ليس أصعب من أن يعيش الإنسان بعيدًا عن ذاته،
ولا أعمق من لحظةٍ يلتقي فيها بنفسه بعد غيابٍ طويل.
في زحام الحياة نُفقد شيئًا فشيئًا،
نُطارد الصور التي ترضِي الآخرين،
وننسى الصورة التي خُلقنا بها.
وحين نسأل: "من أنا؟"
ندرك أننا نعرف كل شيء... إلا أنفسنا.
الوعي بالذات ليس أن تعرف اسمك وسيرتك،
بل أن تفهم صمتك، غضبك، نقاط ضعفك، ومصادر قوتك.
أن تُدرك ما الذي يُحركك، ولماذا تختار ما تختاره.
هو أن تضع مرآة أمام روحك، لا لتُجمّلها، بل لتراها كما هي،
ثم تحبّها رغم ما فيها من شقوقٍ وندوب.
قال الشاعر:
"عرفتُ نفسي حينَ ضيَّعتُ الطريق،
فكانتْ نفسي هيَ الدليلُ إلى الحقيقة."
الوعي بالذات هو اعترافٌ صادق بأننا لسنا كاملين،
لكنه أيضًا وعدٌ بأننا نستطيع أن نكون أفضل.
فكل إنسانٍ يحمل بداخله نسختين:
واحدةٌ يعيشها، وأخرى تنتظره إن قرّر أن يصحو.
الوعي لا يطلب منك أن تُغيّر العالم،
بل أن تبدأ بتغيير نظرتك إليه.
حين تفهم نفسك، تفهم الآخرين دون أحكام،
وتتعلم أن التسامح لا يعني الضعف،
بل يعني أنك صرت أكبر من أن تنكسر.
وفي النهاية،
الوعي بالذات ليس نهاية الطريق، بل بدايته.
هو الباب الذي إن فتحته، وجدت فيه كل ما كنت تبحث عنه خارجك.
فالسلام ليس مكانًا تصل إليه،
بل حالةٌ تنبع من أن تكون في انسجامٍ مع نفسك.








































