مُراجعتي لكتاب (أنتَ ميّت) لحضرةِ الأديب، أستاذي/ إسلام الفخري.
---
الحمدُ لِلَّهِ الذي رزقني قراءة هذا الكتاب وجعلَ لي حظًّا من فَهمِ مُحتواه.
(أنتَ ميّت) مجموعة قصصية طُبِعَتْ لدارِ إشراقة للنشر والتوزيع، في مائةٍ واثنتا وثمانين من الصفحات المُزدانة بالحكمةِ والخبرة.
قد جمعَ حضرة أستاذي ما بينَ الموهبة والخِبرة ليُخرِجَ لنا هذهِ المجموعة الرائعة.
(أنتَ ميّت) مائةٌ واثنتا وثمانون من الصفحات، حَوتْ بداخلها ثمانية وعشرون قصة مُتنوّعة، إمتازتْ بالواقعيّة أكثر منهُ إلى الخيال، كما تُصنَّف ضمن فئة الأدب الاجتماعي.
قصصٌ جميلة أخذتني عقلًا وقلبًا واجبرتني على مُعايشةِ الأحداث كما لو كُنتُ هُناكَ.. بداخلِ الصفحات!
راقني تنوّع الأفكار داخل المجموعة كَتنوّعِ عناوين قصصها، كما أعجبتني الفكرة العامّة للمجموعة، وراقني العنوان حينَ طالعتُ مُحتوى القصة التي تحملهُ.
جمعتْ المجموعة بداخلها تنوّعًا للمشاعر؛ حيثُ البَسمات والعَبرات.
(أنتَ ميّت) صفحاتٌ حُقَّ للمكتبةِ العربيّة أنْ تزدانَ بها؛ حيثُ الواقعيّة المُعاصِرة، وطرح قضايا مُجتمعيّة بطريقةٍ مُيسّرة ومُبّسطة.
إمتازَ أسلوب أستاذي بالقوّةِ والوضوح، بالإضافةِ لطريقةِ حضرتهِ المُوّفقة في السرد، وكذا اختيارهِ للفُصحى سردًا وحوارًا اللهمَّ إلَّا بعض الحوارات التي كتبها بالعاميّة لتُلائم الجوّ العامّ للقصة، وأيضًا عاميّة بعيدة عن الركاكة.
أحداثٌ شيّقة نسجها حضرةِ أديبنا بفِكرٍ واعٍ وعقلٍ نَشط، فزادها إثارة وتشويق، ناهيكَ عن المُتعة المُؤكدة أثناء المُطالعة.
(أنتَ ميّت) أُعِدُّها من روائعِ المكتوباتِ الأدبيّة.
قد شعرتُ أثناء القراءة بعُمقِ ثقافة أستاذي وإرتقاء فِكره، بدايةً من نجاحهِ في اختيارِ العنوان، مرورًا بالأفكار الرائعة، وأخيرًا بالمُحتوى الهادف.
تعايشتُ مع الأحداث التي أقرأها بداخلِ الصفحات، حتّى أنَّني قد دَوّنتُ بدفتري الخاصّ جُملًا لم أستطع أنْ أُمررها مرور الكرام.. "ومرَّ الوقت بطيئًا حتّى تجمَّدَ قلب العصفور"، "ليستْ كُلّ الأشياء الصغيرة عديمة القيمة؛ فقد كانَ يُلقى بداخلي أظرف صغيرة الحجم خفيفة الوزن، عالية القيمة"، "ولو كانَ للجماداتِ أُمنية كما لها إدراك؛ لتمنَّيتُ أنْ تلقي أي يد بداخلي الآن رسالة.. أي رسالة ولو لم يأتِ ساعي بريد لتوصيلها لأيّ مكان ".
أيضًا قد أثّرتْ بوجداني قصة (أنتَ ميّت)، حتّى أنَّني قد شعرتُ بدوارٍ حينَ تَحرّكتْ الجُثّة من مكانها، مُنتزعة كفن الجُثّة المُجاورة لتسترَ سوءتها، وهالني مشهد خروجها من باطنِ الأرض إلى ظاهرها.
أحببتُ قصة (صديقة الشَّمس) رُغم أنَّ نهايتها الجميلة المُؤثرة تسبّبتْ في دمعي.
أمَّا عن قصة (كلاب الدرب الوسطاني) فبها من الحنين إلى الماضي ما يجعلكَ تتخيّل نفسكَ صغيرًا تخشى الكلاب، ولكنْ لا بُدَّ وأنْ تسيرَ من ذاتِ الطريق الذي هو محلّ إقامتهم؛ إذ أنَّهُ الطريق الوحيد لرجوعكَ إلى حيثُ أتيت!
كذلكَ قد سكنتْ قلبي قصة (رسالة من صندوق بريد)، تلكَ القصة التي لو لم تحتوي المجموعة القصصيّة إلَّاها لكانتْ كافية ووافية؛ حيثُ أظهرتْ براعة حضرة أديبنا وصقل موهبته، ناهيكَ عن إحساسهِ المُرهَف.
وعن الواقعيّة الحديثة فهاكَ قصة (تخفيف أحمال)، قصة لو سَمِعَها الصخر لرّقَ لها، أحداثها حقيقية بنسبةِ مائة في المائة، ونهايتها مُؤثرة جدًّا جدًّا.
وعن قهرِ الرّجال فإليكم (حذاءٌ أسود)، قصةٌ ثُلاثيّة الأبطال، أحداثها ليستْ من نسجِ الخيال، بل هي ابنةُ واقعٍ نعيشُ فيه.
قصة (روبن وود عزبة أبو طالب) قصةٌ تستحقّ أنْ يُجازى عليها حضرة أستاذي بأقيم وأرقى الجوائز، تلكَ القصة التي لو تعمّقتها للامستَ صدق وإخلاص حضرة أديبنا، وأمانتهُ لقلمهِ وموهبته، وكذا مُعايشتهِ للواقعِ وعرض آفاتهِ كما هي دونَ تغييرٍ بزوائف.
(أنتَ ميّت) مجموعةٌ قصصيّة سَلِسَة، يُمكنُكَ قراءتها في جِلسةٍ واحدة كما فعلتُ أنا.
أنتَ ميّت.. عملٌ قيّمٌ يُضافُ لمكنونِ المكتبة العربيّة.