على أديمٍ متصحرٍ تلفحه شمس حارقة، ترقد وردة ذابلة. قرمزيّتها الباهتة تُناجي عبثاً ذكرى ألوان يافعة. بتلاتُها مُجعّدة كجلد شيخٍ هجرته الحياة، تحتضن في صمتٍ أسرار ذبولٍ مرّ. في الأفق السرابيّ، يلوح وهم بحيرة فيروزية، كأمنيةٍ كاذبةٍ تراقصُ على جفون اليأس. لكن هنا، حيث تستلقي الوردة الوحيدة، لا يشي المكان إلا بقسوة الفقد وجور الزمان.
كانت ذات يومٍ يدٌ حنونٌ قد غرستها، وقلبٌ محبٌّ قد رعاها. الآن، لا يتبقى سوى أثرٍ باهتٍ لعشقٍ تلاشى، ورمزٍ موجعٍ لجمالٍ انطفأ.
وبينما تتأمل بقاياها عينٌ غريبة، تكتشف تحت التراب المتصلِّب خيطًا رفيعًا من حريرٍ ملون، متشبثًا بجذرٍ متهالك. وعندما تجذبه برفق، ينكشف عن وشاحٍ صغيرٍ مطرزٍ باسمٍ منسيّ، فتدرك أن الوردة ليست سوى نصبٍ لطفلةٍ ضاعت في غمرة النزح، وأن السراب لم يكن إلا دمعةً متجمدةً في عين قدرٍ قاسٍ.