بسم الله الرحمن الرحيم
القصة مستوحاة من أحداث حقيقية
ممنوع الاتصال أو التصوير
الهضبة الملعونة
الموضوع زاد أوي عن حده، عشان كده قررت أتكلم فيه، في مكالمات كتير بتيجي عن قصص المفروض إنها حصلت، لكن بيبقى فيها ثغرات وأحداث مش منطقية، مش بتكلم عن غرابة الأحداث في حد ذاتها مهما كانت، إحنا متعودين على الأهوال، وأنا شخصيًا بعد اللي حصل معايا مبقتش استغرب أي حاجة، اللي أقصده هو تغيير الكلام كل شوية، الحبكة اللي مش موصولة ببعضها كويس، أنتوا فاهمين أنا برمي على إيه، صح؟
مش عشان عايزين تعملوا أكشن، أو فاكرين إننا محتاجين نعمل حلقات كتير ونخلي البرنامج جذاب فتألفوا قصص، ده شيء أنا والمعدين نرفضه تمامًا! إحنا راس مالنا في مصداقيتنا ومش هنخون ثقة جمهورنا، وعامة القصص المثيرة مش بتخلص، ياما في الجراب يا حاوي، أديني حذرت أهو، المرة الجاية هكسف المتصل اللي بيقول قصة مزيفة وممكن أقطع معاه الاتصال وسط المكالمة، وخليكوا فاكرين الكدب ملوش رجلين، الكداب هيقع يعني هيقع.
وبفكركوا عشان بقالي كتير منبهتش، لو مش قد القصة اللي هتحكوها، إحنا مش مسؤولين، وممنوع الاتصال أو التصوير.
ومعانا أول مكالمة ونقول آلو...
(التليفون يرن وبعدين يقطع- الرنة متطولش)
=إيه ده؟ واضح كده إن المكالمة قطعت، طيب نشوف اللي بعديها..
لحظتين من السكوت وبعدين يقول:
=إيه يا جماعة، إنتوا زعلتوا ولا إيه، ولا زهقتوا مننا، فين المكالمات؟
لا وكمان "سليم" أحواله غريبة، "سليم" المسؤول عن الصوت والأجهزة، واقف ورا الشباك الإزاز اللي بيفصل ما بيني وبينه، باصصلي بصة مش مفهومة، شكله أكل فول قبل ما ييجي ولا حاجة..
(صوت تكة شبه بتاعة مفتاح النور لما يتقفل)
=إيه ده الأنوار خفت في الطرقة ليه؟ هو إيه اللي بيحصل بالظبط؟ خليكوا معايا، إن شاء الله أيًا كان العطل هيتصلح وهرجع اخد مكالمات..
إيه يا "سليم" واقف مكانك كده ليه، أنا بدأت أتوغوش، فين المكالمات، في مشكلة في التليفون؟ والأنوار خفت في الطرقة ليه؟
"سليم" ما ترد، شاورلي أو حرك بوقك..."سليم" أنت لوحدك؟
أنا مش عايز أخوفكم ولا بعمل نمرة، بس بدأت اعتقد إننا مش لوحدنا في الاستوديو!
في...إيد بدأت تبان..
بسبب النور اللي خف مكنتش واخد بالي، في حد واقف جنب "سليم" وكمان لابس هدوم غامقة، قميص بني أو إسود بكمام مغطية كل إيده، والحد ده ماسك في إيده حاجة.. سلاح.
إحنا اتعرضنا للسطو!
-ششششششش، اعمل بالظبط اللي هقول عليه يأما هقتل صاحبك.
=حضضر..تك عايز إيه، إحنا مش شايلين هنا مبالغ كبيرة، وكلنا على بعض معندناش أصلًا فلوس كتير شايلنها، لو لميت فلوسنا على بعض مش هتعمل مبلغ، سواء اللي في محافظنا أو حتى في الحسابات البنكية.
-أنت بتتكلم كتير ليه؟ من هنا ورايح هترد على قد الكلام، واللي بقوله هيمشي.
=ده نداء استغاثة، أكيد فيكم ظباط أو ناس ليها علاقة بالأمن أو تقدروا تبلغوا البوليس، ساعدونا من فضلكم.
-لا بقى ده أنت بتكره صاحبك ده، ولقيتها فرصة عشان تخلص منه.
=لأ، بس، بتعمل إيه؟!
المقتحم ضرب "سليم" على راسه بضهر المسدس! سامحوني، مش عارف اللي بعمله ده صح ولا غلط، بس من هنا ورايح ولحد ما الموقف ده يخلص أيًا كانت نتيجته، هنقلكم كل حاجة بتحصل بالظبط، ده واجبي كمذيع ومقدم لبرنامجكم..
-تمام، متفقين، هو ده اللي عايزه منك، تنقل كل حاجة، ودلوقتي إفتحلي الباب ودخلني الأوضة معاك.
=الراجل ده مش بيهزر، ضرب "سليم" من غير أي تردد وممكن بجد يعمل فيه حاجة، أنا مضطر أفتحله، هستجيب لكل طلباته.
(صوت باب وهو بيتفتح)
-مش هتقول للناس على أوصافي؟
=تمام، المقتحم راجل كبير في السن، سنه تقريبًا ما بين أواخر السبعينات واوئل التمانينات، لبسه بسيط، مهندم بس بسيط، إيده بتترعش، واضح إن في مشكلة في أعصابه، وده يقلق أكتر، لإنه مش متحكم أبدًا في السلاح اللي ماسكه..
أديني قلت أوصافك، قول لي بقى إنت عايز مني إيه؟
-تسمع قصتي!
=نعم، معلش تاني كده؟
-أنا جي أحكي قصتي ليك يا "قاسم" وللناس.
=اه، لأ، ده احنا كده بنهرج، أنت مكلف خاطرك، وجي مشوار، وصحة حضرتك يعني أنا آسف مش بمب، وجايب سلاح وتعبت نفسك واقتحمت الاستوديو وضربت الغلبان اللي بره على دماغه وهددتنا، وعرضت نفسك للمحاكمة والحبس، كل ده عشان تحكي قصتك؟ بدل ما ترفع سماعة التليفون وتدوس على رقم البرنامج وتتصل؟ يعني هو أنا أعرف إن الأجيال العريقة وحتى أنا مش هنبعد كتير، ملهمش في التكنولوجيا والتليفونات والذي منه، بس مش للدرجة دي.
-أنا بقى وضعي مختلف عن كل اللي اتصلوا بيك قبل كده.
=ليه وضعك مختلف؟
-عشان أنا ميت!
=لا إله إلا الله.
-أنا على الورق ميت، وأكيد وبرغم السنين اللي فاتت دي كلها لسه مطلوب منهم، لو عرفوا إني عايش هيطاردوني.
=هم مين دول؟
-هتعرف لما أحكي.
=طيب معلش، مهم برضه هيعرفوا، حضرتك إحنا على الهوا؟ أنت مدرك، وملايين الناس في الوطن العربي والعالم كله بيسمعوك.
-بس بالشكل ده هضمن إن القصة كلها تتسمع، من غير ما حد يقطع الاتصال، أو يوصل لي قبل ما أخلص الحكاية.
=لأ، تمام أوي، أنا بقى اللي عايزك تركز عشان متفوتش ولا تفصيلة، عايز أسمع القصة كلها.
-سنة 1960 كان عندي 18 سنة، السن ده اللي بنفتكر فيه إننا أبطال خارقين، ممكن ننط من الطيارات وننزل على رجلينا، نمشي على الميه، نخترق الحيطان، زود على ده ظروفي والبيئة اللي اتربيت عليها، أنا كنت مجنون بالاتحاد السوفيتي، وكنت متخيل إنهم هيفضلوا أسياد العالم إلى ما لا نهاية، واللي خلاني ارتبطت بيهم أكتر وبروسيا خاصة هو إن والدي فضل يشتغل مهندس سنين هناك وأنا اتربيت فيها وفضلت لحد ما بقى عندي 16 سنة، بعدين بابا رجع مصر لكن أنا مرضتش أتخلى عن البلد اللي عشت فيها طول عمري وبقيت أروح كل ما تيجي فرصة، كان عندي شلة صحاب، 4 ولاد وبنتين، اتربيت وكبرت معاهم ولما رجعنا مصر أنا واسرتي، وبقيت أروح اجازات قضيتها كلها معاهم، أنا كنت اصغر واحد فيهم، أقرب حد ليا كان عنده 22 سنة والكبير عنده 30، بتكلم عن سنة 1960 اللي هي السنة اللي حصلت فيها القصة..
ال6 كان فيهم دكتور و2 مهندسين و2 مدرسين وعالمة ذرة..
=بس مش غريبة إنك تبقى صغير كده ودول اصحابك القريبين؟
-اه وكنت دلوع الشلة، أهو حصل، الكيميا بين الصحاب عاملة زي شرارة الحب مش بتبقى محسوبة ومتفصلة، كلنا كده كنا بنكمل بعض وبنحس إن القعدة ناقصة لما حد يغيب، المهم اللي كان بيجمعنا بالإضافة لطموحنا ودراساتنا المعقدة، أو طموحهم ودراستهم بمعنى أصح، حبنا للمغامرة، كنا بنحلم وإحنا صغيرين نطلع بره أرض، نكون أول اللي يخرج للفضاء، وبما عن ده كان حلم صعب يتحقق، فاكتفينا إننا نلف روسيا، نتسلق على جبالها ونستكشف كهوفها ونخيم في غاباتها، ونقعد مع السكان الأصليين ونسمع حكاويهم وأساطيرهم وتاريخ البلد.
وجه الدور على منطقة معينة، منطقة ساحرة، كنا بنسمع إن بتظهر ألوان خضرا وزرقا في السما بتاعتها وإن قوس قزح بعد المطرة بيبقى واضح جدًا كإنه كوبري مجسد الناس تقدر تمشي عليه.
مشكلتها الوحيدة إن مفيهاش مباني كتيرة، مساحة مفتوحة كبيرة، وفي غابة كبيرة وعميقة قريبة منها وده بيخليها في الشتا برد جدًا، كلمة برد أصلًا متوصفهاش، درجة الحرارة بتوصل في الشتا لسالب 30، المشكلة التانية إن سكان المنطقة هم قبيلة من السكان الأصليين، المشكلة التالتة هو الياتي.
=الإيه؟
-الياتي، كائن ما بين الإنسان والغوريلا، رجل التلج.
=يعني إيه ما بين الإنسان والغوريلا؟
-هو مجرد وصف عشان أحاول أوضح شكله، لكن هو طبعًا كائن مستقل مختلف عن الاتنين، بص هو ضخم جدًا ولون الفرو بتاعه أبيض ناصع زي لون التلج، بيمشي على رجليه بس زي الإنسان، عمره ما يوطي ويمشي على رجليه وايديه وبيسكن الكهوف، يقال إنه موجود في روسيا وسيبيريا، وصوته مميز جدًا عامل زي صدى صوت حاد، ناس كتير بلغوا عن إنهم شافوه في فترة الخمسينات والستينات، وهاجم مجموعات كاملة، لكن الملفت عن المجموعات دي إنهم اغلبهم كانوا فرق من الجيش.
=في شوية أسئلة لعلعت في بالي، بس خلينا نركن الياتي ده على جنب دلوقتي، ليه قلت إن السكان الأصليين كانوا مشكلة؟
-عشان الكلام اللي سمعناه عليهم، إنهم وحشيين، بيصطادوا الناس الغريبة اللي مش من قبائلهم، بيقتلوهم ويشووا لحومهم وياكلوهم ويطحنوا عضمهم ويحطوها في وصفات سحرية وطبية.
=لأ دي مشكلة فعلًا، طيب نرجع للياتي، إشمعنى أغلب هجومه كان على الجيش؟
-تقييمي، عشان معاهم أسلحة وبيتدربوا ويبان إنهم عنيفين.
=اه، تقصد إن رجل التلج بيحس بالتهديد منهم فبياهجمهم.
-عليك نووور، لكن برضه في كلام تاني إن الياتي كائن متوحش، ممكن يهجم على أي إنسان أو حيوان، والدليل على كده هي كم الحيوانات اللي اتلاقت في الغابة ميتة وأجزاء من جسمها مفقودة ومقتولة بطريقة بشعة، مرة يلاقوا السنتهم مش موجودة، مرة الكبد والكلة والقلب والأطراف.
=وطبعًا بعد كل المشاكل والمخاطر اللي عرفتوها عن المنطقة دي قررتوا تصرفوا النظر عنها وتروحوا مكان تاني، مش كده؟
-لأ مش كده! ده خلانا نتحمس جدًا ونبقى عايزين نستكشفها.
=اه، أنا من جوايا كنت عارف، عاملين زي الضحايا في أفلام الرعب اللي بيجيلهم فضول يروحوا الأماكن اللي مش المفروض يروحوها ويستكشفوا حتت هم متأكدين إن فيها حاجة مريبة.
-حاجة زي كده، باستثناء إن ده مكنش فيلم رعب وتمثيل والضحايا ماتوا بجد!
=ماتوا؟!
-كلهم، كلنا، عشان في الحقيقة أنا بعد التجربة دي حياتي خلصت، أنا بعتبر نفسي مت معاهم هناك عند المنطقة اللي قريبة من هضبة ديميتري، خلينا نبدأ من البداية، من وقت ما وصلنا منطقة ديميتري، طبعًا عشان نزيد من جرعة الإثارة روحنا في عز الشتا، وصلنا الصبح، درجة الحرارة كانت 2 درجة مئوية، وده كده يعتبر دفا عشان بليل وصلت سالب 24، أول حاجة عملناها لما وصلنا إننا نصبنا الخيم وبعدين اتوجهنا للأكواخ اللي كان السكان الأصليين عايشين فيها.
=روحتوا بنفسكم ليهم؟
-اه، أومال إيه، كنا عايزين نتعرف عليهم ونصاحبهم، كان في عدد منهم بره الأكواخ، اللي قام من مكانه واللي وقف شغله وحركته، كلهم اتحولوا لتماثيل ، عنيهم كانت ثابتة علينا، والسنتهم ملجومة، ومن جبروتنا إننا كمان بقينا نخبط على الأكواخ، عايزينهم كلهم يبقوا حاضرين..
فعلًا كل الناس هناك وكان عددهم حوالي 45 واحد اتجمعوا حوالينا، استنوا تفسير للهبل اللي بنعمله، بابتسامات واسعة ونبرة دافية رحبنا بيهم وطلبنا إنهم يستضيفونا عندهم كام ساعة بس، لحد ما ييجي الليل ونرجع الخيم بتاعتنا في الساحة المكشوفة..
فضلوا ساكتين شوية، كإنهم مش فاهمين اللغة بتاعتنا، مش مستوعبين اللي بنقوله، لكن الوضع اتغير، واحد عجوز فيهم بدأ يتكلم وبعده الباقيين، وافقوا على طلبنا، وقالوا إن قدامنا لحد ما الشمس تغيب وبعدين لازم نمشي لإنهم بيناموا بدري، واتفقنا على كده..
عملولنا وليمة كبيرة، شووا قدامنا لحم الغزال والأرانب وقدموا كميات كبيرة، ده غير مشاريب الأعشاب، كانوا ودودين جدًا، عارف الناس اللي يتقال عليهم دافيين، بجد كانوا كده، قلوبهم دافية ووشوشهم بشوشة.
=أمال إيه بقى وحشيين ومش وحشيين؟
-للأسف دي طلعت كلها إشاعات، وهم قالولنا إنهم متضايقين جدًا منها، وبعدها حكوا عن اللي بيحصل في منطقتهم..
