على دربٍ من غبار، كانت تقتفي أثراً موحشاً، قابضة على سلة كأنها جزء من كينونتها. عيناها غارقتان في الأفق السحيق، حيث تتوارى الجبال كأشباح في ضباب مهيب. حقل ذرة يتمايل على يمينها، وشجرة خريف عتيقة يلفها صمت أزلي على يسارها، فيما يرقص كلب مع الريح، يعود كنبضة قلب، ثم ينطلق كالسهام.
حين يرتدي الأفق سواده، تسلم الروح لأحضان الكرى. وفي مملكة الأحلام، تتدفق الألوان كشلال من نور سرمدي، يغمر المكان صوتاً لا يفتر.
حدث، ونظرت في مرآة ضبابية، فرأت وجهاً حفرت عليه الأيام قصصاً وخطوطاً عميقة، وشعراً ينساب كالشفق الأبيض. أشاحت بوجهها لتلتقي عيناها بوالدتها التي تجسد الشباب بملامحها، تحمل سلة خاوية، فيما الكلب يغزل الفرح بنفس الحيوية القديمة.
ابتسمت بحزن، وأومأت نحو حقل الذرة. القبور تملؤه، وفي كل شاهد قبر، تجسدت امرأة تحمل سلة، تتبعها فتاة صغيرة.
انسابت الألوان في الفراغ، وانطفأ نورها، وغدت الظلال رمادية باهتة. لم يبق في الأفق سوى درب من الغبار، وفي نهايته، كانت تجلس على الأرض، تحمل سلة فارغة، تنظر إلى نفسها وهي تقتفي أثرها.