آخر الموثقات

  • النتيجة سيخسرون
  • قلوب قاسية على الأرض
  • كأنني لم أكن... فقط ظلٌّ يمشي فوق الأرض.
  • بين الوطن والمنفى.. عامٌ من الغياب والبصيرة
  • ناجحوا التيك توك القدوة
  • تغريد الكروان: مرآتي
  •  عائلة يعقوب (بني يعقوب) سيئة السمعة
  • تغريد الكروان: اللامبالاة
  • تغريد الكروان: الرضا
  • نورك يا سيدي
  •  إلى ابنتي 
  • صمتي لازع السخرية..
  • لا تفكر أن تعبث بصلصالي..
  • أمل (ق.ق.ج)
  • غريب (ق.ق.ج)
  •  صاحب ألوان الفرح
  • اليوم فقط حزنت
  • النوارس المهاجرة
  • عاشقة القمر
  • اختناق الفصول
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة اريج الشرفا
  5. اليقين

يُمسكُ بمقبضِ الركوة التي وضعها للتو على النار، يُسهبُ في مراقبة اللاشيء، يسرحُ في تحليلٍ أضناه، لم يُلقِ بالاً لثورة القهوة على جدران الركوة، تفور كما تثورُ أفكاره الآن، تتحرر، تنسكب، تملأ الموقد دون أن يلتفت لذلك، أخيراً يفيقُ من غفلته على صوت جرس الباب، ينتبه لما خلفته الثورة من خراب، يُطفئ الموقد بحوقلة تُرافقها تنهيدةٌ خائرة، ثم يتجهُ نحو الباب يُلبي الطارق، يفتحه ويدخل دون أن يُبدي أيَّ ردة فعل، يمسكه صابر من ياقته موبخاً:
_ إلى متى ستبقى على هذه الحال؟ لستَ الوحيد الذي فقد والده، أفق وأكمل المسير!
نظر آدم إليه بشيء من اللامبالاة وبقي ساكناً محافظاً على صمته، تركَ صابر الياقة وأكمل:
_قضيتَ وقتك كله في العمل، اعتكفت أمام شاشة حاسوبك تراقب أسعار البورصة تحاول اصطياد فرصةٍ ثمينةٍ تقلب حياتك رأساً على عقب، ظننتَ أن الثراء قد يحالفك كما حالف برنارد أرنو يوماً! انعزلت عن الآخرين في سبيل تحقيق ثروة طائلة، تشبثت بلوحة المفاتيح أكثر من أمك يا رجل! فقدتها وبكيت، ثم اكتئبت ثم عُدتَ ثانيةً إلى بورصتك، والآن تفقد والدك وتُعيد للديباجة سيرتها الأولى...!
صرخ آدم من وقع كلماته التي كانت أحدَّ من السيف، أغلق أذنيه بكفيه مغمضاً عينيه خجلاً مما قيل وربما من صابر! ثم أطلق عنان صمته:
_اصمت، اصمت بالله عليك، لا تزيدني هماً على هم، يكفيني وجع الفقد والفراق، إنني مخطئ أعترف، ضيعتُ عمراً بعيداً عن حنانهما، كنتُ أظن أنني بذلك سأنتشلهما من القاع إلى القمة، والآن تركوني وحيداً معلقاً بلا قاعٍ يعترفُ بي ولا قمة أزيدها شرفاً!
_لا عليك أمامك متسعٌ من العمر للتغيير، سيغفران لك إهمالك ذاك، الآن انهض وابدأ من جديد، قَوِّم نفسك قبل أن يُداريك التراب...
وبعد أن فاض ما في القلوب، وسكنت أمواجها، صارح آدم صابر برسالةٍ قد تركها له والده قبل وفاته، أعاد قراءتها مراراً وتكراراً دون أن يفهم مغزاها؛ فقرر عرضها عليه:
"تحية لمن أنسته المشاغلُ ذِكرها، أما بعد...
ولدي الحبيب أعذرني فلم تُسعفني ظروفي على توريثك المال، عقاراً فارهاً أو شركة أعمال، لكنني سأورثك هذه الوصية، إن حللتها عِشت أبداً عيشةً هنيّة، وإن لم تفطنها باتت حياتك منسيّة: "ثلاثةُ جيران أحدهم يعيش لآنه، وآخرٌ قبع فيما فات أوانه، وثالثهم يستجدي آنٌ في غير آنه، جاور حيُّهم تَعِش!" والسلامُ ختام..."
استغرب صابر من نص الرسالة الذي لم يوحِ له ببصيصِ أمل؛ فتركَ الأمر تحدياً لصديقه ليخرج من حالته تلك، فربما كان الوحيد القادر على حلها، غادره على أمل أن يتبدل حاله!
في صباح اليوم التالي، عقد آدم نيته على التغيير؛ فخرجَ من بيته لقليلٍ من المشي وتأمُّل الطبيعة، في طريقه قابلَ العم (فِكري) جارهم في الحي يجلسُ أمام دكانه العتيق يُناظرُ المارة، ردّ آدم التحية وجلس يطمئنُ على حاله:
_كيف حالكَ يا عم فكري؟
نظرَ بابتسامةٍ بريئة شابهت ابتسامة طفلٍ عثر على من يلعب معه:
_أهلاً أهلاً صديقي الغالي والحبيب! ياااا له من زمن يا رجل، لم أركَ منذ مدة!
_سعيدٌ والله بهذا الترحاب، ظننتكَ نسيتني من قلةِ اختلاطي بكم...
_أنساك، معاذ الله يا شوكت! قضينا عُمراً سوياً في حرب ٧٣، كيف أنساك وقد لقّنا العدو درساً عندما أمطرناه بالقنابل!
همهم آدم لنفسه:
_يا حبيبي العم (فِكري) فِكره قد سافر، اللهم أعده سالماً غانماً!
ثم تابع مع العم فكري:
_طبعاً، أتذكر ذلك جيداً، ولا سيما عندما أبرحتُ جندياً ضرباً!
أطلق العم فِكري قهقهة عالية اهتزّ لها منكبيه المقوسين، ثم قاوم الضحك ليِكمل:
