تجمعت الغربان كعقدة سوداء في القفص الصدئ. كل فجر، كان السهل يلوح بالحرية خارج قضبانهم، لوحة ضوء يشاهدونها بلا أمل. اكتشف أجرأهم رخاوة في قضيب واحد، انحنى بفعل رياح الصحراء.
ليلة بعد ليلة، نزف منقاره، وتآكل صبره على المعدن الصامت. دفعه أمل رفاقه الهش. أخيرًا، بأنين احتجاج، استسلم القضيب. كانت الفتحة شقًا ضيقًا من الأمل. واحدًا تلو الآخر، عصروا أنفسهم عبره، أجنحتهم متيبسة تختبر الهواء بتردد. السماء كانت امتدادًا لا حدود له يعد بالهروب.
خرج الغراب الأخير بنعيق منتصر، ينظر إلى القفص شاهدًا على يأسهم. استدار لينضم إلى سربه الذي أصبح نقاطًا صغيرة تتلاشى.
لكنه تجمد. تحت قدميه، حفرٌ عتيق حول القفص: جدارٌ وهمي، لا يُرى إلا بالروح. رفرف بقوة، حاول الطيران، لكن جناحيه تحطمتا. كان لا يزال داخل الحدود. أدرك: السجن لم يكن في القضبان، بل في الروح؛ سجن أبدي حفر فيهم منذ البدء. وسربه لم يتلاشَ، بل كانوا يحلقون داخل سجونهم الخاصة، سجون لا تُرى.