أقل من شهر واحد فقط كان كافيا لتوطيد الصداقة بين الديك والدجاجة، وهما يعيشان وسط الطيور في حظيرة واحدة، فقد أسرته بذكائها وحكمتها ونصائحها التي أسدتها له للتعامل مع الديكة الآخرين في الحظيرة.
والدجاجة التي صادقها الديك ليست من فصيلة الدجاج المحلي الموجود في القرى وفوق أسطح المنازل، بل هي دجاجة بيضاء من تلك المنتشرة في المزارع الموجودة بالمدن الكبرى؛ لذلك تعلمت قيادة السيارة واعتنقت الأفكار الداجنة.
والأفكار الداجنة تتلخص في تمرد الدجاجات على الديكة، والدعوة لتدمير الحظائر، وتخريب العلاقات التاريخية بين جنس الديكة وجنس الدجاج، وتشريد الكتاكيت.
ولقد أراد الديك أن يأسرها كما أسرته بذكائها، فقرر التظاهر باعتناق الأفكار الداجنة مثلها، خاصة أنه أصبح مستودع أسرارها واعتاد منها أن تفضي له بحقائق معتقداتها.
ذات صباح أخبرته أنها ذاهبة بسيارتها لشراء طعام لكتاكيتها، بالرغم من اعتيادها ترك السيارة مصفوفة أمام الحظيرة والتنقل بالقطار.
هنا فكر في أن يضرب ضربته ويقنعها تماما بأنه أصبح مدجنا مثلها، لم يقل لها إنه قرر الانضمام إلى حظائر الأفكار الداجنة ولم يشتم أقرانه الديكة؛ بل قرر أن يفعل ذلك على طريقته الخاصة.
وقال: "صديقتي الدجاجة احترسي من قيادة الديكة في الطرق، فهم محض مجانين على عجلة قيادة السيارات.. سامح الله ديكة المرور الذين أعطوهم رخص القيادة".
ظن الديك أنها أحرز هدفا في عقل صديقته الدجاجة، غير أنها نظرت له نظرة ذات مغزى وقطع الصمت الحاسم شعاع الضوء المتصل بين ريشيهما.
ثم قالت له قولتها التي لا تنسى: "أنا لا أؤمن بالأفكار الداجنة، وأعتقد جازمة بقوامة الديكة على الدجاجات.. لكني وجدت في هذه الشعارات فرصة للانتقام من ديك دمر حياتي أما زميلاتي الدجاجات في الحظائر الداجنة فمن المؤكد أنهن ينقسمن لنوعين لا ثالث لهما، إما دجاجة متربحة من اعتناق تلك الأفكار الداجنة أو معقدة ووجدت ضالتها في التمرد على ديك لا يعيرها أي اهتمام".