آخر الموثقات

  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  • إيران من الداخل بعد الحرب.. 
  • معضلة فهم الحرب على إيران
  • نصر سياسي ايراني
  • قصة قصيرة/ وصاية الظل
  • ق ق ج/ سرُّ الشجرة والقوس
  • قليل من الحياة
  • حين كنت تحبني سرآ
  • رفاهية الضياع
  • وفتحوا المكاتب تخصص جديد
  • يمكن الطريق موحش!
  • الخلل
  • لا أعيش مع بشر
  • اسئلة عقدية خليلية 
  • جرح الكلمات
  • الصالونات الثقافية ...... هل هي بدعة جديدة ؟
  • الحب الصحي
  • المولوية
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شحاتة
  5. الستارة الحمراء

هويدا؛ هويدا!

ده اسمي؛ اللي دايمًا بسمعه في الحلم بصدى صوت مش غريب عليا، لكن مبقدرش أحدد صاحب الصوت، لكن على أي حال، الصوت مَر على وداني قبل كده. 

وقتها بكون في مكان مش مفهوم، كل اللي أعرفه عنه، إن حيطانه مكسيَّة باللون الأحمر، مساحته بمساحة أوضة، ومع تكرار اسمي؛ كِسوة الحيطان بتبدأ تتحرَّك، وكأنها ستاير بتحرَّكها ريح شديدة، لدرجة إنها بتقرَّب مني وتحاول تلمسني.

معرفش إيه سبب خوفي الغير مُبرَّر من كِسوة الحيطان الحمرا، ولا جايز عشان الأماكن المُبهمة بتكون مُخيفة، مُش قادرة أحدد سبب بعينه يبرر خوفي من الحِلم. لكن اللي متأكدة منه؛ هو إني بقوم من النوم مفزوعة في كل مرة. بحاول آخد أنفاسي اللي بتكون هربانة منّي، وبرغم إن الحلم وقتها بيكون انتهى، لكن صدى الصوت بيفضل يتردد في أوضتي، وساعتها بقفل ودني بإيدي لحد ما كل شيء يتلاشى.

تِكرار الشيء مش بيحصل صدفة، حتى وإن كان في الحلم، دايمًا بيكون وراه سَبب، ولأن الأسباب اللي من النوع ده مش بنقدر نوصل لها بنفسنا؛ فكان لازم أروح لخالتي نعمة، هي مش خالتي بالمعنى المتعارف عليه؛ لكن كل أهل الشارع بيقولوا لها يا خالة. هي ست كبيرة وطيبة، من النوع اللي بيحكي حكايات عن العالم الآخر؛ وبتحكي حواديت وبتفسَّر أحلام، ومن وقت للتاني؛ بترقِي من حالات الحسد والعين. استغليت فرصة إن أمي بعتتني عندها في طلب، ولمَّا رُحت لها وخلَّصت اللي أمي طلبته، فضلت واقفة في مكاني، استغربتني لأن من عادتي إني بخلَّص اللي أمي طلباه وبمشي، وده اللي خلاها تبتسم لي وتقول:

-رجلك مش عايزة تفارق باب بيتي ليه يا هويدا؟

لساني كان تقيل، برغم إن التفاصيل اللي عاوزه أحكيها محفورة في دماغي، ومع تكرار سؤالها؛ لقيت نفسي بقول لها:

-حِلم غريب يا خالة، بيتكرر معايا من سنتين أو أكتر.

-ما غريب إلا الشيطان يا هويدا؛ الأحلام دايمًا من جوَّانا ومش غريبة عنّا، إحنا بَس اللي بنشوفها غريبة عشان مش بتحصل في الواقع، لكنها زي صفارة الإنذار اللي بترِن قبل أي خَطر، وبتكون عاملة زي الشبابيك اللي بتفتح على الماضي والحاضر والمستقبل.

كلامها كان عايم لأنها اتكلمت بشكل عام، بَس اللي كان يهمّني الجزئية اللي تخصّني، عشان كده قُلت لها:

-واللي بشوفه يا خالة معناه إيه؟

-مُش لمَّا تحكي الأول يا هويدا، ولا فاكرة الخالة عينيها تقدر تشوف أحلامك.

-بشوف نفسي جوَّه أوضة، حيطانها مكسيَّة باللون الأحمر، بسمع اسمي بيتردد وكأنّي واقفة في كهف، بعدها كِسوة الحيطان بتطير زي الستاير اللي في مواجهة الريح، وبحِس إنها عاوزة تلمِس جسمي.

-والصوت؛ غريب عنَّك ولا مألوف؟

-مُش غريب ولا مألوف، لكنّه فات على ودني صدفة.

معرفش ليه ملامحها اتغيَّرت، كأنها شافت في كلامي حاجة تقبض القلب، جسمي اتكلبِش في بعضه وحسيت إن رجليا بتنغرس في الأرض، الخوف اللي سيطر عليا خلاني منتظرش ردَّها على كلامي وسألتها:

-ملامحك دي معناها إيه يا خالة؟

-ملامحي اتعقدت زي العقدة اللي هتدخليها.

-عُقدة إيه اللي بتتكلمي عنها؟

-الأربع حيطان المقفولين؛ دايرة هتدخليها بدون رغبتك، الكِسوة الحمرا اللي بتطير ناحيتك؛ الريح اللي هتحاول تخلعك من أرضك، وتنقلك لأرض غريبة عنك، بَس الريح جُند مأمور، على حسب نصيبك هتنقلك. خليكي دايمًا فاكرة، المِطاطية قدام الريح مُش ضعف، دي حِكمة السنابل. دَه تأويل رؤيتك يا هويدا، وهي دي نصيحتي ليكي، ويلا ارجعي بيتكم بلاش تتأخَّري أكتر من كده، أمِّك هتستعوَقِك.

رجعت من عندها وقلبي مقبوض، من خوفي حسّيت إن رجليا بتلِف حوالين بعضها، وبمجرَّد ما دخلت بيتنا؛ لقيت أمي منتظراني، وأول ما شافتني قدامها قالت:

-عوَّقتي ليه يا هويدا؟

-وقفت أتكلم شوية مع الخالة.

-طيِّب يلا ادخلي ساعديني في البيت، عشان نلحق نخلَّص الأكل قبل ما أبوكي يوصل.

قضّيت اليوم وعقلي شارد، كلام الخالة نعمة مسابش مجال في دماغي لأي شيء تاني، وده السبب اللي خلَّى أمي تلاحظ إني تايهة، حتى لما قعدنا على الأكل؛ مكنتش مركِّزة معاهم زي كل مرة.

فعلًا، لا تسألوا عن أشياءَ إن تُبد لكم تسؤكم، يعني الحِلم ده اتكرر وكنت بمارس حياتي عادي، لكن بعد ما سألت وعرفت تفسيره حالي اتقلب، الأشياء لما بتتكشف بتكون مُخيفة، خصوصًا لما تكون في لسَّه في عِلم الغيب.

مش كل الحالات اللي الريح فيها بتدفع السفينة لقُدَّام. أحيانًا الريح بتجبِر السفينة إنها تُقف، أو على الأقل تغيَّر خط سيرها عشان تتجنب أذاها، وهي دي الحالة اللي اتقال عَنها: "تأتي الرياحُ بما لا تشتهي السفنُ".

وإحنا كمان سُفن ولكن بشكل مُختلف، كل واحد فينا بيلاقي في طريقه الريح اللي بتجبره يغيَّر خط سيره، في الوقت ده؛ بنطبَّق حِكمة السنابل، زي ما الخالة نِعمة قالت، وأنا بقول الكلام دَه؛ لأن دَه اللي حصل معايا، أصل في نفس الليلة؛ كنت سهرانة في أوضتي كالعادة، مع الفرق إني في المرَّة دي كنت طافية النور، ساعتها سمعت الباب بيخبَّط، ومع الخبطة سمعت صوت أمي:

-صاحية يا هويدا؟

-صاحية.

بمجرَّد ما سمعتني؛ سمِعت أوكرة الباب وهي بتدور، بعدها الباب اتفتح، أمي دخلت وفتحت النور وقفلت الباب وراها، قرَّبت مني وقعدت على طرف السرير وقالت لي:

-هو بسلامته سي عُمران بتاعك ده مش ناوي يدخل الباب من بيته؟

استغربت إنها جاية مخصوص تفتح معايا الموضوع ده، أكيد مُش جاية تتكلِّم من فراغ، في حاجة بتحصل من ورا ضهري، أو على الأقل حصلِت وأنا لسَّه معرفتش، وده اللي خلاني سألتها:

-إيه مناسبة الكلام ده؟

-أصل طول اليوم بالك شارِد، قُلت جايز فيه جديد حصل. وبعدين اعتبريه بدون مناسبة، بَس الموضوع بقى بايخ أوي، كل شوية يبعت الصبي بتاعه يقول الشَّهر الجاي هتقدِّم. العُمر بيفوت وأنتِ بتكبري، وأبوكي هيوافق بأول عريس مناسب، خصوصًا إنه لسَّه ميعرفش بموضوع عُمران.

-بُكره المحل بتاعه يشتغل كويس وظروفه تتعدّل ويدخل البيت من بابه.

-يظهَر إنِّك حبَّتيه لمجرد إنه بَصّ لِك كام بصَّة، بس الكلام ده ميأكَّلش عيش ولا يفتح بيوت، وأنا حبِّيت أنوِّرك عشان تبقي عارفة اللي فيها.

خلَّصت كلامها وخرجت، وقعدت في مكاني أفكر في السبب اللي ورا كلامها. أما بالنسبة لحكاية عُمران؛ فبعد ما الخالة فسَّرت الحلم بأيام، رُحت مع أمي محل عُمران، عشان نفصَّل كِسوة للأنتريه، وفي الوقت اللي قضيناه هناك؛ لمحت نظراته ليا، عينيه كانت بتجيبني من فوق لتحت، لحد ما أمي خلَّصت كلام معاه ومشينا، بَس يومها لاحظت شيء غريب، صوت عُمران كان هو نفس الصوت اللي بسمعه بيندَه اسمي في الحلم، بَس مقدرتش أربط بينهم من البداية لأني مبسمعش صوته غير على فترات طويلة، ودَه لما تصادف الظروف إني رايحة مع أمي نعمل شغل عنده، زي ما حصل النهاردة.

لما رُحنا في الميعاد نستلم الكِسوة، نظرات عُمران ليا اتكرَّرت، لكن أمي أخدت بالها، ولما خرجنا بالكِسوة من المحل، انتظرت إنها تعلَّق أو تفتح الموضوع، لكنها منطقتش بكلمة.

الأيام فاتت، ومبطلتش تفكير في صوت عُمران اللي بيطاردني في الحِلم، وفي كل مرَّة كنت بصادف إني فايتة من قدام المحل بتاعه؛ كُنت بلاقيه مركِّز معايا، وفي مرَّة اعترض طريقي وهو بيبتسم وبيقول لي:

-إزيك يا هويدا.

وشِّي جاب ألوان ومبقتش قادرة أتلم على أعصابي، لدرجة إني مردِّتش سلامه، اتحرَّكت من قدامه عشان أكمل طريقي، لكنه لحقني قبل ما أمشي وقال:

-أنا مُش قصدي أضايقك، كل الحكاية إني عاوز أتقدِّم لِك، اللي طالبه منِّك تصبري عليا شوية، بُكره المحل يشتغل كويس والحال يتغيَّر.

مكنتش عارفة أرُد على كلامه، أوِّل مرَّة أتحط في موقف زي ده، وبرغم كِدَه قُلت له:

-الكلام ده يبقى مع أبويا يا عُمران.

-يعني أفهم من كده إنك موافقة؟

مردِّتش بالموافقة ولا بالرفض، واكتفيت بإن السكوت دايمًا بيتفسَّر على إنه علامة الرِّضا، لكنه كمِّل كلامه...

-اتكلمي مع مامتك وعرَّفيها، في أقرب فرصة هدخل البيت من بابه.

محبِّتش أقف قدامه أكتر من كده، خصوصًا إن الصبي اللي بيشتغل معاه في المحل نَده عليه، ومع صوته الناس بدأت تاخد بالها. 

لمَّا روَّحت البيت لقيت أمي قاعدة في الصالة لوحدها، أبويا مكانش موجود. كانت فرصة مناسبة إني أفاتحها في الموضوع، اتكلمت معاها وقُلت لها:

-عُمران اتكلِّم معايا وأنا فايتة من قدام المحل، وقال إنه عاوز يتقدِّم لي، بس طلب نصبر عليه شوية لحد ما أمور المحل تظبط.

رد الفعل اللي انعكس على وِش أمي، كان بيقول إنها متوقعة إن دَه هيحصل، بس من كلامها توقعت إنها انتظرته يحصل بطريقة تانية، والكلام ده مُش تخمين، ده أنا فهمته منها لما قالت:

_ليه ميدخلش البيت من بابه وييجي يقول لأبوكي الكلام ده؟

_جايز لأنه لسّه مش جاهز، وأكيد عارف إني هبلَّغك وأنتِ هتتصرفي.

_طيِّب لحد ما ييجي أوانه اعتبري إن مفيش كلام حصل، ومش هجيب سيرة لأبوكي، بس لو جالك عريس مناسب هيكون وضعنا إيه؟

مكانش عندي رد، وده لأن سؤال أمي كان منطقي، ولما فضلت ساكتة بدون ما أجاوبها قالت:

_اللي فيه الخير يقدِّمه ربنا.

الأيام بدأت تفوت، واللي كنت خايفة منه كان بيحصل، زي ما يكون البيوت خليت من العرايس ما عدا بيتنا، من فترة للتانية كان بيدخل بيتنا عريس، لكني كنت صريحة مع نفسي، أنا كنت من جوايا ميَّالة لعُمران، جايز بسبب الحِلم؛ وبسبب إني بسمعه في كل مرَّة بيناديني، ونسيت جانب الخوف اللي في تفسير الخالة نعمة. في كل مرة كنت بتحجج بحجة عشان أرفُض، وفي نفس الوقت عُمران الظروف مساعدتوش إنه ياخد خطوة ناحية بيتنا، مفيش غير الصبي اللي كان بيبلغ أمي من وقت للتاني إن عُمران ناوي يتقدّم، ومع الوقت شنطة الحِجج اللي كانت معايا فضيت، ومبقاش عندي حاجة أقولها، لحد ما في مرَّة لقيت أبويا بيخبَّط على باب أوضتي، ولما دخل قعد جنبي وابتسم، بس بعدها ابتسامته اختفت وقال بنبرة صارمة:

_في شاب اسمه هشام متقدِّم لِك يا هويدا.

حسّيت إن كلامه خلع قلبي من مكانه، وبرغم كده معلَّقتش، وأبويا أخد سكوتي فرصة إنه يكمّل...

_الشاب أبوه كلِّمني، وبصراحة مفيهوش عيب، أخلاق وحسب ونسب وجاهز من مجاميعه. كان في الخارج ونازل أجازة كام شهر عشان يتجوِّز، يعني خطوبة شَهر وبعدها الفرح.

_بَس يا بابا...

_مَبسِّش ولا حاجة، أنتِ إيه حكايتك بالظبط، كل عريس بتتحجِّجي عشان تطفِّشيه، الناس بدأت تاكل وشي، وبقيت أسمع منهم كلام يسِم البَدن، وأنا مش هسيبك تحطي راسي في الطين، الناس جاية بُكره وهنقرا الفاتحة، العريس جاهز والفرح بعد شهر، وده آخر قول عندي يا هويدا.

سابني وخرج من الأوضة ورزع الباب وراه، حسيت إن الدنيا ضلِّمت قدامي، الدموع كانت نازلة من عيني غصب عني، وفي الوقت دَه؛ سمعت اسمي بيتردِّد في ودني بصوت عمران، بعدها باب الأوضة اتفتح من تاني، كانت أمي؛ ولما شافتني في الحالة دي مصمصت شفايفها وقالت:

_مُش عارفة الدموع دي كلها على إيه، ألا ما كلِّف نفسه وخبَّط على بابِك، شاطر بس يبعت الصبي بتاعه، وأبوكي لو أخد خبر بالكلام ده من زمان كان وافق على أول عريس جالِك؛ نهايته، كل الحِجج خلصت ومعادش عندنا حِجة.

من كلام أمي عرفت إنها شالت إيدها من الحكاية. الوقت فات وهو تقيل على قلبي، لحد تاني يوم بالليل، سمعت جرس بيتنا بيرن، وبعدها سمعت دوشة، ناس بتتكلِّم وبتسلِّم، ومن بين الدوشة سمعت صوت أبويا وهو بيرحَّب بالضيوف، وفي وسط كل ده؛ أمي دخلت الأوضة وطلبت منّي أجهز عشان أقدِّم الشربات.

عملت كل حاجة غصب عني، حتى خطواتي وأنا داخلة الصالون بصينية الشربات كانت ضد رغبتي، سلمت عليهم وقعدت وشي في الأرض، لكن كل ما كنت برفع عيني، كنت بلاقي أمّ العريس بتبُص لي من فوق لتحت، نظرتها كانت كلها كُره، زي ما تكون جاية معاهم غصب عنها، لكن القعدة انتهت بحلوها ومُرَّها، انتهت والفاتحة مقروءة، وفرحي متحدِّد بعد شَهر.

كان لازم أطاطي للريح وأعمل زي السنابل، والريح دي كانت اللهجة الحادة والتحدي اللي شُفتهم من أبويا، واللي لو كنت قاومتها كان زمان جذعي اتكسر، خصوصًا وإن شنطة الحِجج اللي معايا كانت خلاص، بَح.

الأيام كانت بتجري، ومعاها عرفت إن حماتي مش راضية عن الجوازة، وإنها كانت عايزة ابنها ياخد بنت خالته، لكنه رفض وأجل الجواز فترة بسبب المشاكل اللي حصلت بينهم، لكن الأجازة دي كان نازل يتجوّز، واللي بيقولوا عليهم بقى ولاد الحلال دلَّوه عليا، وأبوه اتقابل مع أبويا وكل حاجة خلصت، وأكيد الحكاية دي هي اللي ورا نظرات الكُره اللي شُفتها وبشوفها من حماتي.

كل حاجة كانت بتتعمل بسرعة، حتى الحِلم كان بيتكرر بشكل يومي، لكن عُمران اختفى من المَشهد تمامًا، اختفى وساب لي صوته يطاردني في الحِلم، وفي عز الضغط والخوف اللي كنت فيهم؛ لقيت حماتي جاية عندنا البيت ومعاها شنطة سودة، ساعتها قعدت مع أمي وقالت:

_خلوا بالكم، ستاير الصالون هيبقى لونها أحمر.

بعدها فتحت الشنطة وطلَّعت منها قماش ستاير لونه أحمر، وبمجرَّد ما عني جَت عليه، افتكرت كِسوة الحيطان اللي في الحلم، بصّيت لأمي باستغراب من غير ما أنطق، أمي حالها كان من حالي، بتسمع لكلام حماتي وهي ساكتة، وبعد ما حماتي خلَّصت كلامها مدت إيدها بورقة صغيّرة لأمي وقالت لها:

_الورقة دي فيها مقاس الستارة، والقماش كان موجود عندي وقُلت أختصر عليكم، أنا عارفة إن الوقت ضيَّق.

أمي حاولت تعلَّق على كلامها:

-بَس...

لكنها قاطعت أمي وقالت:

-مفيش بَس ولا حاجة، كل ده كان جاهز من بدري، بس نقول إيه بقى، كل شيء نصيب.

أنا وأمي كنا عارفين تُقصد إيه بكلامها، عشان كده معلَّقناش عليها، ولمّا خلصت كلامها سابتنا ومشيت، بعد ما بصَّت لي نفس البصَّة اللي مليانة كُره وكأني عدوِّتها.

كل اللي عملته هو إني دخلت أوضتي وقفلت عليا، وبعد شوية سمعت صوت أبويا لما رجع من برَّه، كان بيسأل أمي عن الشنطة السودة:

-فيها إيه الشنطة دي يا أم هويدا؟

-ستاير، أم هِشام جابتها وقالت عايزانا نفصَّلها، وسابت ورقة بالمقاس.

-كلام إيه اللي بتقوليه دَه، ما إحنا هنجيب الستاير ونفصَّلها عند عُمران المِنجّد.

-دَه اللي حَصل، جايبة ستاير لونها أحمر وبتقول دي اللي هتنفع في الصالون.

بعد حوار طويل بين أمي وأبويا لقيته بيقول: 

_عدَّاها العيب، الشاب برضه شقته جاهزة من فترة طويلة، وأكيد اللون ده هو اللي هيمشي عندهم، وبعدين لون الستارة هيفرق معاكي إيه إن كان أحمر ولا أسود، القُماش اللي موجود عُمران المِنجِّد هيشتغله.

في المشوار ده بالذات؛ أمي مأخدتنيش معاها، راحت لوحدها وكان لازم تروح محل عُمران، لأن أبويا هو اللي هيروح يستلم الشغل ويحاسب عليه بعد ما يخلص.

كل حاجة انتهت، الشقة اتفرشت وعزالي كله راح، الفرح مكانش عليه غير يومين. الكتاب اتكتب، والليلة اللي بعدها كانت ليلة الحِنة، وتاني يوم؛ دخلت شقة هِشام لأول مرة كزوجة، وبعد ما الباب اتقفل علينا لقيته بيقول لي:

_نوَّرتي بيتك يا هويدا.

كنت حاسّة إنه غريب عنّي، شخص عرفته لأول مرَّة وبعد شهر بقى جوزي ومقفول علينا باب واحد، عشان كده مردِّتش غير بكلمة واحدة.

_تِسلم.

صوت جرس الباب قطع كلام هشام معايا، وبعد ما سابني وراح يفتح، كُنت مستغربة إن حد بيرِن علينا الجرس في الوقت ده.

كانت حماتي؛ لأن شقة هشام في بيت العيلة. محبِّتش أرمي ودني معاهم لما سمعتهم بيتكلموا على الباب، صوتهم مكانش واضح، زي ما يكونوا بيتكلموا في حاجة مش عايزين إني أسمعها، لكن لهجتهم كانت بتقول إنهم بيتخانقوا، ولأني مُش طرف في الحكاية كبَّرت دماغي، وبعد ما الكلام انتهى وباب الشقة اتقفل، لمحت هشام داخل وفي إيدة كيس أسود صغيَّر، كان ملفوف على حاجة جواه، الحكاية لفتت انتباهي، خصوصًا لما هشام حاول يداري الكيس منّي ودخل بيه أوضة النوم، وبعدها خرج وإيده فاضية!

بعدها رِجع يتكلِّم معايا بطريقة طبيعية، ولا كأن في شيء غريب حصل، بَس من جوايا كنت خايفة، وخُفت أكتر من لهجته مع حماتي وصوتهم وهُما بيتكلموا بحذر، وده اللي خلاني أسأله:

-هي ماما كانت عاوزة حاجة يا هِشام؟

لما سألته لاحظت عليه التوتر وهو بيقول:

-موضوع كده بيني وبينها، متشغليش بالك.

إجابته على سؤالي قفلت باب الكلام، لكنها مقدرتش تشيل من دماغي منظر الكيس الأسود وهو مخبِّيه في إيده، وبالرغم من المخاوف اللي جوايا، لكنّي عملت بوصية الخالة نعمة، اتعاملت بحكمة السنابل؛ عشان الريح تعدّي بسلام، دَه غير إن اللي بعيشه بقى أمر واقع.

الليلة فاتت عكس ما كنت متوقعة، مفيش حاجة حصلت ما بينّا، معرفش إن كان تردُّد من هِشام ولا خوف منّي، لكن مفيش حد فينا أخد خطوة ناحية التاني، ولمَّا الوقت اتأخر حسيت بتُقل في دماغي، عيني كانت بتقفل غصب عني، في اللحظة دي قُلت لهشام إني محتاجة أنام، ابتسم لي بهدوء وهَز راسه بالموافقة، حطيت راسي على المخدة وغمضت عيني، والنوم أخدني.

-هويدا؛ هويدا!

الحلم اتكرر، صوت عُمران اتردد في وداني، فتحت عيني وأنا مفزوعة، الأوضة كانت ضلمة، ومكنتش لاقية سبب يخلّي الحِلم يطاردني في أول ليلة بعد جوازي. فضلت متخشِّبة في مكاني، ومع الوقت الضلمة انكسرت قدام عيني، لقيت نفسي لوحدي في السرير، ولمحت حد واقف ورا باب الأوضة وضهره كان ليا.

نزلت من السرير ومشيت ناحيته، ولما قرَّبت منه، عرفت من ضهره إنه هشام، كان زي التمثال الخشب اللي بدون روح، قرَّبت منه أكتر وبدأت أندَه عليه:

-هِشام؛ يا هِشام!

بدأ يلتفت ناحيتي، ولما وشُّه بقى في وشّي لقيته عُمران، حسيت بكهربا في جسمي وبدأت أرجع بضهري لورا، كُنت بسأل نفسي هو دَخل هنا إزاي، لحد ما خطوتي المهزوزة وقفت بمجرَّد ما بدأ يتكلِّم:

-اللي جاهز من كل حاجة بيدخل يشيل الجَمل بما حَمل، ويدوس برجليه على قلب الشَّخص اللي حبيبته اتّاخدت منه. 

-أنا انتظرتك يا عُمران، الفرصة كانت قدَّامك وأنت اللي محاولتش، جايز لو كنت اتكلمت مع أبويا كان الوضع اختلف.

-بقيتي استِبن، زوجة لواحد مش فارق معاه مين الست اللي هتبقى على ذمته وفي سريره.

-كل شيء نصيب، اللي قدِرت عليه عملته، الريح كانت أقوى مني وكان لازم أطاطي. وبعدين أنت إزاي دخلت هنا؟

-بتكلمي مين يا هويدا؟

سمعت صوت هشام من ورايا، لما بصيت لقيته قاعد على طرف السرير، كان لسَّه قايم من النوم، تنَّحت وفضلت واقفة مكاني، لكن غصب عني لقيت عيني رايحة ناحية عُمران، وفي اللحظة دي، لقيت ورا الباب فاضي!

-مالك يا هويدا؟ بتعملي إيه عندك؟

سؤاله اتكرَّر للمرة التانية ومكانش عندي إجابة، موقف ماكنتش أتوقع إني أتحَط فيه، أنا مكانش بيني وبين عُمران أكتر من إني لاحظت اهتمامه بيا، برغم إنه مأخدش خطوة إيجابية ناحية بيتنا، كل الحكاية إن الحِلم اللي بيطاردني هو اللي ربطني بيه، لكن ليه أشوفه في أوضة نومي؟ ظَهر إمتى واختفى ازاي!

اللي حصل بيقول إنه ظَهر لي أنا وبَس، بدليل إن هشام اللي اتفاجئت بيه في السرير استنكر وقفتي وكلامي، وده بيأكد إنه مشافش حد.

-مبتردّيش عليا ليه يا هويدا؟

سؤال هشام للمرة التانية؛ كان زي الإيد اللي بتخلع جذوري من أرض الصمت وطين الخوف، وملقِتش على لساني رَد غير إني سألته: 

-أنت صاحي من إمتى يا هِشام؟

-أنا بتقلِّب عادي لمحت حد ورا الباب، ولما ركِّزت لقيتك واقفة في الضلمة وبتتكلمي مع نفسك.

كلامه قطع عندي الشك باليقين، هِشام برغم إنه سمعني بتكلم لكنَّه مشافش اللي شُفته، حاولت أهرب من الموقف اللي أنا فيه فقُلت له: 

-ده أنا قلقت من النوم وكنت رايحة الحمام!

بمجرد ما رميت الجملة دي فتحت الباب وخرجت، لكن قبل ما أخرج أخدت بالي من ملامحه، كانت كلها استنكار من السبب الغير مُقنع اللي قُلته، لكني خرجت بدون ما أعطيه فرصة يعلَّق على كلامي.

قفلت باب الحمام عليا وفضلت جوَّه، مكنتش عايزة الوقت يفوت وأرجع الأوضة، ولا كان عندي رغبة أشوف هشام، ولأول مرَّة أحِس إني كارهة الشقة، برغم إني دخلتها كذا مرة أثناء فترة الخطوبة وهي بتتفرش، لكن النهارده جوايا من ناحيتها إحساس مُخيف.

مع الوقت بدأت ألمح خيال برَّه الحمام، كان ظاهر من تَحت عَقب الباب، ولما ركّزت معاه عرفت إن في حَد بيتحرَّك برَّه، ضربات قلبي زادت لما الخطوات وقفت فجأة، ومع وقوفها سمعت خبطة هادية على الباب، بلعت ريقي وعيني مبحلقة في الأوكرة؛ اللي بدأت تتحرَّك وكأن الشخص اللي برَّه عاوز يفتح الحمام ويدخل عليا، لكن شُعلة الخوف اللي قادت جوايا، انطفت بمجرد ما سمعت صوت هشام:

-أنت كويسة يا هويدا؟

كان لازم أجاوبه، وكان لازم نبرة صوتي تقول إن كل شيء طبيعي، تمالكت أعصابي وردّيت بنبرة هادية:

-كويسة، خارجة حالًا.

برغم إني ردّيت عليه؛ لكن خياله متحرَّكش من قدام الباب، أوكرة الباب بدأت تتحرَّك من تاني، اللي فكَّرت فيه إنه شاكك فيا بسبب وقوفي في الضلمة ورا باب الأوضة؛ وإجابتي الغير منطقية على سؤاله وقتها، وده سبب كافي يخليه يحاول يقتحم الحمام، جايز حاسس إن وجودي فيه مش طبيعي.

اتحرَّكت ناحية الباب والأوكرة كانت لسَّه بتتحرَّك، مسكتها وشديتها وفتحت الباب، لكن المفاجأة إن قدام الحمام كان فاضي، زي ما يكون هِشام اتبخَّر في الثانية اللي الباب اتفتح فيها!

خطواتي المهزوزة ورجلي اللي بترتعش وصلوني بالعافية لحد الأوضة، ولما دخلت لقيت هشام نايم، قرَّبت منه وهزِّيته في كتفه هزة خفيفة، كان رايح في سابع نومة، ومن المستحيل إنه يلحق يرجع الأوضة وينام في الثواني دي، أومال مين اللي كان بيحرَّك الأوكرة؟!

 

من هِنا عرفت إن جنب الحِلم الغريب اللي بيطاردني من سنين، بقيت في شقة فيها شيء مش طبيعي، وبدأ هو كمان يطاردني من أول ليلة.

مفيش لحظات واتفتح قدامي باب خوف جديد، وده لما سمعت أصوات مختلفة جاية من الصالون، بَس لما ركّزت أكتر لقيته صوت واحد، الفكرة إن الصوت كان بيتغيَّر ما بين ضِحك وبُكا، خليط غريب ميخرجش غير من شخص عنده هيستيريا أو صدمة عصبية.

خرجت من الأوضة ورجليا مُش شيلاني، مشيت لحد الصالون، وهناك؛ وقفت والصوت كان قريّب منّي؛ لكني ماكنتش شايفة حد، ومُش محتاجة أقول إنه كان صوت عُمران! وبمجرد ما لاحظت ده، لقيت عيني رايحة ناحية ستارة الصالون الحمرا، بمجرَّد ما ركِّزت معاها قلبي وقع في رجلي، افتكرت الحِلم، وحسيت إن جزء منه بيتحقق، لأن منظر الستارة كان أقرب من منظر حيطة من المكان اللي بشوفه، وفي عز انشغالي بالمقارنة بين الواقع اللي أنا فيه والحِلم اللي بيطاردني، الستارة اتحرَّكت من مكانها!

كانت نفس الحركة، وكأن رياح شديدة دخلت من الشباك وحرَّكتها لنُص الصالون، نَفس المشهد اللي في الحِلم، حسيت بنفس الفزع اللي بحِس بيه وقتها، حتى بعد ما الستارة رجعت لمكانها، كان في شيء جوايا بيقول إن كل ده وهم، تأثير الحِلم مش أكتر، جايز هشام فتح الشباك لأي سبب ونام من غير ما يقفله، وده سبب كافي يخلي شوية هوا يحرَّكوا الستارة.

قاومت خوفي ومشيت ناحية الستارة، ولما وقفت قدامها، مديت إيدي عشان أفتحها وأبُص على الشباك، واللي كُنت متوقعاه حصل، الشباك كان مقفول، بلعت ريقي من الخوف اللي خربِش حلقي وقتها ورجَّعت الستارة مكانها، لكن قبل ما إيدي تفلِتها؛ اتفاجأت بإيد بتخرج من ورا الستارة وبتمسك إيدي، جِسمي تلِّج والعَرَق بدأ يجري تحت هدومي، أسناني خبَّطت في بعضها، ولما حاولت أصرخ أو أستنجد بهشام، لقيت أسناني بتضغط على لساني وكأنها عايزة تقطعه.

وفي عِز ما كانت الرؤية مشوشة قدامي، لمحت الستارة وهي بتتحرك من تاني، المرَّة دي كانت بتلِف حواليا وبتحاول تبلعني جواها، مقدرتش أتحمل اللي بيحصل، قاومت عشان أهرب من الإيد اللي بتحاول تسحبني جوَّه الستارة، حاولت من تاني إني أصرخ، في البداية صوتي مكانش طالع، ومع المحاولات لساني اتحرَّر وصرخت، الصوت رن في الشقة كلها، ومفيش ثواني واتفاجئت بنفسي قاعدة في الأرض في وسط الصالون، ولاحظت إن هِشام جنبي، كان بيحاول يقوِّمني، كنت منهارة وجسمي رافض يسيب الأرض، في الوقت ده هو اللي نزل جنبي، وبدأ يقول لي:

-بتصرخي ليه يا هويدا، وإيه اللي مخليكي قاعدة في أرضية الصالون!

كان عندي رغبة إني أتكلم، جايز الخوف اللي جوايا يروح، وده اللي خلاني أقول له:

-الستارة يا هشام، في إيد اتمدَّت من وراها وحاولت تسحبني جوَّاها، وكانت بتلِف حواليا زي ما تكون هتبلعني.

ساعتها بص لي وهو مستغرب وقال:

-إيد إيه اللي بتتكلمي عنها يا هويدا؛ وستارة إيه اللي اتلفَّت حواليكي وعايزة تبلعك!

كلامي مكانش منطقي بالنسباله، عشان كده مكانش عندي رَد، فضلت ساكتة لحد ما لقى فرصة يسألني من تاني:

-أنتِ ليه أصلًا قاعدة في الصالون ومُش نايمة؟ 

-من وقت ما أنت صحيت ولقيتني واقفة ورا الباب، وبعدها سيبتك وخرجت رُحت الحمام، سمعتك وأنت بتخبَّط عليا وبتحرَّك الأوكرة، وبتسألني إن كنت كويسة ولا لأ، خرجت بعدها لقيتك رايح في سابع نومة، وساعتها سمعت صوت في الصالون، ضِحك على بُكا، ولما جيت أشوف إيه الحكاية حصل اللي حكيت لك عليه.

كان بيبُص لي باستغراب وكأنه بيسمع كلامي لأول مرة، وساعتها ردُّه أنكر كل اللي بقوله، وخلّى دماغي تسِف زي شريط الكاسيت الخربان:

-من بعد ما سبتيني ونمتي وأنا دخلت نِمت، ومن وقتها مصحيتش من النوم غير على صرخاتك دلوقت!

الصَّدمة كتِّفتني، إزاي أنا شٌفته واتكلمت معاه! الخوف اللي جوايا مكانش متعلِّق باللي حصل وبَس، أنا كُنت خايفة من اللي جاي. في البداية كان حلم وبيعدّي، حتى لو كان بيتكرر، لكن البداية هِنا مُرعبة، وخصوصًا إنها منفصلتش عن الحِلم، ومُش بعيد يكون الحِلم بيكمل بطريقة تانية وبيتحقق على أرض الواقع.

انتبهت لهشام وهو بيقرَّب مني وبياخدني في حضنه، لأن جسمي كان بيرتجف غصب عنّي، بَس فجأة جرس الباب رَن. كُنّا قبل الفَجر، ساعتها بصينا لبعض باستغراب، لاحظت استنكار في بصة هشام، كان زي اللي بيقول إيه تُقل الدَّم ده!

لكنه سابني وراح يفتح الباب، وفي الثواني دي كنت دخلت الأوضة، عشان اللي حصل من شوية يتكرر من تاني، أصلها كانت حماتي، اللي وقفت تتكلم مع هشام بنفس الطريقة اللي فاتت، لكن المرَّة دي؛ صوتهم كان واضح أكتر، عشان كده سمعتها وهي بتقول له:

-عملت إيه، طمّني عليك.

-بالذمة ده وقته يا ماما؛ طالعة قبل الفَجر تسأليني السؤال ده؟

-لأ يا فالح؛ طالعة عشان أسألك المحروسة مراتك كانت بتصرخ ليه من شوية؟

-معرفش، أنا صحيت على صوتها، كانت واقعة في الصالون وبتصرخ، لكنها بخير دلوقت.

-يا حنين؛ وهو طبيعي إن واحدة ليلة دخلتها تقع وتصرخ في الصالون؟ إيه اللي حصل يا هشام؟

-فعلًا معرفش حاجة، لما صحيت ولقيتها على الحال ده؛ لقيتها بتحكي عن إني شُفتها وهي واقفة ورا باب الأوضة في الضلمة، وإني كنت بخبَّط عليها في الحمام، وبعدها اتكلمت عن الستارة الحمرا اللي في الصالون، وإن في إيد بتشدّها ورا الستارة، وكلام غريب من ده!

-يعني أنت كنت نايم وده كله محصلش منك؟

-أيون كنت نايم، ومش عارف إيه الحكاية.

-لأ الحكاية معروفة يا نِن عين أمك، سنين بتحايل عليك تاخد بنت خالتك، وأخرتها كسرت كلامي على غير عادتك واتجوزت واحدة لا نعرفها ولا تعرفنا، الله أعلم كانت واقفة في الضلمة بتعمل إيه، زمان أمها موصِّياها تقرأ حاجة في الضلمة عشان تسيطر عليك، وتعملك خاتم في صباعها.

-كلام إيه اللي بتقوليه ده يا ماما!

-يا عين أمك كل الأمور دي بتحصل في الضلمة، أصل الضلمة مأوى الشيطان، زمانها كانت واقفة تسخَّر حاجة والأمور فلتت منها، والنتيجة إن جالها انهيار عصبي وصرخت، واخترعت حكاية الستارة دي عشان تغروش عليك.

-أنا مُش فاهم إيه لزمة الكلام ده!

-لأ له لازمة ونُص وتَلت تربع يا نِن عيني، وكان عندي حق لما عطيتك الكيس الأسود، عشان تعرف إن أمك قلبها عليك وعندها حق في اللي بتقوله!

-طيِّب يا ماما، أرجوكي بلاش الكلام ده دلوقت.

حوارهم كان غريب، خلَّى الفار يلعب في عبّي زي ما بيقولوا بالبلدي، كلامهم خلى تفكيري يروح في حتة تانية، وهو إن اللي حصل معايا هِنا كان وراه الكيس الأسود، أو بالتحديد الشيء اللي جواه، ومن كلامها عن الشياطين والضلمة والتسخير؛ خمِّنت إن اللي في الكيس حاجة مرتبطة بالعالم ده، وإلا مكانتش أصرَّت إن هشام ياخد الكيس، ويدخل بيه الشقة بالطريقة المُريبة اللي شُفتها!

بعد الحوار الغامض اللي سمعته لقيت باب الأوضة اتفتح، ساعتها هشام دَخل عليا، كُنت قاعدة على طرف السرير، وقبل ما ينطق بكلمة لقيتني بقول له:

-إيه اللي في الكيس الأسود يا هِشام؟

بمجرَّد ما سألته اتخشِّب مكانه، ملامحه اتغيَّرت ووشه جاب ألوان، تأخيره في الرد أكِّد إنه بيدوَّر على حِجة عشان يخرج بيها من الموقف، وده طبعًا بعد ما عرف إني اكتشفت حكاية الكيس، ولمَّا سكوته طال أخدتها فرصة وكمّلت كلامي...

-أنا سمعت كل حاجة، وأخدت بالي منك وأنت داخل ومخبّي الكيس، وسمعت اتهام مامتك ليا بالسِّحر والدَّجل، واستغربت من سكوتك قدامها، وكأنك موافقها على اللي هي بتقوله، لو كان وجودي هنا بدون رغبتها ليه الموضوع حصل من البداية.

-أنتِ مكبَّرة الموضوع يا هويدا، كل الحكاية إن أمي كانت رايدة أتجوز بنت خالتي، لكن أنا عُمري ما حسيت ناحيتها بأي شعور غير إنها أختي.

-وده سبب إنك اتجوِّزت صالونات، أي واحدة توافق إنها تتخطب وتتجوز في شهر، يعني أي واحدة تانية كان ممكن تبقى مكاني، وبرغم كده وافقت عشان خاطر أبويا.

-إحنا مش أوِّل اتنين يتخطبوا ويتجوزوا في شهر، وبعدين إحنا لسَّه في ليلة الدخلة، هنبدأها خناقات؟ كلها شوية والنهار يطلع وأهلك ييجوا يطمنوا عليكي، بلاش نظهر قدامهم إننا مش مبسوطين.

-يبقى لازم أعرف إيه اللي في الكيس، وإيه اللي خلى مامتك تتهمني اتهام زي ده.

مردِّش على كلامي، ولا حاول يقول لي هو خبَّى الكيس فين. الصمت كان سيد الموقف، مفيش حد فينا كان بيكلم التاني، وفضلنا على الحال ده لحد ما النهار طلع، اليوم بدأ روتيني جدًا، هشام طلب منّي أجهّز فِطار، دخلت المطبخ وحضرت الفطار وبعدها قعدنا نفطر، كل ده ومكانش في بينّا غير نظرات صامتة، وبعد ما فطرنا بشوية؛ سمعنا دوشة في البيت من تَحت، صوت الزغاريد كان مالي المدخل، ومكنتش محتاجة وقت عشان أعرف إن ده صوت أمي.

مع الوقت الدوشة اتنقلت من المدخل لشقتي، كانت أمي وأبويا والخالة نِعمة، وبنات الجيران وشوية من أصحابي، وفي وسط الزحمة، لمحت أبويا بيغمز أمي وبيشاور ناحيتي، بعدها أمي قامت وقرَّبت مني وأخدتني ودخلنا الأوضة، وساعتها سألتني:

-طمنيني يا هويدا، إيه الأخبار؟

-محصلش حاجة.

في اللحظة دي أمّي بصَّت لي بصة غريبة، عينيها وسعت ووشها جاب ألوان، خبطت على صدرها وقالت لي:

-ده اسمه كلام يا هويدا! أقول إيه لأبوكي، ما أنتِ عارفة إننا لازم نطمن.

-يعني إيه اللي بإيدي أعمله، بقول لِك محصلش، هروح أجبِره يعني ولا إيه!

أمي معلَّقتش على كلامي، سابتني وخرجت من الأوضة وبعد شوية خرجت وراها، ساعتها شُفت ملامح أبويا وهو بيبُص لي، عرفت وقتها إن أمّي قالت له على اللي فيها، وجايز ده السبب اللي خلاهم يقطعوا قعدتهم ويستأذنوا بدري ويمشوا.

نظرات الخالة نعمة في الشوية اللي قعدتهم كانت غير مفهومة، خلتني أفهم إنها مش مرتاحة للحكاية، وقدرت أربط ما بين الواقع اللي بقيت فيه وتفسيرها للحلم، لما قالت لي: إن الأربع حيطان المقفولين؛ الدايرة المقفولة اللي هدخلها بدون رغبتي، وقدرت أفسَّر الدايرة على إنها الشقة اللي هعيش فيها باقي حياتي، وجايز الخالة اتعمّدت تختار كلمة الدايرة، لأن المكان اللي هعيش فيه هيكون متحاوط بالمشاكل، خصوصًا حماتي وسوء ظنها فيا من قبل ما تعرفني كويس، وابنها اللي منساق وراها في حاجات كتير؛ وكل حاجة كانت باينة من أول ليلة.

لما دماغي جابت وودَّت في التفكير، لقتني بسأل نفسي سؤال، لما هشام منساق ورا مامته للدرجة دي؛ ليه مأخدش بنت خالته زي ما هي عاوزة، وكانت حياتهم هتمشي كويس، ومكنتش دخلت المتاهة دي. السؤال كان مُحيِّر ومكنتش قادرة أوصل لإجابته، واللي كان سبب في حيرتي أكتر، هو إن هشام نزل عند مامته لما ندهت عليه، ومطلعش غير لما الليل دخل!

بعد ما طلع في وقت متأخر، محبّتش أدخل معاه في جدال، ولا حتى سألته عن سبب إنه قضَّى اليوم تَحت، اكتفيت بإني حضَّرت العشا، وبعد العشا سيبته في الأوضة ودخلت المطبخ، في الوقت ده سمعت نفس الصوت الهيستيري جاي من الصالون، الضِحك الممزوج بالبُكا، خرجت من المطبخ ورُحت على هناك، وبمجرد ما وصلت الصالون، اتفاجئت بحماتي واقفة عند فتحة الستارة الحمرا وماسكة كُل ناحية بإيد، لدرجة إن الستارة كانت مدارية نُصَّها اللي تَحت، ومكانش باين منها غير صدرها وراسها.

لكن بمجرَّد ما عيني جَت عليها أدركت إنها مُش حماتي، دي شيء تاني، لأن عينيها كانت حمرا والنِّن كان واخد شكل بيضاوي، كانت بتضحك بطريقة مُخيفة، أسنانها كانت ظاهرة بشكل مُدبَّب، اتخشِّبت من الصدمة، خصوصًا لما نطقت بصوت غليظ وقالت لي:

-هتخرجي منها يا هويدا، ومُش هيقعد فيها غير اللي أنا رايدة ليها إنها تقعد!

بمجرد ما سمعت منها الكلام ده اختفت من قدامي، لكن الستارة فضلت تتهز وكأنها كانت موجودة وماسكة فيها فعلًا، قلبي انقبض أكتر، وبدأت أحِس إني غريبة عن المكان وعُمري ما هكون جزء منه، لكن في وسط خوفي، سمعت أنفاس عالية خارجة من أوضة النوم، كانت أشبه بلهث الكلاب، بالعافية نقلت رجليا من مكانها ومشيت ناحية الأوضة، عشان أتفاجئ بإن هشام مش موجود، وإن اللي فوق السرير كلب بلدي لونه أسود، مفيهوش ولا شَعرة بلون مختلف تكسر سوادُه.

الموقف كان صادم، خصوصًا وهو بيبُص لي بعينيه اللي كانت بنفس لون عين حماتي لما شُفتها في الصالون، من شدة الخوف نزلت في الأرض، وفضلت مبحلقة في الكلب اللي كان بيلهث ولسانه خارج برَّه بوقّه، وفجأة لقيته بينزل من فوق السرير وبيقرَّب ناحيتي، ساعتها حطيت إيدي على وشي ورقبتي عشان أحميهم، غمَّضت عيني وأنا مش عارفة إيه الخطوة الجاية، كُنت متوقعة إن الكلب هيهجم عليا، لكن اتفاجئت بإيد بتحاول تبعد إيدي عن وشّي، ومعاها سمعت صوت هشام بيقول لي:

-مالك يا هويدا؛ خايفة من إيه؛ أنا هشام!

كل اللي كان طالع على لساني وقتها إني فضلت أقول له:

-أنت مُش هشام، أنت كلب!

بعد ما كرَّرت كلامي أكتر من مرَّة، مكنتش عارفة الضرب جايلي من أي اتجاه، هشام كان بيضرب فيا وكأني عدوِّته، وبعدها سابني في الأرض ومكنتش قادرة أجيب النفس، لكني سمعته بعد شوية بيتكلم في تليفونه وبيقول: 

-تعالى يا حاج خد بنتك متلزمنيش، وورقة طلاقها هتوصلها، وبالمناسبة؛ بنتك لسَّه بالخِتم بتاعها، أنا ملمستهاش.

الموضوع انتهى، رجعت بيت أبويا بعد ما اتطلقت، أًصل هشام افتكر إني بشمته لما كنت بقول: أنت كلب، مكانش قادر يستوعب إني كنت شايفة قدامي كلب فعلًا، ولا حد كان مصدَّق حاجة زي دي، عشان كده أنا شيلت الليلة والغلط كان فوقي وتحتي، دَه غير حماتي اللي ولَّعت فيها نار وكبَّرت الحكاية عشان تخلَص مني.

في أوِّل زيارة للخالة نعمة بعد طلاقي، حكيت لها عن اللي حصل معايا في الليلتين اللي قعدتهم هناك، وسألتها عن سبب نظراتها ليا لما زارتني في الصباحية، وساعتها قالت لي:

-قلبي اتقبض من المكان، مكانش ليكي ولا أنتِ ليه، وكان لازم المكان يرفُضك ويخرَّجك برَّه جوفه.

-تٌقصدي بكلامك إن حماتي كانت عاملة حاجة تمنع إن جوازي يستمر؟

ساعتها ضحكت ضحكتها الغريبة، اللي بتضحكها لما الكلام ميكونش صح، بعدها قالت لي:

-اللي حصل أكبر من اللي كانت حماتك ممكن تفكر فيه، مكتوب وماشي على رقبة الكُل.

-حيَّرتيني يا خالة.

-مفيش حيرة ولا حاجة، بس الخالة بتفسَّر اللي بيحصل، لكن الغيب ربنا واحده اللي يعلمه، عشان كده كل شيء هيبان في وقته يا هويدا، بس لازم تعرفي إن اللي اتعمل كان من الطرفين، وأنتِ وطليقك كنتوا ضحايا، وأكيد ده حصل لأن النصيب بينكم مكنش هيكمل، حتى وإن كان السبب ورا عدم اكتماله سبب خبيث، النصيب حاجة، والأسباب حاجة تانية.

بعدها بأيام كنا بنحضر عزا الخالة نِعمة، اللي شارعنا انصدم بموتها المفاجئ، ولحد هنا حسيت إن حكايتي اتقفلت بالضبة والمفتاح، وإن معادش في حد هيفتح قدامي الأبواب المقفولة، لكن اللي حصل كان غير كِدَه، أصل بعد سنة بقيت في بيت الزوجية، ولو فاكرين إني رجعت لهشام تبقوا غلطانين، هشام بعد شهر واحد اتجوز بنت خالته، لأن أمه قدرت المرة دي تفرضها عليه زي ما هي فارضة عليه حاجات كتير، ده غير إنها بعدها رقدت في الفرشة بين الحياة والموت.

أما أنا بقى؛ فاتجوزت عُمران، اللي استغل طلاقي واتقدِّم لي بعدها، أي نعم ظروفه متغيَّرتش كتير، لكن ظروفي أنا اللي اتغيَّرت، بقيت مُطلقة بسبب مشكلة أنا اللي شيلتها بدون ذنب؛ عشان كده أبويا مكانش له طلبات، وبعد ما بقيت في بيته وشايلة ابننا في بطني، اتفتح قدامي باب جديد، باب غير الخالة نِعمة الله يرحمها، ومن الباب ده عرفت كل حاجة، لمَّا في مرَّة رجعت من بيت أبويا بالليل، وساعتها لقيت عُمران سهران في أوضة الضيوف مع الصبي بتاعه، دخلت من سُكات ومحدش أخد باله من رجوعي، ريحة الشيشة اللي بيشربوها كانت مالية الأوضة لدرجة إنها كانت خارجة للصالة، وبرغم إني مش بطيق ريحتها، لكن وقفت قُرب الباب لما كلامهم لفت نظري، ساعتها كان الصبي بيقول لعُمران:

-خيرك عليا يا معلم، عشان كده كان لازم أخدمك برقبتي.

-خدمة إيه ياض اللي خدمتهالي؟

-الست هويدا بقت مراتك.

-وأنت إيه علاقتك بالحكاية دي؟

-كنت ملاحظك لمَّا بتشوفها معدية من قدام المحل، الشوق كان بيملى عيونك، ولما لاحظت الحكاية دي أكتر من مرَّة كلِّمت أمي روايح، الله يمسيها بالخير بقى، وأنت عارف إنها بتعرف في الجَلب والتفريق والكلام ده، ساعتها طلبت مني اسمك واسم الست والدتك، وكمان اسم الست هويدا ووالدتها، وطبعًا أنا متوصَّاش، جبت الأسماء وكتبتهم في ورقة وعطيتها لأمي، وتاني يوم قالت لي إن الست هويدا هتبدأ تشوفك في الحِلم وبالها ينشغل بيك.

كانت صدمة جديدة، لكن فضولي خلاني وقفت عشان أسمع باقي الكلام، وساعتها سمعت عُمران بيقول له:

-وبعدين يا ميَّه من تَحت تِبن، إيه اللي حصل تاني؟

-لمَّا أم الست هويدا جَت عندنا المحل وطلبت نفصَّل الستاير الحمرا، وعرفنا إن الست هويدا اتخطبت وفرحها بعد كام يوم، شُفت الحُزن على وشَّك، ويومها لما روَّحت حكيت لأمي، وللصدفة بقى، عرفت منها إن حماة الست هويدا راحت لها في اليوم ده، وطلبت منها تِعمل عمل بالمرض والجنون للست هويدا، عشان مع الوقت الجوازة تتفركش وتتطلق، ولأن مكانش معاها أَطَر لها طلبت العمل يكون عن طريق أسماء الأشخاص والأمهات، ولأن أمي كانت عارفة الفولة، اتكلمت معايا وشارتني، واتفقت معاها إنها هتعمل العمل لكن بشكل تاني، عشان النصيب ميكملش بينهم ولا يقرَّب منها.

-يا ولاد اللذينا، كل ده كان داير من ورا ضهري؟

-أنا خدَّامك يا معلم، ده كمان العمل كان على جزئين، جزء كان في حجاب، وساعتها أمي طلبت من حماة الست هويدا تعطيه لابنها وتقول له: إنه حجاب تحصين من العين، وتخليه يداريه في الشقة بدون ما مراته تاخد بالها عشان ميفسدش، أما الجزء التاني، فكان كلام معيَّن أمي وصَّتني أكتبه على الستارة الحمرا بدون ما يلفت انتباه حد، عشان كده كتبته بنفس لون الخيط عن طريق إبره رفيعة، والكلام ده زي ما أمي قالت: هيمنع أذى الخادم عن الست هويدا، وبدل الضرر الجسماني والتعب هتشوف شوية مزاولات، لحد ما مفعول العمل يشتغل وتخرج من الشقة، لأن المفروض العمل يصيب الطرفين عشان المطلوب يتحقق، وفي نفس الوقت الكلام ده هيرد نيِّة الأذى على الشخص اللي كان عاوز يأذيها. 

-يعني كل ده كان داير من ورايا وأنا زي الأطرش في الزفة؟

-أنت خيرك عليا يا معلم عُمران، علِّمتني مهنة أعيش منها، وكان لازم أخدمك.

-مش عارف أقول إيه، هو كل شيء نصيب في الأول والآخر، وجايز اللي أمك روايح عملته ده يكفّر شوية من الأذى اللي بتعمله في الناس.

-عايز أقول لَك إن أمي معادتش بتعمل أذى، تابت لربنا ومبقتش تعمل حاجة غير إنها بترقي وبس.

-أتمنى تكون توبة نصوحة، واعمل حسابك الكلام ده ميخرجش برَّانا.

-عيب يا معلم، سرَّك في بير.

لأني كان ليَّا نصيب رجعت في الوقت دَه، عشان أسمع الحوار اللي فسَّر لي كل حاجة، أو عشان ألحق الباب اللي كان ليّا نصيب أعرف من خلاله تفسير اللي حصل معايا، ساعتها عرفت ليه شُفت الحلم على مدار سنين فاتت، واتضح لي إن الأحلام شبابيك بتبُص على النَّصيب من بعيد، وعرفت سبب اللي حصل معايا في ليلتين قضيتهم في جوازة كانت ضد رغبتي، وعرفت سبب رقدة حماتي سابقًا، وهو إن الجزاء من جِنس العمل.

في الوقت ده؛ فهمت كلام الخالة نعمة الله يرحمها، لما قالت إن كل حاجة هتظهر في وقتها، وصدقت إن الريح جُند، وزي ما نقلتني للمكان اللي كان ليا نصيب إني أشوف فيه اللي حصل، نقلتني تاني للمكان اللي هكمل فيه باقي النصيب، واتضح لي إن حكمة السنابل مش غلط، لأن الريح والنصيب دايمًا واخدين اتجاه واحد، وزي ما عُمران طلب من الصبي بتاعه إن يخلّي الحكاية سِر، أنا كمان عملت ودن من طين وودن من عجين، وخلِّيت السِّر في بير.

شكرت الظروف اللي خرَّجتني من هناك، لأن اللي مطالش يأذيني في المرة الأولى، أكيد كان هيلاقي مليون فرصة تانية، وشكرت حماتي السابقة عشان جابت لحد عندي الستارة الحمرا، اللي اتكتب عليها سبب من أسباب نجاتي، ده بعد ستر ربنا طبعًا، وأهم حاجة اتعلمتها، هي إن حِكمة السنابل بتنجّي من المهالك، واتعلِّمت درس عُمري اللي هعلمه لابني اللي جاي في الطريق، وهو إن النَّصيب بيصيب، مهما كانت الأسباب غريبة ومُخيفة، زي ما قالت الخالة نِعمة، الله يرحمها.

تمت...

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب333784
2الكاتبمدونة نهلة حمودة189622
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181305
4الكاتبمدونة زينب حمدي169717
5الكاتبمدونة اشرف الكرم130943
6الكاتبمدونة مني امين116766
7الكاتبمدونة سمير حماد 107712
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97828
9الكاتبمدونة مني العقدة94944
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91586

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
2الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
3الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
4الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
5الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
6الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
7الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
8الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
9الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14
10الكاتبمدونة محمد بوعمامه2025-06-12

المتواجدون حالياً

1181 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع