ما عدت أُحمِّلُ الدنيا وزر ما جرى... لقد آن لي أن أُقِرّ – عن بصيرة – أنّي أنا من كَسَر قلبي، لا العالم من حولي.
أنا من أسلمته، بغير قيدٍ أو شرط، إلى أيادٍ لم تُحسن حمله، ولم تُدرك وزنه، ولا قدسيّته.
الخذلان الحقيقي لم يكن في جفاء الآخر، بل في خضوعي له.
في صمتي المتمادِي على السلوك المُهين،
وفي إذعاني الطويل لما لا يليق بمقام قلبي.
لقد خنتُ قلبي حين صادقتُ الألم، وباركتُ القسوة، ورضيتُ أن أُقصى من دفء كنتُ أنا من خلقه.
النضج، إذ يجيء، لا يطرق الباب بهدوء، بل يُفاجئك كزلزالٍ ناعم،
يرفع الغشاوة عن عينيك، ويُريك وجهك الحقيقي في مرآة الوعي.
فتدرك أن العثرة ليست في الآخرين،
بل في ضعفك أمامهم،
وفي تسليمك مصير قلبك لمن لا يعي قيمته.
القوة الحقيقية، لا تكمن في القدرة على العطاء، بل في الجرأة على الاسترداد.
أن تُعلن، بلا وجل، أن قلبك أمانة لا تُداس،
وأنك، وإن سقطت ألف مرة في حبٍ لا يُنصفك، ستنهض ألفًا وواحدة.
فالسيادة للإنسان على نفسه، على اختياراته، على مَن يطرق أبواب عاطفته،
لا يُشاركه فيها أحد، ولا يُمليها عليه سواه.
الحرية الحقة أن تعرف متى تُغلق الباب،
وأن تتيقن بأنك، كلّما عدتَ إلى قلبك، كنتَ أقرب إلى الله، وإلى نفسك، وإلى الحياة التي تُشبهك."