سألتهُ: يقولونَ أنَّ (...) أصبحَ بمُسمى جديد هو المُساكنة، فهل تُؤيد ذلك أم تُعارضه؟
أجابَ بسُخرية: قديمًا قالوا أنَّ الأشياء السهلة يُزهَد فيها فيكثُر طُلّابها لقضاء حوائجهم ومن ثَمَّ الترك والمُغادرة، رُغم أنَّ السهل مرغوب فيه ولكنَّ الرغبة تموت بتملُكهِ دونَ كَدٍّ وسعيٍ ونَصَب، ومع ذلك فإنَّي أُؤيدهُ لأنَّ ذلك من التقدم كما يقولون فانظري لي فيمَن تتساهل وتُسّهل عليَّ وتُعطيني طلبي دونَ عناء، أو بالأحرى انظري لي في وليٍ يُحبُّ أن (...) ابنته أو أُخته على حسابِ نخوتهِ رحمها اللَّه.
سألتهُ ثانيةً: إذاً لتُعِدَّ ابنتُكَ للمُساكنة حضرة الداعم للتقدم على حسبِ قولك.
غَضِبَ وأضاف: ماذا تقولينَ أنتِ؟
أتظُنّيني دَّيوث معدوم الحِمية مقتول الرجولة خالي المروءة؟
أم أنَّكِ تظنّي ابنتي كمَن خلت من الأدبِ قبل الحياء؟
لا تقولينَ مِثل هذا الكلام سيدتي فالحقّ حقٌّ وإن صار الزنا مُساكنة والدياثة أسلوب حياة، والحقُّ أنَّ الحُرّة لا ترضى بما يُهدر كرامتها قبل حقّها ويجلب لها ولذويها العار والخزي، و........
قاطعتهُ: ولكنَّكَ قُلت أنَّكَ تؤيد ذلك!
أجابها: أجل، قُلتُ ذلك نظير وسوسة الشّيطان ونفسي الأمّارة بالسوء، فقد حَدّثتني أنَّهُ إذا كانتْ هي امرأة ورَضِيَت على نفسها ذلك فلا داعي لخجلك الزائد، فمَن كانت أولى بالخجل قد تعرّت منهُ فلا حرجَ عليك.
ثُمَّ بَكَى وأردف: وحينَ ذكّرتيني بابنتي ذكّرتيني بحِميتي ورجولتي، فاستغفرتُ رَبّي وأقلعتُ عن ذلك التأييد الناتج عن صوتِ النفس لا العقل، والنفس أكثر ما تميلُ إلى المحظور لذا فهي ألدُّ أعدائي، ولكنَّي أعلمُ كيف أُؤدبها؟
سألتهُ: كيف؟
أجابها: بالتمسُك بكتابِ اللَّهِ وسُنّة رسولهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والثبات على موقفي من أنَّ الحرامَ حرام وإن تغير اسمهُ وإن لُفَّ بثوبِ التقدم، كما أنَّني لا أنساقُ وراء رغباتي إن كانت تبعاً لما يُرضي الشّيطان؛ فقد خلقني رَبّي لأعبدهُ وحدهُ لا شريك له، لا لأعبدهُ وأُشرِكَ في عبادتهِ الشّيطان بعملِ ما حَرّمهُ سبحانه.
خُلاصة القول سيدتي: "وكُلُّهم آتيهِ يومَ القيامةِ فَردًا" فلا أحد سيُحاسَب بدلًا منّي، ولا أحد سيحمل عنّي بُعيض سيئاتي، ولا أحد سيرحمني فيُدخلني الجنّة، ولكنَّ اللَّهَ رَبّي يفعل برحمتهِ وفضلهِ فيتجاوز عنّي ويرحمني ويعفو عنّي، لذا فلا أحد يستحق أن أُطيعَ أوامرهِ وأنتهي بنواهيهِ إلَّا رَبّي.