ما بين قلبين، لا تنتهي الحكاية عند أول خلاف،
ولا ينقطع الودّ إن صدأ قليلاً.
فبعض الخلافات، حين تمرّ على الأرواح اللينة،
تغزل خيطًا جديدًا، أنعم، وأصدق.
ودٌّ لا يأتي من عناد، بل من ضعفٍ جميل في القلب، اسمه: الشفقة.
الشفقة،
ذلك الحنوّ العميق الذي لا يُقال، ولا يُشرح،
الذي لا يُقابل بضعف أو خضوع،
بل بكرامة هادئة، وفهمٍ لا يريد الغلبة، بل القرب.
هي ليست عذرًا للكسر، بل لغة أخرى للحب، تُفهم بالعين، وتُقال بالصمت.
هناك قلوب، لا تجيدُ الجدال،
قلوبٌ لا تبحث عن الانتصار في الحديث،
بل عن سلامٍ صغيرٍ في حضن من تحب.
نعم، في الحبّ أنانية،
لكنها ليست أنانية الامتلاك،
بل أنانية الاحتياج، أن تراه أقرب، أن تشعر به أكثر،
أن يمنحك بعضًا مما تنتظر، ولو قليلًا،
لأن القليل من الحبيب، كثير.
أتذكّر نزار،
وتلك التي قصّت شعرها لأجله، لا لتُعجبه،
بل لتتشبّه به.
لم تكن تحتاج إلى دليلٍ لحبّها،
كانت هي الدليل.
أحبّته، وانتظرت، وارتجفت،
ورحلت، وفي قلبها بقايا انتظار.
وبقي هو، يحملها في القصائد،
ويُحبّها أكثر لأنها غابت.
هكذا هو الحب،
لا يخلو من وجع، لكنه وجعٌ نرضى به، إذا كان يُبقي القلب حيًّا.
حتى إن ابتعد،
يبقى في الزوايا الدافئة من الروح،
كحنينٍ لا يعلو صوته،
لكن لا يسكت.
ولست أدري...
أهذا حبٌّ نقي؟
أم شفقة عبرت، واشتبك بخيطها الحنين؟
لست أدري...
لكنّي أعلم أن بعض الشعور،
لا نُسمّيه،
كي لا نُفسده.