كان أحمد خالد توفيق أكثر من كاتب؛
كان نافذةً واسعة أطلّت منها أجيالٌ كاملة على العالم لأول مرة.
رجلٌ لم يحاول يومًا أن يكون نجمًا،
فأصبح — دون أن يقصد — الأكثر قربًا إلى قلوب القرّاء.
في ملامحه شيء من خجل العلماء،
وفي كلماته دفءُ صديقٍ يعرف كيف يربت على كتفك
وأنت تقرأ، كأنه يجلس في المقعد المجاور.
كتابته لم تكن استعراضًا للمعرفة،
بل محاولة خالصة لجعل المعرفة صديقةً للناس،
خفيفةً على القلب، عميقةً في الأثر.
في أدبه، جمع بين حكمة الطبيب،
وسخرية المثقف،
وبساطة الأب،
وخيال الطفل الذي ما زال يندهش من كل شيء.
كان خلقُ عالمٍ جديد مهمةً لا يعجز عنها؛
يكفي أن يكتب سطرًا ليجعل الرعب قريبًا،
والفلسفة ممكنة،
والسخرية مرآة نرى فيها أنفسنا دون تجميل.
وحده أحمد خالد توفيق
نجح في أن يجعل القراءة عادة يومية لجيل كامل،
وفي أن يزرع فيهم حبّ السؤال،
والرغبة في الفهم،
وأن المعرفة ليست حكراً على أحد.
كتب بصدقٍ لدرجة أنك لا ترى الكاتب،
بل ترى نفسك داخل النص.
كان يعرف كيف يخاطب ضعف الإنسان،
وكيف يمسّ أعمق مخاوفه
دون أن يتركه في العتمة.
ورغم كل ذلك، بقي إنسانًا بسيطًا،
لا يدّعي عبقرية،
ولا يحتفل بنفسه،
بل يحتفل دائمًا بالقارئ الذي من أجله عاش ومات.
رحل أحمد خالد توفيق،
لكن كتبه بقيت مثل نجومٍ لا تنطفئ،
تدلُّ التائهين،
وترافق الشباب في لحظات التشكّل،
وتقول لهم دائمًا:
“اقرأ… فالعالم أوسع مما تظنه.”





