_جندي؟! أي جندي يا شوكت، كنا في سلاح الجو يا صديقي، لا بد أنه ألزهايمر! أكثِر من المكسرات يا (شوكشوك) إنها تقوي الذاكرة، هات يدك خذ حفنة...
شاركه آدم الضحك والحديث، ثم أخذ المكسرات واعداً إياه بزيارةٍ قادمة. يُكملُ طريقه محدثاً نفسه:
_مسكين العم فكري، يعيشُ في الماضي، يختلقُ أشخاصاً وظروفاً لزمانٍ قد ولّى لكنه يُريحه، يجد فيه أُنسه، يجلبُ منه كل الذكريات والأصدقاء، يمازحهم، يشاركهم الحديث، ثم يُعيدهم إلى زمانهم ويبقى هو هنا يتحسرُّ عليهم، لحظة! لقد وجدت الحل... (لزمانٍ قد ولّى) هي نفسها (وآخرٌ قبع فيما فات أوانه) أجل إنه يقصد العم فِكري مريض ألزهايمر الذي يعيشُ ما تبقى من عمره حبيس الماضي والذكريات، وإنها لعيشةٌ ضنكى أن يضيع عمرنا في التفكير فيما مضى غير مستمتعين باللحظة الحالية، صدقت يا أبي...
قطع اتصال صابر حبلَ أفكاره، هاتفه يدعوه لحضور حفلة خيرية تقيمها (مستشفى الأمل) في مساء الغد علّها تمنحه حافزاً للتغيير، وافق آدم على اقتراحه ممتناً لاهتمامه رغم بعده وانشغاله عنه في الآونة الأخيرة.
في التاسعة من مساء اليوم التالي وقفَ آدم مشدوهاً أمام باب المستشفى (مستشفى الأمل لمرضى السرطان)! ما السبب الذي يجعل صديقه يتردد إلى هذه المستشفى؟! دخل وقلبه يرتجف مما تبادر إليه من إحساس، دخلَ مغالباً مشاعره في تلك اللحظة، دخل ليجد بهجةً ما وجدها في الخارج، قلوباً تنبض بالحياة أكثر ممن يدّعون امتلاك الصحة، بالونات ملونة، مائدة ممتدة تنوعت أطباقها وأصنافها، أشخاص تباينت أعمارهم ما بين الطفولة والكهولة، طفلة حليقة الرأس تقترب بفستانها الزهري تُهديه وردة الاستقبال، يأخذها ويطبع قبلةً على كفها تقديراً لطاقتها الإيجابية التي منحتها له على شكل وردة. أبصرَ صديقه من بعيد، لوّحَ له فأتاه في الحال كماردِ المصباح، نظر إليه وكأنه اللقاء الأول، رآه كما لم يره من قبل، جسدٌ هزيل ينهش منه المرض، لكنه يقاوم يعلن عليه الحياة، يحكم على استعماره بالإبادة، يعيشُ كل لحظة وكأنها الأخيرة في حياته، يحيا ليستمتع، ليعبد الله، ليعطي كل ذي حقٍ حقه، ليَبرَّ في معاملاته، يعيش اليوم، اليوم فقط، هذه اللحظة فقط من تستحق التقديس.
ابتسم لصديقه ابتسامة رضا، عانقه بقوةِ مَجرّة، وأدركَ في نفسه أنه الجار الذي يعيش لآنه، والأهم أنه أيقن أنها الحياة الأمثل أن تعيش للحظتك فقط، أن تلفظَ كلَّ همٍ وغم وتراعي علاقاتك مع الآخرين لربما تفارقهم غداً!
بعد ليلةٍ حافلة بالمشاعر الجميلة، عاد آدم إلى بيته وقد زادت حصيلته من فهمٍ لمعادلة الحياة، باغته فضوله في معرفة الجار الثالث، لكنه الآن على موعدٍ مع النوم فغداً يومٌ شاق...
أشرقَ الصباح وأشرقَ معه وجه آدم الذي أبكرَ في ترتيب المنزل وتنظيفه، فلم يُنظفه أحد منذ فترة طويلة، لكنه هذه المرة سينظفه بنفسه، ففي النظافة روح جديدة يكتسي بها البيت تعيد لأرواح ساكنيه النقاء.
انتهى من جولته واتجه نحو مكتب والده يُرتب الأوراق، وإذا برسالةٍ على سطحه، فتحها:
" تحيةٌ لحياتك الجديدة، أما بعد...
وُلدتُ لأحملَ الهمَّ رقماً وطنياً لهويتي الشخصية، وُلدتُ مُكبلاً بذنوبِ آخرين، عِشتُ تتلاقفني الكفوف وتتقاذفني الأحضان، عِشتُ كطبقِ رمضان أتردد من بيتٍ لآخر لحينِ ذرية صالحة تغنيهم عن اقتنائي، كبرتُ وبدأت تلاحقني التهم ويُشار إليّ بابن الخطايا، عِشتُ أخشى القادم، أخشى الزواج بذريعة النسب، أخشى الإنجاب بحجة تجنب مثل هذه المواجهة، تزوجت وابتعدت أخلقُ حياةً جديدة نزعتُ منها أي علاقة بالماضي، لكنني بقيتُ خائفاً من المستقبل، خائفاً عليك من أي شيء يعرقلُ حياتك بسببي! أجل أنا الجار الثالث، لا تعش مثلي، تعلّق بالله و"لا تنسَ نصيبكَ من الدنيا"."
ضغط بكفيه على الرسالة، شدّها نحو قلبه، ثم أخرج صرخةً من محرابها تُدمي قلوب الخاشعين، جثا على ركبتيه يبكي حال أبيه ويبكي حضناً بخل به عليه، حضناً يأوي غربته لطالما احتاجه، وأخذ يردد والدموع تنهار من عينيه: "يا حسرتا على ما فرطتُّ في جنب الله..."، ما أن انتهى حتى صدح المؤذن بأذان المغرب وكأنه اليقين، رسالةٌ من الله بأن أكمل فقد حللت لغز الرسالة، استحققتَ الوصية وبانت لكَ الطريق...

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد شحاتة
3↑1الكاتبمدونة اشرف الكرم
4↓-1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↑1الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓-1الكاتبمدونة ياسر سلمي
8↑3الكاتبمدونة هند حمدي
9↓-1الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
10↓-1الكاتبمدونة آيه الغمري
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑13الكاتبمدونة طه عبد الوهاب186
2↑11الكاتبمدونة نجلاء البحيري69
3↑9الكاتبمدونة داليا فاروق68
4↑8الكاتبمدونة حسين درمشاكي41
5↑8الكاتبمدونة حنان الهواري108
6↑7الكاتبمدونة غازي جابر24
7↑6الكاتبمدونة أسماء نور الدين65
8↑5الكاتبمدونة دعاء الشاهد58
9↑5الكاتبمدونة عبير محمد97
10↑5الكاتبمدونة عطا الله عبد160
11↑5الكاتبمدونة رهام معلا173
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1089
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب697
4الكاتبمدونة ياسر سلمي662
5الكاتبمدونة اشرف الكرم582
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري507
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني429
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين418
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب338792
2الكاتبمدونة نهلة حمودة196017
3الكاتبمدونة ياسر سلمي184860
4الكاتبمدونة زينب حمدي170703
5الكاتبمدونة اشرف الكرم133666
6الكاتبمدونة مني امين117518
7الكاتبمدونة سمير حماد 109714
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي99615
9الكاتبمدونة مني العقدة96365
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين95540

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة منى كمال2025-07-30
2الكاتبمدونة نهاد كرارة2025-07-27
3الكاتبمدونة محمد بن زيد2025-07-25
4الكاتبمدونة ناهد بدوي2025-07-19
5الكاتبمدونة ثائر دالي2025-07-18
6الكاتبمدونة عطا الله عبد2025-07-02
7الكاتبمدونة نجلاء البحيري2025-07-01
8الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
9الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
10الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27

المتواجدون حالياً

2642 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع