على يدي أُربّي لكَ الشِعر،
أُدلّله، أُقصّ له حكايا نومك،
أُطعمه من صوتك إذا حضر،
ومن صمتك إذا أطال البقاء في الممرات القديمة.
لا أكتبك.
أنا أُربّيك في السطر، كي لا تشيخ إذا نسيتَني،
وكي لا يتعبني الغيابُ كثيرًا،
فأقول: إنّه في القصيدة… ما زال يخطو،
ينسى عُمره خلف فاصلة، ويبتسم.
رغبتُ فيك،
رغبتُ عنك،
رغبتُ بالآتي من الماضي،
رغبتُ أن أراكَ حين لا يكون اللقاء واجبًا،
بل عطشًا صغيرًا في نبرةٍ، أو طيفًا يمرّ بي كحفيف.
قلتَ إنّ الدروب ستتّسع لنا،
فصدّقتُ الرغبة، لا الواقع.
أرأيت كيف تتّسع الغرفة بالوهم؟
كيف يكون القلب فسيحًا إذا أوهمتَه بأنّ القادم… أنت؟
ستأخذنا الحياة إلى طبيعتها، قلتَ.
لكنّ الحياة لم تكن لنا، كانت لما تبقّى منّا.
نسيَ ظلُّنا نفسه تحت الصنوبرة،
نسيَ أسمائنا التي كُنّا نتهجّاها في الهواء،
نسيَ لماذا افترقنا،
ثمّ… لم يسأل مرّةً كيف يمكن للظلّ أن يعيش بلا جسد.
((فكّري بالظل كي تتذكّري))، قلتَ.
لكنني كنتُ أفكّر بالنور.
وكنتَ تحبّ العتمة لأنها تخفي ملامحي حين أضعف.
قالت لي الغفوة القديمة:
لن تُشفى.
إلّا حين لا يعود البدرُ حُمّى،
وحين لا تنتظر الحمامة أن تراكما فتبدأ بالسلام.
فكن قويًا…
كما تمنّيتَ،
كن واقعيًا،
وانسَ ظلّي الذي لم يتعلّم يومًا أن لا يتبعكَ حتى وأنت تهرب.
سنشفى.
ربّما لا الآن،
ولا كما أردنا.
لكنّ الغد حين يستيقظ،
لن يبحث عن قصائد كتبناها بدم القلب.
سيمحوها.
وسنقف، أنا وأنت،
ظلّين على الحياد…
لا نتعانق،
ولا نردّ التحيّة للسنونو.