آخر الموثقات

  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  • إيران من الداخل بعد الحرب.. 
  • معضلة فهم الحرب على إيران
  • نصر سياسي ايراني
  • قصة قصيرة/ وصاية الظل
  • ق ق ج/ سرُّ الشجرة والقوس
  • قليل من الحياة
  • حين كنت تحبني سرآ
  • رفاهية الضياع
  • وفتحوا المكاتب تخصص جديد
  • يمكن الطريق موحش!
  • الخلل
  • لا أعيش مع بشر
  • اسئلة عقدية خليلية 
  • جرح الكلمات
  • الصالونات الثقافية ...... هل هي بدعة جديدة ؟
  • الحب الصحي
  • المولوية
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شحاتة
  5. الحارس

 

السَّفر مُش بَس للترفيه والمُتعة؛ ممكن جدًا يكون إلزام عليك؛ لما تكون مُكلَّف بشُغل برَّة مصر، ولازم تسافِر عشان تخلَّصُه، في الحقيقة؛ أنا بحِب النوع ده من الشُّغل؛ لأني مُمثِّل، وبمجرَّد ما بنتهي من تصوير المشاهد المطلوبة منّي، بخرج وأستمتع وأشوف الدنيا، خصوصًا لو دي أوِّل مرَّة أروح فيها البلد اللي بصوَّر فيها؛ وغالبًا بكون منتظر الفرصة اللي زي دي، لحد ما حصل والفرصة جَت لحد عندي، ساعتها تليفون البيت رَن وكنت قريِّب منُّه، رفعت السماعة وردِّيت، وسمعت صوت أنا عارفه كويِّس بيقولّي:

_مساء الخير يا فنان، طمنّي عليك.

كان صوت واحد من المنتجين اللي اشتغلت معاهم كتير، بيكلِّمني عشان يبلغني إنه هينتج مسلسل والمخرج اختارني في دور مهم، وإن في بعض المشاهد هتتصوَّر في دبي، رحَّبت بالدور جدًا، لأنه مش بينتج غير الأعمال التقيلة، والمخرج كمان معروف، واتفقت معاه إني هروحله المكتب عشان أمضي العقد، وطبعًا قفل مكالمته معايا بكلمته اللي اتعوِّد يقولهالي وهو بيعرِض عليّا كل دور، لمّا قالّي:

_الدور لايق عليك، بالتوفيق يا "أحمد"؛ منتظرك.

كنت مبسوط جدًا بالمكالمة، بدأت أستعِد نفسيًّا للدور، برغم إني لسَّه معرفش تفاصيل الشخصية ولا أبعادها، لكن كان لازم أهيَّأ نفسي إني داخل دور جديد.

تاني يوم بالليل، كنت قاعد مع المنتج والمخرج، عرضوا عليّا السيناريو وكلموني عن الفكرة، وساعتها عرفت فكرة سريعة عن الدور بتاعي، مبدئيًّا الدور أثار فضولي، وخلّى جوايا شَغف إني أقوم بيه، أخدت السيناريو معايا البيت عشان أقرؤه؛ وأطّلع أكتر على التفاصيل، وفي خلال يومين، كنت راسم الشخصية في راسي والدنيا تمام؛ وكلمت المخرج والمنتج عشان أمضي العقد، وبالفعل؛ اتقابلنا في مكتب المنتج ومضيت العقد، حتى أبطال المسلسل كانوا موجودين، لأني آخر واحد مضى عقده، وكان في حفلة صغيرة لفريق المسلسل، كالعادة يعني زي ما بيحصل في بداية كل عمل.

انتهينا من تصوير المشاهد اللي في مصر، وكنا بنستعد للسفر لدبي، عشان تصوير الباقي من المسلسل هناك، في الفترة دي قبل السفر، اتكلمّت مع صديق إماراتي أعرفه من فترة اسمه "فوّاز"، بلَّغته إني عندي تصوير في دبي، وإني عاوز أقابله؛ لأني هقعد كام يوم هناك بعد التصوير، ماهو محدّش برضه هيروح دبي ويمشي من غير ما يلِف فيها، وطلبت منّه إننا نتقابل، عشان يكون دليلي هناك لو يقدَر.

وزي ما توقَّعت من "فوَّاز"؛ رحَّب بالحكاية وكان مبسوط، ومنتظر اليوم اللي هوصل فيه دبي، وبالفعل؛ وصلنا هناك وصوَّرنا اللي باقي من المسلسل، وبعدها كنت حاجز ٣ أيام في فندق، ولما وصلت الجناح بتاعي اتصلت بصديقي، في اليوم ده اتقابلنا بالليل، سلِّم عليا وقعدنا شويّة نتكلّم، وبعد ما اتعشّينا عرض عليّا فكرة وقالّي:

_إيه رأيك يا "أحمد" نروح معرض سيارات هيعجبك جدًا.

مكنتش من هواة السيارات؛ لكن محبّتش أرفض طلبه، خصوصًا إنه فضّى نفسه في الفترة اللي أنا موجود فيها عشان يبقى معايا، فردّيت عليه وقولتله:

_ليه لأ؛ كلها ثقافات وبالمرَّة نشوف حاجة جديدة.

أخدني في عربيته؛ وطلعنا على المعرض، اللي كان قريب من الفندق اللي أنا نازل فيه، ولما دخلنا المعرض، لفتت نظري حاجة غريبة، العربيات كلها قديمة وأنتيكة، ويمكن ده اللي خلّاني انبهرت، برغم إن العربيات مش بتبهرني ولا حاجة، لكن أنا بنبهر عمومًا بالحاجات القديمة والأنتيكات، ولمّا "فوّاز" شافني مُنبهر قالّي:

_عجبتك السيارات؟

ردِّيت على سؤاله وقولتله:

_مُش السيارات اللي عجباني؛ ولكن عاجبني إنها أنتيكة.

_بتحب الحاجات القديمة؟

_أنا من عشّاق كل حاجة قديمة.

_حيث كده لازم تيجي معايا على البيت، لازم تشوف مكتبة أبويا الله يرحمه؛ كلها كتب قديمة وأصليّة.

الفضول أخدني؛ كان جوايا شَغف إني أعرف إيه الكتب القديمة دي، وليه هو محتفظ بيها لحد دلوقت؛ عشان كده رحَّبت بالفكرة وقولتله:

_أنت خلّيت عندي شَغف إني أشوف المكتبة.

بعد ما اتفرجنا على المعرض؛ أخدني وروحنا على البيت، ولما وصلنا وأخدت واجب الضيافة؛ وبعدها طلب منّي ندخل أوضة المكتبة، الأوضة كانت في مكان هادي من البيت، بابها كان في نهاية مَمَر؛ فتح الباب ودخلنا وقفل علينا، وبدأت أبُص في المكتبة اللي ملاحظتش فيها حاجة غريبة؛ مكتبة عادية؛ لكني لقيته بيقولي:

_مُش دي اللي قصدي عليها.

التفتت ناحيته ولقيته بيشاور على ستارة؛ وبمجرَّد ما بصّيت عليها لقيته مسِك ريموت كنترول؛ ووجّهه ناحية الستارة اللي اتفتحت من نفسها، في البداية كنت فاكر وراها شبّاك، لكن اتضحلي إن وراها جزء من المكتبة، اللي كان باين من كعوب الكتب اللي فيها إنها تراثية وقديمة.

حسيت لوهلة إني انفصلت عن المكان، بدأت أقرَّب منها من غير ما أحِس بنفسي؛ لدرجة إني اتفاجأت بنفسي واقف ومفيش مسافة بيني وبين الكتب، بدأت أمِد إيدي وألمِس كعوب الكتب، اللي كان ملمسها مَهيب؛ جسمي قشعر من العظمة اللي قدّامي، التراث له هيبة؛ بدأت أقرأ في عناوين الكتب؛ لحد ما عيني وقفت عند عنوان كتاب مشهور؛ ولقيتني تنَّحت أوِّل ما شوفته، بصّيت ناحية "فوّاز" باستغراب وقولتله:

_دا كتاب شَمس المعارف.

ابتسملي كده وبصّلي وقالّي:

_أيون، الكتاب طبعًا نار على علم.

مدّيت إيدي وشدِّيت الكتاب، كان جوّايا إحساسين مختلفين عن بعض، إحساس الفضول اللي بيطلب منّي أفتح الكتاب وأشوف إيه اللي فيه؛ لأني أوّل مرَّة أمسك الكتاب في إيدي، وإحساس الخوف اللي بيقولّي لأ، وفي الآخر؛ إحساس الفضول هو اللي انتصر، فتحت الكتاب وبصيت فيه، لكن مكنش عندي الجرأة إني أنطق كلمة من اللي مكتوبة في صفحاته، ولمَّا "فواز" شاف إني مخضوض كده قالّي:

_أنت خايف؟

_أكيد الكتاب ده مش نسخة أصلية.

_لا يا "أحمد"، مفيش كتاب في المكتبة اللي وراك دي مُش نسخة أصلية.

_قصدك إن دي مُش من طبعة المكتبة الشعبية في بيروت؛ اللي حرَّفت الأجزاء الخطيرة اللي فيه؟

_زي ما قولت كده، ده مش من طبعة المكتبة الشعبية.

لمَّا قالّي الكلام ده؛ انتبهت إن الكتاب فعلًا مكتوب بخط الإيد، وده دليل إنه اتنسخ نسخ يدوي؛ كل ده بيعطي مصداقية لكلام "فواز"؛ اللي أكّد على تخميني وقالّي:

_الوالد الله يرحمه؛ كان يحب يقتني الكتب الأصلية والمخطوطات، وبيدفع فيها مبالغ كبيرة.

_لكن سؤال معلش؛ ليه الوالد يحتفظ بكتاب من أخطر كتب السِّحر؛ لأ وإيه، نسخة أصلية مكتوبة بخط الإيد.

_كانت هوايته الكتب القديمة؛ الله يرحمه بقى.

مُش عارف ليه طلبت منّه الطلب الغريب ده وقولتله:

_تسمحلي أستعير الكتاب؟

كنت فاكر إنه هيعترض؛ أو يقولّي مثلًا دا من مقتيات الوالد الله يرحمه، كنت أتمنى إن حاجة من دي تحصل، أنا معرفش إيه اللي خلَّاني أطلب الطلب ده، لكن اتفاجأت إنه بيقولّي:

_ميغلاش عليك!

 

أخدت الكتاب؛ لكني انشغلت في اليومين اللي كنت قاعدهم في دبي؛ وبعدها "فوَّاز" وصَّلني المطار وأنا راجع مصر والكتاب كان في شنطتي، ولما وصلت مصر، انشغلت في تصوير كام دور اتعرضوا عليا، مكنش في وقت إني أقرأ الكتاب، لكن احتفظت به في مكتبتي، ومع الوقت نسيت حكايته، نسيت إنه موجود عندي أصلًا، وفي ليلة؛ كان عندي تصوير تاني يوم، ومن عادتي إني بحب أقف قدَّام المراية؛ عشان أمثِّل الدور اللي هقوم به، وأشوف تعبيرات وشّي ماشية مع الشخصية ولا لأ، ولو في أي ريآكشن محتاج تعديل آخد بالي منُّه، في الليلة دي؛ وقفت قدام المراية وأنا مُندمج، وفي عِز ما كُنت مُندمج مع تعابير وشّي، لمحت شخص واقف ورايا.

فجأة؛ لقيتني خرجت من المود، وبدأت أركِّز مع الشخص اللي ظاهر ورايا في المراية، ملامحه مكانتش ظاهرة كويِّس، لكن دقنه كانت خفيفة، والشَّكل العام إنه كان بيبتسم ابتسامة مُش مفهومة، دا غير إنه كان لابس جلَّابيه لونها أسود، وكان في حاجة زي الشَّال على راسه، بنفس لون الجلابية، كُنت مذهول من اللي شايفه، وبسأل نفسي مين ده؟ مفيش غيري في الشَّقة، حتى مراتي وبنتي عند حماتي، وأنا بستغل الوقت اللي بكون فيه لوحدي وأتدرَّب على الشخصية اللي هعملها.

محبِّتش أفكَّر كتير، التفتت عشان أشوف مين ده، لكني لقيت الأوضة فاضية، اختفى في لمح البصر، قولت يمكن تهيّؤات من الاندماج في الدور، كبّرت دماغي ورجعت أبُص للمراية تاني، وأستعيد اندماجي مع الشخصية، لكني لقيت صورته معكوسة على المراية للمرَّة التانية، المرَّة دي ملامحه كانت واضحة، شاب في متوسط العمر، يعني ميقلِّش عن 35 وميزيدش عن 45، ابتسامته مُخيفة، وللمرَّة التانية بصِّيت ورايا، لكن خلِّيت عيني عليه وعلى المراية، واندهشت لمَّا لقيت صورته لسَّه معكوسة، برغم من إنه مكنش موجود فعليًّا في الأوضة.

غمَّضت عيني وفتحتها أكتر من مرَّة، وكان لسَّه الوضع زي ما هو، المراية عاكسة صورة حد أنا مُش شايفه، مكنتش لاقي تفسير للي حصل، عشان كده خرجت من الأوضة وأنا مُش فاهم اللي بيحصل، دا أنا مخرجتش من الأوضة وبس، دا أنا سيبت الشقة كلها ونزلت، اتصلت بمراتي وقولتلها:

-آلو، هترجعي إمتى؟

ردَّت عليا وقالتلي:

-هبات وراجعة الصبح أنا والبنت.

قولتلها وكنت حاسس إن صوتي متوتَّر:

-لأ، تعالي دلوقت، أنا هاجي آخدكم.

لمَّا سألتني عن سبب اللي بقوله وكانت مستغربة، قطعت معاها المكالمة وقولتلها لمَّا أجيلك هفهِّمك، ومفيش نُص ساعة كنت عندها، اتصلت بيها ونزلت هي والبنت، وأخدتهم ورجعت على الشَّقة، ولمَّا وصلنا طلبت منها نكون لوحدنا، بنتي دخلت أوضتها وإحنا دخلنا على أوضتنا، وقتها كانت بتبُص لوشّي المتوتَّر وقالتلي:

-خير يا "أحمد"، أنت أوِّل مرَّة تتصرَّف كِدَه!

بلعت ريقي وقولتلها:

-كُنت بتمرَّن على الشخصية قدام المراية كالعادة، أنتي عارفة إني بعمل كده كل مرَّة بيكون عندي فيها دور في مسرحية، عشان الوقفة على الخشبة أصعب من الوقفة قدام الكاميرا انتي عارفة، لكن المرَّة دي حصلت حاجة غريبة.

قاطعت كلامي وقالتلي:

-يعني إيه حصلت حاجة غريبة؟

-شوفت واحد شكله غريب في المراية، ولما بصِّيت ورايا لقيت الأوضة فاضية، لكن الغريبة إن صورته كانت لسَّه معكوسة على المراية برغم إنه مُش في الأوضة، معنى كِدَه إن المراية كانت شايفة حاجة أنا مُش شايفها.

ساعتها طبطبت على كتفي وقالتلي:

-اهدى بس، مش يمكن ده حصل تحت تأثير اندماجك بالدور اللي بتتمرَّن عليه.

-إطلاقًا، الدُّور مالوش علاقة بالكلام ده، أنا كنت بتمرَّن على دور كوميدي، دي مسرحية، لكن اللي حصل غريب.

-أكيد ده إرهاق زيادة خلَّاك تشوف ده، أنا متأكِّدة إنه مُش هيحصل تاني.

معرفش كلامها اتحقَّق ازَّاي، الأيام فاتت من غير ما أشوف اللي شوفته تاني، وخلال الأيام دي، قدِرت أتمرَّن كويّس على الدور، لحد ميعاد عرض المسرحية، كُنا في نُص العَرض، والدنيا ماشية تمام، المسرح كان كومبليت فيما عدا كرسي واحد، وفي نُص العَرض عيني جَت على الكُرسي بالصدفة، عشان أشوف الشَّخص ده قاعد في الكرسي اللي المفروض فاضي، بنفس لبسه وبنفس ابتسامته المخيفة، ارتبكت على المسرح، حتى الجمهور لاحظ ارتباكي، قفلت عيني وفتحتها، لكن لقيت الكرسي فاضي، كنت واثق إن اللي حصل مش تهيّؤات، حاجة جوايا كانت بتقول إن الشَّخص ده عاوز حاجة، لكن السؤال اللي محيَّرني هو مين، وبيظهر منين وبيختفي فين، وأوِّل ما خلَّصت دوري وخرجت من خشبة المسرح، ندهت على واحد من اللي شغَّالين في الصالة وقولتله:

-بقولَّك إيه، شوفلي مين صاحب الكرسي اللي فاضي في الصف الرابع.

أنا عارف إنه مُش هيقدر يوصل لاسم صاحب التذكرة، لكن على الأقل يقولّي كان في حد فعلًا ولا لأ، وخلال دقيقة لقيته راجع وبيقولّي:

-أنت عارف يا أستاذ "أحمد" إن في حد بيقطع تذكرة وبيحضر فصل أو اتنين ويمشي، وبعد كده يرجع يقطع تذكرة ويحضر العرض من أوِّل الفصول اللي فايتاه، لكن الكرسي ده بالذات، اللي قطع التذكرة محضرش أصلًا.

-أنت متأكِّد؟ يعني مفيش حد كان حاضر وقام مِشِي عشان وراه شُغل مثلًا؟

-لا يا أستاذ "أحمد"، صاحب التذكرة محضرش أنا اتأكّدت بنفسي.

اضطرِّيت أمسيبه وأرجع للمسرح عشان دوري، وطول ما أنا فوق الخشبة، عيني كانت على الكرسي اللي كان فاضي، والمسرحية خلِصِت، وأخدت بعضي وروحت على البيت، لكن الموضوع مراحش من دماغي، كنت منتظر إنه يظهرلي أو أشوفه تحت أي ظرف، يمكن يحصل كلام أو أعرف قصّته، لكن ده محصلش برضه.

وفي يوم، كان عندي لقاء إذاعي في ماسبيرو، أخدت بعضي وروحت على الميعاد، لكن وأنا بركن عربيتي، اتخايلت بحد في شباك العربية، كان واقف يبُصّلي ومركّز معايا، لكن الموضوع مكنش غريب، لإن الحكاية دي بتحصل كتير، ناس كتير لما بتشوف واحد فنان بينزل من عربيته، بيروحوا عنده عشان ياخدوا صورة أو أتوجراف، لكن من الجلابية اللي كانت ظاهرة في الشباك، خمِّنت إنه واحد على باب الله، مدّيت إيدي في درج العربية وطلَّعت اللي فيه النصيب، وفتحت شبَّاك العربية عشان أعطيه المبلغ، لكن إيدي ارتعشت قبل ما تخرج من الشباك، لمّا شوفته واقف يبُصِّلي بنفس ابتسامته المخيفة، الفلوس وقعت من إيدي في الدوَّاسة، مدّيت إيدي عشان أجيبها، ورفعت وشّي تاني عشان أشوف إيه حكايته، لكن اتفاجأت إن مفيش حد جنب العربية، ومكنش من الطبيعي إنه يختفي من المكان في ثانيتين تلاتة، في اللحظة دي عرفت إن الحكاية فيها حاجة غلط، في حاجة متابعاني ومُش عارف إيه هي.

نزلت من العربية وحضرت البرنامج عشان الوقت، وبعد ما خلَّصت أخدت بعضي وروَّحت على شقِّتي، محبِّتش أحكي لمراتي على حاجة، هي مهما كانت قريبة منّي؛ لكن كنت خايف تقول عنّي إني بخرَّف أو كلام من ده، حتى لو مقالتش ده بشكل صريح، مكنش ينفع برضه إنها تاخد عنّي الفكرة دي.

في الليلة دي، كنت قاعد معاها بنتكلّم، كالعادة يعني كل ما كانت بتيجي فرصة نقعد، ساعتها سمعنا صوت بنتنا بتصرُخ، قومنا مفزوعين وجرينا على أوضتها، ولمَّا دخلنا لقيناها في حالة انهيار، مكانتش قادرة تتكلِّم، وبعد وقت طويل، بدأت تقول على الشيء اللي خلَّاها توصل للحالة دي...

"لمحت خيال أسود على المراية وأنا واقفة قدَّامها، حد لابس جلابية سودة، كان بيقرَّب منّي، ولمَّا بصِّيت ورايا أشوف مين، اكتشفت إن الأوضة فاضية، لكن صورته كانت لسَّه معكوسة، وكان لسَّه بيقرَّب منّي، وأوِّل ما صرخت اختفى، شيء فظيع".

 

حسّيت إن الموضوع كبير، مُش حاجة شخصية وخاصة بيَّا، الموضوع بدأ يوصل لبنتي، ومعرفش سببه إيه، ولا إيه اللي ممكن يحصل بعد كده، لكن فجأة افتكرت الكتاب، ومعرفش إيه خلّاه ييجي في بالي، وإني أحِس إنه ممكن يكون ورا كل ده.

 

أخدت بعضي وروحت على مكتبتي، بصّيت على الكتاب وسحبته من بين الكتب، حسّيت برهبة وخوف وأحاسيس متضاربة بمجرَّد ما مسكته في إيدي، قفلت الأوضة على نفسي، ولقيتني بفكَّر في "فوّاز"، رفعت سمّاعة التليفون ورنّيت عليه، وكنت أتمنّى إنه يرُد علطول، وفعلًا أمنيتي اتحقَّقت، رد عليّا وكان مبسوط بمكالمتي، لكن مقدرتش أهرب من التوتّر اللي كنت فيه وقولتله:

_بتحصل معايا حاجات غريبة من ساعة ما الكتاب دخل مكتبتي.

_حاجات زي إيه؟

_في حد متابعني، حد مش من العالم بتاعنا، حتى ولو كان مظهره آدمي.

أخد نفس عميق وبعدها قالّي:

_حصل منّه حاجة؟

معرفش ليه كان بيتكلّم وكأنه يعرفه؛ عشان كده قولتله:

_محصلش منّه حاجة، بس بيظهرلي، وظهر لبنتي، لكن معرفش إيه اللي ممكن يحصل بعد كده.

_اطَّمّن، طالما محصلش منه حاجة يبقى مفيش منّه ضرر.

كلامه الغريب أثار فضولي وخلَّاني سألته:

_أنت عندك فكرة مين ده؟

_متسألش كتير يا "أحمد"، لو عاوز ترجَّع الكتاب هاته معاك وأنت جاي في أقرب فرصة.

قفلت معاه المكاملة، وكان جوّايا يقين إن اللي بيحصل ده بسبب الكتاب، كلامه مالوش تفسير غير كده، محبِّتش أحكي حاجة لمراتي وبنتي، كل تفكيري كان إزّاي أخلص من الكتاب، بس كنت خايف لو تخلَّصت منه بطريقة غير لائقة تحصل حاجة.

 

بعد تفكير طويل، مكنش قدّامي غير إني أسلِّم الكتاب لدار الكتب، ده تخصُّصهم، وأكيد عندهم كتب أخطر من دي، ومخطوطات فرعونية، ومفيش غيرهم يقدر يتصرّف بشكل كويّس مع الكتاب.

 

تاني يوم الساعة ٨ ونص الصبح، كنت موجود بالكتاب في دار الكتب، دخلت على موظَّف في قسم الأرشيف، وبعد سلامات وترحيب وكلام عن أدواري اللي هو معجب بيها قالّي:

_معاك "صلاح مجاهد"، موظف من موظفين الأرشيف.

_معايا كتاب شمس المعارف، نسخة أصلية مكتوبة بخط الإيد، عاوز أسلّمها هدية للدّار.

كان منبهر بالكتاب والنسخة، وده خلّاني أفهم إني قدّام نسخة حقيقية فيها تعاويذ بجد، مُش مجرَّد كلام مُحرَّف.

أخد الكتاب وسجّله على الكمبيوتر، وبعدها شكرني. خرجت من الدار ورجعت على البيت، ضميري كان مرتاح، وكنت واثق إن الشخص ده معادش هيظهر؛ لأن الكتاب اللي كان بيخليه ييجي معادش موجود عندي، نمت وبالي كان رايق، والأيام بدأت تمشي تمام، وبعد أسبوع، صحيت على خير فظيع، حريق في أرشيف دار الكتب، معرفش ليه جالي إحساس إن الكتاب هو السَّبب.

غيَّرت هدومي وخرجت، أخدت عربيتي وروحت على دار الكتب، وهناك قابلت مسؤول من المسؤولين، حكيتله عن اللي حصل، وإني جيت من حوالي أسبوع؛ وسلِّمت الكتاب لموظف اسمه "صلاح مجاهد"، وبعد ما قولتله تاريخ اليوم بالظبط، لقيته بيقولّي حاجة غريبة:

_أستاذ "أحمد" الموظف "صلاح مجاهد" كان أجازة مرضية في اليوم ده، ومكانش في حد على مكتبه، حتى الكتاب اللي قولت إنه أخده منَّك وسجّله على الكمبيوتر مالوش أثر عندنا.

 

كان شيء غريب، وإحساس كله خوف، وهو كان بيراجع الكاميرا قدامي، لمّا شوفت نفسي في الكاميرا، وأنا قاعد على المكتب في الأرشيف لوحدي، مكنش في وجود للموظف، وكنت مندهش أكتر وأنا بسلّم الكتاب للهوا، الموضوع كان غريب، حتى المسؤول مقدرش يعطيني تفسير.

 

خرجت وأنا مُش فاهم حاجة، ومع الوقت بدأت أنسى الحكاية، لحد ما جالي دور في فيلم رعب، وفي الأفلام اللي زي دي؛ بنستعين بشيخ من الشيوخ اللي بيعرفوا في الكلام ده؛ عشان يشرف على الفيلم ولو في حاجة ممكن تأذي حد يعرَّفنا، ساعتها افتكرت الحكاية، واستغلِّيت فترة الراحة وحكيتله، وساعتها رد عليا رد خلاني أفهم كل حاجة، لمّا قالّي:

_الكتب دي لها خُدَّام، كل نسخة لها حارس بيحرسها، ويُقال إن النُّسخ اللي اتكتبت بخط الإيد من شمس المعارف، الجِن هو اللي كتبها، عشان كده اللي ظهرلك ده حارس الكتاب، كان بيحاول ينبّهك إن عندك قنبلة موقوته، ممكن تأذيك في أي وقت في حالة إنك قرأته، أو استغليته غلط، واللي كان معاك في الأرشيف مكنش الموظف، دا كان حارس الكتاب، اللي كان مُكلَّف ياخد الكتاب ويرجع به للعالم بتاعه، لأن خُدّام الكُتب دي بياخدوها لعالمهم في حالة إن محدِّش بيستخدمها، خصوصًا إن غالبًا هُما اللي كاتبينها، يعني الكتاب رجع العالم بتاعه، انساه وكأنه مكنش في مكتبتك.

 

آخر حاجة أتوقّعها إن حاجة زي دي تحصل معايا، أو إني أمسِك في إيدي حاجة بتنتمي لعالم سُفلي، لكن الحمد لله إنها جت على قد كِدَه، قَدَّر ولَطَف.

 

تمَّت...

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب333744
2الكاتبمدونة نهلة حمودة189551
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181247
4الكاتبمدونة زينب حمدي169706
5الكاتبمدونة اشرف الكرم130942
6الكاتبمدونة مني امين116766
7الكاتبمدونة سمير حماد 107685
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97816
9الكاتبمدونة مني العقدة94934
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91568

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
2الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
3الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
4الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
5الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
6الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
7الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
8الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
9الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14
10الكاتبمدونة محمد بوعمامه2025-06-12

المتواجدون حالياً

808 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع