يَحدُثُ ويُزوّجُ الوالدُ ابنتهُ لأيّ ذكرٍ والسّلام؛ إذ يرى في وجودها وصمةُ عارٍ على جبينهِ الرجولي كما يزعم، لا ليطمئنَّ عليها كما هو مُعتقَد، فمَن يُريدُ أنْ يطمئنَّ على ابنتهِ لا يرميها وأقولها قاصدةً ذات المعنى دونَ مجازٍ أو كناية، لا يرميها لشخصٍ لا هو أهلٌ للرجولةِ ولا حتّى الزواج!
ثُمَّ يقوم بتوبيخها إنْ هي شكتْ إليهِ حال مَن زوّجها له، يقوم بتوبيخها حالَ لجؤها إليهِ مُرتكنةً على حقّها فيهِ كأبٍّ لا بُدَّ لهُ أنْ يكونَ لها سندًا وأمان.
يَحدُثُ ويتمادى الذكر في إهانتها وذُلّها، وإنْ شكتْ ثانيةً يقوم الأبّ بتوبيخها ثانية، ولرُّبما قامَ بضربها هو الآخر، بل ويردّها لبيتِ الزوجيّة التعيس ليكسرها هو قبلَ أنْ يكسرها غيره، بحُجةِ أنَّهُ لا يحلّ لها أنْ تتطلّق؛ كي لا يأكل النّاس عِرضها، ويُسيئونَ سُمعتها!!!!!
لا أدري ما عَلاقة الطلاق بالعِرض، بل لا أدري ما عَلاقة النّاس بمُستقبلِ امرأةٍ مُطلّقة، ما داموا ليسوا أهلًا لولايةِ أمرها فلماذا يتحكمونَ في مصيرها بهذهِ الطريقة؟؟؟
يُخيّلُ إليَّ أنَّ مَن ألّفَ أُقصوصة مُلّطقة إذًا هي مُستباحة، ما هو إلَّا ذكرٌ أرادَ بها سوءًا فألزمتهُ حدّهُ وتصدتْ لهُ دِفاعًا عن عِرضها، فأقسمَ باطلًا أنْ ينتقمَ لقُبحهِ ودناءتهِ فراحَ يُحدّثُ بالسوءِ عنها.
أمَّا عن الوالد الفاقد لأهليّةِ الأبوّة فما هو إلَّا ذكرٌ رأى نفسهُ في ذِكرٍ آخر، فقامَ بقبولِ طلبهِ في الزواجِ من ابنته، وإلَّا فأينَ النخوة والرحمة وعطف الأبوّة؟
أينَ كرامتكَ حينَ تُهان بضعتك؟
عن أيّ كرامةٍ أتساءل وقد أهانها هو قبلَ أنْ تُهانَ ببيتِ غيره!
إنْ كُنتَ لا تملكُ من الدُّنيا شيئًا فليسَ ذلكَ مُبررًا لتقومَ ببيعِ ابنتكَ بوجبةِ طعامٍ لها مُقابل الخدمة في بيتٍ آخر تحتَ مُسمّى الزواج!
الأمرُ بسيط؛ لتقومَ بالشحاذة عليها طالما أنَّكَ لستَ أهلًا للأبوّة، وهُنا أتساءل: ما دُمتَ مُعدمًا مُنذُ زمنٍ عَلَاَمَ الإنجاب وتحميل المُنجَبُونَ تبعات فِعالك خصوصًا وإنْ كُنَّ إناث؟؟!!!
الزواج رزقٌ كَسائرِ الأرزاق، للَّهِ في منعهِ رحمة وفي عطائهِ حكمة.
إنَّ الفتاةَ خُلِقَتْ مُكرّمة من اللَّهِ سُبحانَهُ وتعالى، ليستْ معيوبة كي يُصّححها الزواج، ليستْ مكشوفة كي يسترها الزواج، ليستْ ناقصة كي يُكملها الزواج.
قد استفزَّ قلمي ما قرأتُ عن أبٍ زوّجَ ابنتهُ لذكرٍ لا يعلمُ عنهُ من الدينِ والأخلاقِ شيئًا، جعلَ من ابنتهِ خادمة في بيتٍ يبعد عنهُ محطّاتٍ تُقطع بالقطار، فقط ليرتاحَ من همّها.. عجبًا لهُ كُلّ العجب!
تاللَّهِ لو كانَ حاملًا لهمّها ما قامَ برميها في مثل هذهِ الزيجة التي حُسبت عليها.. فقط لأنَّها أُنثى!
أرى أنَّ الفتاةَ هي مَن تُحاسَبُ على زيجةٍ فاشلة، خاطئة، غير موّفقة، سلبيّة، أمَّا الرَجُل فيُمكنهُ أنْ يُعيدَ التجربة كَنوعٍ من المُكأفاة، بينما هي تحصل على لقب مُطلّقة بإمتياز.
إنْ لم يَكُن الزواج كما أمرَ بهِ اللَّهُ وقامَ بتطبيقهِ سيدنا رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فلا تُزوّج فتاتكَ يا مَن وُلّيتَ أمرها، ولتعلم بأنَّها أمانة وأنَّكَ مسؤولٌ عنها أمامَ اللَّهِ سُبحانَهُ وتعالى.
إلى هُنا أكتفي رغم أنَّ قلمي ما زالَ في جُعبتهِ الكثير.. وحسبنا اللَّهُ ونعمَ الوكيل.