آخر الموثقات

  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  • إيران من الداخل بعد الحرب.. 
  • معضلة فهم الحرب على إيران
  • نصر سياسي ايراني
  • قصة قصيرة/ وصاية الظل
  • ق ق ج/ سرُّ الشجرة والقوس
  • قليل من الحياة
  • حين كنت تحبني سرآ
  • رفاهية الضياع
  • وفتحوا المكاتب تخصص جديد
  • يمكن الطريق موحش!
  • الخلل
  • لا أعيش مع بشر
  • اسئلة عقدية خليلية 
  • جرح الكلمات
  • الصالونات الثقافية ...... هل هي بدعة جديدة ؟
  • الحب الصحي
  • المولوية
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة نشوة أبوالوفا
  5. غالية 

الفصل الأول

 

 نفس الحلم يراودني مراتٍ ومرات؛ تلك الفرسة التي لم أرى مثيلًا لها في الروعة تعدو هائمة وأنا على صهوتها، لستُ بخائفة وكأني فارستها مع أني لم يسبق لي ركوب الخيل أبدًا، من حولي أشجارٌ تزهو بخضرتها، سماءٌ صافية لأبعد حد، رياحٌ خفيفة تحادث الأشجار وكأنها تهمس لها بأسرار، أسمعها لكني لا أميز ما تقول، تعدو بي الفرسة يتطاير شعري ورائي مع أنه لم يعد بهذا الطول في الحقيقة، ثم أرى الفرسة بعد ذلك واقفة وحدها خلف سياج يبدو أنه سياج مزرعة تنظر لي الفرسة الحالكة السواد وشعرها يتطاير مع الهواء، لكأني الآن أعرف بم تهمس الرياح للأشجار كلمة واحدة تتردد "سراب"

ويأتي ذلك الوسيم الذي لا أعلم من أين ظهر ممسكًا بيدي هامسًا في أذني "أحبك يا غالية"، وأستيقظ على إحساسي بدفء حضنه، 

كل ما أعرفه أن ذلك الحلم يمُدني بإحساس لم يسبق له مثيل، يمدني بطاقة لأواجه واقعي المرير الذي أعيش فيه، لا تأخذكم الدهشة فمن مثلي محرم عليها حتى الحلم.

لم أروي لهم حُلمي أبدًا، ومن لي لأخبره؟! وحيدة أنا، ربما منعوني من النوم لو علموا روعة حُلمي وذلك الشعور الذي يمدني به 

أنا غالية

 ولدت نتاج زواج مدبر كان صفقة بين جدي لأبي وجدي لأمي  

زُوجت أمي لأبي الذي كان شابًا مستهترًا بديونٍ كانت على والدها لوالده.

 حظ أمي كان حظا تعسًا، لم يكن لها من أهل سوى والدها وتوفي بعد ولادتي مباشرة في يوم واحد مع جدي لأبي،

أبي الذي لا يعرف للأبوة معنى، تركني كما يقولون قطعة لحم حمراء وترك والدتي وهرب متبعًا نزواته وحبه للخمر والنساء هرب مع راقصة لعوب، آخذًا معه كل ما كان يملكه باع أرضه وكل شيء ركضًا وراء الراقصة أنوار.

ترك أمي لتواجه الحياة بطفلةٍ رضيعةٍ وحدها بدون معيل، 

باع البيت الذي كنا نعيش فيه لتفاجأ أمي بالمشتري يمهلنا يومان لترك المنزل.

تركت أمي المنطقة التي كنا نسكن بها وحملتني على كتفها إلى مكان آخر علنا نجد فيه الاستقرار والمأوي.

كانت أمي جميلة اسمًا على مسمى، فائقة الجمال مطمع وحلم لكل رجل ومنها ورثت جمالي الذي ما كنت لأختاره لو كان بيدي.

 

عملت أمي خادمة 

كانت تتركني وأنا صغيرة مع فتكات زوجة الأسطى حسين المكوجي صاحبة البدروم الذي اتخذناه سكنًا لنا مقابل أن تنظف لها شقتها كل أسبوع.

كبرت قليلًا وأدخلتني أمي المدرسة وكنت أظل مع فتكات بعد المدرسة إلى أن تأتي أمي من عملها لدي السيدة نجوى،

لا تعتقدوا أن فتكات زوجة الأسطى حسين كانت طيبة أو ما شابه ذلك كانت تضربني على أتفه شيء وأمام أمي بحجه أنها تساعدها في تربيتي، كانت أمي تصمت على مضض وعندما نذهب لغرفتنا في البدروم تطيب خاطري قائلة وهي تضمني في حضنها

 "لا تغضبي بنيتي إنها سيدة صعبة المراس، لكن البدروم ملكها وتستطيع طردنا، تحملي، المهم أننا سويًا، وفور أن أستطيع سننتقل من هنا"

صممت أمي أن أتعلم مع أن فتكات والأسطى حسين كانا يخبرانها "وما جدوى التعليم فلتعلميها صنعة تفيدها وتفيدك"

رزقنا الله برجل طيب شجع أمي على تعليمي

الشيخ عبد الحميد شيخ الجامع، كان يحبني جدًا وكان يُحفظني القرآن مجانًا في الكُتاب. 

مرت أيامي وأيام أمي في شقاء وتعب من أجل لقمة العيش، 

كنت أساعدها بما أستطيعه من أعمال صغيرة أثناء الدراسة وفي الإجازة أساعدها بكل شيء، غسيل ملابس للجيران، غسيل سجاجيد، مسح سلالم أي شيء، ومرت أيامنا كل ما يهمنا في الحياة أن نكون سويًا أنا وأمي، أن ننام الليل في حضن بعضنا، كان حضن أمي هو عالمي.

