كنت اليوم على موعد تعلمت فيه التواضع الجم والأدب الفريد.. فقد تواصلت مع سيدي فضيلة الدكتور الجليل محمد سعد قاسم أستاذ الحديث الشريف وعلومه بجامعة الأزهر وأبديت له رغبتي في ان يكتب لي مقالا عن شيخنا العلامة الراحل محمود توفيق سعد لأضمنه إلى كتابنا عنه.
فلما علم وكانت له بالراحل الكريم صلة طيبة عميقة، أبى إلا أن يأتيني ويزورني في بيتي كرامة ومحبة في الراحل الجليل.
شرفني العالم الجليل الموقر في بيتنا وجلست أمامه منصتا.
جلس فضيلة الدكتور محمد سعد يقص علي من شمائل الشيخ الدكتور محمود توفيق سعد ما كان فيه العجب العجاب، وفي كل منحى من مناحي عظمة الشخصية المحمودية، وكان مما ذكره وأحب أن أرويه للقراء، إذ لا أطيق ان يظل موقف مثل هذا حبيس كتاب كبير.
قص علي فضيلة الدكتور محمد قاسم، أن الدكتور محمود دعي ليناقش رسالة في جامعة بالصعيد، ولما دلف للمنصة شعر وتبين له إصرار المناقش الآخر على تضييع الباحث وإفشال رسالته وكان هذا المناقش صاحب سلطة ومنصب بالجامعة، وخضع له المشرف على الرسالة تزلفا له وخشية منه.
وقام المناقش بنقد الرسالة نقدا عنيفا وبيان قصورها وضعفها وهناتها، ووافقه المشرف، فلما جاء دور الدكتور محمود للمناقشة، قال حسبما روى: انتصرت للطالب المسكين ممن ارادوا ذبحه والقضاء عليه، وأخذت ارد على نقد وجهه المناقش ووافقه عليها المشرف، وفندتها وبينت عوارها، وانقلبت القاعة،ثم لما انتهيت أخذت أتحدث عن مميزات الرسالة بما لم يتخيله أو يدركه الباحث نفسه او يأت في باله.
ولما انتهت المناقشة وجاءت المداولة وجدت اصرارا من المناقشين على بخس الباحث حقه وإسقاطه فقلت لهما: لن يحدث ولن يكون ابدا ما تريدان وإلا فاعتبراني منسحبا وسأخرج وأعلن الأمر للعلن ولن اسكت وستكون فضيحة.
خضع المناقشان للأمر أمام هذه الصلابة القوية في الحق، وأمام رجل يعشق الإنصاف والعدل ويرفض الظلم والطغيان.
يقول الدكتور محمد قاسم:
أي إنسان كان محمود توفيق سعد، وأي عظمة وصل إليها هذا الرجل الذي كان يخشى الله وحده، ولا يلقي حسابا لأحد أمام الحق والانتصار له.
الدكتور محمد قاسم ذكر أشياء مذهلة في لقائي معه وموعدها في الكتاب بعون الله.