منذ قليل، قلّبتُ في الصفحات التي تعرض الأشياء القديمة؛ علّني أتمكن من العثور على أثر لعُلبة بلاستيكية كانت تُباع في التسعينيات داخل بوتيكات القاهرة. حاولتُ البحث على الإنترنت بعد أن فشلتُ مرارًا في العثور عليها داخل سوق "ديانا" وسط بقايا أزمنة فائتة.
العلبة الآن لا تسكن سوى ذاكرتي. لا أحد يتذكرها، بداخلها وردة بلاستيكية ومنديل أبيض مطوِي بعناية كأن يد أمي قد وضّبته هناك. لا رائحة واضحة، فقط عطر خفيف يشبه عطر "سيكريه" الذي كانت تملأ به أمي غرفتها وتضعه داخل دولاب ملابسها أسفل أقمشتها المرتبة بعناية. المادة التي صُنعت منها العلبة هي نفسها المادة التي كان يُصنع منها في وقت مضى بوكيهات الورود الأنيقة كبيرة الحجم باللون السماوي الفاتح.
العلبة تسكنني وحدي. بحثتُ عنها كثيرًا، كأنني أبحث عن دليل يثبت أنني مررتُ من هناك... ورأيت الفيونكة الستان التي كانت تغلقها.
قدمتُ العلبة مرارًا لصديقاتي في أعياد ميلادهن، وفي كل مرة كنتُ أنوي أن أشتري واحدة لي، لكنني لم أفعل. كانت حلمًا مؤجلًا لم أحققه لنفسي، حتى انتهى زمنها وضاعت للأبد. ضاعت للدرجة التي تجعلني لا أجد لها صورة سوى في ذاكرتي.