كانت أمي تخبرني دائمًا عن حكايتها مع أبي شاكر عبد العزيز الجمال وطيشه، كيف أنه لم يكن أبدًا كأخيه العاقل الذي سافر ليعمل ويبني نفسه بعد وفاة والده، وأخذه لأرثه وكيف أضاع أبي حياته وباع كل شيء ليلاحق أنوار الراقصة التي أفقدته صوابه، إن أمي حتى لا تعلم هل ما زال أبي على قيد الحياة أم توفى؟

لم أكن أشغل بالي بوالدي، كل ما كان يهمني هو أمي، لم أكن أبدًا لأفكر أن أمي هي الأخرى قد تتركني، لكنها فعلت! 

 عدت من المدرسة في يوم لأجد أن أمي توفت، توفت وتركتني وأنا في الرابعة عشر، لم أبكِ، لم أصرخ، لم أنطق بحرف واحد، كنت غير مصدقة لما يجري، حولي نساء تولولن واخريات تعددن صوت القرآن العالي، أيادٍ تربتُ عليَّ، كلمات أسمعها 

تماسكي، لله الأمر من قبل ومن بعد 

دُفنت أمي وأنا جالسة وسط النساء أتلقى العزاء، لا أعرف ما سيحدث لي! أدعو الله أن تكون أيامي القادمة تحمل لي ما أستطيع تحمله، أخذتني فتكات لأبيت عندها قررت أن أعيش معها لتستفيد من بدرومها، أعطوني غرفة صغيرة كانت لي أنا والكراكيب. 

استيقظت في الصباح واستعددت لأذهب إلى المدرسة لتأتي فتكات 

واضعة يدها في خصرها واقفة أمام الباب

 "إلى أين يا غالية؟"

"إلى المدرسة خالتي، أمي كانت تصر أن أتعلم وأنا الآن في شهادة ويجب أن أنجح"

تندرت وسخرت "شهادة! ومن أين ستصرفين على تعليمك هذا؟" 

أجبتها وكلي ثقة "سأذهب للمدرسة صباحًا وأعمل بعد المدرسة"

ونحن نتحدث دق الباب 

أمرتني قائلة "اذهبي لتري من الطارق ثم نكمل كلامنا"

وجدته الشيخ عبد الحميد الذي ربت على رأسي 

"السلام عليكم يا صغيرتي كيف أصبحت اليوم؟"

كنت في غاية السرور "من الجيد أنك حضرت يا شيخنا تفضل"

سألني قبل أن يخطو داخل المنزل "هل الأسطى حسين ما زال هنا؟"

ردت فتكات من الداخل "نعم تفضل إنه في دورة المياه"

أحس بتوتر بيني وبين فتكات فقال "ماذا هناك؟"

"الآنسة غالية (بسخرية) تريد الذهاب للمدرسة!"

ابتسم قائلًا "هذا كلام في غاية العقل"

في هذه اللحظة خرج الأسطى حسين من دورة المياه

قائلًا "وهل عملها شيخنا الجليل سيكفي مصاريف تعليمها وأكلها وشربها؟ لا تؤاخذني أنا لا أستطيع تحمل أية مصاريف يكفي أنها تقيم في منزلي"

تبدلت ملامح الشيخ "أتريد أن تُفهمني يا حسين أن غالية تقيم لديكم مجانًا؟! الفتاه تعمل لديكم بثمن إقامتها وأكثر، غالية ستكمل تعليمها ومصاريف تعليمها أنا كفيل بها"

فرد حسين على مضض "حسنًا كما تريد يا شيخ لا نستطيع رفض طلب لك كلمتك على رقابنا"

ذهبتُ للمدرسة والكل يواسيني ويستغرب مجيئي رغم وفاة والدتي، فور خروجي من المدرسة ذهبت لمنزل السيدة نجوى التي كانت أمي تعمل لديها

 رحبت بي نجوى جدًا، وعرضتُ عليها أن أعمل لديها بدلًا من أمي، ووافقت على ذلك، واتفقت معها على أن أباشر العمل بعد المدرسة. 

باشرت أعمال المنزل وأعجبت نجوى بمهارتي وأثنت عليها

أنهيت أعمال المنزل واستأذنت من السيدة نجوى وغادرت سريعًا لمنزل فتكات التي استقبلتني مرحبة بي أيما ترحاب 

"أنه ليس فندق والدك هل ستأتين على موعد النوم والطعام؟"

أخبرتها أني سأنظف لها في آخر الاسبوع كما كانت أمي تفعل، ولكنها رفضت ذلك رفضًا قاطعًا، وانبرت تشرح أن هذا كان حين كنت لا أقيم تحت سقفها أما الآن فأنا أقيم عندها، وهي لا شأن لها بدراستي أو بعملي لدى نجوى، وخيرتني بين أن أقوم بطلبات منزلها هي الأخرى وبين أن أدفع لها ايجارًا، 

فاخترت وتحاملت على وجعي وإرهاقي وقمت بإنهاء تنظيف شقة فتكات ونمت تعبة حتى النخاع.

استيقظت عند آذان الفجر ذاكرت وباشرت في ترتيبات خفيفة لشقة فتكات لأخفف عن نفسي عمل المساء ثم ذهبت للمدرسة وبعد المدرسة ذهبت لنجوى وهكذا مرت أيامي... 

يتكفل الشيخ عبد الحميد بمصاريف دراستي من كتبٍ وأقلام وطلبات للمدرسة، نجحتُ في شهادتي الإعدادية ودخلت الثانوية 

كنتُ محط أنظار شباب المنطقة كلها لكن لم أسمح لأحد أن يكلمني أو يتباسط معي.

كنت أسمع وصفهم لي، غالية الطويلة، القمحية، ذات الشعر الغجري الساحر بسواده الذي يصل لمنتصف ظهرها ودائمًا ما تجمعه في ضفيره، 

كان الكثيرون يطلبون يدي من الشيخ عبد الحميد لكنه كان يرفض لصغر سني ولأني سأكمل تعليمي.

