أعتقد أن هذا الذي أحدثته إيران في إسرائيل على الأقل من حالة الهلع غير المسبوقة، لم يكن أبدا يدور بخلد إسرائيل ، ويكفي أن ذاق الشعب الإسرائيلي مرارة التشرد بعيدا عن المنازل في المحميات والأنفاق.
والأهم هو ماأثبتته إيران من قدرتها على توجيه ضربات صاروخية قاصمة في عمق إسرائل ، وعجز أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي وبالطبع الامريكي عن اعتراض صواريخها البالستية ذات الرؤوس شديدة التفجير .
نعم ، أفلحت إسرائيل قبل ذلك وبدقة متناهية في الوصول إلى عمق إيران عبر اختراق فذ لأجهزتها الاستخبارية ، ويكفي ما نتج عن ذلك من سلسلة اغتيالات ركزت على أبرز العلماء المسؤولين عن البرنامجين النووي والصاروخي ، وكذا القادة العسكريين على تنوع اختصاصاتهم الحساسة جدا ، والمدهش أن يتم ذلك بهذه الدقة وفي آن واحد ، وبكيفيات متعددة .
فالضربة الإسرائيلية جاءت لتنم عن قدرة وتفوق استخباراتي وعسكري وتكنولوجي وإحكام تخطيط ودراسات، ولكن رد إيران هو الآخر جاء على خلاف التوقعات ، أو على الأقل لم يكن عبثيا ، فقد آلمت إيران إسرائيل المحمية بأمريكا، وأوجعت كبدها .
ويكفي أن إيران قد استطاعت التقاط أنفاسها بهذه السرعة ، بعد أن استوعبيت هذه الضربات الموجعة المفاجئة المتتاليه ، ثم شرعت في الرد الموجع المتتالي كذلك .
ومايهمني أن أقوله هنا هو أن إيران في الأول والأخير دولة مسلمة ، ومن ثم كان في ردها على إسرائيل بهذه القوة ماأشعرني أنا شخصيا بشيء من استرداد الثقة في أنفسنا ، بعد حالة الإحباط المؤسف التي عايشناها وفي خضم أحداث غزة ، نتيجة انبطاح كثير من الدول العربية المسلمة ذات الثروات ، وتسارعهم إلى كسب ود إسرائيل وحليفتها الكبرى أمريكا ، التي ابتزتهم وبشكل سافر قبيح !!!
وأتساءل :
هل لايزال هولاء الحريصون على إشعال فتيل العداء الدائم ضد إيران على مواقفهم ، باعتبارها العدو اللدود لأهل السنة والجماعة ؟ وهل لايزالون على قولهم " الروافض أضر على الاسلام من اليهود "
جدير بالذكر أن هؤلاء أنفسهم هم من شغلوا أذهان جمهور السنة ولايزالون ، بخلافات اخترعوها حول النقاب وتقصير الجلباب وتربية اللحية الخ ، حتى أغرقوا الأمة كلها في هذه الترهات ، فتلهت وتنازعت فيما بينها وتقسمت وتحاربت ، في الوقت الذي تفرغت فيه إسرائيل تماما لتنفيذ حلمها الأكبر في بناء إسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات .
وفي سبيل ذلك : وصلوا ببراعة وهم ثلة قليلة وسط محيط عربي هادر ، إلى هذه القوة الاستخباراتية والمعلوماتية والتكنولوجية الهائلة، وهذا أمر مثير للدهشة ، لاسيما وأن إسرائيل تعيش في الأساس في وضع غير سلمي قلق ، لكونها دولة مرفوضة في منطقتها ، حتى ولو كانت هي صانعة هذا القلق. ، فكيف لو كانت اسرائيل هذه دولة ذات أموال ورفاهية وكفى ؟.
والآن :
كل يوم يمر بنا يثبت أن أنصار الفكر الجامد الرافض لمن عداه ، هم الأحق بوصف الروافض .
وأن هذه الأفكار التي عششت في أذهانهم ورانت على قلوبهم ،ماهي إلا تنفيذ لمخطط صناعة العداء بين المسلمين وبعضهم ، فما هؤلاء إلا إفراز صناعة مكيدة حيكت بدقة ضد الإسلام والمسلمين .
مع تيقني بأن الفزاعة الشيعية المتركزة حاليا في إيران سوف تحرص أمريكا واسرائيل على بقائها، لأن في بقائها مصلحة كبرى بلا ريب ، أعنى مصلحة تغذية الانقسام والطائفية فيما بيننا كمسلمين ، بهذا الصراع المفتعل الممتد الجذور بين السنة والشيعة .
المطلوب فقط هو الحد من قدرة إيران العسكرية حتى لاتمثل تهديدا لأمن إسرائيل
، وليست إيران في الحقيقة هي الهدف ، وإنما الهدف هو مصر ، بلد الازهر الشريف .
فإسرائيل لاتخشى الشيعة ، ولكن تخشى الإسلام المعتدل .
ولاتخشى إيران ، ولكن تخشى مصر وجبش مصر ، فعقدة اكتوبر ١٩٧٣ لم تشف منها إسرائيل بعد ، وإيران الآن بالنسبة لها هي البوابة الأخيرة قبل السعي الممنهج إلى مصر، لاقدر الله .
أفيقوا أيها السادة .