واقفين صف واحد متنحين قدامهم ف اتجاه معين....

أنا و"إبراهيم" وقفنا جنبهم وبصينا ف نفس الاتجاه...

كان شخص ضخم جدًا، طويل وعريض، شعره طويل واصل لآخر ضهره ودقنه برضه طويلة أوي، في عين من عيونه مقفولة تمامًا و في نصها خط مكرمش كإنه جرح قديم متخيط والعين التانية مفتوحة، جاحظة ومش بترمش...

-اشتقتلكم، اشتقت لبشر...

 

فتح دراعاته على آخرهم بيرحب بينا وعلى وشه ابتسامة واسعة....

-أنت مين؟

"ماهيتاب" سألته بصوت بيرتعش..

رد:

-أنا المسيطر، المتحكم، المنتشر في الأرض كلها قريب جدًا....

المخرج "تيمور" ضحك باستهزاء من غير ما يفتح بوقه.

الغريب بصله بصة حادة مرعبة وقال بنبرة هادية خلتني أخاف منه أكتر:

-مش مصدقني صح؟ عندك حق ما هو أنت متعرفنيش ومتعرفش انا أقدر على إيه...

وبعدين قرب ل"ماهيتاب" حرك بوقه ناحية ودنها ووشوشلها...

"ماهيتاب" ملامحها اتحولت تمامًا، مبقتش خايفة، وشها نور، بقت بتبص له بوله...

 

بدأت تتحرك ف اتجاه خيمتها، دخلت جواها وطلعت بعد ثواني وهي شايله حاجة ف إيديها..

رفعت الحاجة دي وقدرنا نشوفها، كان مقص كبير...

بدأت تتكلم وهي بتضحك:

-اللي شايلاه قماش حرير هلفه حوالين وسطي وبعدين هيخرج من جسمي لولي، وهفضل على كده طول العمر، ملفوفة ف حرير واللؤلؤ بيخرج مني وبيلمع تحت ضوء الشمس...

رفعت المقص فوق أوي وبعدين نزلت بيه على بطنها، طعنت نفسها!

جريت عليها قبل ما تطعن نفسها بلحظات لكن ملحقتهاش...

وهي بتموت، والدم بيخرج من بوقها كانت لسه بتضحك، عايشة وهم كبير، مكنتش مدركة أصلًا إنها بتموت...

 

الغريب كان لسه على وشه نفس الابتسامة المستفزة. بصلنا وقال:

-مش قلتلكم أنا المسيطر؟

بعديها أتوجه ل"ناصر" وقال له:

-أنا مستعد أوريك كل اللي حصل، أدخلك في المشاهد الحية، المشاهد اللي جمعت ما بين "إبراهيم" ومراتك، بس الأول لازم تخضعلي، تعترف بيا وتؤمن بقدراتي، إيه رأيك؟

صرخت. لأول مرة غضبي من الغريب يعلى على خوفي. أدركت إنه كداب وقدراته مش نابعة منه هو، ده مجرد دجال..

=إياك يا "ناصر"، إياك تخضع، كل اللي هيوريهولك مش حقيقي، "إبراهيم" مفيش حاجة بينه وبين مراتك، محدش خانك.

العجيب بقى إن "إبراهيم" نفسه كان واقف متنح، مش بيدافع عن نفسه ولا بينطق، كان مسحور زيه زي الباقي، عينه مش بتنزل من على الغريب..

"ناصر" نزل على ركبته ووطى راسه وقال:

-أنا مؤمن بقدراتك، وريني!

=أنت بتهرج يا "ناصر"، أنتوا كلكم مصدقينه بجد؟! فوقوا، مش شايفين اللي شايفه؟ ده راجل نصاب، ده نصاب...

محدش استجاب ليا... الغريب حط إيده على راس "ناصر" و"ناصر" غاب، مبقاش معانا، كإنه كان ف حلم يقظة. أنا مشفتش اللي شافه بس أظن أنه شاف لقاءات ما بين "إبراهيم" ومراته، لقاءات غرامية، وده بان من وشه اللي كان عمال يحمر كإن دمه بيغلي. بعد ما فاق اتنفض ، مشي بسرعة لأقرب حجرة، كانت ضخمة، رفعها بإيده الاتنين وجري ناحية "إبراهيم"....

 

المرة دي لحقته، وقفت ما بينه وبين "إبراهيم"، وف اللحظة دي "ناصر" فاق....

حرك راسه كإنه قام من النوم وقال:

-إيه اللي بيحصل؟ إيه ده؟

في حاجة حصلت لإيديه الاتنين، إيديه سابت ومبقاش متحكم فيهم.. الحجرة وقعت على راسه وهشمتها ووقع على الأرض. شلال دم انفجر وبقي بيجري في المحيط حواليه...

=أنت عايز مننا إيه؟ بتعمل كده ليه؟

صرخت في الغريب.... فضل بنفس بروده وأعصابه الهادية ولا كإن...

لأول مرة الاحظ حاجة....

"غانم"، وقفته وبصته للغريب.. "غانم" حالته كانت مختلفة عننا كلنا، مش ساعتها بس، لأ، ده من أول ما جينا على الجزيرة، عينه كانت فيها لمعة معينة، لؤم الديب! اللمعة اللي بتظهر مع اكتشاف جديد ليه...

 

مشيت ل"غانم" ومديت إيدي ومسكت ف هدومه...

=مكنش في أطلانتس مش كده؟ ولا في واحد صاحبك نزل على جزيرة ولا شاف بيوت منحوتة ومجاري ميه وجناين شبه الجنة، أنت جي هنا عشانه، كنت عارف بوجوده؟؟

"غانم" مقاومنيش.. بهدوء مسك إيدي ونزلها من عليه وقال:

-شفته في الحلم، شفت أعظم اكتشافاتي وانتصاراتي.. راجل مفيش حد عنده قدراته، مش حضارة، ده أصل الحضارات كلها، راجل واحد قادر يصنع اللي كل الأقوام صنعته واللي متقدرش تصنعه كمان، قادر يقيد النار بإشارة منه ، يعيش الناس في مليون واقع بديل، يعمل أكوان موازية، ويدوب العوالم ف بعض، أنت متخيل يا "مجاهد"؟ شفت موقعه بالظبط، شفت الجزيرة دي والإحداثيات بتاعتها.. قرب مني وبصلي ف عيني وقال لي إنت المختار، أنت اللي هتنقل للعالم بره سيرتي، تبشرهم بخروجي ليهم. مش قلتلك أعظم اكتشافاتي؟

 

محستش بنفسي، فضلت أضرب فيه لحد ما وقع على الأرض، وطيتعليه وكملت ضرب. هو اللي عمل فينا كده، "غانم" اللي حطينا ثقتنا فيه، اللي كنا شايفينه قدوتنا والأب الروحي بتاعنا ، اللي كنا بنتأمنه على حياتنا ولقمة عيشنا، هو اللي جرنا هناك وقدمنا أضحيات للدجال...

الغريب كان واقف بيراقب ومستمتع. المفروض إن "غانم" كان الخادم المخلص ليه، نفذ كل اللي طلبه منه، وبرغم كده كان فرحان بضري ليه، مستمتع بمنظر دمه...

اللي خلاني أوقف ضرب كلام الغريب...

-هاه، تحبوا تشوفوا ناري وجنتي؟ بس قبلها لازم تخضعوا، اللي هيختار جنتي هعيشه فيها واللي هيختار ناري هخليها تسلخه...

صرخت بأعلى صوتي، قلت:

=لأ، اوعوا، اوعوا تخضعوله...

"غانم" قام وهو بيترنح من الألم وهو مع الباقي قربوا ف شكل دايرة ناحية الغريب ومدوا دراعاتهم... مرر إيده عليهم كلهم.. سمعت أصوات ضحكاتهم ، ودي كانت آخر حاجة سمعتها....

عيني فتحت، بصيت حواليا.. الأربعة كانوا ميتين! جثثهم ف حالة بشعة، اتنين راسهم ودراعاتهم مفصولين عن أجسامه واتنين أجسامهم مقسومة بالنص بالظبط، كان في بحر دم ف كل حته...

 

مررت إيدي على جسمي، حسيت بلزوجة ف جنبي.. ألم، ألم رهيب، جرح ف جنبي بالعرض، بسبب حاجة زي آلة حادة...

قمت ومشيت في خطوط معوجة، معنديش تحكم ف رجلي، كل اللي كنت بفكر فيه وقتها إني عايز ابعد من هناك، مش عايز أموت والمناظر دي حواليا، عايز أبقى لوحدي، عايز الحق أصلي ولو حتى بعيني من غير ما اتحرك، عايز أبقى مع ربنا وبس...

مشيت مسافات لحد مكان مرتفع.... جسمي انهار.، وقعت....

فتحت عيني نص فتحة عشان الدم كان مغطيها وكانت منتفخة، جسمي كان ممدد، دراعي مكسور، كنت لوحدي، لوحدي تمامًا والليل اتبدل بنهار...

هي مسألة وقت عبال ما يلاقيني، الجزيرة كلها مكشوفة، الأرض كلها مكشوفة ليه، مفيش مخبأ منه، مش محتاج أعمل أي مجهود، الأحسن ليا إني استمتع بالوقت المتبقي لي، احمد ربنا على السلام والهدوء المؤقت، كفاية إني لسه مؤمن، أنا لسه مؤمن، لسه مؤمن...

سمعت صوتها... نفس الصوت، دي الكائنة المُشعرة.. رفعت راسي لمصدر الصوت ولقيتها واقفة على مسافة...

=هيسيبك تعيش، تمشي من الجزيرة، صحيح هو فشل إنه يخليك تخضع، بس لسه ليك فايدة، في سفينة معدية قريب من الشط، هتتنطط وتصرخ وتشاورلهم ، هيقفوا وهتتحرك ليهم وهتطلع عالسفينة، ولما ترجع الأراضي المأهولة بالبشر هتبشرهم إنه خارج ليهم قريب، خلاصهم قريب، حتى لو ف صيغة تحذير، حتى لو اعتزلت الحياة ووعظت ف الناس عشان يقوا إيمانهم ويلتزموا بصلواتهم وفروضهم ويتمسكوا بالأمل وباليقين بالله والخير فيهم، فأنت برضه هتبقى وصلت الرسالة اللي هو عايزها... بلاش نظرة الذهول اللي عليك دي، هو إيه يعني اللي خلاه مستعد يخرج؟ ما الدنيا ممهدة ليه، الناس كلها دماغهم اتغسلت وبمزاجهم، بيضربوا في الثوابت وبيتمردوا وبيجحدوا وبيعشقوا أي حاجة غريبة ومقززة وخارجة عن المألوف، أهو بقى عِند وتمرد، المال الحرام بقى يحلالهم، ومش بس كده ، لما بيشوفوا نموذج كويس بيحاولوا يجندوه ولو فشلوا ف ده بيتهموه هو بالفساد ويقلبوا الباقي عليه، ده غير إنهم بقوا ياكلوا ف بعضهم، كل اللي الدجال هيعمله هو زقة صغيرة ، لكن الناس بالفعل على الحافة، واللي زيك معدودين يا "مجاهد"...

 

عملت اللي قالت عليه... الغريبة إني لما قمت ملقتش الجرح اللي ف جنبي، كان في دم على هدومي لكن كان جاف، ومن غير مصدر... مشيت للشط وشفت السفينة المعدية، اتنططت وصرخت وشاورت، وفي النهاية شافوني... السفينة وقفت وأنا مشيت لعندها وركبت.....

"تمت"

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب334041
2الكاتبمدونة نهلة حمودة189952
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181543
4الكاتبمدونة زينب حمدي169764
5الكاتبمدونة اشرف الكرم130978
6الكاتبمدونة مني امين116790
7الكاتبمدونة سمير حماد 107860
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97922
9الكاتبمدونة مني العقدة95030
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91805

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة نجلاء البحيري2025-07-01
2الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
3الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
4الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
5الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
6الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
7الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
8الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
9الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
10الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14

المتواجدون حالياً

1308 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع