عقب الإنتهاء من مراسم الجنازة ونقل الجثمان إلى مسجد السيدة نفيسة للصلاة عليه، ثم الدفن في مقابر العائلة، انفض تجمعنا، وذهب كل منا ليمارس حياته، ويبدأها من جديد دون الحبيب والصديق والزميل والأب والأستاذ الكاتب الصحفي الكبير والناقد والسيناريست محمد الرفاعي، وبينما اتصفح موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وجدت صديقتي العزيزة الكاتبة الصحفية والقاصة أماني زيان، كتبت تنعي رحيل الأستاذ وختمت بجملة "زادوا الحبايب في السما واحد"، ولم أجد خيراً من تلك الكلمات لأضعها عنواناً للحديث عن ما فقدناه بالأمس القريب..
قبل أن أعمل كصحفية قابلته كثيراً وذلك لما بيننا من كم هائل من الأصدقاء ولم أجرؤ على الأقتراب منه وتجاذب أطراف الحديث كما كنت أفعل مع الجميع، وبعد عدد من اللقاءات علم أنني شاعرة ووخليفة عبد الرحيم منصور، فأصر على سماع قصيدة مني، كنت أتحدث وداخلي يرتعش، وعيناي مغمضتان تماماً، حتى لا أرى تعبيراته التي ربما تنم عن دنو القصيدة، وكانت المفاجأة!!
هذا الأستاذ الكبير وجدته يتبتل أمام كلماتي، ويعبر عن إعجابه بالقصيدة بشكل واضح وبعلو صوته ويجبر الجميع على سماعي مرة أخرى، وانقلبت علاقتنا من شخص كنت أراقبه فقط من بعيد وأخشى الحديث معه للصديق والأستاذ محمد الرفاعي، وتوالت مقابلاتنا، وذلك قبل أن أعمل بمجلة صباح الخير بأشهر قليلة، وبعدها التحقت للعمل بالمجبة بأمر من أستاذي الشاعر الكبير ورئيس تحرير صباح الخير آنذاك جمال بخيت، وكان الرفاعي أول من ركضت عليه لأزف له خبر تعييني، ووقتها شعرت بالأب الذي داخله تجاهي، وزادت علاقتنا قيمة الأبوة، توالت بعدها المواقف التي ساعدت على تقوية الأواصر بيننا..
أبي وصديقي وأستاذي وأخي محمد الرفاعي؛
أنت لم ولن ترحل، فقط هي استراحة المحارب، فهناك من يعجز الغياب عن تسجيل أسماءهم، وأنت أولهم..