تمر الأيام وتنساب لحظاتها بين أيدينا كما لو كانت جداول مائية تحمل معها لحظات الفرح والحزن، لكن هناك أوقات في الحياة تترك فينا آثاراً أعمق من أن تمحها السنوات .. قد يظن البعض أن مرور الزمن كفيلٌ بتخفيف مرارة القسوة، وأننا سنعود كما كنا، لكن الحقيقة أن الأيام التي مضت قد حفرت في أرواحنا ما لا يمكن محوه بسهولة.
إن ما نعيشه لا يقتصر فقط على الأحداث الظاهرة، بل على تأثيراتها الخفية في أعماقنا .. القلب الذي مر عبر قسوة الفقد أو خيانة الأيام لا يعود كما كان، والنفس التي تألمت من جرحٍ عميق، لا تعود لتشعر بذات العفوية أو البراءة .. الزمن لا يعيدنا إلى الماضي، بل يعيدنا إلى نسخٍ جديدة منا، تحمل آثار تلك اللحظات التي شكلتها.
لا تظنوا أن الزمن هو من يُشفي، بل هو من يُعدّل فينا، يجعلنا أكثر حكمةً، أكثر صمتًا، وربما أكثر قسوةً في بعض الأحيان .. لكنه، مهما طال، لا يعيد لنا الطمأنينة التي فقدناها .. قد نعود للماضي في أحلامنا، في ذكرياتنا، لكن القلوب التي خُدِشَت لا تعود لبراءتها الأولى.
والحقيقة أن الزمن لا ينسينا شيئًا، بل يعلمنا كيف نتعايش مع جروحنا.