مالِ هذا القمر الفضي البعيد النائي؟ ما خطبه..؟ ما باله بي؟ بل ما بالي أنا به؟ أتُراه يقترب حقًا كما يتراءى لي منذ ما يقرب من ليلتين؟ أتُراني أسمع صوته يتردد بين جنبات روحي؟ أمي، قد حذرتني أنتِ قديما بألا أطيل النظر إليه عندما يكون مكتملًا، ناضجًا، سخيًا هكذا... ما زال صوتكِ يسري بدمي.. "أن يا ابنتي لا تطيلي النظر إليه في ذروة اكتماله، ثلاث ليالٍ... ثلاث ليالٍ كاملةٍ أشيحي بناظريك عنه، صمي أذنيك عن صوته، أغلقي جميع جوارحك دونه، سُدي عليك نوافذ روحك."
ثلاث ليالٍ... ثلاث ليالٍ فقط يا أمي، مرت اثنتان، وهذه هي ليلته الأخيرة. لن أطيل النظر إليه، ها أنا يا أمي أدير وجهي بعيدًا عنه، أغلق عيني كي لا أراه، أصم أذني عن صوته، غير أنه ينفذ إلى داخل روحي، ها هو يخترق كياني، يسري بدمي، يكبل قلبي بخيوطه الفضية هذه. لا قِبل لي به، هشة أنا يا أمي، هشة لأقصى مدى، أراه يأخذني إليه، وأراني أستجيب. ها هو يشدني نحوه، يحيطني بهالته المسكِرة هذه، ها أنا صاعدة إليه في عالمه الفضي البراق، وأغرب ما في الأمر يا أمي، أنني حقًا.. سعيدةٌ بهذا الصعود.