المنطقة دي من زمان فيها ظواهر غريبة حبتين، مبدئيًا كده، في ألوان بتظهر في السما فجأة، ما بين الأبيض الساطع والأخضر والأزرق، وأوقات بتظهر الألوان دي ممزوجة ببعض، قال وأنا اللي فاكر إن ده شفق، إيه اللي جاب الشفق هناك أساسًا، وهم أكدوا ده، قالوا إن الظاهرة دي مش مريحة أبدًا، وأوقات بيبقى ليها نمط عجيب، بتظهر فجأة في نقطة في السما وبعدين تختفي وتظهر تاني في نقطة تانية بشكل سريع جدًا..
=يعني إيه بقى، ده عبارة عن إيه؟
-حاول كده تفكر في الموضوع بس متتسرعش في الإجابة، صدقني مفيش إجابة سهلة للقصة دي، وحتى لو وصلت لحاجة وكنت متأكد منها احتفظ بيها لنفسك في الوقت الحالي، عشان متحرقش على الجمهور وعشان لسه في كتير في القصة وممكن وجهة نظرك تتغير تمامًا، غير بقى الأصوات الرهيبة اللي السكان كانوا بيسمعوها على مدار سنين وسنين، كإن في طيارة ضخمة بتهبط على الأرض، طيارة مش زي أي طيارة تانية، صوت محركاتها بجد مش طبيعي، ممكن يخرم ودن حد قريب منها، ده غير الأطباق..
=الأطباق؟
-الأطباق الطايرة، أجسام على شكل أطباق أو سيجار بتظهر في السما وتعمل غيمة كبيرة، تضلم المساحة اللي على الأرض اللي بتغطيها وتقلب النهار ليل.
=لأ، ده كده احلوت أوي.
-ده كده اللعب اللي على الهادي، اللعب اللي بجد بدأ شهر قبل ما نروح، بص زي ما تكون كل الغرابات اللي بتحصل كانت بتتحرك بشكل بطيء وبعدين حصل خلل وكل حاجة مبقتش بس غريبة لكن كمان سريعة أوي وليفل الغرابة زاد كتير عن الأول، السكان الأصليين وعدد من اللي زاروا المنطقة وعدوا عليها عشان يروحوا أماكن تانية شافوا حاجة في السما، المرة دي مش أضواء ولا أجسام مدورة، شافوا فراغ أحمر مشتعل، فجوة في السما، فجوة نار!
=يكون ده مثلًا جسم من الأجسام الطايرة كان بيتحرق؟
-تفسير منطقي وذكي، بس إزاي هتفسر إن الفجوة فضلت مكانها كذه يوم، وكل يوم بتوسع عن اللي قبلها، وبدل ما النار كانت برتقاني اتحولت للأحمر وبعدين الإسود، نار سودة، تعرف ده معناه إيه؟
=أعود بالله من غضب الله، السواد ده درجة رهيبة من السخونة.
-بالظبط.
=طب معلش عشان أنا مش متخيل، كانت فجوة يعني مفيش سما باينة من وراها، نار وبس.
-ايوه فعلًا هو الوصف كده، وفجوة النار عماله تكبر وتكبر.
=ياريت كان موضوع الشفق الوهمي هو اللي استمر بدل الرعب ده.
-وده كان بداية الأحداث الهستيرية، بشكل ما حد من السكان الأصليين قدر يوصل لتليفون واتصل باقرب مركز للشرطة، اصل في منطقة "ديميتري" مفيش مراكز للشرطة ولا مطافي ولا مستشفيات ولا أي حاجة، لكن في الكلام ده في المدن والمناطق اللي حواليهم..
مكالمة النجدة كانت من أغرب المكالمات اللي عدت على شرطة الاتحاد السوفيتي كله..
محتواها كان كالتالي، المتصلة حكت عن الفجوة وعن انها اتفاجأت بولادها الاتنين مش موجودين الصبح بدري لما صحيت وبعدها بشوية لقيتهم بيخبطوا على باب الكوخ، كانوا راحوا يشتغلوا مع ابوهم في تقطيع الشجر في الغابة عشان يلموا شوية حطب وقضوا معاه ساعات.
=طب وإيه المشكلة، مش فاهم.
-المشكلة إن ابوهم مات من أكتر من سنة!
=يا جماله.
-وفي مكالمة تانية جت بعديها من ست تانية، بلغت إنها سمعت صوت تخبيط على باب الكوخ بتاعها، بص هو الأكواخ بالمناسبة هي بيوت خشب بنوها بنفسهم، بيوت محندقة كده، المهم إن الحدس بتاعها قال لها متفتحش الباب، تبص الأول من الشباك وتشوف مين اللي بيخبط، ولما بصت لقت إبنها، اللي مات بقاله كام شهر، كان واقف عادي جدًا مستنيها تفتحله، لكن شكله كان مختلف شوية عن لما كان عايش، النار كانت قايده في جسمه كله ومش بتهدى ولا بتطفي! وبعدها انهالت المكالمات على قسم الشرطة اللي الظباط فيه كانوا واخدين الموضوع هزار وشايفين إنه مقلب مثلًا أو إن في مشكلة نفسية عند الستات الاتنين اللي اتصلوا في الأول بس بدأوا يتوغوشوا مع التكرار، المكالمات محتواها إن كل الميتين رجعوا، كل اللي ماتوا في "ديميتري" رجعوا من تاني، على الأقل كل الأموات اللي السكان يعرفوهم.
=لأ أنت عندك حق، أنا كده دماغي لفت والاستناج اللي وصلت ليه في الأول مسحته من دماغي وبقيت مش فاهم حاجة، كان في الأول الكلام عن الياتي اللي في ناس أكدت إنه موجود مش مجرد إسطورة وبعدين أطباق مدورة طايرة وانوار في السما ودلوقتي أموات رجعوا للحياة؟!
-أغلبهم كانوا بيتحرقوا، النار مشعللة فيهم.
=يا ساتر، وده أكيد ليه علاقة بطريقة ما بفجوة النار في السما، هو إيه أصل المنطقة دي، إيه تاريخها؟
-تاريخها غامض، لو تقصد تكون ملعونة مثلًا فدي حاجة الله أعلم بيها، لكن السكان دول زي ما قلتلك كويسين وطيبين جدًا، وعامة متستعجلش، ممكن تلاقي الإجابات في الآخر..
بعد كم البلاغات المختلفة والمريبة أخيرًا مركز الشرطة قرر يبعت حد من ظباطه يشوف الدنيا فيها إيه، خصوصًا إن زائد الكلام عن أجسام الميتين الأحياء اللي بتولع، مفيش بلاغات من أي مناطق تانية عن فجوة نار في السما، سكان "ديميتري" بس هم اللي شافوها!
وخد بعضه الظابط وطلع على هناك..
=هاه، وشاف إيه لما وصل..
(صوت دربكة في الاستوديو)
-إيه ده، إيه الأصوات دي، أنت بلغت البوليس؟
=بوليس إيه اللي بلغته، أنا بلغت العالم كله، أنت مش كنت حاضر لما استنجدت بالجمهور؟
-اه، يبقى وصلوا، بلغهم إنك رهينة وإني ممكن أعمل فيك أي حاجة لو قبضوا عليا.
=إهدى بس يا حج، أنا وأنت عارفين إنك مش هتعمل حاجة، وغالبًا المسدس ده بيطلع بقاليل صابون، لكن أنا هأمرهم ميتدخلوش، عشان أنا مش هسيبك غير لما تخلص القصة دي.
يا "سليم" قول للجماعة ميدخلوش، مفيش خطر، قول لهم ضيف عادي مستضيفه، فرض نفسه بس بعدها رحبنا بيه..
أهو يا سيدي كده تمام؟ كمل بقى، أنا متأكد إن الناس سابت اشغالها ومش على بعضها لحد ما تعرف خاتمة القصة دي، قول لي بقى الظابط لما وصل لقى إيه؟
-ملقاش حاجة.
=ياه، طلع مقلب فعلًا ومشفش فجوة نار ولا ناس بتتحرق وماشية في الطرق عادي؟
-لأ، أول ما وصل لقى نفسه في المنطقة بتاعته قدام مركز الشرطة.
=نعم؟ لأ مش فاهم.
-أول ما انطلق بالعربية في طريقه لمنطقة ديميتري لقى الضباب مالي الطريق من كل جهة، قدامه ووراه وحواليه، كان سايق وهو مش شايف حاجة، لكن هو قدرها بالمسافة والوقت، كان ما بينهم وبين ديميتري ساعة إلا ربع، وركن عربيته بعد المدة دي واستعد عشان يحقق في البلاغات، قال هيلاقي الساحة الفاضية والهضبة وهيمشي شوية لحد الغابة عند أكواخ السكان الأصليين وبعدين يبدأ يستجوبهم، لكن اللي حصل إنه لقى نفسه قدام مركز الشرطة بتاعه.
=يعني إيه؟
-يعني كل المسافة دي بالعربية وفي الآخر كإنه متحركش أو راح ورجع.
=إيه تاه مثلًا عشان الضباب، أخد مسار يرجعه تاني لمنطقته؟
-لأ، مفيش مسارات، هو خط معين مستقيم كان هيوصله، وبالأمارة في كوبري صغير كده في النص ما بين المنطقتين، والكوبري عداه، يعني خلاص كان في طريقه لديميتري وكان المفروض قدامه حوالي ربع ساعة.
=لأ، كده كتير.
-الظابط كان هيتجنن، لما حكى لزمايله اتمسخروا عليه، اتهموه بالجبن، إنه بعد ما مشي مسافة لف ورجع تاني عشان كان خايف، محدش صدقه، واللي عملوه إنهم تاني يوم بعتوا عربية تانية وفيها 3 ظباط.
=وراحوا؟
-حصل معاهم نفس اللي حصل مع الظابط الأولاني، الضباب الكثيف ظهر، مشيوا في خط مستقيم، عدوا الكوبري، ركنوا ولقوا نفسهم قدام مركز الشرطة، وهنا اتأكدوا، الكل اتاكد، المنطقة دي بلاغاتها مظبوطة وفي مصيبة بتحصل هناك، الأغرب من ده إن أي حد تاني راح المنطقة في الأيام دي وصل عادي، أي حد رايح بغرض تاني غير التحقيق أو الاستجابة للاستنجادات.
