"Do you love me"
خمسُ سنواتٍ من البحث وجمع المواد، والتي أقرت المخرجة أنها بلغت عشرين ألف عنصر صوتي وبصري، تلاها عامان كاملان من العمل على مرحلة المونتاج للوصول إلى النسخة النهائية؛ ليُعرض الفيلم اللبناني “Do You Love Me” ضمن عروض “أسبوع النقاد” بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته السادسة والأربعين، بعد أن شهد عرضه الأول في مهرجان البندقية بدورته الثانية والثمانين.
لم يأتِ الفيلم وثائقيًا بالشكل التقليدي؛ إذ استبدلت المخرجة لانا ضاهر الراوي المعتاد بمزيج من اللقطات الأرشيفية المجمَّعة بين مشاهد ومقاطع وأصوات، وفيديوهات عائلية مصوَّرة، وبرامج ونشرات أخبار، ولقطات عشوائية جمعتها من مصادر هائلة، لتصنع توليفة فريدة من الصور البصرية المتنوعة بين الماضي والحاضر، وبين الألم والبهجة، مؤكدةً أن لبنان قادر على الصمود رغم توالي الحروب.
يبدأ الفيلم من سبعينيات لبنان الهادئ، مارًّا بفترات الحرب المنهكة، ليس وفق تسلسل كرونولوجي، بل عبر حركة دائمة بين الماضي والحاضر دون التزام بالخط الزمني. فالفيلم مبني على منطق الزمن الدائري غير المقيد ببداية ونهاية، في توظيف يعكس فكرة أن لبنان، رغم انكساراته، يستمر ببهجته حتى النهاية.
يُعد المونتاج البطل الأول في الفيلم؛ إذ تعامل بحرفية شديدة في اختيار المشاهد والتنقّلات الزمنية، وتركيب المقاطع الصوتية المناسبة لكل مشهد بدقة وذكاء لافتين. فقد تنوّعت المواد السمعية بين شهادات لأشخاص حقيقيين، وموسيقى لبنانية لفيروز وزياد رحباني، وظّفت كنقلات ترويحية بين مشاهد الألم.
لم تستخدم لانا أسلوب السرد السياسي التقليدي للحرب، بل اكتفت بالغوص في البعد الإنساني للمجتمع اللبناني بجميع طوائفه، وتتبّعت أثر الحرب على كل طائفة من تلك الطوائف.
«هل تحبني؟» سؤال مفتوح طرحته المخرجة ليستنبطه الجمهور. فلمن تُوجَّه هذه العبارة؟
ألبنان تتساءل: بعد كل هذا البؤس والوجع، وبرغم الدماء التي تلطّخ ردائي… أَمَا زلتَ يا شعبي تحبني؟
والشعب اللبناني يتساءل: برغم قلّة حيلتي وضعفي، ومع كل تقلباتي هروبًا وعودةً إليكِ يا وطني… أَمَا زلتِ تحبّينني؟
استطاع الفيلم، برحلته البصرية الممتدة لما يقارب الساعتين، أن يقدّم إجابة مفعمة بالعفوية والصدق على تلك التساؤلات التي ظلّت معلّقة بين الأرض والروح.





































