أمسكت بالمبيد الحشرى الذى أحضرته من الصيدليه وإنطلقت أنثر رزازه فى هيستيريه فى كل إتجاه وكأننى تحولت إلى جندى فى ميدان قتال يمسك بمدفع رشاش سريع الطلقات
، وفجأه حدث مالم يكن فى الحسبان أو يخطر لى ببال
.
وجدت مجموعات النمل تتكاتف ويعتلى بعضها ظهر بعض حتى أصبحوا كالهرم ، وفى قمة الهرم وقفت نمله ترمقنى فى تحد وشراسه قائله وهى تشير لى بإصبعها
: لقد ظننتى أنكى قضيتى علينا ولكن هيهات . . ما قتلته لم يكن سوى العاملين على جلب الطعام ، وقد عاد منهم إلينا من نجا وقصوا علينا إجرامك وما فعلته بباقى عشيرتهم ولقد مكثنا الأيام الماضيه نرسل سفراءنا إلى جميع معسكرات النمل الأخرى نطلب منهم المدد ولقد أتونا حتى أصبحنا جيشا عرمرما ،
لن يفيدك بعد اليوم ذلك المبيد ، لقد إتخذنا كل الوسائل الدفاعيه ، وأخرجت من جنبها كمامه وهى تقول : لقد أحضرنا هذا القناع الواقى الذى نضعه على أنوفنا إتقاء ذلك المبيد ، أنا لا أدرى ما كل هذا الإجرام الذى فى دمك ، ما كل هذه القسوه والوحشيه التى تعاملينها بنا وكل جريمتنا إننا نبحث عن طعامنا فى بقايا طعامك وما تهملين حفظه
ثم أردفت فى تحد وشماته : ولكننا لن نسمح لك بأن تهاجمينا ثانية وجئنا لنثأر لإخواننا ونحسم الحرب لصالحنا ، لقد أحضرنا لك سلاح مضاد سيقضى عليكى وعلى جبروتك تماما
وفجأه إنشق الجدار عن زجاجة مبيد عملاقه 
يملها مليارات ومليارات من النمل وسددوها فى وجهى وهى تقول : خذى نتيجة أفعالك الإجراميه وأطلقوا فى وجهى بشلال من المبيد وشعرت أننى أختنق . . أختنق . . أختنق . . . 


منى . . . منى . . . أفيقى . . . ما هذا ؟
أتانى الصوت وكأنه يأتى من مكان سحيق وفتحت عيناى فى بطئ ووجدت أمامى صديقتى الطبيبه وهى تقول : الحمدلله بدأت تفيق ، ما هذا لقد كدتى تختنقين من كمية المبيد التى رشتينها على النمل
.
قلت فى بطء : وقد أدركت أننى كنت أحلم : أين أنا ؟!!
قالت صديقتى فى تهكم : فى الفراش ، ما هذا لقد كدت تقعين شهيدة للنمل !!
جلست فى تهالك وأنا أقول : وماذا أفعل ، لقد أصبح لايطاق
.
قالت صديقتى : المشكله أبسط من هذا بكثير ، أتريدين التخلص من النمل نهائيا . . . . بسيطه
دبت فى جسدى الطاقه فجأه وتشبثت بها وأنا أهتف : كيف أخبرينى بالله عليكى .
قالت : هاتى إثنين كيلو سكر وإنثريهم على أرض المطبخ ومعاهم إثنين كيلو نشوق وبعض الزلط ، ستأتى النمله لسرقة السكر فتشم رائحة النشوق فتعطس فتصطدم بالزلط فتقع صريعه :D:D.
نظرت لها فى غيظ
: أتمزحين فى مثل هذا الموقف ؟
صديقتى : وماذا أفعل لكى وأنت تضخمين المشكله ، النمل هذا قدر . . . كأس يتجرعه كل البشر فى منازلهم
وهمت بالإنصراف وهى تقول : حاولى أن تحذرى فى المره القادمه ومن رأيى إرفعى الرايه البيضاء ، فلن تصمدين أمام جبروت هؤلاء المرتزقه 
فى صبيحة اليوم التالى ذهبت إلى المطبخ لإعداد الطعام وخلافه ومازال النمل حولى فى كل مكان ويبدو أن بداخلى قد بدأت تنبت بذرة إستسلام أو تسليم بالأمر الواقع
وإتجهت لفتح جهاز الراديو حيث هذه دائما عادتى فهو دائما رفيقى فى المطبخ ، ربما ليهون على الوقت الذى أقضيه بالمطبخ وهودائما لا أحرك مؤشره عن إذاعه واحده لا أسمع غيرها هى إذاعة البرنامج العام وكان يبث وقتها برنامج على الناصيه للسيده آمال فهمى وكانت تقول : وهذ أول لقاء لنا على الناصيه ، أتعرف بحضرتك
قالت الضيفه
: دكتوره فلانه الفلانيه (أعتذر لا أتذكر الإسم فأنا لاأهتم بالأسامى
) باحثه فى إدارة البحث العلمى منذ خمس وعشرون عاما فى تخصص واحد . . النمل 


كدت أصرخ
: لاااااااااااا مستحيل نمل أيضا فى الراديو