=يعني قدرهم يواجهوا أيًا كان اللي بيحصل لوحدهم.
-صح، وكل ده انتهى قبل ما نروح بيومين بس، الفجوة اختفت من السما والأموات اختفوا كلهم مرة واحدة، والسكان كلهم نجيوا ومتأذوش، لكن كانوا متأكدين إن الظواهر اللي حصلت دي وراها حاجة، كإنها ناقوس خطر لحاجة لسه جايه، وفي النهاية حذرونا من إننا نقضي الليلة هناك في الخلا، قالولنا نلم خيمنا وأدواتنا ونمشي بسرعة، منستناش الليل ييجي علينا، عشان الراجل التلج والحاجات التانية المترصدة واللي مش قادرين يميزوها.
=وأنتوا برضه مسمعتوش الكلام، عملتوا اللي في دماغكم ونمتوا في خيمكم.
-صح، للأسف، إحنا السبعة مشينا ورا بعض، رجلينا كل مدى كان بتغرز أكتر في التلج، طبقات الهدوم التقيلة اللي كنا لابسينها مش كافية عشان تحمينا من البرد القارص، لحد ما قربنا من الخيم، لكن في واحد مصمدش، جاله مغص في بطنه، وجع رهيب خلاه مش قادر يكمل، والباقي اصروا إنه يرجع للسكان ويستأذن واحد منهم يوصله لمدينته بعربية.
=كان مع السكان عربية؟
-اه، عربية واحدة مشتركة ما بينهم كلهم، قديمة حتى بالنسبة للوقت ده وحالتها صعبة بس تأدي الغرض، الشخص ده فعلًا مشي بالعافية للسكان، اتسند على اتنين من المجموعة لحد ما وصل، وهناك طلبوا منهم يوصلوه لمدينته، كانوا مترددين، باين عليهم الخوف بجد، كانوا قلقانين الليل يخيم على الشخص اللي هياخد العربية ويسوق ، بس في النهاية قرروا إن في حد معين هيوصله وهيبات في المدينة ويرجع تاني يوم.
=للدرجة دي؟
-اه، للدرجة دي كانوا خايفين.
=كل ده وانتوا مخفتوش؟
-للأسف لأ، تعرف مين الشاب ده اللي رجع مدينته؟
=مين؟
-أنا!، أنا اللي جالي المغص ومقدرتش أكمل وكنت موجوع ومحبط في نفس الوقت عشان هفوت المغامرة دي، بس أهو، ده اللي حصل.
=أنا بقى متحمس أعرف المغامرة اللي عاشوها، أكيد، أكيد، الليلة دي مكنتش عادية أبدًا، أصحابك شافوا الهوايل.
-أكيد شافوا الهوايل، بس معاشوش عشان يحكوها!
=كلهم ماتوا؟
-ولا واحد فيهم نجي، الصبح لما جت طيارة تبع البوليس وعربيات بناء على بلاغ من السكان الأصليين، لقوا الخيم بتاعتهم كلها متقطعة من جوه.
=مش فاهم.
-الخيم اتقطعت بفتاحات ومقصات صغيرة من جوه، يعني اللي قطعها كانوا هم نفسهم، الستة، شافوا حاجة خلتهم يترعبوا لدرجة إنهم مستنوش يفتحوا الخيم، قطعوها من جوه وخرجوا عشان يهربوا.
=طيب إنت قلت إن السكان بلغوا السلطات، ليه؟
-سمعوا أصوات رهيبة بليل، عشان أكون دقيق من بعد نص الليل، من ضمن الأصوات هو صريخهم، لكن متجرأوش يخرجوا من الأكواخ بتاعتهم، لإن مصيرهم كان هيبقى نفس مصير الستة، والصبح لما خرجوا وشافوا الجثث، في مجموعة منهم مشيت لحد أقرب مكان في تليفون في منطقة تانية واتصلوا بالنجدة، بالنسبة بقى للجثث..
في 3 جثث كان عليها كدمات وعضامهم كانوا مكسرين، وفي أجزاء مهروسة من أجسامهم، كإنهم اتعرضوا لحادثة عربية رهيبة أو وقعوا من طيارة مثلًا، وكل جثة بعيدة عن التانية، أسباب موتهم ما بين النزيف الداخلي وانخفاض درجة الحرارة لحد التجمد، الملفت فيهم كمان إن هدومهم كانت خفيفة جدًا، تقريبًا كانوا بالملابس الداخلية بس.
أما ال3 جثث التانيين فأحوالهم كانت مختلفة، جثة منهم سبب الموت هو الضرب بجسم تقيل على دماغ الضحية من ورا وكسر في الجمجمة، والاتنين التانيين واحدة شفايفها وعنيها وجزء من فكها كانوا مفقودين والتانية قلبها مفقود.
=نعم؟ إيه القضية دي؟ في إيه؟ 3 اتعرضوا لاصطدام كإنهم في حادثة عربية جامدة وواحد اتضرب بحاجة على راسه واتنين اتشوهوا واتاخد منهم أجزاء، في إيه بالظبط؟
-ال3 الآخرانيين لقوهم قرب الغابة، وكان عليهم لبس تقيل، طبقات وطبقات.
=يبقى أكيد ال3 جثث اللي ذكرتهم في الأول ماتوا وبعدين التلاتة التانيين أخدوا هدومهم عشان ميموتوش من البرد.
-صح كده، مظبوط، لكن هم مماتوش ببساطة كده، سابوا أدلة ووثقوا اللي شافوه برغم الرعب اللي كانوا فيه.
=إزاي، مش فاهم؟
-كان معاهم كاميرات وصوروا وهم بيجروا، وكمان وهم متشعلقين في شجرة فروعها عريانة وحادة، بالقرب من الغابة.
=والنيجاتيف طلع؟
-طلع، والصور اتكشفت، الصور وضحت إن كان في جسم دائري زي طبق طاير كان بيحوم في السما، والصور اللي بعد كده بينت إن الجسم كان عمال يقرب من الأرض، وشكله مش بيهبط بطريقة طبيعية كإنه بيقع، وفي صور تانية بينت كائن ضخم ليه اطراف طويلة كان واقف قريب منهم وشكله مستهدفهم وجي عليهم، وده تفسير آثار الأقدام الضخمة اللي كانت في التلج غير آثار أقدام صحابي.
=أنا مستني تقول لي نتيجة التحقيقات.
-ولا حاجة.
=ولا حاجة إزاي يعني؟
-ملف الحادثة اتقفل، اتقيد ضد مجهول، والقضية بقت باردة ولسه لحد وقتنا ده مفيش تفسير رسمي ليها.
=بس، القصة خلصت على كده؟
-لأ، اللي أنت متعرفوش ولا الناس اللي كانت قريبة أو تابعت الأحداث تعرفه هو إن كان في حد معاهم، حد مماتش، شاف كل اللي حصل.
=مين ده؟
-أنا!
=أنت إزاي؟ مش جالك مغص ومشيت ورجعت مدينتك قبل ما هم يدخلوا خيمهم؟
-هي دي القصة اللي قلتها للسلطات، بس الحقيقة إن ده محصلش، أنا ممشتش وعشت معاهم الليلة كاملة بكل الفظايع اللي فيها.
=بس أنت قلت إنك مشيت لحد أكواخ السكان الأصليين وحد منهم وصلك بعربيتهم لمدينتك، وأكيد الشرطة الروسية استجوبت السكان الأصليين وده اللي اتقال، مش كده؟
-هو ده فعلًا اللي اتقال، لما السكان اتسألوا مترددوش وأكدوا على كلامي، على كدبي، عشان يحموني من اللي شفته ايًا كان، ومع ذلك عشت في خوف، جيت على مصر، مرجعتش تاني من ساعتها، بعد فترة خليت حد قريب مني يطلعلي شهادة وفاة واختفيت، كل الناس بما فيهم أهلي افتكروا إني مت، وبعدها قدرت أطلع شهادة ميلاد باسم جديد، وعشات حياة كاملة بهوية وماضي مزيف، بس أنا زهقت، زهقت من الحمل التقيل وعايز اشيله من عليا، متفتكرش إن الخطر زال، لحد اللحظة دي اللي شفته المفروض يفضل مدفون والله أعلم بمصيري بعد الحلقة دي، ودلوقتي القصة كلها هتتحكي ولأول مرة..
كان في 6 خيم بس وده لإن خيمتي اتخرمت، اكتشفت ده واحنا في الطريق لديمتري، كان فات مسافة ومكناش هنرجع نجيب خيمة تانية، عشان كده وبرغم ضيق الخيم، واحد منهم قرر إني أقعد معاه في نفس الخيمة، هي ليلة واحدة كنا هنقضيها بالطول أو بالعرض ويمكن حتى منمَش، البرد كان شنيع، مكنتش متخيل إنه هيبقى بالشكل ده، لما مشينا من الأكواخ والغابة كلها والليل بدأ يخيم ندمت وقلت ياريتنا روحنا في جو أدفى شوية، بس القعدة معاهم نستني شوية البرد، كنا لازقين في بعض، بنتدفى بالنقاشات والقعدة الحلوة، وبعد شوية الكل نعس وقررنا ندخل الخيم.
طبعًا أنا وألكسندر فضلنا قلقانين، الخيمة كانت يدوبك على قد شخص واحد، فالوضع كان صعب وكنا بنخبط في بعض، ولما جه نص الليل، الضلمة قلبت نهار، شفنا ضوء ساطع في السما، كان باين من جوه الخيمة، وعلطول المصدر بقى واضح، جسم ضخم مدور، والجسم فضل يقرب وصوته كان رهيب، كلنا في نفس الوقت طلعنا مقصات وفتاحات وقطعنا الخيم وخرجنا، الطيارة دي ولا السفينة كان واضح إنها فقدت التوازن وبتقع بسرعة كبيرة، أربعة من ضمنهم أنا قدرنا نتفاداها ونهرب بالعافية، التلاتة التانيين اتخبطوا من الجسم المعدني التقيل واتطوحوا على مسافات بعيدة من بعض.
=وده يفسر الكسور في أجسامهم.
-لما اتأكدنا إنهم ماتوا، قلعناهم هدومهم بسرعة ولبسناها واحنا بنتحرك، في نفس الوقت ده في عنصر تاني ظهر على الساحة، عدد من العربيات ركنت ونزل منها ناس كتير، ناس بلبس موحد، يجوز من الجيش أو فرقة خاصة ، جزء منهم راح على السفينة والجزء التاني رفعوا أسلحتهم وبدأوا يجروا ورانا، الدنيا كانت عتمة، أظن إنهم افتكروا إن العدد المتبقي منا 3 مش 4، مش قادر أميز إمتى، اصل كل حاجة حصلت بسرعة أوي، لكننا في مرحلة ما اتفرقنا، أنا سبقتهم كلهم، وفي لحظة اتلفت وشفت...
=شفت إيه؟
-واحد اتمسك من الفرقة واتضرب بضهر البندقية على راسه، وقع في لحظتها ومقامش تاني.. القوات الخاصة رجعوا، لفوا وبدأوا يجروا، وده عشان في كائن ظهر، الياتي، كنا بقينا قرب كهف، الكهف اللي كان مستقر فيه، ولما سمع دوشه ترجم إن في هجوم عليه، خرج عشان يدافع عن نفسه وعن بيته، ولما القوات هربت مشافش قدامه غير البنتين وافتكر إنهم مصدر التهديد، مسك الأولى وزقها، وقعت على الأرض، مد إيده وبمخالبه شق صدرها وخرج قلبها، والتانية ضربها بضهر كفه وخلع لسانها وشفايفها وعنيها، وبعدين محستش بنفسي، جريت جوه الغابة، فضلت أجري وأجري لحد ما فقدت الوعي، وفقت مع الخيوط الأولى للفجر، لما كل حاجة كانت خلصت..
=إيه اللي كان في السفينة، والفرقة الخاصة كانت بتعمل إيه هناك؟
-اللي كان في السفينة هم الزوار اللي بقالهم سنين بيحوموا في سما "ديميتري" شركائنا في الكون، الكائنات الفضائية! والفرقة الخاصة اللي الله أعلم تبع أنهي مؤسسة ولا أنهي بلد كانوا عارفين بالنشاط ده وقرروا يعملوا اختبارات على أطباقهم الطايرة والأجسام المعدنية التانية وعليهم هم شخصيًا، ودي مكنتش المرة الأولانية بالمناسبة عشان كانوا عارفين بالظبط بيعملوا إيه، جايبين عربيات وأعداد وأكيد معدات، وبنسبة 100% هم اللي وقعوا السفينة الفضائية، وإحنا بقى قدرنا نحضر ليلة من الليالي اللي كان متخطط يتعمل فيها اختبار من الاختبارات، وراجل التلج عايش في الكهوف هناك من زمان، بيصطاد حيوانات ومش بيقرب من بني آدمين إلا لو حس بالخطر، وده تفسير إن معظم البلاغات قبل كده كانت من فرق من الجيش، أكيد كان بيتخض من تدريباتهم وأسلحتهم، بالنسبة بقى للأشباح اللي ظهرت قبلها، فإيه اللي نتوقعه من منطقة غريبة زي دي؟ أكيد كان في ضحايا غير صحابي، اتدهسوا من جسم واقع هنا أو مشتعل هناك، ويمكن كمان في اللي اتقتلوا عشان شافوا حاجة مينفعش يشوفوها، طبيعي تبقى مدينة أشباح، والسبب إنهم ظهروا كلهم مرة واحدة مع فجوة النار في السما أكيد ليه علاقة بالحادثة بتاعتنا وبتوابعها، يجوز كانت تحذيرات للي هيحصل مش بس لينا، للسكان الأصليين كمان.
=ليه، أنت مش قلت السكان الأصليين محدش منهم مات ليلتها عشان مخرجوش من أكواخهم؟
-اه، بس بعد كده حصل زلزال رهيب في ديميتري بس، لما السلطات وصلت ملقتش ديميتري.
=يعني إيه؟
-لقت شق كبير في الأرض، الشق بلع الغابة والأكواخ بكل اللي فيهم! وبعد فترة الشق اتلم لوحده والأرض اتقفلت، وديميتري بقت في جوف الأرض.
=أنا..معنديش كلام أقوله، دي مأساة، مأساة بمعنى الكلمة، وإيه تفسير ده كمان، إيه؟
-انتقام! تقديري إنه انتقام، مكنش زلزال طبيعي، قوة كبيرة هي اللي اتسببت في الهزة، شقت الأرض وخسفت بديميتري الأرض، بسبب الاختبارات والجرايم اللي حصلت فيهم، الجماعة إياهم ردوا على هجوم القوات الخاصة، شركائنا في الكون أخدوا حقهم مننا.
=يا الله.
-أنا لازم أمشي وحالًا.
(يتدخل عدد من الأمن ويقتحموا المكان- أصوات دربكة)
-يا استاذ "قاسم" أنت كويس، معاك المقدم سامح، هو فين؟
=معرفش!
-مشي من أنهي اتجاه؟
=معرفش، يمكن نط من الشباك، مش كده يا "سليم"؟
-كده يا ريس.
=بس انا شايف إنكم متتعبوش نفسكم يا سيادة المقدم، كل حاجة حصلت بسرعة، ممكن برضه يكون خرج من باب الطوارئ أو يجوز من الباب الأمامي، مظنش إنكم هتلاقوه..
كان معاكم "قاسم رحيم" لأول مرة بستضيف صاحب القصة، تجربة جميلة وياريت متتكررش، وهنا "ممنوع الاتصال أو التصوير".
تمت