خَلَقَ اللَّهُ سُبحانَهُ وتعالى القلمَ قبلَ أنْ يخلقَ السماوات والأرض وما بينهما، كما عَظَّم اللَّهُ قَدْرهُ فكانتْ لهُ سورة تَحملُ اسمهُ في القرآن العظيم.
إنْ دَلَّ تكريم الرحمٰن للقلمِ على شيءٍ فإنَّهُ يَدُل على عظيمِ ما يحملهُ هذا القلم من رسالة، فالقلم لهُ رسالة من أنبلِ الرسالات، وهي ألَّا يُسطرَ بهِ إلَّا الحقّ، وأنْ يكونَ أداةً لكشفِ الحقائق بعيدًا عن الميوعةِ والزَيف.
ومن الأقلامِ المُميّزة في عصرنا الحالي، قلمٌ قَلّما وُجِدَ لهُ شبيه؛ حيثُ المِصداقية الناجمة عن الواقعية، والصدق والأمانة في كُلِّ ما يسطرهُ من حروف، ليسَ الغرضُ منها شُهرةً أو بلوغِ مَنصبٍ أو حتّى التكسُب المادّي، فصاحب هذا القلم قد شَرَّفهُ اللَّهُ وأغناهُ من فضله، فجعلَ ما يَكتُبُ خالصًا للَّهِ ربّ العالمين، راجيًا من ورائهِ نفع القارئ ولو بشّقِ كلمة.
قلمٌ واقعي يَسطُرُ ما خَفيَ عن الإنسان من جوانبِ إنسانيته، من خلالِ خِبراتٍ حياتية مُتراكمة، بالإضافةِ لتجارُبٍ واقعية مريرة.. عن قلمِ المُستشار الأديب بهاء المُرّي أتحدّث.
كُلّ ما هو واقعي مؤلمٌ مرير، أمَّا ما كانَ دونَ ذلكَ فهو من نَسجِ الخيال، والنظرة الوردية للحياة، فالواقع هو مُسيلُ أقلام المهمومينَ ببلدانهم، الطامحينَ في تغييرِ ما طرأ عليها من خَبَثٍ إلى صلاحٍ وفلاح.
المُستشار الأديب بهاء المُرّي (صاحب القلم الواقعي) فما قرأتُ لحضرتهِ مُؤلَفًا إلَّا وزادني عُمرًا فوقَ عُمري؛ نَظرًا لإثرائهِ المُؤلفَات بخِبراتِ حضرتهِ الشخصية.
طبيعي أنْ تبكي العيون، لكنَّ الغريب في الأمرِ هو بُكاء النفسية، أجل، هذا ما يَحدُثُ حينَ يبلغُ صدق الكاتب أقصاه، فينقلَ لكَ ما خَفيَ عنكَ من أمرِ واقعك، أو قُلْ ما وُريَ عنك، ففي بعضِ الأحيان يَجهل الإنسان واقعهُ أو بعض جوانبه، لذا كانَ لزامًا على الكاتبِ وما تقتضيهِ رسالتهِ من أمانةٍ أنْ يُظهِرَ لكَ الحقائق مُجرّدة كما هي، وهذا ما يفعلهُ أديبنا (صاحب القلم الواقعي).
الكِتابة الواقعية عملية شّاقة على الذهنِ والنفس، على عكسِ الكِتابة الخيالية التي لا تُحمّل النفس مشّقة، فحينَ يسطر أحدهم أمرًا واقعيًا فلا يكاد يُنهيهِ حتّى تراهُ مُجهَد الذهن والنفس، وهذا ما يجعل قراءة هذا النوع من الأدب تتسبب في الإرهاق الذهني للقارئ.. فما سَطَرَهُ الكاتب بصدقِ ألمهِ وَصَلَ شعوره للقارئ.
أنعمَ اللَّهُ على أديبنا المُستشار بهاء المُرّي (صاحب القلم الواقعي) بالموهبةِ الأدبية مُنذُ صِغرهِ فعَمِلَ على اِنمائها وقد كان، فما تركها ولا جافى قلبهُ قلمه، واختارَ حضرتهِ لموهبتهِ الخير فكانتْ الكِتابة النافعة، لا سيّما وإنْ كانتْ مقرونة بعُصارةِ تجارب من صميمِ الواقع.
تنوعتْ مُؤلفات أديبنا المُوقّر لكنَّ رسالاتها واحدة، وهي التمسّكُ بكتابِ اللَّهِ العظيم، وسُنّة رسولهِ الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، ومن ثَمَّ العودة للقِيَمِ والأخلاق، والأدب والأصل الطيّب، وهذا لأنَّ كُلّ ما غابَ عنهُ الدّين خابَ وخَسِر، وكُلّ مَن غابَ عن الدّين اِنسلخَ من الإنسانية، فأطلقَ لشهواتهِ العنان ليفعلَ ما يحلو لهُ وإنْ خالفَ بذلكَ الفِطرة السمحة، والملّة الحنيفية.
المُستشار الأديب بهاء المُرّي (صاحب القلم الواقعي) موهوبٌ ذو قلمٍ مُميّزٍ في زمنٍ عَزَّ فيهِ التميُّز.
مريم توركان
19/4/2024