آخر الموثقات

  • ق.ق.ج/ بئر العينين
  • مكانة الأسياد ..
  • تقوى الله محرك مهنة الطب
  • التعليم السوداني بين العزلة وإعادة إنتاج الأمية
  • أصداء أزهري محمد على نقد متجدد للحكم في السودان 
  • معركة الكرامة: بين الخيانة والوفاء للوطن
  • بين رفقة الأحلام ورفقة التكنولوجيا أحلام تزهر بالمعرفة
  • طقوس الزواج السوداني بين الأصالة والمفارقة: من قطع الرهد إلى إشعار البنك
  • لقاء السحاب
  • يا صديقي.. لو كنا تزوجنا من زمان
  • رسالة بين القلب والعقل
  • ما وراء الغيم الأسود
  • حين عاد الصوت من الغياب
  • على حافة الفراغ.. حكاية قلب يبحث عن أنس
  • أمسية على ضفاف الذاكرة
  • تهت في عيونك
  • جاء موعد كتابتي إليك
  • عبارات مبالغ فيها لإبن تيمية
  • ابن تيمية فى مواجهة الوهابية 
  • لابوبو الجزء ٤
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شحاتة
  5. المستودع

 شَكله كان مُريب ومَشيته غريبة؛ والبالطو اللي لابسه هلكان وطالع عينه، كان بيعافِر وهوَّ بيزق العربيَّة قدَّامه وطالع منها صوت تزييق عالي، عشان كِدَه لَفَت انتباهي..

وقتها كنت ماشي في مَمَر من ممرات المستودع اللي اشتغلت فيه وراجع من أوّل مُهمة اتكلِّفت بيها، وقفت وركِّزت معاه لحد ما قرَّب منّي، انتظرته يكلِّمني أو حتى يرمي عليّا سلام ربنا، لكنّه فات من قدّامي وكأنه فايت على كولدير مَيَّه، غصب عنّي بصِّيت ناحيته وتابعته كام ثانية وهو ماشي بخطوات بطيئة، وفي لحظة لقيتني بَشيله من دماغي، قرَّرت أركِّزي في شغلي، خصوصًا إني لسَّه في اليوم الأول..

 

أخدت بعضي ومشيت، بعد خطوتين بالظبط وقفت، فضولي خلّاني أبُص ورايا، ساعتها اتخشِّبت في مكاني، المَمر كان فاضي والشَّخص ده مش موجود، ومستحيل يكون قدر يخرج منُّه بخطواته البطيئة، لأن المسافة لنهاية الممر محتاجة دقايق عشان يقطعها، ده غير إني استبعدت فكرة دخوله أوضة من الأوض، لأني مَسمعتش صوت باب بيتفتخ أو بيتقفل، في شيء غريب بيحصل؛ خصوصًا إني لسَّه سامع تزييق العربية وهي ماشية في الممر، بس لا كُنت شايفها؛ ولا كُنت شايفه هوَّ شخصيًا!

 

الموقف خلّاني أبلع ريقي غصب عنّي، لكني حاولت أتجاوز وأركِّز في الشغل، وبعد ما بصَّيت بصَّة أخيرة على الممر اللي كان فاضي برغم صوت تزييق العربية اللي لسَّه موجود؛ اعتبرت اللي حصل صفحة واتقفلت، لفّيت وشّي واتحرَّكت عشان أكمل طريقي، بس اتحوِّلت لتمثال في لحظة لمّا لقيته واقف بالعربية قدّامي، البالطو مبهدل وحالته مَتسُرِّش عدو ولا حبيب.

 

الخوف خلّاني عاجز عن الحركة، حاولت أجري أو حتى أبعِد من قدامه لكني فشلت، هوَّ كمان كان زي التمثال ومبحلق في وشّي وعينيه مغمَّضة، وفي اللحظات اللي عيني جَت على ملامحه لاحظت إن وشُّه مليان تجاعيد، أسئلة كتير دارت في دماغي، هو إزاي ظهر واختفى وظهر من تاني، لكنّي رَميت كل ده على جنب وأخدت نفس عميق عشان أتخلَّص من القلق اللي جوَّايا، وبعدها قُلت له:

_أنا شغّال جديد في المستودع، اسمي "إبراهيم".

 

انتظرته يرُد عليّا لكني كنت بكلّم نفسي، كملت كلامي وسألته...

_أنت كويِّس طيِّب؟

 

استمَر في صمته وعينه فضلت مغمَّضة، قاومت حالة الجمود اللي سيطرت عليّا ورفعت إيدي ناحيته، بدأت أحرَّكها قدام وشُّه، قُلت: جايز تلفِت انتباهه ويفتح عينيه، كنت بعمل ده وأنا بقول في نفسي: "إيه الليلة اللي مُش فايتة دي، الراجل ده بعيد عن إنه غريب وتصرُّفاته غريبة وبيعمل حاجات مالهاش تفسير؛ لكن شكله كفيف وبيشتغل في المكان وحافظه وبيقدر يمشي فيه بدون ما يشوف حواليه". 

 

على ما خلَّصت تخمين وتفكير في اللي بيحصل بدأ يستجيب معايا، جفونه بدأت ترمِش، استغلِّيت انتباهه لكلامي وقُلت:

_أنت يا عم الحاج صاحي ولا نايم ولا حكايتك إيه! ما أنت أخدت بالك من إيدي قدام وشَّك وبترمِش أهو، أومّال عامل فيها كفيف وحركاتك غريبة ليه؟

 

فتح عينيه فجأة، ولولا إني مسكت أعصابي كنت عملتها على نفسي، وده لأن تجويف عينيه كان فاضي وضلمة، وبمجرّد ما شُفت عينيه بالشكل ده اتكلّم بصوت غليظ وبدون شفايفه ما تتحرَّك وقال:

_عينك اللي أنت مُش دريان بيها دي مصيرها تروح يا "إبراهيم".

 

خلَّص كلامه وغمَّض عينيه من تاني، بدأ يتحرَّك ويزق العربيّة قدامه، صوت تزييقها كان بيرن في وداني، عيني فضلت مبحلقة فيه وهو بيتحرَّك ببطء، كنت بفكّر في هيئته المخيفة، وكلامه اللي أغرب من شكله: يعني إيه عيني اللي مُش دريان بيها؟ هو في حد مُش بيكون دريان بعينه؟

 

بعد اللي حصل أخدت بعضي وطلعت أجري عشان أخرج من الممر، وصلت المخزن وأنا بَنهج وقاطع النَّفس، قابلني واحد معايا في المخزن اسمه "حسين"، اتعرَّفت عليه لمّا استلمت الشغل، ولمّا شاف الحالة اللي أنا فيها ساب اللي في إيده وقرّب منّي وسألني:

_مالك يابني؟ ليه جاي بتجري وبتنهج وحالتك حالة؟ من أولها؟ ده أنت لسّه بتقول يا هادي!

 

كنت بسمعه وعيني على باب المَمر، ولمّا مَردّتش عليه كمّل أسئلته وقال:

_بتبُص للممر ليه؟

 

حاولت أخرج من دوامة الذهول اللي بلعتني، جاوبته وأنا بحاول أنهي الموقف بشياكة وقُلت له:

_كنت راجع المخزن وماشي في المَمر، سمعت حاجة خبطت فجأة قُمت جاري.

 

رد عليّا بنبرة كلها سخرية وقال:

_حاجة خبطت آه! يظهر إن عضمك لسَّه طري، وكويس إنك بدأت شغلك في وردية الليل عشان تنشف بسرعة، أصل اللي بينشّف العضم هنا مش الشمس، ده الشغل بالليل.

 

استغربت كلامه وسألته:

_ليه بتقول كده؟

_عشان شكلك خيخة، وإحنا في فصل الشتا والدنيا ليل، والمستودع هنا بالليل أي صوت بيرن فيه، هوا بقى أو مَطر؛ برق ورعد، الصوت هنا بيرِن خصوصًا في الممرات، ده طبعًا غير صوت رزع الاسطوانات، ومش بعيد الصوت اللي كنت بتجري منه يكون صوت باب أوضة الهوا حرَّكه مثلًا، ولأنك مش متعوِّد على الكلام ده خُفت وجريت.

 

خلَّص الموشَّح بتاعه وبعدها خبط على كتفي وقال...

_بُكره تتعوِّد ياخويا وقلبك يجمد.

 

سابني وراح يكمّل شغله، والتفكير بدأ يزِن زي الدَّبور في دماغي، كل اللي "حسين" قاله منطقي وطبيعي ومفيهوش أي كلمة أقدر أعترض عليها، الاعتراض الوحيد اللي قدرت أعترضه كان جوَّايا أنا، لأني لاحظت إنه مجابش سيرة أي شيء غير طبيعي بيحصل هنا، يعني لا في عفاريت بتظهر ولا أشباح بتطلع للناس، وإلا كان حكى عنها، ولا المكان هنا مسكون ومحبِّش يجيب سيرة عشان ميكرَّهنيش في الشغل، خصوصًا إن دي أول ليلة ليّا في المستودع، ولا المكان هنا مش مسكون عشان كِدَه الكلام في الموضوع دَه مَتفتحش من أصله، أسئلة بدأت تاخدني وأسئلة تودِّيني، لحد ما وصلت لسؤال فكَّرت فيه كتير: لو المكان مش مسكون فعلًا يبقى مين اللي أنا شُفته في المَمر وقال لي الكلام الغريب ده؟!

 

قطعت تفكيري لمّا سمعت صوت التزييق من تاني، الصوت كان جاي من ناحية باب المَمر، عيني راحت ناحيته وبدأت أركز، الصوت كان بيقرَّب، ومع الوقت لمحت عربية الاسطوانات بتدخل ببطء من باب الممر، هي نفس العربية، ومفيش ثواني ولقيته داخل وراها وبيزقّها، نفس الشخص؛ نفس البالطو الهلكان، جسمي اتهَز والرعشة اتملِّكت منّي، واتنفضت أكتر لمّا حسيت بإيد خبطتني على كتفي، بصيت ورايا ولقيته "حسين" اللي قال لي:

_متنَّح ليه؟

 

محبِّتش أتكلم، خُفت أكون أنا بَس اللي شايفه، وساعتها هتبقى بداية شُغلي محدِّش يحسدني عليها ولا يتمنَّاها، عشان كِدَه قطعت الكلام معاه وقُلت:

_مُش متنَّح ولا حاجة.

_لأ متنَّح، من وقت ما عم "عُرابي" دخل من الممر بالعربية بتاعته وأنت متنَّح ومبحلق فيه.

كلامه لغبطني وغيَّر الحسابات اللي في دماغي، عشان كِدَه سألته بعفوية:

_عم "عُرابي" مين اللي بتكلّم عنه؟

 

شاور ناحية نفس الشخص وقال لي:

_قدامك هناك أهو، ده أقدم واحد في المستودع، اشتغل فيه من وهوَّ صغيَّر، وكِبر وشاب وعجِّز فيه، وبالمناسبة هو كفيف، فقد نظره وهو بيجرَّب اسطوانات كانت فيها عيب واتصلَّحت، أسطوانة منهم ولَّعت ونارها لحست نظره، ومع الوقت نظره ضعف أكتر ومبقاش يشوف.

 

 

من كلامه بدأت أحِس إن الشخص ده غريب، خصوصًا بعد اللي حصل منُّه في المَمر، لكني محبِّتش أروح للناحية دي وكمِّلت على كلام "حسين" وقُلت:

_إزاي كفيف وبيشتغل؟

_زي ما أنت شايف كده، حافظ المستودع أكتر من أي حد موجود عشان عاش عُمره فيه، بيعرف الأماكن من عدد الخطوات اللي بيمشيها، والإدارة سيباه لأنه رفض تعويض إصابة العمل واشترط إنه يفضل شغَّال، وأديك شايف، بيودِّي اسطوانات وبيجبب اسطوانات بنفس عربيته القديمة اللي محدّش بيشتغل عليها غيره.

 

بوصلة دماغي تاهت وبقيت في حيرة أكتر من الأول، معنى إن عم "عُرابي" ده موجود فعلًا يعني اللي حصل معايا في الممر حقيقة مش هلاوس، وإن المكان مش مسكون ولا حاجة، بَس إزاي؟ أنا بعيني دي شُفت عينيه لمّا فتَّحت وكان تجويفها فاضي وضلمة، ومستحيل إن دي تكون عين شخص طبيعي، ولَّا الحادثة اللي حصلت له والنار هي اللي خلَّت عينه تظهر بالشكل ده؟ طيب ولو افترضت إن كل ده طبيعي، معناه إيه الكلام اللي قاله؟!

 

رفضت أسيب دماغي للوسوسة، قرّرت أركِّز في شغلي وبس، وفضلت على الحال ده لحد ما النهار طلع والورديَّة انتهت، خرجت من المستودع وروَّحت على البيت، قضيت أغلب الوقت نوم، يادوب صحيت أكلت وغيّرت هدومي ورجعت على المستودع من تاني، بدأت نفس البداية الروتينيَّة، انطلب منّي أراجع مخزون موجود في أوضة من أوض الممر، ولأن الشغل لازم يتعمل؛ أخدت بعضي ورُحت وخلَّصت، ويادوب خرجت من الأوضة للممر وسمعت صوت التزييق، بصيت يمين وشمال، الممر كان فاضي برغم إن الصوت موجود، افتكرت القرار اللي أخدته؛ أركَّز في شغلي وبَس، أخدت بعضي ومشيت في الممر ناحية المخزن، مع كل خطوة صوت التزييق كان بيزيد، لدرجة حسيت إن عم "عُرابي" ماشي بعربيته ورايا، كملت في طريقي ومفكَّرتش أبُص ورايا غير لمّا بقيت على باب المَمر، في اللحظة دي بصّيت ولقيته واقف بعربيته في الممر، بالتحديد قدام الأوضة اللي كنت بخلَّص شغل فيها، مسألتش نفسي هو ظَهر إمتى وإزاي وبيعمل إيه هناك، ولا فكَّرت إزاي العربية بتزيَّق وهي واقفة في مكانها بدون ما تتحرَّك..

 

عطيت ضهري للمَمر ودخلت المخزن، ساعتها شَهقت لمَّا لقيت عم "عُرابي" واقف بعربيته جوَّه وبيحمِّل اسطوانات، رقبتي لفَّت غصب عني ولقيت عيني رايحة ناحية الممر من تاني، وجايز دَه حصل عشان جرس الإنذار اللي جوَّايا يرن، لأني في الوقت دَه شُفت عم "عُرابي" لسَّه واقف بعربيته في المَمر، وفي نفس الوقت كان جوَّه المخزن بعربيته!

 

لحد هنا قطعت الشك باليقين إن الشخص دَه فيه شيء مش مظبوط، حتى لو أنا بَس اللي شايف دَه بعيني؛ لأن "حسين" اتكلِّم عنُّه عادي، حتى الحادثة اللي حصلت له طبيعية وبتحصل لغيره كتير، لكن أنا شايف شيء مختلف!

 

كل ده فكَّرت فيه وأنا متخشِّب في مكاني وتايه، مَفوقتش غير على صوت "حسين" وهو بيقول لي:

-صحّي النوم يا "إبراهيم".

 

بصّيت ناحيته وقُلت له:

-بالله عليك مُش نقصاك، اتكلّم مرّة بدون تريقة.

-بدل ما تلومني على كلامي بُص لنفسك وركّز في شغلك.

-بطَّل بقى جَو نصايح خالي اللي أنت ماشي فيه دَه، عاوز إيه؟

-خلاص يا سيدي متضايقش نفسك، عايزك تروح أوضة الاسطوانات الكبيرة وتشوف فيها كام اسطوانة عشان في طلبية لازم تطلع حالًا.

-وأوضة الاسطوانات الكبيرة دي هعرفها منين؟

-ماتشيلش هَم، عم "عُرابي" هيودِّيك.

 

مَنتظرش أعلَّق على كلامه، لقيته بيندَه على عم "عُرابي" وبيطلب منُّه يوصَّلني للأوضة، وبدون نقاش لقيت عم "عُرابي" ساب عربيته وجاي ناحيتنا وكأنُّه حدِّد المكان اللي الصوت طلع منُّه ونَدَه عليه، ولمَّا وصل عندنا وقف قدّامنا وبَص ناحيتي بعينه المغمَّضة وقال لي:

-تعالى معايا يا أستاذ "إبراهيم"، الأوضة مش بعيد، دي في آخر المَمر.

ماكنتش فاهم إزاي بَص ناحيتي وكلِّمني وهو مش شايف اللي قدَّامه، ولا حتى عرفت هوَّ عرف اسمي إمتى وإزاي. مسابش فرصة أسأله أو أعرف منُّه عمل دَه إزاي، لأنه كلِّمني وبدأ يتحرَّك ناحية المَمر، ولأن الشغل مَفيهوش هزار، لقيت نفسي بمشي وراه، حصَّلته بسرعة لأن مشيته بطيئة، وأوّل ما حَس بيَّا جنبه قال لي:

-الدنيا دي غريبة، الكفيف فيها بيوصَّل اللي بيشوف، وناس بتدخل أماكن مُش المفروض إنهم يدخلوها.

 

حطيت خوفي منُّه على جنب وركّزت في الدَّخلة بتاعة كلامه، محبِّتش أمشي جنبه زي أبو الهول، رديت عليه وقُلت:

-الغريب هوَّ اللي أعمى، وأنت مُش غريب عن المكان وحافظه زي ما أنا عرفت.

-لسانك حلو وبتعرف تتكلم وترُد، أنا فعلًا مُش غريب عن المكان، عِشت واتربّيت فيه، شُفت وعميت فيه، المستودع ده بيتي الأولاني مش التاني، حافظ كل شِبر حوالينا، زي دلوقت إحنا جنب باب أوضة رقم 5.

 

بصيت على باب الأوضة اللي كنا قدامها ولقيت الرقم مظبوط، اندهشت إزاي عارف كل مكان بالدِّقة دي، لدرجة حسيت إنه مُش أعمى وبيشتغل الناس، وبمجرَّد ما خمِّنت كِدَه افتكرت منظر عينيه، عشان كِدَه قُلت له:

-أنا عرفت إنك فقدت عينك في حادثة هنا.

-العين أعز حاجة الإنسان بيملكها، زي ما أنت عندك عين مُش دريان بيها، ولا حتى كنت تعرف عنها حاجة غير لمّا دخلت هنا.

 

برغم إن كلامه بالنسبة ليَّا مكانش مفهوم؛ لكن شخص بالغموض دَه ماكنتش أقدر أعارضه بغشوميَّة، عشان كِدَه بلعت كلامه اللي مش مفهوم، زي ما بلعت الأحداث الغريبة اللي حصلت منُّه، فضلت ساكت بدون ما أتكلِّم، لحد ما لقيته بيمد إيده ناحية عينيه وبيرفع جفونة، ساعتها شُفت عينيه من جوَّه، كانت موجودة لكنها بيضا وممسوحة؛ عكس ما كنت شايف تجويفها فاضي وضلمة، سيطرت على رعشة ضربت جسمي فجأة وقُلت له:

-ليه مأخدتش التعويض وقعدت ترتاح بعد الحادثة وتاخد معاشك بدون ما تتعب نفسك.

-الجِتَّة اللي اتعوِّدت على التعب من صغرها صعب تقعد، لو قعدت تموت، مُش بترتاح غير الراحة الأبديَّة لمَّا ترقد في القبر.

 

كان أوِّل كلام منطقي أسمعه منُّه، مقدرتش أعلَّق عليه ولا أقول له: تِلت التلاتة كام، وفجأة وقف مكانه؛ وبالتالي وقفت وبصّيت له، ساعتها شاور لي ناحية باب أوضة قبل نهاية المَمر بشوية وقال:

-دي أوضة الاسطوانات الكبيرة، وكوبس النور هتلاقيه على يمينك أول ما تدخل، بَس اللمبة مُش شغّالة.

 

ابتسم لي وسابني ومشي، بصّيت عليه لثواني وهو ماشي بخطواته البطيئة في الممر وراجع ناحية المخزن، بعدها بصّيت للباب وقرَّبت منُّه، فتحته ومديت إيدي على اليمين ودوَّرت في الحيطة على كوبس النور، فَتحته لكن الأوضة فضلت ضلمة، فعلًا اللمبة محروقة، قُلت مابدّهاش بقى، دخلت وطلَّعت تليفوني من جيبي، فتحت الكشاف عشان أقدر أشوف الاسطوانات وأعرف عددها، وبمجرَّد ما فتحت نور الكشاف التليفون وقع من إيدي، وده لأني شُفت عم "عُرابي" واقف وسط الاسطوانات في الأوضة، كان بيبُص لي بتجويف عينيه الفاضي اللي كلُّه ضلمة، وللأسف؛ التليفون لمَّا وقع غطا ضهره فَك والبطارية خرجت منُّه ونور الكشاف انطفى، الضلمة بلعتني مع الأوضة، بدأت أحسِّس على الأرض وأنا بحاول أجمّع تليفوني اللي بقى 3 حِتت، في الوقت دَه كنت سامع الاسطوانات بتخبط في بعضها، كأن في حد بيحرَّكها من مكانها، ومع رزع الأنابيب بدأت أشوف برق من شباك الأوضة ومعاه صوت رعد، وفي اللحظات اللي البرق كان بينوَّر الأوضة فيها كنت بشوفه، كان قريَّب مني وبيبتسم، وفي كل لحظة برق كان بيقرَّب أكتر من الأول، لحد ما اتفاجئت بيه في آخر مرَّة نازل على الأرض جنبي ووشُّه قُريب منّي، ساعتها همس في ودني بصوته الغليظ اللي سمعته أوِّل مرة وهو بيقول كلامه الغريب وقال:

-أنت شايفني يا "إبراهيم"، عشان كِدَه؛ أنا وأنت مُش هينفع نفضل في مكان واحد، ولأني هنا من زمان فالمستودع مكاني، أنت اللي جيت جديد ودخلت مكان مكانش ينفع تدخله، بَس هنقول إيه بقى، النصيب لازم يحصل، زي ما في واحد فينا لازم يمشي، والواحد دَه هوَّ أنت يا "إبراهيم".

 

لمَّا خلَّص كلامه البرق ضرب من تاني، المرَّة دي استمر وقت أطول، لفّيت عيني في الأوضة ومشوفتش غير الاسطوانات، الشيء دَه مكانش موجود، وفي الوقت اللي البرق نوَّر فيه المكان قدرت أحدد مكان غطا التليفون والبطارية، مسكتهم وقُمت من الأرض خرجت من الأوضة، جمَّعت التليفون من تاني واشتغل وفتحت نور الكشَّاف، ومن على الباب عرفت عدد الاسطوانات وأخدت بعضي ومشيت.

 

رِجلي مكانتش بتعلِّم في الأرض من سرعتي، رجعت المخزن ودخلت على "حسين"؛ اللي أوِّل ما شافني قال لي:

-أنت كل ما تروح تخلَّص شُغل هناك ترجع حالتك حالة! يا بني كده غلط، أومّال بعد سنة في الشغل هتبقى عامل إزاي.

-نقَّطني بسُكاتك يا "حسين" الله يكرمك.

-خلاص يا عم حطيت لساني في بوقّي أهو، خلينا في الشغل بقى، في كام اسطوانة هناك؟

 

قُلت له العدد، وساعتها بعت عُمّال يحمِّلوها، كان منهم عم "عُرابي"، قعدت على كرسي في جنب آخد أنفاسي، محاولتش أقرَّب من أي مكان يخلّيني أقف أنا وعم "عُرابي" قدام بعض، أنا لحد دلوقت مش قادر أفهم إذا كان ده شخص عادي زيّنا ولا حاجة تانية، بس تعامل النّاس معاه بيقول إنه شخص عادي، أنا اللي بقى فيّا حاجة مش مظبوطة تقريبًا.

 

الوردية انتهت؛ وكالعادة رجعت على البيت، والساقية دارت ورجعت المستودع من تاني، بَس المرَّة دي لقيت حالة صمت مسيطرة على النّاس، كلهم كانوا موجودين إلا عم "عُرابي"، عربيته كانت مركونة وهوَّ مكانش جنبها، قرَّبت من "حسين" وسألته:

-إيه الحكاية.. واقفين متنَّحين ليه؟

-عم "عُرابي" تعيش أنت.

 

بلعت ريقي من الصدمة وقُلت له:

-إزاي ده؟

-هوَّ إيه اللي إزاي يا "إبراهيم"، راجل عجوز وعُمره خلص لحد كِدَه، والنّاس زعلانة عليه عشان عِشرة العُمر، ربنا يرحمه.

-حد عرف مات إزاي؟

-واحد من أولاده لمَّا لقاه اتأخر على غير العادة، دخل يصحِّيه عشان الشغل، ولقى السر الإلهي خرج منُّه.

 

الإدارة سمحت لنا نروح نحضر الدفنة، وفعلًا حضرنا، وفي الجنازة وقفت في مكان قريّب من القبر، ساعتها لاحظت عجوز ضَهره محني وفي إيده عصاية بيعكِّز عليها، كان من وقت للتاني بيقول: "أنت اللي خرجت يا عُرابي مُش هوَّ!".

 

كلامه لفت انتباهي، لكن الناس كانت بتبعده عن القبر وبتمشّيه، وزي ما فهمت من كلامهم إنه مجذوب من المجاذيب اللي عقلهم سارح ومحدِّش بياخد له على كلام، لكن كلامه كان مهم بالنسبالي، خصوصًا وإن في رابط بين اللي بيقوله وآخر حاجة سمعتها لمَّا وقعت في أوضة الاسطوانات الكبيرة، عشان كِدَه انتظرت لمَّا القبر اتقفل على عم "عُرابي" والنّاس اللي في الجنازة كل واحد أخد بعضه ومشي؛ إلا الشخص دَه فضل قاعد جنب القبر وبيبُص لبابُه وكان بيكرَّر نفس الكلام، ولمَّا بصيت حواليّا وملقتش غيري قرَّبت منه وسألته:

-أنت تعرفه؟

 

وبدون ما يرفع عينه عن باب القبر قال لي:

-أعرفه؛ وأعرفك إنت كمان.

 

جسمي اتهَز لمَّا سمعت منُّه الكلام ده، سألت في نفسي: يعرفني منين إذا كانت دي أوِّل مرَّة أشوفه، ولقيته بيجاوبني عن السؤال اللي مخرجش برَّه مخّي وقال:

-فعلًا دي أوِّل مرَّة تشوفني بس أنا أعرفك، أنت الشَّخص اللي لمَّا دخل المستودع "عُرابي" مكانش ينفع يجتمع مع "عُرابي" في مكان واحد.

-كلام إيه اللي بتقوله دَه يا راجل أنت!

-دي الحقيقة، مُش عارف أنت ليه مستغرب كلامي رغم إنك شُفته في المستودع بنفسك.

-ما كُل النَّاس كانت بتشوفه هناك، وأنا اشتغلت هناك وزيي زي النَّاس.

-بَس النَّاس كانت بتشوف "عُرابي".

-وأنا كَمان كُنت بشوف "عُرابي".

-أنت ماكنتش بتشوف "عُرابي بس، أنت كُنت بتشوف قرينه كمان.

-ما تِعدِل الكلام يا عم وبلاش جِنان، إيه اللي بتقوله دَه!

-طالما مش مصدَّقني يبقى خليني أحكي لَك: بعد حادثة "عُرابي" وعينيه اللي راحت، اشترط على الإدارة إنه يتنازل عن تعويض إصابة العمل بشرط إنه يكمل في المستودع، عشان مُرتبط بيه من صُغره، ومع الوقت خاف يبقى زي خيل الحكومة، لمّا يعطَب ينضرب بالنار، بالبلدي خاف لو الإدارة اتغيَّرت تيجي إدارة جديدة تمشِّيه، عشان كِدَه لجأ لسلاح العاجزين؛ السِّحر، ساعتها جالي وطلب منّي آخده ونروح لشيخ، واحد بيشتغل في السِّحر والأعمال والكلام اللي أنت فاهمه دَه، أخدته ورُحت وأنا مش عارف اللي في ضميره، بَس قُلت خليني ورا الكدّاب لحد باب الدار، وهناك اتفاجئت إنه بيطلب من الشيخ يشوف له طريقه تخليه يفصل ثابت في شغله بعد ما بقى كفيف، ساعتها الشيخ قال له إن الحل في تحضير قرينه وإنه يفضل ملازمه ويبقى عينيه اللي يشوف فيها، عارضت الموضوع دَه لأن القرين شيطان، وفي أي وقت ممكن ينقلب على صاحبه، لكن "عُرابي" صمِّم على اللي الشيخ قاله، ولأنُّه هيعمل دَه بيّا أو من غيري أخدت جنب ومَتدخَّلتش، اكتفيت إني حذَّرته من ألاعيب القرين وخطورته، لكن الشيخ قال إنه هيحضَّره بتعويذة تخلّيه مُطيع ويتجنَّب الأذى، إلا في حالة واحدة، لو المكان اللي فيه القرين دخله شخص زوهري، عينه التَّالته بتقدر تشوف ما وراء الحُجب، ساعتها القرين أمره هينكشف وهيرجع لطبيعته المؤذية، ومش هينفع يكون هوَّ والشخص دَه في مكان واحد، والحكاية تمَّت والقرين حضر وبقى هو اللي بيحرَّك "عُرابي" بدون ما حد يكون عارف اللي فيها، لكن جه الوقت اللي أنت دخلت فيه المستودع وقدرت تكشف قرين "عُرابي"، لكن موته كان رحمة من ربنا، قفل باب صراع كبير بينك وبينه، يا إما كنت هتتأذي أذى شديد، يا إما القرين كان هينتقم من صاحبه، عرفت بقى إن الموت أحيانًا بيكون راحة من كل شر؟

 

ماكنتش مصدَّق وداني، عشان كده سألته:

-تقصد إني إنسان زوهري وعندي عين تالتة والكلام اللي الناس بتقوله ده؟

-العين التَّالتة بتكون عند النّاس وبأشكال مختلفة، وبدون خوض في تفاصيل، لو ماكنتش كِدَه إزاي شُفت القرين؟

-بَس أنا قبل الحكاية دي ماكنتش بشوف حاجات من دي؟

-عشان مدخلتش أماكن فيها الحاجات دي، لكن لمَّا دخلت المستودع وهي موجودة شُفتها.

-وأنت إيه حكايتك بالقصة دي؟ يعني ليه "عُرابي" جالك أنت بالذات؟ وإزاي عرفتوا إني هدخل المستودع وهشتغل فيه؟

-أنا واحد اشتغل شغلانة غريبة ورثها أبًا عن جِد، أي حد عاوز يعمل حِجاب أو يفِك سِحر أو أي حاجة من دي بيلجأ لي، وأنا أختار له الشيخ المناسب للحاجة اللي عاوز يعملها، وكنت باخد حسنتي من الطرفين، وسيط يعني عشان النّاس متروحش لحد نصاب وينضحك عليها، لحد ما الدنيا اتغيَّرت والناس أفكارها اختلفت وبقوا يفسَّروا شغلانتي على إني مجذوب، بَس لسَّه لحد دلوقت بشتغلها، ولو بتسأل عرفنا إزاي؛ فأحب أقول لك إن القرين نفسه لمّا اتحضَّر نطق على لسان "عُرابي" وحذَّر من لحظة دخولك للمستودع.

-وضميرك مش بيأنِّبك على اللي حصل مع "عُرابي"؟

-بالعكس؛ "عُرابي" محصلش معاه حاجة، أنا نصحته وهوَّ صمِّم عشان السبب اللي أنت عرفته، وبعدين لكل أجل كتاب، دي الساعة اللي مكتوب له يموت فيها، يعني لا دخولك المكان سبب في موته، ولا القرين اللي اتحضَّر عليه سبب برضه، كل الحكاية إن عُمره خلِص وموته رحمة من ربنا بيك وبيه.

 

مكانش عندي حاجة أعلَّق بيها، عشان كِدَه قال لي:

-روح يا ولدي ارجع شغلك عشان محدِّش يضرَّك، القرين خلاص مكانه معادش هناك؛ لأن صاحبه مبقاش موجود فيه، وبالمناسبة، لو في مرة الحكاية اتكرَّرت تاني في أي مكان ومع أي حد؛ فأنت بقيت عارف اللي فيها، وبقيت عارف إنت شايف إيه بالظبط، ولازم تفهم إنك هَتشوف لمَّا تدخل مكان فيه حاجة تتشاف، كل اللي عليك إنك تتجنّب الحاجة اللي هتشوفها، بلاش تتعامل معاها عشان مَتفتحش باب لصراع مالوش لازمة.

 

أخدت بعضي وخرجت من المقابر ومنها على المستودع، ولمَّا وصلت قابلت "حسين" اللي قال لي:

-إيه ياعم اتأخَّرت ليه؛ أنت كنت قاعد جنب الراجل وهو بيتحاسب ولا إيه؟

 

معلَّقتش على كلامه السخيف، دخلت على شغلي وبدأت أفضّي كل حاجة حصلت وشُفتها في اليومين اللي فاتوا، وفعلًا وبالتدريج، أيام وشهور فاتت؛ وبقيت أشتغل بشكل طبيعي، بدون ما أشوف أو أسمع حاجة، وبدون ما أتعرَّض لحكاية شبيهة في أي مكان تاني بروحه، أي نعم أحيانًا عيني بتقع على عربية عم "عُرابي"، ووقتها بفتكر كل حاجة، لكن إني أكون بفتكر شيء، وإن اللي بيحصل معايا يكون لسَّه بيحصل، ده اللي شيء مكنتش هقدر أتحمّله، حتى وإن كُنت إنسان زوهري زي ما عرفت من المجذوب!

 

تمت...

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
4↓الكاتبمدونة محمد شحاتة
5↓الكاتبمدونة غازي جابر
6↓الكاتبمدونة خالد العامري
7↓الكاتبمدونة ياسر سلمي
8↓الكاتبمدونة هند حمدي
9↑5الكاتبمدونة خالد دومه
10↓-1الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑19الكاتبمدونة منى كمال217
2↑16الكاتبمدونة يوستينا الفي75
3↑10الكاتبمدونة طه عبد الوهاب147
4↑10الكاتبمدونة وسام عسكر214
5↑8الكاتبمدونة عطا الله حسب الله137
6↑8الكاتبمدونة مروة كرم144
7↑8الكاتبمدونة سارة القصبي159
8↑8الكاتبمدونة عزة الأمير170
9↑7الكاتبمدونة اسماعيل ابو زيد62
10↑7الكاتبمدونة هبة محمد194
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1101
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب701
4الكاتبمدونة ياسر سلمي666
5الكاتبمدونة اشرف الكرم585
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري510
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني432
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين423
10الكاتبمدونة شادي الربابعة406

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب350407
2الكاتبمدونة نهلة حمودة205098
3الكاتبمدونة ياسر سلمي190157
4الكاتبمدونة زينب حمدي176669
5الكاتبمدونة اشرف الكرم138398
6الكاتبمدونة مني امين118824
7الكاتبمدونة سمير حماد 112619
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي103827
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين101184
10الكاتبمدونة مني العقدة98557

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة محمد فتحي2025-09-01
2الكاتبمدونة أحمد سيد2025-08-28
3الكاتبمدونة شيماء حسني2025-08-25
4الكاتبمدونة سارة القصبي2025-08-24
5الكاتبمدونة يوستينا الفي2025-08-08
6الكاتبمدونة منى كمال2025-07-30
7الكاتبمدونة نهاد كرارة2025-07-27
8الكاتبمدونة محمد بن زيد2025-07-25
9الكاتبمدونة ناهد بدوي2025-07-19
10الكاتبمدونة ثائر دالي2025-07-18

المتواجدون حالياً

529 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع