آخر الموثقات

  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  • إيران من الداخل بعد الحرب.. 
  • معضلة فهم الحرب على إيران
  • نصر سياسي ايراني
  • قصة قصيرة/ وصاية الظل
  • ق ق ج/ سرُّ الشجرة والقوس
  • قليل من الحياة
  • حين كنت تحبني سرآ
  • رفاهية الضياع
  • وفتحوا المكاتب تخصص جديد
  • يمكن الطريق موحش!
  • الخلل
  • لا أعيش مع بشر
  • اسئلة عقدية خليلية 
  • جرح الكلمات
  • الصالونات الثقافية ...... هل هي بدعة جديدة ؟
  • الحب الصحي
  • المولوية
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شحاتة
  5. التمثال الملعون

 

 

-آلو، أيوه يا عم "أحمد"، معلش اطلع دقيقة عاوزك.

كلِّمت عم "أحمد" البواب عشان يطلع، المكالمة تقريبًا كانت بعد رجوعي من السَّفر بحوالي ساعة، أصل كنت مسافر من خمس سنين، ولسَّه راجع، كنت سايب نسخة من المفتاح معاه، قولت يعني إذا حصل في الأمور أمور، يكون معاه نسخة، وهو شخص يتآمن على الدهب زي ما بيقولوا، بس أنا مكمِّلتش ساعة في الشقة، لكن لاحظت إن التمثال اللي فوق ترابيزة الصالون مش موجود، ده السبب اللي خلاني أتصل بـ "عم" أحمد، بما إنه كان بيشقَّر على الشقة من وقت للتاني، وأحيانًا كان بيكلمني ويقولي "الشقة مليانة تراب، وريحتها مُش ولا بُد، ويلزمها حد ينضفها"، وساعتها كان بيجيب حد ياخد قرشين وينضف الشقة، ويبعتلي الصور بعدها، وكنت بشوف فيها التمثال عادي، ودلوقت مش موجود!

دماغي فضلت تودِّي وتجيب، لحد ما لقيت جرس الباب بيرن، عرفت إنه عم "أحمد"، خطفت رجلي لحد الباب عشان أفتح، ولما دخل قالّي:

-خير يا أستاذ "فوزي"، محتاج حاجة أجيبها لحضرتك؟

-كان في تمثال على الترابيزة يا عم "أحمد"، متعرفش هو فين؟

-تمثال إيه اللي تقصده حضرتك، أنا مشوفتش تماثيل.

-لأ كان في تمثال على ترابيزة الصالون، كنت شاريه قبل ما أسافر.

-لاحظ حضرتك إن كلامك حارج.

-متفهمنيش غلط، ممكن تكون نقلته في مكان والشقة بتتنضَّف عشان ميتكسرش.

-يا أستاذ "فوزي" أنا بأكِّد لحضرتك إني لا شوفت تماثيل، ولا كان في تماثيل من الأساس، يا تصدَّقني يا متصدَّقنيش حضرتك حر.

وسابني وخرج من الشقة، لكن قبل ما يخرج، سابلي نسخة المفتاح اللي معاه، وده معناه حاجة واحدة، هو إن عم "أحمد" افتكر إني بشُك فيه، وإنه أخد التمثال مثلًا، وده طبعًا سوء ظن مش في محله، يمكن كنت عنيف شوية في الكلام، أو معرفتش أوصَّل اللي عاوز أقوله بطريقة مناسبة، لكن أهو اللي حصل بقى.

بدأت أفضِّي شنطتني وأرتِّب هدومي في الدولاب، ولما خلَّصت كنت مقتول من التعب، طيارة وطريق وانتظار، يوم السَّفر بيكون معروف، هدِّة حيل زي ما بيقولوا، عشان كده غيَّرت هدومي وطفيت النور، ومدِّدت على السرير، قولت أرتاح شوية، ولما أقوم من النوم، أبقى أشوف هاكل إيه، جسمي بدأ يسترخي، والنوم بدأ يشاغل عيني، لحد ما غمَّضت، لكن فتَّحت عيني تاني، لما سمعت صوت خرفشة في الدولاب.

انتظرت شوية؛ عشان أتأكد من اللي سمعته، يعني يمكن أكون كنت بحلم، ولا بتهيألي، لكن بعد شوية الصوت اتكرَّر، قومت أشوف إيه اللي في الدولاب، قُطَّة مثلا، لكن هتدخل منين القطة؟! يبقى فار، ودخل من أي حتة كده ولا كده واستخبى في الدولاب، قومت من السرير وفتحت النور، قربت من الدولاب، وبدأت أحط ودني عليه، وانتظرت كتير، لحد ما لقيت الصوت طالع من الدرفة اللي في النُّص، فتحتها فجأة والصوت كان موجود، لكن الصوت اختفى بمجرد ما فتحت الباب، ومكانش في أثر لأي حاجة.

وفي لحظة ما كنت ببحلق في الدولاب، سمعت صوت حاجة بتجري من ورايا، التفتت بسرعة، ولمحت خيال باهت لحاجة صغيرة، وبمجرد ما لمحته اختفى، والخيال اللي في الحجم ده أكيد خيال فار، هرب من الدولاب واستخبَّى هنا ولا هنا، النوم طار من عيني، بدأت أدوَّر تحت السرير، وفي أي ركن ممكن الفار يستخبَّى فيه، ولما ملقتش له أثر، خرجت أدوَّر في الصالة، قولت يمكن هرب من تحت عقب الباب ولا حاجة، قلبت الدنيا فوقاني تحتاني، لكنه فص ملح وداب، وبعدين قولت في نفسي "هو في حد عاقل برضو هيدوَّر على فار؟ يعني الفار هيستنَّاك تمسكه؟"، وبعدها روحت على تليفوني، طلبت رقم عم "أحمد" البواب، ولما رد عليا لقيته عاطيني الوِش الخشب، حقه برضو مش هقدر ألومه، ما أنا كلامي معاه كان بايخ، لكني اعتذرتله عشان ميكونش شايل في نفسيته منّي، وبعدها قولتله:

-أنا عاوز مصيدة فيران يا عم "أحمد".

لقيته سكت شوية كده، وبعدها قالي:

-هو أنت شوفت فار في الشقة ولا إيه؟

-أيون؛ سمعت خرفشة في الدولاب، وبعدها لمحت خياله وهو بيجري.

-متقلقش، أنا عندي مصايد فيران ياما، حاطتهم في مسقط العمارة، هجيبلك واحدة وأطلع.

كمِّلت تفتيش عن الفار، لحد ما جرس الباب رن، روحت فتحت، ولقيته عم "أحمد"، كان شايل ديل جلابيته في إيد، وفي الإيد التانية كان ماسك مصيدة فيران، وكانت جاهزة، يعني بابها مفتوح وفيها حتِّة عيش، وسَّعت من طريقه عشان يدخل، وبعدها قالي:

-تحب أسيب المصيدة فين؟

كنت محتار، لكني شاورتله ناحية أوضتي وقولتله، حطها هناك جنب الدولاب بتاعي.

وقفت جنب باب الشقة، لحد ما حط المصيدة وطلع، وساعتها قالّي قبل ما يمشي:

-أول ما تسمع صوت خبطة باب المصدية، اعرف إن الفار اتمسك، اتأكد منها وبعدين كلِّمني، وأنا آخد المصيدة وأتصرَّف معاه.

شَكَرتُه قبل ما يمشي، وقفلت الباب وراه، دخلت قعدت في الصالة، وحاولت أكون مصحصح على قد ما أقدر، وكنت بتمنى إني أسمع صوت باب المصيدة في أقرب وقت، لكن بدل ما أسمع صوت باب المصيدة، سمعت صوت تليفوني، قولت في نفسي: مين اللي هيتصل بيا هو حد فاكرني؟ زمانه عم "أحمد" بيطَّمن المصيدة مسكت الفار ولا لسه.

قومت أجيب التليفون اللي كان على الترابيزة، لكن مكانش رقم عم "أحمد"، دا كان رقم غريب، اترددت أفتح المكالمة، كنت بسأل نفسي مين بيرن عليا من رقم غريب؟ دا اللي يعرفوا الرقم ده يتعدوا على صوابع إيدي، الرنة انتهت، وبعدها الرقم رن تاني، قولت ما بدَّهاش بقى، فتحت المكالمة وقولت:

-آلو.

-حمدالله على السلامة يا "فوزي".

الصوت مكانش غريب، لكن مش قادر أربط بينه وبين صاحبته، وفي نفس الوقت، حاسس إني مسمعتوش من فترة طويلة، وده اللي خلاني أقولها:

-مين معايا؟

-نسيت صوتي؟ الغياب فعلًا بيخلينا ننسى حاجات كتير.

لكن لقيت الذاكرة بتسعفني، وبقولها:

-ازيك يا "إيناس"، وحشتيني.

في الوقت ده، مكنتش قادر أحدد إن كنت لسه بحب "إيناس"، ولا الحب ده اتبخَّر مع الوقت، حتى ولو كان لساني نطق غصب عني وقولتلها وحشتيني، لكن كنت مرتبط بها من قبل ما أسافر، واختلفنا بعد سفري بحوالي 3 سنين، ومن وقتها وإحنا ما بنتكلِّمش، وبعدها بعتلها كذا مرَّة وتجاهلتني، وبعدها عملتلي بلوكات، ومحاولتش تبعتلي طول السنتين اللي فاتوا، لكن الغريبة إنها بتكلِّمني في اليوم اللي وصلت فيه، وبتقولي حمدالله على السلامة، إيه اللي فكَّرها بيا؟ واشمعنى في اليوم ده تحديدًا.

-"فوزي"، يا "فوزي".

-ها، أيوه يا "إيناس"، أنا آسف سرحت شوية، أنا معاكي.

-بقولك وأنت كمان وحشتني.

بلعت ريقي لأني مكنتش عارف أقول إيه، لكن أنا مصدَّق وداني، وسمعت اللي بتقوله، ولقتني بسألها عن حالها وبقولها:

-أخبارك إيه؟ طمنيني عليكي.

-أنا بخير، هشوفك أمتى؟

-ها، قبل ما أقولك هتشوفيني أمتى، قوليلي، عرفتي إزاي إني وصلت.

-افهم دماغ الستات بقى يا "فوزي"، يابني أنا آه بعد الخناقة اللي حصلت بينا وسيبنا بعض عملتلك بلوك على كل تطبيقات السوشيال، وفي نفس الليلة عملت أكاونتات جديدة، عشان أتابعك منها.

-وكان إيه لزومها اللفَّة الطويلة دي، تبلِّكي أكاونتات، وتعملي أكاونتات، إيه الهَطَل اللي أنتي فيه ده؟

-خلاص بقى أنت مصدَّقت لقيت حاجة عاوز تطلَّعني على المسرح، هشوفك أمتى؟

-أمسِك الفار بس ونتقابل.

-أنت بتهزَّر يا "فوزي"؟ فار إيه اللي عاوز تمسكه؟

-مش بهزر والله، لسه راجع أول يوم أهو، ولمحت فار بيجري، كلِّمت عم "أحمد" وجابلي مصيدة، وأديني قاعد أهو مستني الفار يدخل المصيدة وأخلص.

في اللحظة زي سمعت خبطة المَصيدة، قومت بسرعة من مكاني وأنا بقولها:

-وشك حلو، المصيدة مسكت الفار.

سيبتها معايا على التليفون، ودخلت أجري على الأوضة، فتحت النور، وبصيت بعيني ناحية المصيدة، لقيت بابها مقفول، وحتة العيش اللي في المصيدة مش موجودة، عرفت إن الفار أخدها وطار، والمصيدة قفلت على مفيش، طلبت من "إيناس" إني أقفل المكالمة، على أساس إني هرجع أتصل بها بعد شوية، أكون يعني حطيت حتة عيش تانية في المصيدة، وجهِّزتها من تاني.

وقفلت المكالمة، وروحت على المطبخ أدوَّر على حتة عيش، تكون مركونة هنا ولا هنا، دوَّرت في كل مكان، لحد ما لقيت كيس فيه ربع رغيف ناشف، قولت أهو يوفي بالغرض، أخدت ربع الرغيف ورجعت على الأوضة، ولما وصلت عند المصيدة، وقفت وأنا مذهول، ومش مستوعب اللي شايفة قدامي.

المصيدة كان بابها مفتوح، وحتة العيش كانت موجودة في مكانها، أومال أنا سمعت الصوت ازاي؟ وشوفت المصيدة فاضية ازاي؟ هو في إيه؟

وفي عز ما كنت بفكَّر في سبب للي حصل، سمعت الخرفشة من تاني في الدولاب، بدأت أقرب منه وأنا خايف، كنت مركِّز مع الصوت، وبعدها فتحت باب الدولاب فجأة، عشان ألاقي التمثال موجود!

الخضَّة اللي أخدتها؛ خلتني أرجع لورا، لدرجة إني خبطت في السرير وكنت هسقط في الأرض، لولا بس ما سندت بدراعي على حافة السرير، وعيني مبحلقة في التمثال اللي معرفش كان فين ولا وصل هنا ازاي، أنا فتحت الدولاب ورتبت هدومي، وفتحته تاني وأنا بدوَّر على الفار، وفي المرة التالتة بفتح، ألاقي التمثال في وشي، وفوق الهدوم اللي أنا مرتِّبها!

مُش دي الحاجة الوحيدة المخيفة اللي حصلت، في عز ما كنت مبحلق في التمثال، باب الدولاب اتقفل فجأة، صوته كان عالي لأنه اتقفل بطريقة عنيفة، كأن في حد رزعه بكل قوته، استغربت الحكاية أكتر، وفضولي زاد عشان أعرف إيه اللي بيحصل، قاومت الخوف اللي جوايا، وقومت وقفت وأنا بحاول أمسك أعصابي، قرَّبت من الدولاب، ومديت إيدي وأنا متردِّد عشان أفتحه، مسكت مقابض الباب، وأخدت نفس عميق، وبعدها فتحت الدرفتين فجأة، ولقيت التمثال مش موجود!

دماغي بدأت تودِّي وتجيب، هو في إيه التمثال اختفى، وفي إيه ظهر في الدولاب، وفي إيه اختفى تاني؟!

مقطعش تفكيري غير صوت باب المصيدة، اتقفل فجأة وصوته كان أشد من المرة اللي فاتت، قفلت الدولاب وبصِّيت ناحية المصيدة، وساعتها لقيت فيها الفار، اللي أعرفه إن الفيران لونها رمادي، لكن أوِّل مرة أشوف فار لونه أحمر، وحجمة زي ما يكون قطة صغيرة، ورغم إن شكله كان غريب، لكن قولت في نفسي "هو أنا هستغرب ليه، ما يمكن سلالة نادرة ولا الجينات بتاعته فيها حاجة، ورغم التبريرات اللي كانت بتدور في راسي، لكن جسمي كان متلبِّش، اللي حصل مع التمثال وبعدها الفار الغريب ده، كان كفيل إني أتهَز، بدأت أقرَّب من المصيدة، كنت ملاحظ إن الفار لا خايف ولا مذعور، ولا حتى بيحاول يهرب، كان بيبصلي بنظرات ثابتة فيها تحدِّي، ويمكن ده اللي خلاني مقرَّبش إيدي من المصيدة، لكن مديت رجلي، وزقِّيت المصيدة وخليت الباب للحيطة، عشان أضمن إنه ميتفتحش، وبعد ما اتأكدت إن الباب لازق في الحيطة، وإن الفار مستحيل يهرب، خرجت من الأوضة وروحت مسكت تليفوني.

طلبت رقم عم "أحمد"، رنة والتانية، لحد ما رد عليا بصوت كله نوم وقالي:

-خير يا أستاذ "فوزي"، محتاج حاجة؟

-الفار يا عم "أحمد"، المصيدة مسكت الفار.

-طيب أنا طالع لحضرتك أهو، حمامة.

فتحت الباب وانتظرته، ومفاتش وقت طويل، وسمعت خطوات طالعة تجري على السلم، وبعدها لقيت عم "أحمد" طالع وفي إيده نبُّوت، وسألني وهو كله شغف وكأننا ماسكين قتَّال قُتلة، وقالي:

-هو فين المحروق ده؟

-المصيدة في الأوضة.

طلَّعت نفسي برَّه الموضوع، وخلِّيته هو يتصرَّف، مسك ديل جلابيته في إيده، ورفع النبوت بالإيد التانية، ودخل يجري على الأوضة، وقولت خلاص، كلها ثواني وهسمع خبطة النبوت، وبعدها هسمع الصرخة الأخيرة للفار، والفيلم الهندي دي كله هينتهي، لكن مسمعتش حاجة من دي خالص.

مسمعتش غير صوت عم "أحمد" وهو بيقولي:

-هو في الفار ده يا أستاذ "فوزي"؟

مكنتش مستوعب سؤاله؛ فقولتله:

-مش فاهم تقصد إيه يا عم "أحمد"، هو أنت بتكلِّمني؟

-طبعًا بكلمك أومال بكلِّم مين يعني؟ بقولك هو فين الفار ده؟

رجلي أخدتني للأوضة، عشان أشوف المصيدة في نفس المكان اللي سيبتها فيه وكان الفار جوَّاها، لكنها كانت فاضية، وباب المصيدة مقفول، وحتة العيش موجودة فيها!

مكنتش عارف أفسَّر حاجة لعم "أحمد"، أنا كنت محتاج حد يفسَّرلي أنا، أنا اللي مُش فاهم، وعامل زي ما أكون تايه، وقفت مش عارف أنطق، لحد ما عم "أحمد" قالي:

-بُص يا أستاذ "فوزي"، هو مفيش غير تفسير واحد للي حصل، باب المصيدة كان معلَّق، واتقفل لوحده، وصوتها كان عالي، يمكن أنت اتخضيت من الصوت واتفاجأت، عشان كده اتهيَّألك إن المصيدة مسكت الفار.

كلام عم "أحمد" خلاني أتعصَّب، فقولتله:

-اتهيَّألي؟! يعني اتجننت مثلًا، بقولك أنا شوفت الفار بعيني جوه المصيدة، كان لونه أحمر.

-وهو في فار أحمر يا أستاذ "فوزي"؟ ألا بقى لو كان بيقرقد في صابع روج وبهدل نفسه.

-هو ده وقت تهريج يا عم "أحمد"؟!

-ما أنت اللي بتقول كلام ميدخلش النافوخ، عمومًا، أنا هظبطلك المصيدة تاني، وسيبها على الله.

مُش عارف ليه؛ كنت حاسس إن الحكاية مش في الفار، ولا إني بشوفه في المصيدة، وفجأة مش بلاقيه، التمثال هو بداية الخيط، ولو حد يعني قال إيه علاقة التمثال بالفار، هقوله ببساطة، إن اختفاء التمثال وراه حاجة غامضة، يعني مش حكاية إن عم "أحمد" غيَّر مكانه، أو إن حد أخده، الموضوع كبير، لأنه لو اتسرق أو موجود في مكان تاني، إيه اللي هيخليه يظهر في الدولاب، ويختفي تاني، وفي نفس الدرفة اللي سمعت فيها خرفشة الفار.

قعدت في الصالة من تاني، والمرة دي، مكنتش منتظر أسمع صوت باب المصيدة، أنا كل اللي كان شاغلني هو التفكير، ازاي أرجع بعد خمس سنين ألاقي من أول يوم أموري غريبة كده، الشقة فيها حاجة مش مفهومة، مش عاوز ألجأ للتخاريف، والكلام العبيط اللي ممكن يفسَّر اللي حصل تفسير مش منطقي، يعني الشقة اتسكنت لأني هجرتها فترة طويلة، بالعكس، عم "أحمد" كان بيفتح الشقة من وقت للتاني، عشان تتهوَّا وتتنضَّف، دا غير إن مفيش مجال إني أفكَّر في الناحية دي.

تليفوني رن من تاني، ولما بصِّيت فيه لقيتها "إيناس"، فتحت المكالمة وردِّيت عليها، ولقيتها بتقولي:

-إيه يابني، أنت روحت وقولت عدُّولي؟

-مُش حكاية روحت وجيت، في حاجة غريبة بتحصل.

لقيتها سكتت شوية كده، وبعدها قالتلي:

-إيه هي الحاجة الغريبة؟

-خلينا نتقابل أحسن، إيه رأيك أشوفك الصبح؟

-أكيد هقابلك، أنا كنت بكلِّمك عشان أقولك إني عاوزة أشوفك.

-طيّب هشوفك فين؟

-في نفس الكافيه اللي كنا بنتقابل فيه قبل ما تسافر.

-هو لسه موجود؟

-طبعًا، دا حتى جدِّدوه وبقى حاجة تانية.

اتفقت معاها إننا نتقابل الساعة 10 الصبح، وخرجت قبل ميعادي بوقت كفاية عشان أوصل بدري، وصلت قبلها بربع ساعة، وقعدت أنتظرها، وساعتها سمعت صوت جنبي بيقولي:

-أأمرني يا فندم، أجيب لحضرتك إيه؟

كان صوت الويتر، لمَّا شافني قعدت كان بيشوفني لو عاوز حاجة، لكن أنا قولتله:

-شوية بس، لما الناس اللي أنا منتظرهم يوصلوا.

الساعة 10 بالظبط، لقيت "إيناس" داخلة من باب الكافيه، كانت زي ما هي متغيَّرتش، كأني سايبها امبارح بس، مش من خمس سنين ولا حاجة، لسه جميلة زي ما هي، طريقة مشيتها الواثقة من نفسها، زي ما تكون السنين فاتت، وكل حاجة اتغيَّرت إلا هي، لسَّه على طبيعتها، وقفت أستقبلها، سلِّمت عليها، وحسيت إنها سعيدة جدًا عشان شافتني، وبعدها قعدنا، بدأنا نتكلم، مش عاوز أقولكم إني نسيت كل حاجة لما شوفتها من تاني، زي ما يكون الفار اللي كان بيعلب في عبّي زي ما بيقولوا هرب، ونسيت التمثال، كنت بطَّمن عليها وعلى أحوالها، وهي بتعرف إيه أخباري، وفضلنا نتكلِّم لحد ما قالتلي:

-أنا آسفة على اللي حصل منّي يا "فوزي"، أنا بعد تفكير كتير لقيتني أنا الغلطانة.

-ياستي ولا يهمك، ما هو كل مرَّة بتطلعي أنتي الغلطانة، بس المرَّة دي أخدتي سنتين على ما فهمتي إن الغلط عندك، بيقولك مرَّة أسد قال نكتة، الحمار ضحك عليها بعد 3 أسابيع.

-يا "فوزي" بطَّل هزارك البايخ ده، بقولك إيه، متاخدنيش في دوكة، هاتيجي تقابل بابا إمتى؟

ولحد هنا والبراشوت اللي نزل عليها فصلنا، لما سمعنا صوت الويتر وهو بيقولنا:

-تحبوا تاخدوا إيه؟

ورغم إننا ضحكنا، لكني قولتله:

-يعني حَبَكِت؟ مش شايفنا بنتكلم كلمتين؟ مش عارف تاخدلك لفة وترجع تاني؟ عمومًا هات اتنين ليمون، أنا وهي بنحب الليمون؟ وعيش وتعالى بقى وإحنا بنتكلم واسألنا، عايزين الليمون بتلج ولا من غير.

-يا فندم أنا مقصدتش والله، بس قولت يعني أشوفكم محتاجين إيه وكده.

-ماشي ياعم صباحك فل، طير بقى.

ورجعنا للكلام من تاني، في اللحظة دي قولتلها:

-في حاجة غريبة حصلت امبارح.

-صحيح أنت مقولتليش، إيه اللي حصل؟

حكيتلها على كل حاجة، كانت بتسمعني وهي مبحلقة، ومستغربة من الكلام اللي بقوله، وبعد ما سمعتني لحد النهاية قالتلي:

-مُش التمثال ده اللي أنت اشتريته ليلة ما كنت صابح مسافر؟

-أيون هو، ما أنتي كنتي معايا.

-أنا فاكرة مُش ناسية، لكن أنا استغربتك وقتها.

-يعني إيه استغربتيني.

-لقيتك واقف تبُص للتمثال ومُندمج معاه، وبعد كده لقيتك داخل على الراجل صاحب الفرش بتشتريه.

-أهو كان آخر يوم ليا قبل ما أسافر بقى، وكنا بنتمشى وسط البازارات، والتمثال شدِّني بصراحة، قولت حاجة جديدة، واشتريته، دا لدرجة إني بعدها فضلت أسأل نفسي أنا اشتريته ليه، أنا مش هاوي تماثيل أصلًا، لكن لما روحت حطيته على ترابيزة الصالون، وسافرت تاني يوم الصبح وهو موجود، ولما جيت لقيته اختفى.

-أنا أصلًا بترعب من التماثيل والحاجات دي، بيقولوا إن الجِن بيسكنها، خصوصًا التماثيل الفرعونية، بيقولوا إن الفراعنة بيعملوا عليها تعاويذ ولعنات والكلام ده.

-تماثيل فرعونية إيه انتي كمان، أنتي هتودينا في داهية؟! دا تمثال تقليد من واحد فارش جنب بازار.

-في الأول والآخر تمثال، يعني ممكن تكون في حاجة سكناه.

-أنتي بتصدَّقي في الكلام ده؟

-والله بسمع ناس كتير بتقول كده، أنا مشوفتش بعيني، لكن الكلام كتير.

الحوار خلَّاني أخرج برَّه قناعاتي وأفكَّر، هو يمكن اللي "إيناس" بتقوله يكون صحيح؟ يعني التمثال ممكن يكون فيه حاجة؟!

بعد ما سألت نفسي الكام سؤال دول، لقيت الويتر بينزل الليمون اللي طلبناه، وبعد ما حط الليمون على الترابيزة سابنا ومشي، وأنا كمِّلت تفكير، وفي الوقت ده، عيني لمحت التمثال، كان موجود على رف في الكافيه، استغربت هو ازَّاي وصل هنا، قومت من مكاني وأنا عيني على التمثال، وفي الثواني دي، كنت بسأل نفسي، هو ده التمثال ولا ده تقليد؟ ولا موجود منُّه أكتر من نسخة؟ والغريبة هي إن عيني جت كتير على المكان ده، لكن دي أوِّل مرَّة ألمحه.

سيبت الترابيزة وروحت أتأكِّد منه، وساعتها سمعت صوت "إيناس" وهي بتقولي:

-سايبني ورايح فين يا "فوزي"؟

تجاهلت سؤالها وكملت طريقي، وبعد كام خطوة كنت واقف قدام التمثال، بصِّيت فيه وأنا بتأكِّد إن كان هو ولا لأ، لكن لاحظت إن ملامحه كانت بتتغيَّر، مرة يبقى التمثال، ومرة أحِس إن وشُّه بيتحوِّل لملامح الفار الأحمر، حسيت إن الدم بيغلي في عروقي، ودماغي هتنفجر، معرفتش أتحكِّم في نفسي، لقيت إيدي بتتمد على التمثال وبتجيبه من فوق الرف، وبدون ما أعرف عملت ده ازّاي، رفعت إيدي لأعلى ارتفاع عندي، ورزعت التمثال في الأوض، عشان يتحوِّل لفرافيت.

بعد ما عملت اللي عملته، حسِّيت إني فوقت من غيبوبة، بدأت التِفت حواليا، ولقيت كل الناس اللي في الكافيه عينها عليا، كانوا مستغربين اللي أنا عملته، حتى الناس اللي شغالة في الكافيه، كانوا بيبصولي باستغراب، بصِّيت في الأرض على التمثال اللي كسرته، ولقيت كل حاجة في تفاصيله متغيَّرة، اللون مختلف، لكن راسه كانت زي ماهي، واللي مكانتش راس التمثال، دي كانت راس بومة!

كنت واقف في نُص هدومي، مش عارف أقول إيه ولا أبرَّر اللي أنا عملته ازّاي، فضلت ساكت لحد ما واحد من اللي شاغلين في الكافيه قالي:

-حصل خير يا أستاذ، حصل خير.

بلعت ريقي كده وقولتله:

-أصل ده التمثال الفرعوني اللي...

معطانيش فرصة أكمِّل كلامي، قاطعني وقالّي:

-تمثال فرعوني إيه يا أستاذ، دي بومة من الجِبس، موجودة ضمن ديكور الكافيه من بعد ما اتجدِّد.

كلامه كان مظبوط، الفرافيت اللي على الأرض قدامي، كان فيها راس بومة، أخدت بعضي ورجعت على الترابيزة، بعد ما عامل النظافة بدأ يشيل أثر المصيبة اللي عملتها، وبعد ما قعدت لقيت "إيناس" بتقولي:

-إيه اللي عملته ده يا "فوزي"؟

-أقسملك بالله، أنا شوفت التمثال على الرَّف، ولما وقفت قدامه، كانت ملامحه بتتغير لملامح الفار، وبترجع من تاني لملامح التمثال، عشان كده عملت اللي عملته.

-واضح إن أعصابك تعبانة ومحتاج ترتاح، قوم نمشي دلوقت، وبعدين نشوف هنتصرَّف ازَّاي، يمكن تكون محتاج تنام، أو تاخد أي مهدِّآت.

مكنتش مقتنع بكلامها، لكن محبِّتش أعلَّق عليه، خرجنا ووقَّفت تاكسي، وطلبت منُّه يوصَّلها البيت، وحاسبت عليه، وبعدها أخدت تاكسي يوصلني لشقِّتي، ولما وصلت العمارة، لقيت عم "أحمد" قاعد على الدِّكة بتاعته، أوِّل ما شافني لقيته بيقولي:

-لما تطلع فوق شوف المصيدة، لو كانت مسكت الفار اندهلي.

شَكَرتُه وكمِّلت طريقي، طلعت الشقة وفتحت الباب، لكن حسِّيت إن ريحة المكان غريبة، زي ما تكون ريحة كبريت، أو في حاجة بتتحرق، أنا من وقت ما جيت لا فتحت بوتاجاز، ولا دخلت المطبخ إلا عشان أشوف حتة عيش للمصيدة، قولت يمكن واحدة من الجيران حارقة الرُّز ولا حاجة، لكن لمَّا ركِّزت شوية، لقيت إن الريحة موجودة جوَّه الشقة، خرجت على السلم تاني، ولقيت إن مفيش ريحة برَّة، دخلت وقفلت الباب، وأنا بحاول أعرف إيه الريحة دي، قلبت الشقة، وملقتش حاجة بتتحرق، ولا لقيت نار، ولا أي مصدر للريحة، وقفت في الصالة، ولقيت إن الريحة قوية في المكان ده، بصِّيت تحت كنب وكراسي الصالون، برضو مفيش أثر لأي حاجة، رجعت أتأكِّد من المصيدة، لقيتها فاضية زي ما هي، ملقتش قدامي غير إني أتِّصل بـ عم "أحمد"، مسكت تليفوني ورنِّيت عليه، ولما فتح المكالمة قولتله:

-في ريحة غريبة في الشقة، كبريت، أو نار، زي ما تكون في حاجة بتتحرق.

-ماهي دي الريحة اللي كانت بتخلِّيني من وقت للتاني أفتح الشقة عشان تتهوَّا، وأجيب حد ينضَّفها.

-يعني دي مُش حاجة جديدة؟

-لأ مُش جديدة ولا حاجة، تلاقيها بس ريحة كَمكَمة، ولا البلاعات فيها حاجة، أنا كنت بخلِّي اللي بتنضفها ترمي معطِّر في البلاعات، لكن الريحة كانت بتيجي تاني.

-طيِّب شكرًا يا عم "أحمد".

قفلت معاه، ولقيت التليفون بيقع من إيدي، لأن اللي شوفته مكنتش متوقع إني أشوفه.

كان عبارة عن كيان غريب واقف فوق ترابيزة الصالون، جسمه كان كله شَعر أحمر، ولما رفعت عيني لحد راسه اللي كانت مقرَّبة من السَّقف، لقيت إن راسه هي راس الفار، في اللحظة دي حسِّيت إن رجليا اختفت من تحتي، وقعت في الأرض من الصدمة، كنت ببُصُّله وأنا مش عارف ده إيه أو ظَهَر ازّاي، حسيت بهبوط شديد، والعَرَق بدأ ينزل من وشِّي ويجري في جسمي كله، وكأن روحي كانت بتخرج، الرؤية حواليا بدأت تشوِّش، عيني كانت مزغللة، وبعدها محسِّتش بأي حاجة.

فتحت عيني على صوت جرس الباب، رفعت راسي اللي كانت أتقل من صخرة الهرم، عشان أشوف أنا فين، واتفاجأت بإني كنت نايم في الأرض، في نفس المكان اللي كنت واقع فيه قبل ما أشوف اللي شوفته، ولما انتبهت، لقيت إن مش جرس الباب بس هو اللي بيرِن، دا جرس الباب وتليفوني بيرنوا في نفس الوقت، بصيت في التليفون ولقيتها "إيناس"، قولت أسيبها شوية لحد ما أشوف مين اللي على الباب.

قومت من الأرض بالعافية، جسمي كان مدغدغ، كأني واقع من تاني دور، جرِّيت رجلي بالعافية لحد الباب، ولما فتحت لقيته عم "أحمد" البواب، أوِّل ما شافني بصِّلي وقالي:

-أنت كويس يا أستاذ "فوزي"؟!

كنت بنطق بالعافية وأنا بقوله:

-الحمد لله، أنا كويس.

-خضِّتني عليك، دا أنا بضرب الجرس من نص ساعة، وبخبَّط على باب الشقة، الجيران سمعوا وأنت في سابع نومة، صحة النوم.

-نوم إيه بس يا عم "أحمد"، أنت عايز إيه دلوقت؟

-أنا كنت نازل من على السطوح، قولت أشوفك لو محتاج حاجة، بس لما مردِّتش عليا وأنا عارف إنك جوَّه اتخضِّيت، كمان كنت سامع تليفونك بيرن وأنت مبتردِّش، قولت يمكن جرالك حاجة.

-لأ أنا كويس يا عم "أحمد"، روحت بس في النوم شوية، لكن صحيت خلاص.

-طيب لو احتاجت حاجة كلِّمني.

لما سابني ونزل، قفلت الباب ودخلت تاني، روحت لتليفوني عشان أشوف "إيناس" كانت بترِن ليه، لقيت فوق العشرين مكالمة منها، استغربت أنا ازاي مصحيتش رغم كل ده، طلبت رقمها، ولقيتها زي اللي مستنية على الزرار، المكالمة فتحت علطول، ولقيتها بتقولي:

-افتح الواتس آب يا "فوزي"، أنا بعتالك حاجة مهمة.

-حاجة مهمة إيه؟ طيب ما تقولي ما أنا معاكي أهو.

-افتح بس وشوف أنا بعتالك إيه.

قفلت معاها وفتحت الواتس آب، كانت بعتالي رابط، لما فتحته لقيتها مدوَّنة، ولقيت الرابط لموضوع قديم، من حوالي 5 سنين، من أوِّل ما شوفت المدوَّنة والموضوع أخد كل تركيزي، لأن العنوان كان كالتالي: التمثال الملعون، وكانت صورة التمثال موجودة تحته!

لمَّا قرأت الموضوع للنهاية، فهمت كل حاجة، التمثال ملعون، والسبب في اللعنة دي، هو إن التماثيل عمومًا مأوى للجِن والشياطين، لكن التمثال ده بالذات، الجِن اللي فيه كان ساكنه بدون إرادته، لأن الجِن ده كان رصد على مقبرة من المقابر، والشيخ اللي كان بيقرأ عليها، قدِر إنه يحبِس جن الرصد في التمثال ده، ويعزِّم عليه، عشان ميقدرش يهرب ويرجع للمقبرة، لأنه كان في كل مرة بيرجع، وبيدمَّر المعدات اللي كانوا بيحفروا بها، وبيردِم الحفرة.

من ضمن اللي قرأته تاني في الموضوع، إن التمثال بيصيب أي مكان بيروحه باللعنة، أو ممكن يصيب الشَّخص اللي اشتراه، لأن الجِن اللي فيه، بيحاول يشاغل أهل المكان، عشان حد يفِك أسره.

كل معلومة بقرأها كانت أغرب من اللي قبلها، وكانت بتثير الخوف جوايا، والاندهاش، والذهول، وكل اللي تقدروا تقولوا عليه، لأن قرأت في آخر الموضوع، إن التمثال بيحاول يجذب أي حد، عشان يقتنيه، ويبدأ الجِن اللي فيه يعمل العكوسات بتاعته، يمكن حد يفهم اللي فيها ويحرَّره، والنقطة دي فسَّرتلي حاجة غريبة، هو أنا ليه لما شوفت التمثال صدفة وركزت في ملامحه، لقيت نفسي انجذبتله بطريقة غريبة، ومقدرتش أمشي غير وأنا شاريه، حتى افتكرت كلمة صاحب الفَرش اللي اشتريته من عليه، لمَّا قالي:

-تصدَّق بالله يا أستاذ، أنا في واحد تصرفاته غريبة باعلي التمثال ده امبارح، واشتريته منه بمبلغ تافه، حسيت إنه بيتخلَّص منُّه، وقولت هيقعد في أرابيزي لأن شكله مُش جذاب، لكن أنت يومك فُل، عشان كده هعطيك التمثال بسعر كويس.

وبعد ما قرأت الموضوع، لقيت عيني بتيجي على كاتب المقال، واتضحلي إنه شيخ بيعالج حالات المَس والسِّحر، وإن دي مدونته الخاصة، اللي بيكتب فيها تجاربه مع العالم السفلي، وإنه كاتب الموضوع ده عشان يحذَّر الناس من التمثال، لأن التمثال مفقود، وإن الصورة اللي في الموضوع أخدها من صاحب التمثال، واللي كان بيعالجه من المَس اللي أصابه بعد ما اشتراه، لكن كان بعد فوات الأوان، لأنه كان باع التمثال، والمَس كان أثَّر على ذاكرته، ومش عارف هو باعه لمين.

أنا عرفت هو باعه لمين، لصاحب الفَرش اللي باعهولي، عشان يكون من نصيبي أنا.

اتصلت بـ "إيناس"؛ وأوِّل ما فتحت المكالمة قولتلها:

-أنا فهمت كل حاجة.

-كده كل حاجة واضحة، التمثال فعلًا فيه حاجة.

-لكن هو فين، دا مُختفي.

-أنا عندي رأي، ما تتصل برقم الشيخ اللي كاتب الموضوع، بيقول إنه هو اللي عالج حالة المَس اللي اتسبب فيها التمثال، وكتب عشان يحذَّر منه.

-تفتكري هيرد؟ الموضوع من 5 سنين، ووارد يكون رقمه اتغير.

-الناس دي صعب تغيَّر أرقامها، وعمومًا نجرَّب، هنخسر إيه يعني؟

قفلت معاها واتصلت بالرقم بعد ما نقلته من المدونة، وحظي كان كويس، لأن المكالمة فتحت علطول، وساعتها اللي رد عليا قالي:

-آلو مساء الخير، الشيخ "أبو الخير"، مين معايا؟

-أنا "فوزي"، لسه قارئ الموضوع اللي كنت بتحذَّر منه، التمثال...

قاطعني ومعطانيش فرصة أتكلم، وقالي:

-هو التمثال عندك؟

-اشتريته من 5 سنين في الليلة اللي كنت صابح مسافر فيها، ولما جيت لقيته مختفي، لكن ظهرلي في الدولاب، واختفى تاني، وبسمع خرفشة، وبشوف فار لونه غريب، وبعدها ظهرلي كيان أحمر على شكل الفار، وبشم ريحة كبريت ونار.

-الفار اللي بتشوفه ده هو الجِن اللي في التمثال، بيتجسِّد في الهيئة دي، وكل دي مزاولات، عشان يلفت نظرك، لأنه بيحاول يهرب، وللأسف، الشخص اللي عالجته من المَس اللي حصل بسبب التمثال، باعه قبل ما أروحله في الليلة اللي عالجته فيه، والشخص ده حاولت أعرف منه باعه لمين، لكن ذاكرته كانت في الضياع.

-أنا اشتريته من صاحب فرش جنب بازار، تاني يوم ما باعه علطول، وسيبته وسافرت.

-عمومًا التمثال في الشقة عندك، واختفاؤه مزاولة من المزاولات، اعطيني عنوانك، أنا هاجيلك حالًا.

بعد ما عطيته العنوان، كلِّمت "إيناس" وقولتلها على المكالمة، واستغربت إنها أصرِّت تيجي، وبعدها كلِّمت عم "أحمد"، حكيتله على اللي حصل، وطلبت منه يكون موجود.

عم "أحمد" الموضوع كان داخل دماغه تقريبًا، لأنه ساب اللي وراه وطلع عندي، قعد معايا، وافتكرت إنه كان بيبعتلي صور الشقة وفيها التمثال، وبعدها بيقولي مشوفتوش، فتحت الصور اللي في المحادثات اللي بيني وبينه، واتفاجأت إن فعلًا مفيش تمثال، بالرغم من إني كنت بشوفه، معرفش ازاي اختفى من الصور، لكن مكانش في وقت للذهول، جرس الباب رن، قومت أفتح ولقيتها "إيناس"، دخلت وقعدت، وبعد شوية، الجرس رن تاني.

المرَّة دي كان الشيخ "أبو الخير"، اللي دخل وهو بياخد نفس عميق، وقالي:

-الريحة واضحة.

دخلنا وقعد معانا في الصالون، وبعد ما اتكلِّم كلمتين كده، طلب مني أطفي نور الشقة كلها، وطلب إننا نغمَّض عنينا، عملنا اللي قال عليه، وبعدها بدأ يقرأ آيات إبطال السّحر وطرد الجِن، كان بييجي عند آيات معينة ويكرَّرها كتير، الدنيا بدأت تتهز من حوالينا، مكنتش عارف كلنا كنا حاسين نفس الإحساس، ولا أنا بس اللي حاسس بالزلزال ده، لكن سمعت صوت فرقعة، بعدها صوت الشيخ راح، قلبي وقع في رجلي، لكن بعدها لقيت الشيخ بيتكلِّم تاني وبيقول:

-أخرج، أخرج إلى ملكوت الله.

حسيت بالزلزال من تاني، لكن المرَّة دي كان أعنف، بعدها الشيخ قال:

-فتحوا عنيكم، خلاص.

لما فتحت عنيا، حسيت بذهول، لأن إزاز المرايات كان متكسَّر، ولمبات كتير طايرة من السقف، والأغرب إن التمثال كان موجود في مكانه على ترابيزة الصالون قدامنا! لكن عم "أحمد" قام وفتح النور، ومكانش في غير لمبتين بس اللي اشتغلوا، وساعتها الشيخ قال:

-الأثار اللي أنت شايفها طبيعية، مفيش جن بيمشي بسهولة، لكن خلاص، الجن اللي في التمثال مشي، لكن من باب الحِرص، التمثال لازم ينكسر.

وبدون ما ينتظر كلام من حد فينا، قام من مكانه ومسك التمثال، ورفعه لفوق وبعدها رزعه في الأرض، مش عارف ليه شوفت نفسي وأنا بيتهيَّألي إني بكسره في الكافيه، قبل ما أكتشف إني بكسر تمثال جبس لبومة، وبعدها قالي:

-كده أحسن شيء، عشان مفيش حاجة تدخله تاني.

بلعت ريقي وقولتله:

-هو كان ممكن يرجعله؟

-مش شرط نفس الجِن، الهوام كتير، والتمثال اللي يسكنه جِن، بيبقى سهل أي جن تاني يسكنه، متنساش تبقى تشغل سورة البقرة في البيت وتفتح الشبابيك لمدة 3 أيام.

الشيخ "أبو الخير" خلَّص شغله ومشي، بعد ما طلب مني أكلمه لو في حاجة تاني، وبعدها عم "أحمد" بدأ ينضَّف الشقة مكان التمثال اللي اتدشدش، في اللحظة دي "إيناس" قالتلي:

-حمدالله على سلامتك يا "فوزي"، أنا هضطر أمشي بقى عشان الوقت اتأخر، وهشوفك تاني.

-الله يسلمك، خلي بالك من نفسك.

-ها، ماقولتليش هتيجي تقابل بابا إمتى؟

-يابنتي خلِّيني آخد نَفَسي الأول.

ضحكت على كلامي وسابتني ومشيت، في اللحظة دي؛ كان عم "أحمد" خلَّص تنضيف، وشال الإزاز المتكسَّر، ولَم كَسر التمثال في شنطة وقالي:

-أنا هرميه علطول، مش هاسيبه في الشقة، الحكاية كده خلصت، ادخل ناملك شوية بقى وارتاح.

-ماشي يا عم "أحمد" متحرمش منك.

-فوتك بعافية.

-سلام يا عم "أحمد".

وقبل ما يوصل لباب الشقة؛ لقيته بيقولي:

-أنت لسَّه محتاج المصيدة في حاجة؟

ضحكت كده وقولت في نفسي: هو أنا في إيه ولا إيه، وبعدها قولتله:

-لا يا أعم "أحمد، خُد المصيدة، وخُد الباب في إيدك.

تمَّت...

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب333766
2الكاتبمدونة نهلة حمودة189572
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181267
4الكاتبمدونة زينب حمدي169709
5الكاتبمدونة اشرف الكرم130943
6الكاتبمدونة مني امين116766
7الكاتبمدونة سمير حماد 107695
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97819
9الكاتبمدونة مني العقدة94938
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91574

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
2الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
3الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
4الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
5الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
6الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
7الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
8الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
9الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14
10الكاتبمدونة محمد بوعمامه2025-06-12

المتواجدون حالياً

691 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع