فزع وهلع وشعور كبير بالخيبة والحسرة والخسارة والتراجع والانحدار في صفوف العلمانيين والملحدين الذين يتصدرون المشهد الإعلامي والفكري في بلادنا، وقد رأيناهم وهم يعوون ويصرخون ويلطمون على الشاشات ويتشنجون كالمجانين عقب ظهور قرار وزير التربية والتعليم أن يكون الدين مادة أساسية تضاف إلى المجموع، كمحاولة منهم لترهيب الوزير وإثنائه عن قراره وإفهامه أنه مرفوض وضد الدولة المدنية، ويمثل قرارا لدعم التطرف والإرهاب والتخلف والتراجع.
ولكننا كمصريين لابد للنظر لمصلحة الوطن بعيدا عن هلع العلمانيين وبغضهم الفطري للدين، فمصر اليوم في أمس الحاجة للدين، وكل الراصدين والمتابعين يعلمون أن الانحدار القيمي والأخلاقي في المجتمع بدأ منذ أن تم تجفيف منابع الدين، خاصة في أروقة التعليم، فظهر جيل لا يعرف صلاة ولا قرآنا ولا صياما ولا قيما ولا رسولا ولا سيرة ولا هديا يشكل سلوكه وأخلاقه.
منذ ذلك اليوم الذي خرج الدين فيه من المعادلة التعليمية ونحن في انحدار وتراجع.. ومما يحزنني أنا العلمانيين يقودون حملة لارهاب الوزير واستعداء المسؤولين الكبار عليه، ويستغلون منابرهم الاعلامية في عملية الترهيب، وكنت أتمنى أن تكون هناك جبهة مضادة يقودها علماء ودعاة ومسؤولون بالأزهر الشريف والأوقاف، ليساندوا القرار ويبينوا للجميع كيف تحتاجه مصر ومجتمعها، وأن تدريس الدين كمادة أساسية وشرح معالمه القويمة للطلاب عمل قومي ووطني من الدرجة الأولى لأنه دين الدولة الرسمي الذي يجب عليها أن تحافظ عليه وتعلمه لأبنائها كما يجب أن يكون حتى تحميهم من الأفهام الخاطئة والتطرف، لكننا لا نجد داعية او عالما ممن يتصدرون المشهد تأخذه الغيرة على الدين، وتحثه حميته أن يدافع عنه ويرد عنه كيد علماني ملحد بغيض.. يمكن له فقط أن يشن غارة وحربا على داعية مثله لمجرد أنه يخالفه في المذهب أو التوجه أو التيار، الذي يخدم به الدين من وجهة أخرى.. يمكن له أن يعاركه ويحذر من كتبه ومؤلفاته، أما أن يرد على علماني ملحد فلا..!
نحن في حاجة إلى هذا القرار وبشدة وضرورة، ولو ان وزير التربية والتعليم عدل عنه، فإن عدوله خسارة عظيمة لا تقدر بثمن.. ولكن هل يمكن أن يدعمه أحد أمام هذا العواء المتعالي حتى يمضي في قراره؟
حدثني كثيرون بما رابني وأفسد حماسي فقالوا لي: لا تتعجل في الحكم ولا تغريك حماستك بهذا الدفاع الكبير، فالدين الذي يريده القرار غير الدين الذي تعتقده وترتجيه.. وساعتها ندخل في مأساة أخرى أشد سوءا وهي تمييع مفاهيم الدين نفسه، التي لا تقل خطورة عن التطرف والارهاب الذي تبعثه الافكار المنحرفة.