 تحملتُ مشقة حياتي راضية فلا حيلة لي فيها، ولا مفر لي مما أعانيه، أدرس وأنظف لنجوى وأنظف لفتكات وحسين وأرضى بقليلي، ما أقبضه من عملي عند نجوى أشتري به متطلباتي وأدخر القليل سرًا فلا أدري ماذا تخبئ الأيام لي بعد؟!

كان الوقت الذي أقضيه في المنزل عند فتكات قصيرًا، أغلق عليَّ باب غرفتي؛ خوفًا من حسين الذي بدأت نظرته لي تتغير وأحس بالرغبة في نظراته لي.

وفي يوم إجازتي أحاول قدر الإمكان ألا أكون معه وحدي أبدًا، 

حسين لم يكن غبيًا ليصرح برغبته فيَّ، ففتكات زوجته امرأة قوية الجسد وسليطة اللسان ومسيطرة.

أما عند نجوى ....

فنجوى الآن أرملة تعيش وحيدة، ابنها يدرس بالخارج.

مرت الأيام على غالية 

لم تخلو حياتها في المدرسة من مضايقات بعض زميلاتها اللاتي كن يعايرنها بعملها كخادمه، أو يطلبن منها القدوم لبيوتهن لتنظيفها، لم تكن تلقي بالًا لهن أمامهن، لكن بينها وبين نفسها كانت تبكي وتشكو إلى الله همها، أصبحت في نهاية الصف الثالث الثانوي.  

في يوم لم تطلع له شمس كان يوم إجازتها إنها تذكره يوم جمعه،

كانت تقف تمشط شعرها الجميل، صادف ذلك دخول حسين الذي ما أن رأى شعرها المسترسل حتى قال أمام فتكات 

"اللهم صل على النبي، شاهدي يا فتكات هذا الجمال" 

اشتعلت نيران الغيرة في قلب فتكات

وهجمت على غالية تضربها، متهمة إياها بالوقوف والتدلل وترك أعمال المنزل بسبب انشغالها بشعرها وأقسمت أن تخلصها منه 

وأمسكت غالية من شعرها تجرها جرًا وغالية تصرخ وحسين يتوسل لها لأن تتركها 

"اتركيها يا فتكات"

"لن أتركها سأقص هذا الشعر الذي فتنتك به يا شايب"

"لقد جننت أي فتنه إنها كابنتي؟"

"ابنتك! هل تظن أني لا أرى اعجابك المتزايد بها" 

كل هذا وشعر غالية في يديها وغالية تبكي وتصرخ

أمسكت المقص ورفعت شعر غالية عاليًا في يديها وقصته 

وهي تضحك منتصرة "فلتريني بماذا ستضيعين وقتك؟"

رأت غالية شعرها يتساقط أمام عينيها فأخذت تلملمه من على الأرض وتبكي أحست بتساقط كرامتها مع شعرها لم تمهلها فتكات حتى فرصة لتبكي كما تريد  

 دق جرس المنزل 

"هيا دعك من هذا التمثيل وافتحي الباب"

غالية ذهبت لتفتح الباب لتجد الشيخ عبد الحميد فارتمت باكية مقهورة في حضنه 

"لا إله إلا الله ماذا بك يا بنيتي؟ اهدئي"

وأنبهم الشيخ على ما فعلوه بغالية تأنيبًا شديدًا 

"ألا تخافون الله إنها أمانه بين أيدكم!"

"كنت أؤدبها يا شيخنا"

"إياك وإعادتها يا فتكات اتقي الله".

مرت الأيام

غالية كانت تفكر جديًا أن تترك فتكات وحسين وتذهب لتقيم إقامة دائمة لدى السيدة نجوى لكن الأيام لم تمهلها؛ وصل نادر ابن السيدة نجوى من سفره في يوم اجازه غالية.

ذهبت غالية للسيدة نجوى لتجد نادر قد وصل، منذ الوهلة الأولى لاحظت نظرات نادر لها لم يخف ذلك أيضًا على السيدة نجوى،

"أرجو أن تضعي في حسبانك أننا لم نعد وحدنا بالمنزل"

"نعم سيدتي" 

بعد فتره بدأ اعجاب نادر بغالية يزداد وما كان مجرد نظرات من على بعد، بدأ بنظرات أكثر قربًا وأكثر جرأة، كانت غالية تلزم المطبخ بعدما تنهي ترتيب الغرف وتحاول جاهدة ألا يجمعها بنادر أي مكان، نادر لم يكن سهلًا كان يتحين أي فرصة ليلمسها ثم يعتذر أن ذلك كان بدون قصد.

 

إلى أن جاء ذلك اليوم الذي انتهز فيه وجود والدته بدورة المياه ودخل المطبخ عليها واحتضنها من ظهرها فزعت غالية وصرخت حاول كتم أنفاسها، أمسكت بسكين كانت بجوارها وأفلتت منه وجرحته خرجت نجوى لتجد غالية ممسكه بالسكين ونادر مجروح 

هدأت غالية واحتضنتها وصفعت نادر 

"لا أستطيع أن أضمن أن هذا لن يتكرر"

"لا لن يتكرر أنا سأغادر لن أعمل هنا طالما السيد نادر موجود عندما يسافر وتصبحين وحدك سيدتي سآتي لك أخدمك بعيوني"

أعطتها نجوى مبلغًا من المال تعيش منه حتى تجد عملًا آخر

ذهبت غالية لفتكات مبكرة على غير عادتها

"ما الذي أتى بك مبكرًا عن موعدك؟"

"لقد تركت العمل لدى السيدة نجوى"

"لماذا ؟"

"ستسافر مع ابنها للخارج"

"وأين ستعملين إذن؟"

"سأبحث عن عمل"

ليدخل عليهما حسين حزينًا 

"ما بك يا حسين لماذا أنت حزين؟"

"توفي الشيخ"

-----

غالية

 الفصل الثاني

  مادت بها الأرض فسندها مات، آخر من تبقى لها مات، صفعة أخرى من صفعات الحياة تتلقاها غالية، 

انتهت مراسم الدفن وعزاء الشيخ وفور أن دخلت المنزل مع فتكات

"اسمعيني جيدًا في الصباح تأخذين ملابسك وتغادرينا لن أسمح بمكوثك بعد الآن عندي لقد قمت بواجبي معك وزيادة" 

"إلى أين سأذهب بعد أن تركت السيدة نجوى؟!"

"لا شأن لي هذا لا يخصني"

في الصباح لملمت متاعها القليل ونزلت من المنزل لا تدري ماذا ستفعل؟ وإلى أين ستذهب؟

قادتها قدماها للسيدة نجوى طرقت الباب 

التي ما أن رأتها حتى تهللت أساريرها "غالية! كنت حقًا أحتاجك جدًا لكني لم أعرف كيف أصل لكِ كنتُ على وشك استدعاء البواب عله يوصلني لكِ"

"أنا أيضًا بحاجة لمساعدتك سيدتي فلقد طردتني فتكات بعد وفاة الشيخ"

"لا يهم لقد وجدت لك عملًا"

"حقًا! الحمد لله"

"ألن تسألي أين؟"

"وهل هذا يهم أنتِ بالتأكيد لن توفري لي وظيفة إلا عند أناس طيبين" 

"بالطبع أنتِ غالية عندي، ستعملين لدى الحاج صابر، إنه رجلٌ كبير في السن يقيم وحيدًا وستقيمين معه إقامة دائمة"

غالية (بتردد) "يعيش وحيدًا!"

"لا تخافي إنه رجل محترم، وعندما علم بظروفك وافق أن تظلي معه"

"موافقه هيا بنا"

"سأهاتفه وأخبره أنكِ جاهزة ليرسل السيارة لتوصلك للمزرعة"

هاتفت نجوى صابر، وطلبت من غالية أن يكون معها كل أوراقها الثبوتية، جاء عم رمضان السائق ليصحب غالية

في الطريق تكلم معها رمضان 

وطمأنها أن الحاج رجل في غاية الاحترام ولن يحملها فوق طاقتها وأنه يعمل معه منذ مدة طويلة جدًا، وصلت غالية المزرعة!

جو يشبه ذلك الحلم الذي كانت تحلم به، لا ينقصه سوى الجواد

دخلت غالية الفيلا التي تتوسط المزرعة 

أول ما لفت انتباهها صورة كبيرة في المدخل بالحجم الطبيعي لشابٍ، تسمرت غالية أمامه جذبتها تلك الصورة جدًا وتوقفت أمامها شابٌ أسمر وسيم مرتديًا حلة رسمية سوداء زادته جاذبية على جاذبيته، أسود الشعر والعينين أحست كأن الصورة تشدها ناحيتها، لقد سحرت به، جاءها الصوت  

"إنه ابني الغالي حمزة" 

التفتت لمصدر الصوت لتجد رجلًا خمسيني يغزو الشيب رأسه على استحياء على قدر كبير من الوسامة

"فليبارك الله فيه"

"وفيكِ يا صغيرة ما اسمك؟"

"غالية"

لا يدري صابر لماذا أحس أنه يعرف غالية، إنها تبدو مألوفة لديه 

"هل ستقفين عندك؟ تعال اجلسي وحدثيني عن نفسك قليلًا"

فور أن جلست حتى دخل عليهم رجل مسرعًا

"إنها تلد يا حاج وترفض اقتراب الطبيب منها"

"سترك يا الله"

 وقام مسرعًا

لا تدري غالية ما الذي دفعها للخروج في إثر صابر، وجدت نفسها تسير ورائه، اتجه صابر نحو الاسطبل ومن ورائه غالية

دخل صابر أحد البوكسات مخاطبًا الفرسة  

"اهدئي، اهدئي"

 كأن شيء ما يجذبها للداخل رغم ممانعة السائس أمره صابر بتركها تدخل 

منظر غالية كان عجيبًا كأنها منومة مغناطيسيًا، دخلت البوكس فوجدت نفسها وجهًا لوجه مع تلك الفرس في حلمها، 

فور أن رأتها الفرسة اتجهت ناحيتها، ربتت غالية على رأسها واحتضنتها 

"اهدئي لا تخافي الطبيب سيفحصك فقط اهدئي"

فحص الطبيب الفرس وأمر غالية بالانصراف

فور أن اتجهت غالية للخارج حتى أعلنت الفرسة العصيان وكأنها غاضبه لرحيل غالية فنادى صابر على غالية

"ابقي معها يا غالية إنها تريدك"

جلست غالية بجوار الفرس واضعه رأس الفرس على قدميها مربتة عليها وظلت تربت عليها إلى أن ولدت مهرة 

"سبحان الله لم أرها بهذا التوتر قبل الآن"

"اسمها سراب أليس كذلك"

فتح صابر عينيه اندهاشًا "كيف عرفتِ؟"

"لن تصدقني يا سيدي"

"بعد ما رأيت منها تجاهك أصدق أي شيء"

"أنا أرى هذه الفرس في أحلامي منذ مدة، يتكرر الحلم دائمًا وأنا على صهوتها وأسمع الاشجار والرياح يناديان اسم سراب"

"سبحان الله، اللقاء مقدر ومكتوب على جميع خلقه، والآن هيا بنا لنترك سراب ترتاح مع غالية الصغيرة"

"غالية الصغيرة!"

"طبعًا وهل أسميها بغير اسمك بعدما رأيت ما بينك وبين أمها سراب" 

دخلت غالية وصابر الفيلا  

جلست بجوار صابر

"أتمنى أن ترتاحي هنا في المزرعة معنا، كل ما يهمني الاحترام والانضباط في تأدية الاعمال، والآن احكِ لي عن نفسك وعن حياتك يا صغيرة"

  حكت لصابر كل ما مرت به في حياتها وما واجهته مع أمها لكنها لم تحكِ شيئًا عن أبيها سوى أنه تركهما ولا تعرف له مكانًا

"اذن أنتِ متعلمه"

"نعم لقد نلتُ مجموعًا جيدًا في الثانوية، ثمانين في المائة"

"بالنسبة لظروفك فهذا إنجاز وأنا سأساعدك في إكمال تعليمك الجامعي"

أخذت تحمد الله وتشكر صابر 

"بارك الله لك يا حاج"

"لماذا لم تروي لي ما حدث بينك وبين نادر؟"

"وكيف علمت؟"

"نجوى أخبرتني لتثبت لي أنكِ إنسانة محترمة"

"السيدة نجوى فليبارك الله في حياتها لها فضل كبير عليَّ وأحبها جدًا"

"وهي تحبكِ جدًا"

أخذها صابر في جولة بالفيلا كانت تتعجب وبينها وبين نفسها تتساءل كيف ستنظف هذا المكان يوميًا، كان صابر يراقب انفعالاتها ولاحظ أنها متعجبة من كبر المكان ففهم ما يدور بخلدها

"لا تحملي همًا يا صغيرة، أنا لست وحشًا لأدعك تنظفين المكان وحدك هناك فريق للنظافة يأتي اسبوعيًا، أنتِ مهمتك الطعام وأدويتي والترتيبات البسيطة، وترتيب غرفة المكتب"

دخلت غالية الغرفة التي ستقيم فيها 

لم تصدق نفسها! هل هذه غرفتي التي سأبقى فيها؟ أنها أكبر من البدروم الذي كنت أسكنه مع أمي، واسعة، بها سرير كبير، تدخلها الشمس من شباك ضخم بمنتصف الحائط، ودولاب مخصص لي، وحمام لي وحدي، أنا أحلم يا ربي هل يعقل هذا؟! أحقًا ستريني الأيام وجهها المشرق أخيرًا، يا الله هل سأرتاح أم أن هذا حُلمٌ أعيشه؟

نامت لأول مره مرتاحة قريرة العين نامت كما لم تنم أبدًا.

استيقظت منذ الفجر كما تعودت كانت الفيلا هادئة فقررت الذهاب للإسطبل إلى سراب وغالية الصغيرة 

بعد أن لاعبتهما قليلًا دخلت الفيلا لتجد الحاج صابر نازلًا على السلم 

"صباح الخير يا صغيرة"

غالية (ضاحكة) "صباح النور سيدي أن سراب وغالية بخير وتلهوان سويًا"

"هل ألقيت عليهم تحية الصباح قبلي، يا لسعادتهما سأذهب أنا الآخر لأطمئن عليهما إلى أن تعدي الافطار في الحديقة"

عاد صابر ليجد الإفطار معد 

"أتأمر بشيء آخر سيدي؟"

"هل تناولتِ إفطارك؟"

"ليس بعد سيدي"

"اجلسي وأفطري معي"

"لا يصح يا سيدي!"

"من قال لا يصح؟ ولا أريد سماع سيدي هذه مرة أخرى ناديني بالحاج أو أبي، اجلسي يا غالية واعتادي على هذا فأنا لا أحب تناول الطعام وحدي"

مرت الأيام على غالية في المزرعة في سعادة لم يسبق لها مثيل، الحاج صابر يعاملها أحسن معاملة، ترتب البيت وتقضي وقتها مع سراب وغالية، سراب لم تكن أبدًا لتسمح لأي أحد بامتطائها سوى حمزة لكنها سمحت بذلك لغالية، علمها حسونة السائس ركوب سراب فكانت تمتطي صهوتها وتسير بها رويدًا رويدًا إلى أن أجادت الركوب وأصبحت تعدو بها في المزرعة وكان صابر فرحًا جدًا بهما، أرسلها صابر مع رمضان السائق لتقدم أوراقها لتلتحق بالجامعة كليه آداب، وطالبه بمرافقتها ليشتري لها ملابس مناسبة،

شهران مرا عليها... 

كانت تتعمد الاستيقاظ قبل الحاج لتقف أمام صورة حمزة تخاطبه يوميًا وتلقي عليه تحية الصباح، وتخاطب نفسها قائلة

"هل هذا هو الحب يا غالية؟ أنا أود ألا أتحرك من أمام الصورة أبدًا، هل سأراه يومًا؟ وإن رأيته ماذا أتوقع؟ لست إلا خادمة أفيقي يا غالية واعلمي أين تقفين ومن أنتِ؟"

كل يوم تزداد حبًا لحمزة من طريقة حديث والده عنه تذكر أول مرة أخبرها صابر أن حمزة يرسل لها السلام، كادت تطير من الفرحة.

في يوم ما كانت تمتطي سراب لتسمع صوت صفير عال وفجأة غيرت سراب طريقها وطارت ناحية الصوت وغالية تحاول إثنائها عن ذلك إلى أن وجدت نفسها أمام حمزة!

أمسك حمزة برأس سراب يقبلها ويحتضنها، غالية تسمرت على ظهر سراب غير مصدقة أن حمزة أمامها

"لم أصدق عندما أخبرني أبي أن سراب سمحت لك بامتطائها، غالية أليس هذا اسمك؟"

هزت غالية رأسها بنعم

"ما أعرفه أن لك بدلًا من اللسان ثلاثة فهل أكلت القطة لسانك؟"

غالية متلعثمة "أنا فقط"

"لم تكوني تتوقعين رؤيتي لقد حضرت فجأة"

"أجل"

"هل ستسمحين لي بركوب فرستي العزيزة أم ستظلين هكذا على صهوتها؟"

نزلت من على ظهر سراب، وامتطاها وانطلق 

هرعت غالية للداخل 

"هل قابلت حمزة يا غالية؟"

"نعم يا حاج"

"بالتأكيد امتطى سراب وطار"

"نعم"

"أعدي لنا الطعام إلى أن يصل"

جهزت غالية كل ما لذ وطاب، فهي تعرف جيدًا ما يحبه حمزة 

مكرونة بالبشاميل، رقاق، جلاش بالجبنة، فراخ بانيه، بطاطس محمره، والحلو أم على وأرز باللبن في الفرن.

حضر حمزة وبدأت في تقديم الطعام

رصت غالية الطعام على السفرة جلس صابر وحمزة فاستدارت غالية لتغادر فقال صابر

"إلى أين يا صغيره؟"

"إلى المطبخ"

"اجلسي وتناولي الطعام كما اعتدنا حمزة ليس بغريب"

"ولكن!"

ابتسم لها حمزة "هل أنت خجلة مني يا غالية؟ اجلسي لا تخجلي"

ثم أردف "إن غالية أصبحت بارعة الحسن وكبرت"

صابر وهو يرى خجل غالية "لا تخجلي إنه يقصد المهرة غالية"

وضحك صابر وحمزة.

أمضى حمزة ثلاثة أيام في المزرعة كانت غالية في تلك الأيام غاية في الاشراق والحيوية، لاحظ صابر ذلك، حمزة كان يحس بانجذاب يزداد بينه وبين غالية ولكنه كان يكذب نفسه.

فهل سأحب الخادمة؟ أفق يا حمزة، لكني حقًا أحس بانجذاب شديد لها، أنا أريدها لي!

استيقظ مبكرًا وذهب لسراب وغالية الصغيرة ليجد غالية هناك تحتضن سراب وتهمس لها بكلمات 

"هل تتفقان عليَّ؟"

غالية(ضاحكة) "وهل نقدر على ذلك؟" 

ثم خجلت من قولها واستأذنت منه

 "أعدي حقيبتي يا غالية فسأغادر بعد قليل"

تغيرت ملامح وجهها وسادها الحزن

"حسنًا"

دخلت غالية الفيلا لتجد صابر 

"صباح الخير يا صغيرة"

"صباح الخير"

"ما بكِ هل تحسين بالمرض؟"

"لا أنا بخير"

"سيسافر حمزة اليوم أعدي حقيبته"

"لقد علمت وأنا صاعدة لأعدها"

علم صابر سبب تغير ملامح غالية

صعدت غالية لترتب حقيبة حمزة وهي تبكي، غادر حمزة وتصنعت غالية المرض لتبقى في غرفتها تبكي فراق حمزة إلى الصباح.

تماسكت غالية واستيقظت لتعيش روتينها في الفيلا والمزرعة تنهي أعمالها ثم تذهب لسراب تبثها حزنها على مغادره حمزة وتصارحها بأنها تعلم أنه لن يكون لها لكنها لا تستطيع منع نفسها من حبه.

قال صابر على الغذاء ملاحظًا كيف فقدت غالية شهيتها وخسرت بعضا من وزنها

"هل ستظلين هكذا؟ أنتِ لم تعودي تأكلين جيدًا هل ستمرضين أنت الأخرى؟"

"ومن مرض أيضًا؟"

"حمزة مريض"

"هيا نذهب له " ثم تداركت نفسها "أقصد هل سنتركه وحده؟ من سيعتني به؟ أقصد أن ..."

صابر (بأسى)"أنا أعلم ما تقصدين يا غالية! أعلم ما تقصدين!"

أحس بها تجاهد دموعها لتمنعها من النزول فأذن لها بالانصراف.

----

غالية

 الفصل الثالث والختام

 مرت عدة أيام...

في المساء كانت غالية تجلس بجوار سراب لتجد حمزة أمامها! أشرق وجهها وكادت تحتضنه من فرط سعادتها 

"حمزة أقصد سيد حمزة"

"أي سيد يا غالية أنا حمزة فقط"

"لا يصح العين لا تعلو عن الحاجب"

"لكن الحاجب يحمي العين"

"عن إذنك سأعد الطعام"

"أنا لا أريد طعامًا"

"اطلب ما تريد وسأعده"

"أريدك أنتِ" واقترب منها قليلًا

"تريدني! كيف؟"

"كما يريد الرجل المرأة، سأتزوجك عرفيًا في السر"

سألت بتيه غير مصدقة لما تسمعه فكأنما لطمها على وجهها "تتزوجني سرا!"

"أنا رجل أعمال معروف و ..."

"لا تكمل، من قال إني أفكر أصلًا بالزواج سواء سرًا أو جهرًا"

"غالية أنا متأكد أنك تحبينني"

"أنا لا أحب ومن أنا لأحب؟ أنا مجرد خادمة لرجل الأعمال العظيم"

وانصرفت غالية باكية.

صابر قابلها  

"إلى أين؟"

"إلى غرفتي"

"هل قابلت حمزة؟"

"نعم قابلته"

"هل أخبرك فيم كان يريدك؟"

"هل أخبرك أنه كان يريدني؟"

"نعم أخبرني" 

"وهل وافقته على ما يطلبه مني يا حاج؟"

"أنتظر رأيك أنتِ فأنتِ صاحبة الشأن"

"أنا لا أوافق سأتزوج في النور، أمام كل الناس وإلا لن أتزوج أبدًا"

"لكنك تحبينه وهو يحبك"

غالية (بشموخ وإباء) "مثلي لم يكتب لها الحب، وسأغادر المزرعة في الصباح وأنا شاكرة لأفضالك عليَّ ولن أنسى وقوفك بجانبي أبدًا"

"هل تعلمين أن أي فتاة في مكانك كانت ستقبل بزيجتها في السر" 

"أنا لست أي فتاة ربما كنت فقيرة معدمة أعمل بالخدمة لكني أعمل بشرفي ولن أتزوج إلا على يد مأذون وأمام شهود"

احتضنها صابر مقبلًا رأسها "لا لن تغادري، ستظلين هنا حمزة هو من سيغادر ولا تخافي سيخرجك من رأسه نهائيًا، اسمعيني صغيرتي أنا لم أولد وبفمي ملعقة من ذهب، لقد ذقت المرار ألوان، وعانيت كثيرًا لأصل لما أنا فيه ولا مانع لدي أن يتزوجك حمزة أبدًا، أنتِ فتاة يشرف بها أي كان، لكنه لإن لم ير هذا فلا يستحقك، وهو ولدي لكنه يخشى على مركزه وسط رجال الأعمال كما يقول"

غالية دخلت غرفتها تبكي وتتحسر على نفسها لكنها قررت مغادرة المزرعة لن تكون سببًا في شقاق بين الأب وابنه أبدًا.

لملمت متعلقاتها وغادرت قبل انبلاج الفجر، ذهبت أولًا لوداع سراب وغالية، لم يكن حمزة قد نام بعد، كان بالحديقة يفكر بها 

 في حيرة بين اتباع خطى قلبه وبين عقله الرافض لارتباط رجل الأعمال بخادمة، استقر تفكيره أن يغير وضع غالية الاجتماعي ويعلمها كل أصول الاتيكيت ويجعلها سيدة مجتمع تليق به ثم يتزوجها، وهو في خضم تفكيره رآها تخرج من الاسطبل تحمل حقيبتها في يدها، نادى عليها فأسرعت الخطى لكنه لحق بها ممسكًا يديها 

"انتظري يا غالية"

"ماذا تريد مني؟ أنا لم أطلب منك شيئًا"

"أنت لم تطلبي لكن عيناك طلبت، لهفتك عليَّ طلبت، وجهك الذي يعلوه السرور كلما رأيتني طلب، قلبك الذي أسمع نبضاته كلما مررت بقربك طلب، أريدك بجواري غالية"

"لا أستطيع أن أكون جوارك بالشكل الذي تريده، ولا تستطيع أنت أن تكون معي بالشكل الذي أريده، إذن فلأرحل هذا أفضل للكل، ليس جديدًا عليَّ الشقاء، كان يجب أن أعلم أن الحياة تعطيني هدنة من مرارها والهدنة انتهت"

ابتسم "أعتقد أن الحياة ستطردك نهائيًا من المرار إن قبلتِ الزواج بي"

"لا لن أتزوج سرًا أبدًا وأعيش منبوذة في الظل"

"سيكون لك ما تريدين"

"ماذا تقصد هل ستتزوجني علنًا؟"

"نعم"

"ستتزوج الخادمة"

"أيه خادمة، أنت لم تعودي خادمة، أنت خطيبتي الآنسة غالية الطالبة بكلية الآداب، وستتعلمين كل ما ينقصك لتكوني سيدة مجتمع كما يليق بك أولًا"

نظرت له بدهشة غير مصدقة "هل أنت متأكد مما تقول؟"

"كل التأكيد"

هنا وصل صابر 

"أرى من ملامح وجهيكما أنكما توافقتما"

"نعم ستبدأ غالية من اليوم في تعلم كل ما يلزمها لتصبح سيدة مجتمع"

وذهب الجميع لإخبار سراب وغالية الصغيرة بالتطورات

أحضر حمزة طاقم خادمات أجنبيات لخدمة المنزل، اتفق مع عدد من معلمي الاتيكيت واللغات لتعليم غالية.

كانت تلميذة نجيبة سريعة التعلم، وهو كان يسافر بضعة أيام ويبقى في المزرعة بضعه أيام.

في أحد الايام ذهبت غالية لكليتها، في هذا اليوم كان لديها جدول محاضرات مزدحم وكانت ستذهب بعد انتهاء المحاضرات للتسوق لتطبق نصائح معلميها في اختيار ملابسها، جاءت نجوى ومعها نادر لزيارة صابر 

"كيف حالك حاج صابر؟"

"الحمد لله في أفضل حال"

"أرى أنك هنا يا حمزة لهذا المزرعة يملأها النور"

"شكرا سيدتي"

حكى صابر لنجوى ونادر على مدى سرعة ونباهة غالية في التعلم وكيف أنها الآن تغيرت كثيرًا، كان نادر مغتاظًا مما يسمع فهو لم ينس أبدًا ذلك الجرح ولا تلك الصفعة التي كانت غالية سببًا بها،

طلب نادر من حمزة أن يصحبه للتجوال في المزرعة وبدأ ببث سمومه في عقل حمزة 

"جميله هي غالية، لكن ما الداعي لتجميلها وأنت تستطيع نيلها كما هي"

"ما قصدك؟ أنا لا أفهمك"

"ما دامت ملكك وتستطيع نيلها كما هي فلماذا التكلفة وتعليم الاتيكيت؟!"

"لا يا نادر ليست غالية من ذلك النوع إنها فتاه شريفة"

"فتاه نعم، لكن شريفة هذه بها كلام آخر"

"ماذا تقصد يا نادر؟ تكلم"

"ألا تعلم أنها كانت تعمل لدينا، وأن أمي طردتها لأنها ضبطتنا سويًا، فأشفق عليها والدك وأخذها لتخدم في المزرعة"

كانت النيران تغلي في قلب حمزة وتركهم بالحديقة الخلفية 

 ودخل غرفة غالية.

دخلت غالية المزرعة متوجهة إلى غرفتها حيث لم تجد أحدًا في الدور الأرضي، دخلت الغر فه وأنارتها وأغلقت الباب لتفاجأ بحمزة جالسًا على سريرها

"حمزة ماذا تفعل في غرفتي وعلى سريري؟"

"أنتظرك"

"على السرير يا حمزة!"

نهض واقترب منها بينما غالية تبتعد حتى التصقت بالباب فقد كان مظهره مريبًا 

"حمزة تعقل من فضلك ماذا بك؟"

"ماذا بي؟ تلعبين عليَّ لأجعلك سيدة مجتمع وأتزوجك قبل أن أنالك ولكنك تعطين نفسك لنادر مجانًا، أريدك أنا أيضًا مجانًا، واعتبري أن ما تعلمتيه عربون لما سأناله"

"أنت جننت بالتأكيد من أخبرك هذه الخزعبلات؟"

"الخزعبلات أخبرني بها نادر عشيقك"

"خسئت لا أنت ولا هو ولا ألف مثلكما، أنا أعيش بشرفي فهو كل ما أملكه، ولن أفرط فيه أبدًا وليذهب حبي لك إلى الجحيم"

اقترب أكثر ليحتضنها

 "سآخذ ما أخذه نادر لن تنطلي على هذه التمثيليات"

 لمحت سكين الفاكهة على الطاولة قرب الباب فدفعت حمزة بكل قوتها وأمسكت بالسكين

"إن كنت تريد ما ناله نادر فسأعطيه لك غير عابئة بقلبي" 

اقترب منها حمزة فالعشق والرغبة بها يعميانه وتهجم عليها وهي تصرخ وتقاومه وطعنته بالسكين في كتفه، جاء صابر ونجوى ونادر بعد أن هرعت لهم الخادمة وأخبرتهم فلقد كان الصوت يصل للخارج، لتصرخ نجوى وتحتضن غالية 

غالية صارخة

 "نادر أيها اللعين اعترف هل نلت مني شيء؟"

"طبعًا ولماذا طردتك أمي؟"

"والجرح في يدك من سببه لك؟"

صرخت نجوى في ولدها "توقف هل ستكذب الكذبة وتصدقها؟" 

اتصل صابر بالطبيب سريعًا وقال

 "فليهدأ الجميع يبدو أن بيننا من لعب الشيطان بعقله ويحاول إيقاع الفرقة بيننا" ناظرًا لنادر

حاولت نجوى تهدئة غالية 

جاء الطبيب وضمد جرح حمزة وغادر.

ذهبت نجوى لحمزة

"اسمعني جيدًا يا حمزة أنا لا أعرف والد غالية ولكني أعرف والدتها جيدًا وأعلم كيف ربتها وأعرف غالية جيدًا ونادر لم ينل منها سوى جرح في يده وصفعة مني وأبعدتها عن المنزل لكي أبعده عنها، إن الله راض عنك لتكون غالية من نصيبك"

"وهل ستقبل بي بعد ما فعلته؟"

"سأحدثها أنا ووالدك، لا تقلق الفتاة متيمة بك، لقد كادت تموت خوفًا أن تكون طعنتها نافذه أو أن يحدث لك شيء، ووالدك يعرف ما حدث بين غالية ونادر"

وتركته وذهبت مع صابر ليطيبا خاطر غالية ويفهمانها أن ما حدث من حمزة كان بسبب ما سمعه من أكاذيب من نادر.

هدأت الأمور 

ذهبت غالية في اليوم التالي تشكي حمزة وما فعله لسراب جاء حمزة من ورائها

"هل ستسامحينني؟"

صهلت سراب وأدارت وجهها بعيدًا عن حمزة

"هل يعجبك؟ إن سراب أيضًا غاضبة مني"

"تستحق ذلك وأكثر"

حمزة ممسكًا بكتفه "ألم تأخذي حقك أنا في غاية الأسف"

"سأسامحك فقط من أجل خاطر الحاج صابر والسيدة نجوى"

صهلت سراب ولامست كتف حمزة السليم

"ها هي سراب هي الأخرى سامحتني، غالية سنعقد القران غدًا هل توافقين؟"

"لا دخل لي اسأل وكيلي"

"ومن وكيلك؟"

"أبي الحاج صابر"

 وركضت للداخل، دخل حمزة لوالده ووافق والده على عقد القران.

صعد حمزة لنادر الذي فور أن رأى حمزة قال

"أنا في غاية الأسف لا أعلم كيف قلت ما قلته أقسم بالله إن غالية في غاية الأدب"

"انتهت هذه الصفحة يا نادر"

"هل تسامحني؟"

"نعم بشرط واحد"

"موافق على كل ما تقول"

"ستكون شاهدًا على عقد القران غدًا"

 نزل نادر واعتذر بشدة من غالية، أمر صابر غالية أن تجهز بطاقتها الشخصية من أجل عقد القران فأعطتها له لتكون معه عندما يحضر المأذون بالغد

أخذ صابر البطاقة ضاحكًا "أن صوره بطاقتك جميلة يا غالية هذه أول مرة أرى صورة بطاقة بهذا الجمال"

 وأخذ الكل في الضحك 

لكن صابر توقف عن الضحك فجأة وجلس على الكرسي وعلى وجهه علامات الدهشة 

اقترب الكل منه سريعًا

 "ماذا هناك هل أنت بخير هل نحضر الطبيب؟"

"لا، لا طبيب، طبيبي بجواري" وأمسك بيد غالية واحتضنها وسأل نجوى "هل تعلمين ما اسم والد غالية يا نجوى؟"

"لا"

تساءلت غالية " ما به أبي هل كنت تعرفه يا حاج؟"

احتضنها "لا تقولي حاج مرة أخرى أنت ابنه أخي شاكر عبد العزيز الجمال"

غالية غير مصدقة "ماذا تقول كيف هذا؟ أنت عمي!"

"نعم"

"لقد قابلت شاكر بعد أن أفقدته أنوار كل ما كان يملك قابلته بالصدفة على أحد المقاهي، أخذته معي وعمل معي بكل جد وحاول السؤال عنكما أنتِ ووالدتك لكنه لم يستدل عليكما

وتوفي بعد مدة تاركًا إرثك أمانة في رقبتي"

عُقد قران حمزة وغالية وعاشت غالية أسعد أيامها عوضها الله عن كل ما قاسته في الحياة، أنجبت فتاتين توأم، سراب وجميلة.

تمت بحمد الله

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب333581
2الكاتبمدونة نهلة حمودة189389
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181100
4الكاتبمدونة زينب حمدي169694
5الكاتبمدونة اشرف الكرم130914
6الكاتبمدونة مني امين116755
7الكاتبمدونة سمير حماد 107594
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97782
9الكاتبمدونة مني العقدة94902
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91492

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
2الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
3الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
4الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
5الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
6الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
7الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
8الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
9الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14
10الكاتبمدونة محمد بوعمامه2025-06-12

المتواجدون حالياً

563 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع