وما تملَّكَ منا الخوف إلا لأننا لم نملك القدرة على التسليم حين وجَبَ التسليم..
التسليم الذي منه اليأس المحمود وفيه اليقين الموعود.
التسليم الذي يحل عن يديك أحبال الإلزام المستحيل ويمنحك فسحة لتجديد مسارات دم المحاولة بعد حين.
التسليم بأن هناك ما لا تستطيع التحكم فيه ولو بالحب، ولو ببذل النفيس، ولو بالفناء.
تلك ساحة الخوف مضمونة الانتصار، حين يأتيك من حيث يهجرك الأمل، فلا يعزّيك عن فقد الأمل بل يعزِّرُك على قبولك لفكرة أحوال الحياة، ويورثك الرفض الأحمق والسعي منزوع البصيرة.
لا يعلم الخوف أن لكل سعى نهاية، ولكل ساعٍ قدر.. وأنه حين تأتي نهاية السعي القدرية لا يكون للسعي مهابة ولا للوصول مقام.. بل يكون الوهم سيد الموقف.
لعل الخوف غِرير ضعيف.. لعله خائف من تسليمك، إذ لمن ستتركه حين تهدأ نفسك وتسلم للمقادير قيادة المسير؟
الخوف لا حيلة له حينها إلا أن ينفث بقلبك ما استطاع من طاقته الباردة.. فإذا وجد قلبك دافئا بنور كشف موقعك من الأحوال.. سعيا وتسليما.. ما تيسر له يوما إن يهزمك.. إذ أنى لقلب دافئ بالفهم أن ينهزم أمام خوف جبان؟
فمتى حان وقت التسليم فافهم، وسلِّم.. يا فتى الفتيان.