" كلما ضاق به الحال ردد قول يونس عليه السلام " لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ " وما زال يشتد الكرب في جلد قلبه بالظلمة والحزن، قال في نفسه ما الأمر منذ عام ولم يكف لساني عن دعوة يونس في ظلماته..! أشتد كربه اكثر فأكثر حتى صرخ من عمق قلبه " يا الله " ؛ " يا الله " زالت الغمامة ..
" الأمر كان يلزم منه التأمل، أصبح يفكر فيما ذكر عن فضل الدعاء، لكن بعد لحظة تذكر أن زوال الغمة علته في عمق شعوره ذاته حين قال " يا الله " بعد اليأس من اللفظ أن يزيل عنه الحزن ، فربما استجيب له من باب يقينه وما تضمنه من شعور مركب بين الوحدانية والندم، تلَّخص في كلمة واحدة تنبع من يقينه شعور فقط " ان ليس لي غيرك، لا إله لي غيرك، لقد ندمت ويأس القلب من كل سبب دونك، لقد ظلمت نفسي حين لجأت لسبب وغفلت عن المسبب ، ظنتت ان اللفظ هو من ينجي من الظلمات وانت ربي ورب كل الأسباب " هكذا كانت " يا الله " كفيلة ان تزيل همه وبددت ظلماته .
" علم ان ما اشتد الله عليه بالهم إلا ليعلم ان العلة في قلبه لا في اللفظ ، فما قال يونس عليه السلام " لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ " إلا من عمق قلبه، أولا، فأجرى الله على لسانه ما وقر في قلبه من يقين في لفظ دعائه .. من وقتها إذا فرح قال " يا الله" و إذا ضاقت قال" يا الله " لفظا وقلبه يقول لا إله غيرك افرحني ولا إله غيرك يزيل همي ولا إله غيرك حبيبي، حبيبي يا الله .