تفكّرتُ في العقلِ فوجدتهُ من أجلِّ النِعَم التي مَنَّ اللَّهُ بِها على بني آدم، ورغم أنَّ القلبَ هو أهمُ عضوٍ بالجسد، إلَّا أنَّ العقلَ يسبقهُ في الأهمية؛ فبالعقلِ عرفنا اللَّه، وبالعقلِ نعبدُ اللَّهَ حقَّ عِبادته، وبالعقلِ نتفكّر آيات اللَّهِ في الكونِ من حَولنا.
قد لاحظتُ وجود عَلاقة طردية بينَ العقل والإيمان بالقضاءِ والقدر؛ فكُلّما كَمُلَ العقل كُلّما قَويَ الإيمان، كُلّما أصبحَ الرضا قطين القلب، وهُنا يَرضى العبد بقضاءِ اللَّهِ وقدرهِ حُلوهِ ومُرّهِ، ويُسلّم أمرهُ للَّهِ عن اِقتناعٍ تامٍّ لا رَيبَ فيه.
فمثلًا حينَ يُقدّرُ اللَّهُ أمرًا مُخالفٌ لهَوى العَبد، بل ورُّبما كاسرٌ بعض نبضات قلبه، يَنشط العقل وقتها ليدعم القلب، فتراهُ يُذّكر العَبد بأنَّ اللَّهَ قد قَدّرَ الأقدار قبلَ أنْ يخلقَ السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وأنَّهُ سُبحانَهُ وتعالى لم يُقدّر إلَّا الخير حتّى وإنْ بدا ظاهرهُ غير ذلك.. فربّ الخير حتمًا لا يأتي إلَّا بالخير.