أحببتُ البُندق لكنْ ليسَ بدرجةِ حُبّي للوز؛ فاللوز هو صاحب نصيب الأسد من حُبّي، إذ أنَّني أُحِبُّهُ مُنفردًا أو مع جماعاتِ المُكسّرات، أو حتّى حينَ تُزيَّن بهِ البسبوسة.
تخيّلتُ حوارًا لطيفًا دارَ بينَ اللوزِ والبُندق، فلم أستأثر بهِ لنفسي دونكم قُرَّائي الأعزّاء.
اللوز في زهوٍ وفخر: أنا الذي تُفضّلُني مريم على سائرِ المُكسّرات.
البُندق بغرورٍ: لو كانَ الأمرُ كما تقول، لَمَا جعلتني شريكًا لكَ في قائمةِ المُفضّلاتِ لديها.
اللوز: بل على العكسِ تمامًا؛ فلو كُنتُ بمُفردي في هذهِ القائمة لعَلِمتُ أنَّها لا تُفضّلُني، لكنَّ وجودكَ في المرتبةِ الثانية أعطاني قيمتي التي تراها.
البُندق: هي لم تُفرِّق بينَ كلينا، أنتَ فقط مَن تفعل.
اللوز: لستُ بحاجةٍ لذلك، فقد تناولتني قبلكَ وفضّلتني على الكاجو تفضيلًا، ماذا عساي أنْ أفعلَ بعدَ ذلك؟
البُندق: وأنا كذلكَ قد فضّلتني على الفُستُق وأعطتني مكانةً لم تُعطيها لغيري من بني فصيلتي.
اللوز مُبتسمًا: لن تبلُغَ مكانتي قط.
البُندق: ولِمَ ابنُ عمّ؟
اللوز: لأنَّ مريمَ قد أحبَّتني على جميعِ مراحلي، سواء كُنتُ لوزًا في صورتي المُعتادة، أو حتّى زيتًا أُستخدمُ في تدليكِ بشرتها.
البُندق بصوتٍ حزين: كُنتُ أظُنُّ أنَّ بإمكاننا أنْ نكونَ أصدقاء، لكنَّني تناسيتُ أنَّ بعضَ الظنّ إثم.
اللوز بعدما شَعَرَ بتسبُّبهِ في حُزنِ البُندق: لا تحزن صديقي.
البُندق وقد تهللتْ أساريره: صديقك؟
اللوز: أجل.
البُندق: مُنذُ متى؟
اللوز: من اللحظةِ التي قَدِمتَ فيها إلى هُنا.
البُندق: أحقًّا؟
اللوز: بالطبعِ أجل، وما فعلتهُ معكَ من مُقارنة حالي بحالك هو دليلٌ على حُبّي لكَ ابن عمّ، فلو لم تَكُن تعنيني لَمَا حدّثتُكَ من الأساس، لكنَّني أعتذر فقد أخطأتُ بحقّك، كما أنَّهُ لا يصّحُ أنْ أُقارنَ حالي بحالكَ ولكلينا حالهُ الخاصّ.
البُندق مُبتسمًا: لا عليكَ صديقي، لا يَهُم الأنا، يكفي أننا هُنا.. في عالمِ المُكسّرات، وفي قائمةِ المُفضّلاتِ المريمية.