تنَّهدَ ثُمَّ سَطَر: لا بأسَ أُمّي، إنَّ الجروح ستطيبُ ولو عجزَ الطبيب، ولتعلمي بأنَّهُ لولا الجُرح ما كانَ للشفاءِ معنى، ولولا الكسر ما أدركنا قيمة اسمُ اللَّهِ الجبّار، لذا لا تحزني أبدًا مهما يكون، فهي دُّنيا ما كانتْ لنا وما كُنّا لها، لكنَّنا نسعى لبناءِ منزلتنا في دار الخُلد.
يا أُمّي إنَّ العبدَ إذا رَضيَ قَنَع وإذا قَنَعَ إقتنع، وإذا إقتنعَ عَلِمَ حقيقة الدُّنيا فأشغلَ حالهُ بما يتزوّدُ بهِ عندَ رحيله.
أتعلمينَ أُمّي أنَّ ملوك الأرض الأربعة، المُؤمنانِ والكافرانِ قد تركوها جميعًا، ولو ما كانَ ما كُنتُ أنا الآن، لكنَّ الأرضَ للَّهِ يُورثُها مَن يشاءُ من عِبادهِ والعاقبة للمُتّقين.
يَحدُثُ أنْ تكونَ حاضرَ الوعي غائب الرَّوح، الرَّوح التي تتمنّى لو كانتْ رَّوح طَيرٍ يحيا بالتسبيحِ ويتنّعمُ به، يسعى ويأتيهِ رزقهُ من كُلّ مكان، لا ينشغل أو يُشغَل بما هو دونَ ذلك.. فقط يُمَّجدُ ربّهُ ويُسبح بحمده.
غريبةٌ هي الدُّنيا أُمّي، فها قد كَبُرتُ لا أدري متى؟!
ويكأنَّني وُضِعتُ البارحة وشِيبتُ اليوم!
لكنَّ الذي يُعزّيني أنَّ الجنّةَ هي مُجتمعُ الأحباب.
ثُمَّ طَوى دفترهُ ومسحَ دمعهُ وذهبَ ليُلاعبَ ولده.