يا ليلُ هَبْ لي خُطاكَ السُّودَ وانْسَدِلِ
فالحُزنُ يفتَحُ أبوابًا على مَهَلِ
قَدْ جِئْتُ أَحْمِلُ في صَدْرِي نَزِيفَ دَمِي
والروحُ تَندُبُ ما وَلَّى مِنَ الأَمَلِ
كأنَّ قلبي على أهدابِهِ شُهُبٌ
تذوبُ نارًا، وتبكي دمعةَ المُقَلِ
والموتُ يمشِي على الأفكارِ مُنطفِئاً
كأنَّهُ ظلُّ يومٍ خَائِنٍ وَجِلِ
جئتُ القصيدةَ لا أرضٌ تَقِلُّ خُطاي
بل الرياحُ تُقيمُ الحزنَ في عَجَلِ
أمشي إليها وثوبُ الصبرِ مُنخَرِقٌ
تَشُقُّهُ وَخزاتُ الحادثِ الجَلَلِ
كأنيَ العائدُ المكسورُ من قَدَرٍ
ساقَتهُ نارُ الأسى ظُلماً لِمُقتَتَلِ
جئتُ لأعلنَ أنَّ الشعرَ مملكَتِي
وأنَّ قلبي بدمعِ اليأسِ مُغتَسِلِ
يا أيُّها الحرفُ لا تَرجُفْ فها هُنا
نَخُطُّ هذا الأسى في ثوبِهِ السَّمِلِ
ها قد وقفتُ على أبوابِ ذاكرتي
أستصرخُ الوقتَ كي يُشفِي ويَندَمِلِ
أمشي على جُرحِ أيّامي مُكابرةً
كأنني فوقَ نارِ الشكِّ في حَيَلِ
أُحاورُ الصمتَ والأسرارُ مُفْصِحَةٌ
عني، كطيرٍ شريدٍ ضلَّ في السُّبُلِ
وأُرْهِفُ السمعَ لليلٍ يُؤرّقني
كأنَّهُ نايُ حزنٍ فاضَ بالجُمَلِ
ما عاد في لغتي إلَّا الرمادُ، وما
عادت يدي تُمسِكُ الإلهامَ في خَجَلِ
فالحرفُ طفلٌ حزينٌ ضاعَ منزلهُ
والقلبُ شيخٌ شَكَى وجعٌ على الطَّلَلِ
لكنني ورُكامُ اليأسِ يُثقِلُني
أمدُّ للحلمِ كفَّ السَّعيِ والعملِ
وأجمعُ الحرفَ من أعماقِ ذاكرةٍ
كانت تُخبّئُ وهجَ الحُزنِ في الحُلَلِ
فإن سقطتُ، رفعتُ الروحَ مُبتسِمًا
كجذوةٍ تُشعِلُ الأكوانَ بِالشُّعَلِ
وأرجعُ الآنَ والأشباحُ تتبعُني
حتى يُمَيَّزَ نورُ الحرفِ من خَيَلِ
هذا أنا... كلما ضاقت بيَ الطُّرُقُ
مَدَدْتُ للحزنِ صدرًا واسعَ الحِيَلِ
أمشي بثقلِ رؤايَ، لا ألوذُ سوى
بربِّ قلبٍ، على الأوجاعِ لم يَمِلِ
يا ليلُ مهما طغى سيفُ الظلامِ فلي
حروفٌ بصدريَ تَأبى سَطوةَ الأُفُلِ
صُغتُ المواجعَ معراجًا لأمنيةٍ
ما نالَها اليأسُ في حِلٍّ ومُرتَحَلِ
أنا القصيدةُ.. لا قبرٌ يُحاصِرُها
تسعى إلى الخُلدِ فوقَ النعشِ والأجَلِ
سَأكتُبُ الآنَ ميثاقَ البقاءِ هُنا
حرفاً تَنزَّلَ مِثلَ الغيثِ في المَحَلِ
حتى يُقالَ إذا مرّوا على أثري:
قد مرَّ مِن هاهنا حُرٌّ، ولم يَزُلِ
مَا مَاتَ مَن أَودَعَ فِي الأَرضِ آثَارَهُ
وعاشَ ينحتُ وجهَ الفخرِ في الجَبَلِ




































