كففتُ عن ملاحقة ما لا يلوّح لي،
وكأنّي تعلّمت – أخيرًا – ألّا أركن قلبي عند العابرين،
ولا أستجدي الإجابات من صمتٍ اختار ألّا يجيب.
ما عدتُ أعلّق روحي على وعدٍ مُرجأ،
ولا أفتّش عن المعنى خارج نفسي.
فالدرسُ لم يكن في الخذلان، بل في التعلّق.
والألمُ لم يكن في الرحيل، بل في انتظاره.
تعلّمتُ – على مهل – أن ما يفوتني، لم يُكتب لي،
وأن ما يُغلق في وجهي، ربما كان بابًا لنجاتي، لا لحرماني.
وأنّ أكثر ما أفسدني يومًا، كان ظنّي أنّني أعرف ما هو خيرٌ لي.
الطمأنينةُ؟
ليست في نَيل كلّ شيء،
بل في قلبٍ لا يئنّ حين لا يأتيه شيء.
لم أعد أُفرِط في الرجاء، ولا أستدين الوقتَ من غدٍ مجهول.
فأنا الآن هنا،
أتنفّس في ظلّ هذا اليوم،
وأكفي نفسي سؤالًا لا يُجيب، وانتظارًا لا يُثمر، وتوقّعاتٍ تُهدر العمر.
سلامي ليس في يدٍ تمتدّ،
بل في صدرٍ اتّسع.
ولا في وعدٍ يُقال،
بل في يقينٍ لا يُكذّب صاحبه.
أنا لا أعيش لأصل،
بل أعيشُ لأنّي أستحقّ الحياة،
لأن قلبي – رغم كلّ شيء – لا يزال قادرًا على النبض،
وعلى الصفح،
وعلى النّظر للسماء والقول: "رضيتُ يا الله.. فامضِ بي كما تشاء".