وكدت أسرع لغلق الجهاز لولا أن جذب إنتباهى حديثها الشيق الممتع ، مما جعلنى أتراجع عن نيتى وأستمع إليها فى إنصات
وإليكم ملخص ما قالته : ( طوال خمس وعشرون عاما أكثف دراستى فى النمل فقط وإكتشفت أن النمل يحتوى على حوالى خمس وعشرين ألف نوع سأذكر لكى بضع منها فيه نوع نسميه الحرامى وهذا يسير بمفرده يسرق ويفر مسرعا ، ونوع آخر نسميه البلطجى وهذا يسير فى كتائب ويدق الأرض بقدميه حتى أن أجهزة الإستشعار لدينا التى ترصد قوة خطواته تعطى أعلى مؤشرات ونوع آخر هو النمل العسعاس يرسل طلعات إستكشافبه وعندما يجد طعامه يخبر باقى القافله ويسيروا فى مجموعات لجمع الطعام ويسيروا فى نظام
والنمل عندما يعود بالطعام يخزنه أيضا بنظام فهناك مخازن للحبوب ومخازن أخرى للسك ومخازن ثالثه لبقايا اللحوم والحشرات وهكذا ، وعندما يخزن الحبوب ، بعض من هذه الحبوب يقطعها لنصفين لأنه لو خزنها هكذا عوامل الرطوبه تجعلها تنبت وهذا يهدد بهدم المخزن ونوع أخر من الحبوب يقسمه لأربع لأنه لو قسمه لنصفين ينبت )
قلت فى نفسى سبحان الله الذى علم النمل ذلك وأكملت حديثها ( والنمل عندما يتعرض لهجوم من الإنسان يقطع الصف الذى يسير فيه وتتقهقر الخلفيه فى نظام مع وجود مؤخره لهم تحمى ظهورهم وهم يعودون أدراجهم إلى المخبأ )
وهنا علمت لماذا فى كل مره أظن أننى قضيت عليه وأفاجأ بغير ذلك إذا فهم الكتيبه التى تعود
وأكملت الدكتوره
( ثم يعود النمل بعد قليل لينقل الجثث التى سقطت قتيله ويقيم لها مراسم دفن ويدفنها فى المخابئ المخصصه لدفن الجثث لذلك دائما عندما نقتل النمل بعد برهه لا نجد له أثر ) وقلت فى نفسى إذا فمطبخى بالتأكيد به مقابر أكثر من مقابر البساتين والإمام وباب الوزير :p
سألتها السيده آمال فهمى : وكيف نتخلص من النمل
قالت
( بما إننا نتعامل مع عالم منظم فلابد أن نواجهه بطريقه منظمه وخطه حربيه وهى سياسة ضبط النفس ، بأننا إذا رأينا النمل لا نبادر بمواجهته بل نظل نراقبه لأيام لنعلم خط سيره من أين يبدأ وأين ينتهى ، ونظل هكذا حتى نصل إلى خندق القائد الأعلى وغالبا ما يكون أسفل البلاط وعندما نحدد مواقعه نعلمها ونقوم بحركة هجوم بضرب جميع المواقع فى وقت واحد )
ضحكت السيده آمال وهى تقول : ذكرتنى بخطة الرئيس جمال عبد الناصر فى تأميم قناة السويس :p
قالت لها : بالفعل فذلك العالم منظم جدا ولا يفلح معه سوى التعامل المنظم ،
قالت السيده آمال : وهكذا نقضى عليه تماما
قالت : ربما
، فما زال لهذا العالم العديد والعديد من الأسرار
كادت جملتها الأخيره أن تصيبنى بإحباط شديد
لولا أننى إستعدت روح المقاتله والإصرار ونويت المحاوله
جمعت أسلحتى الذى هو عباره عن صاروخ كيروكس أربيجى:D وعدد من أصابع الطباشير السامه ومكثت أراقب حوالى أسبوع حتى علمت كل المخابئ على ما أعتقد ففى عالم النمل ليس هناك شئ أكيد
، ثم بدأت حركة الهجوم بالرش من خلال الأنبوب الطويل بعد أن أضع فوهته فى داخل الثقوب وبعدها اعلم بالطباشير على المدخل وبعد ثوانى شاهدت أغرب وأجمل مشهد فى حياتى
شاهدت النمل وهو يخرج مسرعا من مخابئه وهذه نمله تحمل ذرة سكر وهذه تحمل ذرة خبز وهكذا تماما مثل الإنسان الذى يتعرض لغزو أو زلزال ويأخذ فى يده أى شئ وأقرب شئ ثمين تطوله يده قبل الفرار وليس عند النمل أثمن من قوت يومه :p:p
وضحكت ليس فرحا بالنصر وإنما من جمال خلق الله سبحانه وتعالى ، فسبحان من خلق نمله هذا المخلوق الضعيف بكل هذه الحكمه
والسؤال الآن هل إنتهت معاناتى مع النمل 
الرد : إلى الآن الأمن مستتب ولكن لا أعلم ما تخفيه لى الأيام
فربما فتحتم الصحيفه ذات يوم ووجدتم مانشيت عريض
أصبحت نزيله للمستشفى الأمراض العقليه بسبب نمله :D:D:D