يتزوّج البعض فقط ليُقال عليهِ رَجُل، ثُمَّ يُنجبُ زوجهُ ليُقالَ عليهِ أكثر رجولة، ولا أدري حقيقةً ما عَلاقة الرجولة بالتناسُل؟!
إنْ كانَ هذا المفهوم للرجولة هو السائد لدى الكثيرين، فإنَّهم يُهينونُ بذلكَ آدميتهم؛ إذ الحِمارُ يتناسل، والبقرُ يتناسل، والزواحفُ تتناسل، والحشراتُ تتناسلُ كذلك، إذًا التناسُلُ لا عَلاقةَ لهُ بالرجولةِ لا من قريبٍ ولا من بعيد.
فالتناسُل يحدثُ طالما وُجِدَ فاعليهِ من الذكرِ والأُنثى على اِتساعِ جِنسِ المخلوقات، لكنْ ليسَ كُلّ مُنجبٍ رَجُلًا.
الرجولة صِفاتٌ تتضح من المواقف، ويُدَلَل عليها بالعمل، فالرّجال لا يضيّعونَ أوقاتهم في الكلام، إذ هُم مُلتزمونَ بالفِعال، وإنْ وعدوا وَّفوا، وإنْ قالوا فعلوا.
أمَّا مَن يَرى أنَّ الرجولةَ هي تناسُلٌ فهذا من دلائلِ النقص في نفسِ الشخص، كما أنَّهُ نذيرُ كارثةٍ؛ إذ أنَّ ذلكَ الشخص طالما وَجَدَ رجولتهُ في الإنجابِ فسيظلّ يُنجبُ ويُنجب دونَ حسابٍ للمُنجَبَون، فيُخرجُ للدُّنيا أبناء ضُعفاء البنية، غير مُتعلّمين، محرومينَ من حقّهم في الحياةِ الكريمة، والعيش بأمان، غير مُستقرّين لا نفسيًا ولا حتّى مكانيًا.. ضحايا على هيئةِ بشر.
الرجولة عملٌ ومواقف، الرّجال لا يُهينوا أو يُهانوا أو يَهونوا، الرّجال لا يستطيعونَ العيش بدون عمل، الرّجال لا يَذلّوا أو يُذَلّوا، الرّجال كُرماء مُكرِمون، الرّجال صابرونَ صامدون، الرّجال حافظونَ لحدودِ اللَّهِ مُتّقون.
حتّى وإنْ كُنّا في آخرِ الزمان، هُناكَ رّجالٌ لا مِثلهم رّجال.. الرّجالُ رّجال، لا يميلونَ ولو مالتْ الجبال.