بالأمس زرت الأزهر المعمور، والحق أنها أول مرة أزوره فيها على مدار عقودي الأربعين وقد تأخرت كثيرا، كنت أتمنى الجلوس فيه أكبر قدر من الوقت، وسرح بي الخيال في أمانيه التي اشتاقت إلى السكنى بجواره، حتى أنعم بهذه الروح الساحرة وعبير القداسة الذي يفوح من كل ركن فيه.
بل سرحت بي ألوان الخيال لأبعد من ذلك، فخلتني أرى العلماء الربانيين المجاهدين الذين قرأت عنهم في التاريخ، تخيلت أنني لقيت الشرقاوي والجبرتي والعروسي والدمهوجي والباجوري والأنباني والعباسي والنواوي وغيرهم كثيرون.
قلت: إن هذه العماد العظيمة قد عرفت هؤلاء الناس ورأتهم وكانت شاهدة على القرون والأجيال التي صنعت هذا التاريخ الماجد.
بل تخيلت هذه الصروح وقد دُكت بعض أجزائها مدافع المستعمر الحقير نابليون.
أما بناياته وفنياته وعمارته، فكان لي معها تأمل خاص أهاج إعجابي، وكان مما شاهدته ذلك السياج الدائري الذي يتوج جدرانه من أعلاها، ولمحت ما فيه من زخارف فنية، وكانت تعلوها ما أثار انقباض نفسي، إذ كانت الزخارف تحمل أشكال نجمة داو..د شعار اليهو..د والصهيو..نية العالمية، نعم.. فالأزهر يعج بأشكال النجمة السداسية التي اتخذها العدو زمرا له، حتى صارت في أذهاننا رمزا للشر والخبث والمكر والطغيان والخديعة، نعم فما من أحد يرى النجم..ة السداسية حتى ترتاب نفسه وتتلوى عن إحساس كبير بالخطر والكره والرفض والاستنكار.
قلت في نفسي: وهل يمكن لشيوخ الأزهر الذين وافقوا على مظهره المعماري أن لا يلتفتوا إلى مثل هذا الأمر؟ فيتوجوه بشعار اليهو..د، والنجمة الخبيثة التي صارت معلم الشر.
لابد أن أبحث في الأمر لأستجلي الحقيقة، وبعد ذلك أطالب بمحو هذا الشعار الخبيث الذي لا يليق أبدا أن يعلق بجدران الحصن الأعظم للإسلام.
فماذا وجدت؟
لقد وجدت أنه إن أرادت الأسوار والجدران الأزهرية أن تتجمل بزخرف، فإنه لا يجوز لها أن تتجمل بغير النجم..ة السداسية، التي نعتقد نحن أنها من اختراع اليهو..د وشعارهم، ولكن الحقيقة أن الأزهر الفاطمي أولى الدنيا بها، لأن هذه النجمة وجدت على صندوق السيدة فاطمة رضي الله عنها والمحفوظ في تركيا.
بل تبين لي أنها شعار إسلامي استخدمه المسلمون في عصور متنوعة، أي أنه ليس من اختراع اليهو..د كمان نظن، بل سرقوه كما سرقوا كل شيء، حتى علم إسر..ائيل نفسه مسروق من علم إمارة كرمان الإسلامية التي كانت جنوب الأناضول 1250م مع بعض التغييرات.
لقد وجدت النجمة على العمائر الإسلامية القديمة ومنها قلعة "الجندي" برأس سدر بسيناء التي أنشأها القائد صلاح الدين الأيوبي.
وكانت شعار قائد الأسطول العثماني خير الدين بربروسا الذي أرعب البحار والمحيطات كما توجد بكثرة في مساجد و قلاع و زخارف و نقود دول شمال افريقيا والاندلس .
بل إنها كانت في علم المغرب الى قبل 1948 اي قبل التاريخ الذي وضع فيه الص..هاينة علما لهم ؟
رسم النجم..ة السداسية موجود على النقود المغربية القديمة و الرايات، كما أنها كانت الراية الخاصة بالحرس الأسود للسلطان المغربي وبعض مساجد المغرب تزينها النجوم السداسية .
أما نقش الشمعدان أو المينوراه ذو السبعة أو التسعة أفرع والذي اتخذه اليهو..د شعارا لهم ليس له أي أساس تاريخي وأن وصف المينوراه الوارد في سفر الخروج (25-37) هو وصف لشمعدان روماني من أيام «تيتوس».
بل وجدت أن للنجمة أصول فينيقية وفرعونية، وشهدت بذلك كثير من الأثار.
اليهو..د ينهبون كل سمات الأمم والحضارات الأخرى ويلصقونه لأنفسهم، فلا يوجد للنجم..ة السداسية ذكر فى تاريخ اليهو..د والعهد القديم والكتب اليهود..ية الأخرى، ولا توجد إشارة عن استخدامها فى زمن نبي الله داود أو نبي الله سليمان عليهما السلام، وحكايتها مع اليهو..د بدأت عام 1648م ، في مدينة براغ التي كانت جزءًا من الإمبراطورية النمساوية وكان بها مجموعات عرقية تدافع عن المدينة ضد هجمات جيش السويد من بينهم مجموعة من اليهو..د، واقترح إمبراطور النمسا آنذاك فرديناند الثالث أن يكون لكل مجموعة من هذه المجموعات راية تحملها وذلك للتمييز بينهم وبين فلول القوات الغازية التي تحصنت بالمدينة وبدأت بشن حرب عصابات فقام أحد القساوسة بأخذ أول حرف من حروف (داود)، وهو حرف الدال باللاتينية وهو على شكل مثلث وكتبه مرة بصورة صحيحة وأخرى مقلوبة ومن ثم أدخل الحرفين ببعضهما البعض فأخرج هذا الشكل النجمى الذي عرف خطأ بنجمة داود وأعجبت هذه الفكرة الجالية اليهود..ية وبدأ مشوار الخداع منذ هذه اللحظة واستخدمتها الحركة الصهيو..نية في جرائدها ومنشوراتها منذ عام 1881م واتخذتها شعارًا لها عام 1897م وأصبحت مع إعلان تأسيس الدولة الصهيو..نية شعارًا مرسومًا على علمها وانتشرت التفسيرات الاستعمارية لهذه النجمة.
لا ضير إذن أن يتجمل الأزهر بالنجمة السداسية، بل هو الأولى بها، لثبوتها حلية وزخرفا لصندوق السيدة فاطمة رضي الله عنها.