قديمًا كانت العرب تُعرفُ بالفحولة والفحولة في معناها ومبناها قُوّة، سُلطة، سيطرة، وبالرجوعِ إلى لسانِ ابن منظور، نجدْهُ يربط الفحولة بالذكورة: الذكر خلاف الأنثى، ويومٌ مُذكّر يومٌ شديد، ورجل ذكر إذا كان قويا شجاعا أبيا.
كما كانوا يُعرفونَ أيضًا بالرجولة الواضحة في مَعالمِ خِلقتهم والتي لا يختلف عليها إثنان، فحينَ يُذكر العرب يُذكر معهم الشموخ، الإباء، الكرم، الحِمية والشهامة.
وقد ظهرَ جليًا في كِتاباتِ شُعراء الجاهلية والمُخضرمين وصف أنفسهم وغيرهم، ومن ذلكَ تبيّنَ أنَّ القوّة الجسدية ورجاحة العقل والشجاعة والفروسية والرماية من صفاتِ الرجل العربي، بالإضافة إلى لون بشرتهِ الداكن وغزارة شعرهِ وغيرها من الصفاتِ التي تتنوع بتنوعِ الأذواق.
حديثًا وبعد مرورِ الأعوام نَرى معظم شبابنا اليوم يتشبّه بالنساءِ فالليونة والميوعة والأنوثة والتجمُّل الزائد، ولا أدري أكانَ هؤلاء عالمينَ بما يفعلونَ أم أنَّهُ تقليد أعمى؟
وفي الحالتينِ يُعَدُّ الفاعل شاذّاً عن الفِطرة النقيّة والأنفُسِ السوية تأبى من الشذوذ.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: أينَ ذهبتْ الرجولة؟!
ما الذي يحدث بالضبط؟
لماذا تترجّل النساء ويتأنّث الذكور؟
عن البعضِ أتحدّث، فكما يوجد ما ذكرتُ يوجد أيضاً النساء المُحتفظاتِ بالأنوثة، والرجال الحافظينَ لرجولتهم من أن يطلها آذى.
إنَّنا نعيشُ اليومَ فترة عصيبة من الزمن؛ حيثُ مُخلّفات الغرب من شذوذٍ وإباحية تُسيطرُ على كافّةِ أعمالهم سواء سينما، دراما، أو حتّى كارتون، والأخير بالغ الخطورة؛ إذ السينما والدراما منوط بهما الكبار العاقلين، أمَّا الكارتون فخصصوهُ لبراعمنا الصِغار ليزرعوا فيهم دناستهم القذرة، ومُخلّفاتهم المُنحطة، فينشأ الصِغار على التقليدِ في المَلبَسِ والسلوك، ثُمَّ بالتعوّدِ دونَ رقيبٍ أو حسيبٍ يُصبح الأمر حقيقيًا بالمُمارسة.
ما أودُّ قولهُ هو أنَّ التهاون في مِثلِ هذا الأمر يُمكن أنْ يؤدي بنا إلى الهاوية حرفياً، فلا دين ولا عُرف ولا طِباعٍ تؤيد رؤيةِ رجلاً في زيّ امرأة أو العكس، فالرجل رجل والمرأة مرأة.
يُعَدُّ الإهمال الأُسري أحد أهم أسباب إنفلات الشباب وضياع رجولتهم واِنحرافهم عن نهجِ الفِطرة.
لينتبهَ كُلّ راعٍ لرعيتهِ وليتقي اللَّهَ فيها، ولتُراقبوا أبناءكم وما يُشاهدونهُ خاصّةً على شاشاتِ التلفاز، فقد بلغَ الأمر ذروته، فأصبحَ الكارتون المُترجم ينقل للبراعمِ قمامة الغرب على هيئةِ أطفالٍ وحيوانات، ولا يخلو كارتون غربي من سلوكٍ يُخالف فِطرتنا النقيّة، كما أضحى رمز الشذوذ عن الفِطرة السوية واضحاً جلياً على هيئةِ ألوانٍ مُعيّنة.
على الآباءِ ألَّا يُبالغوا في تدليلِ الأبناء وألَّا يقتروا منهُ فخير الأمور الوسط، كما عليهم أن يزرعوا في نفوسهم أنَّ الفتاةَ يُجمّلها الحياء وتُميّزها الأنوثة، وأنَّ الذكرَ تُزينهُ الأخلاق وتُميّزهُ الرجولة، مع التركيز على عدم تَعدّى أيّ منهما على حدودِ النهج الطبيعي، أو الشذوذ عن الفِطرة النقيّة.
إلى هُنا أكتفي.