سُبحانَ مَن وصفَ الحِكمةَ بالخير!
الحِكمة هي عُصارةُ جُهد العقل عبرَ مرور الدهر، فلا حِكمة لمَن لا عقلَ له.
الحِكمة وليدة التجرُبة؛ فليسَ كُلّ مُجرِّبٍ حكيم، بينما كُلّ حكيمٍ مُجرِّب، والفرقُ أنَّ الحكيم حَدَثَتْ لهُ تجرُبةٍ ما، فأعمَلَ عقلهُ وفَهِمَ غايتها، ثُمَّ أرشفها بعقلهِ لتَكُن مرجعًا لهُ فيما بعد في موقفٍ مُشابه، أمَّا المُجرِّب العادي فقد أضاعَ الحِكمة بجمودِ عقله، فلا هو فادَ أو استفاد.
يَحدُثُ أنْ يغلبَ العقل العُمر البيولوجي لصاحبه؛ حينَ يُؤتَى الحِكمة، والتي هي رأسُ الخير بل وكُلّ الخير، فتراهُ شابًّا بعقلِ شيخ.
يَشيخُ العقل كما العُمر حينَ تسكنهُ الحِكمة، وليسَ من الضرورةِ في شيءٍ أنْ تكونَ العَلاقة بينَ العقلِ والعُمر طرديّة، رغم أنَّ هذا هو الطبيعي، فالسائد أنْ يكونَ العقل على قدرِ العُمر، لكنَّ الفريدَ أنْ تكونَ العَلاقة بينَ العقلِ والعُمر عكسيّة، عَلاقةٌ فريدة لكنَّها موجودة.
لو لم تَكُن الحِكمة عظيمة قدرًا ومكانة، لَمَا وصفها الرحمٰنُ في كِتابهِ العزيز بقولهِ تعالى عَزَّ مِن قائل، بعدَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيم: "ومَن يُؤتَى الحِكمةَ فقد أُوتيَ خيرًا كثيرًا" صدقَ اللَّهُ العظيم.
حقًّا وصدقًا مَن شاخَ عقله، غلبَ عصره، وزادَ صبره، وهانتْ الدُّنيا بعَينه.